مضى اليوم أسبوع كامل من شهر رمضان الكريم، الذي استقبله المسلمون في أنحاء المعمورة بحفاوة كبيرة، بدت ملامحها في سكينة ووقار، وفاح عبيرها المبارك في الشارع، والبيت، والمسجد، ودخل الناس جو المدرسة الرمضانية بعلمها النافع، وقلبها الخاشع، وسلوكها السوي، على المنهج الرباني الذي اختاره الله لعباده.
ولطالما انتظر المسلمون قدوم هذا الضيف الكريم، ليؤدوا حقه عليهم، ففيه يحفظون ألسنتهم من العبث واللغو، والغيبة والنميمة، والظلم والشتم، فيه يغضون أبصارهم ويثنون أقدامهم ويحمون جوارحهم من المحارم التي تفسد الصوم وتحبط العمل – والعياذ الله –
فهم يستلهمون من هدى المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى، ومن أحاديثه الشريفة التي يقول في أحدها: “إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم”.
وقال صلى الله عليه وسلم في حديث آخر: “من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه”.
فعلينا- إخوتي في الله- أن نغتنم هذه الفرصة السنوية النادرة، فنكثر من أعمال البر في هذا الشهر المبارك، فليكن نهارنا صوما وصلاة، وتلاوة وتسبيحا، وصدقة وصلة أرحام، وإنفاقا وإطعاما للفقراء والمساكين.
ولنتأس بنبينا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم، فقد كان أكثر اجتهادا في رمضان، وأجود ما يكون فيه، عل الله يثيبنا ذلك الثواب العظيم، ويعد لنا ذلك الأجر الكريم الذي خص به الصائمين كما جاء في الحديث الشريف: “من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه”.
وعليه فلتكن عبادتنا خالصة لله تعالى، لا غش فيها ولا رياء ولا تنطع، ولنبتعد كل البعد عن مجالس اللهو والعبث، ومظان السوء، والسهر الذي لا طائل من ورائه، والنوم عن الصلاة وأنواع العبادة التي تقرب من الله زلفى.
المسلم الحق والصائم الصادق، هو ذلك الذي إذا عاد من صلاة التراويح لم يطل السهر، لأنه يتطلع إلى قيام الليل والسحور في وقته وأداء صلاة الفجر في المسجد.
إن علينا أن نجعل من هذه الدار الدنيا مطية للدار الآخرة، ونكون متأهبين لها دائما، في حالة استنفار سواء أكان ذلك في شهر رمضان أم في غيره.
ولله در الإمام الشافعي حيث قال في هذا المعنى:
يا من يعانق دنيا لا بقاء لها
يمسي ويصبح في دنياه سفارا
هلا تركت لذي الدنيا معانقة
حتى تعانق في الفردوس أبكارا
إن كنت تبغي جنان الخلد تسكنها
فينبغي لك ألا تأمن النارا
أقوال وحكم
– الكلام كالدواء إن أقللت منه نفع وإن أكثرت منـه صدع.
– كلما ازددت علماً، كلما ازدادت مساحة معرفتي بجهلي.
– إذا عجزت عن الصفح فأفتح الطريق للنسيان.
– من زاد في حبه لنفسه زاد كره الناس له.
– من نظر في عيبه اشتغل عن عيوب الناس.
– نمر مفترس أمامك خير من ذئب خائن وراءك.
الموضوع الموالي