الناس أجناس
يكتبه: أحمدو ولد أبنو
عرف مجتمعنا على مر العصور بمحافظته على شيمه وقيمه النبيلة ومثله وثوابته السامية، حرص على ذلك جيلا بعد جيل وتوارثه آباء عن أجداد..
كانوا يبذلون الغالي والنفيس، دفاعا عن العرض والكرامة، يقفون بالمرصاد لكل من تسول له نفسه النيل من هذه المقدسات.. هكذا كان مجتمعنا.
وحتى لا نزكي أنفسنا ونمدحها فنصاب بغرور يصدنا عن الواقع والحقائق، نقول إن هناك مفاهيم خاطئة وعادات سيئة تفشت في مجتمعنا نتيجة لعدة عوامل بيئية واجتماعية واقتصادية، وفكرية وثقافية ونفسية يضيق الوقت عن تتبعها.
هذا وفي حذف ما يعرف معوَّل كبير على فهم القراء أو بعض منهم خاصة اللبيب الذي يفهم بالإشارة، إن كان ما زال كذلك.. من أمثال الأديب الكبير شيخنا ولد معروف الذي يرى أنه خبر الناس وبلا بني الدنيا في هذه الطلعة من اسغير..
يلِّ خبــــر النـاس دارِكْ عنَّك نكلع فيه تاركْ
عنَّك.. شوف اليوم ناركْ ذ الدهر اعل الناسْ
ظاهر عاد الفوكْ ماركْ غير الناسْ أجناسْ
في الناس الْمَزَالْ راعِ عِرضُ من يِدْناسْ
في الناس أُشِ مايْرَاعِ كاع اتْلَ في الناسْ!!
يتضح من هذا الكلام العاقل أن شيخنا ولد معروف سبر أغوار الناس وقد أشار إشارة مهذبة إلى ما طرأ في أوساط المجتمع من تحولات جذرية كان لها أثرها السلبي على ثوابته عند ما اختلط الحابل بالنابل.
وهنا يقسم ولد معروف الناس صنفين كما مر بنا في “الكاف”:
– صنف ما زال يحرص على صون عرضه متمثلا قول السموأل في قصيدته المعروفة:
إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه
فكل رداء يرتديه جميل! .
– صنف لا يبالي بشيء، بل إنه “ما يراع في الناس اتل كاع”
فكأن شيخنا يقول لهؤلاء:
يَلِّ خنفرتَكْ في اسْمَ ما تعرف كاع اشكايِسْ
بيكْ اللكم لمدَسْمَ يعطيك الخير اتكايِسْ!
وفي نص ابن معروف تجربة وحكمة يجب استلهامهما دائما.
وقد أفاد تكرار كلمة “الناس” جمعا بين التنبيه والتهويل والموسيقي في النص، وكذلك الالتزام بختم “الكصرات” بالنون الممدودة بالألف وجوبا فتسمع في كل نهاية “ناس” أربع مرات.. وزاد ” الطلعة” موسيقية اشتراك كلمتي “راع” في التافلويت الأولى و”مايراع” في الثالثة.