AMI

حوالي 40 مليمترا تحاصر نواكشوط فماذا لو؟ بقلم: أحمد مولاي امحمد

في خريف السنة المنصرمة كتبت في هذا الحيز عن ضرورة إيجاد حل عاجل وسريع لمشكل صرف مياه ومستنقعات الأمطار عن مساكن وشوارع العاصمة ومحلاتها التجارية ودوائرها الرسمية..الخ.
وأنا واثق من أننا لسنا بمنأى من الكوارث الخطيرة التي قد تأتي بها سحب محملة بعشرات المليمترات في ساعات قليلة وليس في يومين أو ثلاثة، حيث تحمل التغيرات المناخية عبر العالم الكثير من المفاجآت غير السارة غالبا للأسف الشديد سواء تعلق الأمر بارتفاع درجات الحرارة غير المسبوق كما حصل في روسيا (39) درجة مئوية في بلاد الثلج، أو غيرها من التغيرات التي قد تحمل إلينا- لا قدر الله- فوق الـ80 أو الـ100 مليمترا في عاصمتنا التي تفتقر إلى كل شيء من بنى تحتية للصرف إلى حماية مدنية تسد الاحتياجات الأساسية وفرق النجدة والتدخل السريع في حالات الكوارث، خاصة وأن الأمر قد يتطلب في بعض الأحيان تدخلا واسعا النطاق ومكثفا وسريعا على مستوى مناطق تواجد المتضررين وأعدادهم والتي قد تكون كبيرة، وليس ما حصل في بعض ولاياتنا الداخلية، والتي يقع بعضها قريبا من العاصمة، سوى رسالة إلى السلطات المعنية وصناع القرار بضرورة اتخاذ التدابير اللازمة لحماية المواطنين في العاصمة في أسرع وقت من مخاطر غمر المياه والغرق بفعل السيول والمستنقعات وما تسببه لاحقا من أمراض ربو ورمد وكوليرا وغيرها من الأمراض التي تنجم عن المستنقعات والمياه الملوثة، فضلا عن الخسائر التي لا يمكن التنبؤ بها.
في العالم من حولنا ورغم الكميات الهائلة التي تتهاطل على المدن والقرى والتجمعات السكنية هناك وبشكل يومي تقريبا، لا تكاد تجد أية آثار للأمطار حتى لحظات تهاطلها حيث قامت تلك الدول وكأولوية ببناء شبكات صرف حديثة لدرجة أنها تصبح من شروط بناء أية مساكن جديدة أن تتوفر على المعايير التي تراعي شروط الصرف الأساسية، حيث يمكن للمواطنين التنقل بكل حرية تحت المطر الكثيف دون معوقات لأن شبكات الصرف تعمل بطريقة فعالة في مختلف الظروف، عكس ما يحصل لدينا فيما يتعلق بقنوات صرف محدودة على بعض شوارع العاصمة حيث تتراكم المياه على الإسفلت بينما تبقى المصارف بعيدة كليا عن اتجاهات السيول!! مما يعني تحول الشوارع إلى بحيرات وبالتالي تجد السلطات المختصة نفسها ملزمة بسحب المياه من الشوارع بواسطة الصهاريج بدل أن يتم بناء قنوات الصرف بصورة سليمة تؤدي دورها بطريقة طبيعية ؟!.
ومن النقاط السلبية بالنسبة للعاصمة أنها تقع على مياه جوفية قريبة من السطح هي امتداد لمياه المحيط، مما يعني أن الأمطار قد تصبح كارثة حقيقية على العاصمة، ولعل الكثيرين منا يتذكرون كيف غمرت المياه الجوفية حيا من أحياء لكصر قرب مباني الحماية المدنية أثناء عمل شركة آفطوط الساحلي على تثبيت بعض أنابيب المشروع، وكيف عجزت الشركة عن التغلب على تلك المياه وتجفيف المكان إلا بعد أزيد من شهر تقريبا، فما بالك إذا التحمت مياه السماء بمياه الأرض وخاصة في الكثير من المناطق المعروفة بقربها من المياه الجوفية؟!
أعتقد أن هذه الأسئلة والمخاوف موجهة بالأساس إلى السلطات العمومية المختصة وذلك لتفادي حدوث كوارث قد تؤدي إلى أضرار لا تعوض بسبب الأمطار في العاصمة وفي غيرها من مدن البلاد وحواضره، خاصة وأن الحلول والبدائل المؤقتة ميسرة حين تقرر السلطات ذلك ومنها مثلا تشييد قنوات صرف تقليدية في مختلف أحياء المدينة تصب في قناة صرف رئيسة وهذه الأخيرة تصب بدورها في مياه المحيط أو في أي مكان آخر بعيد عن العاصمة إلى غير ذلك من الحلول التي هي في متناولنا، بل يمكننا الاستفادة من هذه المياه التي تتحول إلى مستنقعات في مجالات الزراعة وغيرها كما يحصل في دول أكثر تقدما حيث يتم تخزينها واستخدامها لاحقا.
إن هذا الحل المؤقت سينهي مؤقتا مشكلة الصرف في انتظار اكتمال بناء الشبكة التي يجري إنشاؤها في العاصمة، كما يمكن اعتماد الكثير من الوسائل الأخرى المتاحة لتفادي أية كارثة محتملة لا قدر الله.
وبرأي فإن هذه المخاوف تبقى واردة مع بعض التوقعات بتساقطات مطرية قريبة على نواكشوط قد يكون أقربها يوم غد الخميس، فما هي الحلول التي اعتمدتها السلطات المختصة، خصوصا وان عشرات الأسر إن لم أقل مئات العوائل محاصرة في منازلها اليوم بالمستنقعات والبحيرات الراكدة بفعل التساقطات المطرية الأخيرة ودون أي تدخل، فماذا لو تفاقم الوضع أكثر؟!
صحيح أن بناء دولة “مدمرة بالكامل” بفعل عشرات السنين من النهب وغياب مفهوم الدولة يتطلب الكثير من الوقت والوسائل والإمكانات، لكن ترتيب الأولويات يجب أن يضع في المقدمة تفادى الأزمات والكوارث الطبيعية ووضع الحلول السريعة الآنية بانتظار اكتمال الحلول النهائية لها، لأنها على اختلاف أنواعها تأتي غالبا دون استئذان.
وأعتقد أن السلطات المختصة وصناع القرار مطالبون بالإسراع في وتيرة بناء شبكة الصرف لكي تكتمل قبل الخريف المقبل بحول الله، كما أنها مطالبة كذلك بإيجاد الحلول السريعة لمشكلة غرق مئات الأسر التي تحاصرها مياه تساقطات مطرية لم تتجاوز الـ40 ملم على مدى أيام، في مختلف أحياء ومقاطعات العاصمة والتي يمكن أن يتأزم وضعها أكثر إذا أمطرت السماء مجددا والوحل والمستنقعات لم تبرح مكانها بعد، فما هي الحلول السريعة التي تتبناها الحكومة في مثل هذه الحالات وهل ستكون أكثر نجاعة من ذي قبل؟!

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد