لمن يرجع الفضل في “إنتاج” هذا العالم “المدهش” الذي نعيش فيه؟ للمجانين، والمعتوهين، والشواذ، أم “للعقلاء” والأسوياء، والمنضبطين، والملتزمين، و”الموافقين”؟
بداية لا ننسى أن هذه الأوصاف نسبية إلى حد “الهلامية”، وأنها لا تعكس “حقيقة” الموصوفين، وإنما تعكس – قطعا- “موقف” الواصفين بها!.
هذا العالَم المدهش هو “ثمرة” جنون المجانين، وعَتَه المعتوهين، وشذوذ الشاذين، وليس أبدا “ثمرة” لعقل العقلاء، ولا انضباط المنضبطين، ولا “موافقة” الموافقين.
لو بقي العالَم بلا مجانين “لتَجَمَّدَ” على حالته التي استقبل بها “آدم” يوم هبوطه من الجنة ليس من قبيل الصدفة أن يحدثنا القرآن بأن الأنبياء وصفَهم قومُهم بأنهم “مجانين”، لماذا؟.. لأنهم جاءوا “بالجديد”، وتصادموا مع العادة، و”نَسَخُوا” المألوف وبالنتيجة غيروا العالم!.
ألم أقل لكم إن تلك الأوصاف لا تعكس “حقيقة” الموصوف، وإنما تعكس “موقف” الواصف.. ومن هو الواصف؟.. هم العقلاء، والأسوياء، والموافقون.
ليس من قبيل الصدفة كذلك أنك لا تجد “مجنونا” فاسدا أبدا، أما العقلاء فلا تجدهم إلا فاسدين أو مشاريع فساد على لائحة الانتظار.
لا أمل في “العقلاء” لأنهم “عَبَدَةُ” عادة، و”عُبِيدُ” مألوف، وليس ثمة عادة ولا مألوف غير الفساد، وكل الأمل معقود على المجانين والشواذ والسابحين ضد التيار، لأن منهم وحدهم يُتَوَقع غيرُ العادي، وغيرُ المألوف!.
الموضوع السابق
الموضوع الموالي