أكد السيد سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله رئيس الجمهورية أن إحياء اليوم العالمي لحقوق الانسان هذا العام في موريتانيا يتسم بقطيعة تامة مع سلبيات الماضي والتوجه بكل جدية وحزم إلى غد مشرق وواعد.
جاء ذلك في خطاب ألقاه رئيس الجمهورية اليوم الاثنين بدار الشباب القديمة في نواكشوط خلال إشرافه على انطلاق حملة وطنية للتحسيس حول قانون تجريم العبودية ومعاقبة الممارسات الاستعبادية.
وقال ان هذه الحملة تعبر عن الإرادة الراسخة في القضاء على جميع مخلفات هذه الظاهرة في العقليات والممارسات وفي جميع مظاهر الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وذلك تكريسا لمقتضيات الدستور الموريتاني وتطبيقا لروح ومقاصد الدين الإسلامي الحنيف.
ودعا رئيس الجمهورية كافة المواطنين إلى احترام هذا القانون وطلب من كل السلطات الإدارية والهيئات المعنية، كل في مجال اختصاصه، أن يسهروا على شرح مضامين هذا القانون وعلى احترام تطبيق مقتضياته.
وفيما يلي نص الخطاب:
“بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبيه الكريم
السيد الوزير الأول
السيد رئيس مجلس الشيوخ
السيد رئيس الجمعية الوطنية
السادة الوزراء
السيدة ممثلة برنامج الأمم المتحدة للتنمية
أصحاب السعادة أعضاء السلك الديبلوماسي وممثلي المنظمات الدولية
أيها السادة والسيدات،
تخلد بلادنا على غرار المجموعة الدولية اليوم العالمي لحقوق الإنسان الذي يصادف صدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العاشر دجمبر عام 1948.
إننا نخلد هذا اليوم في ظرف متميز من تاريخ بلدنا يتسم بقطيعة تامة مع سلبيات الماضي والتوجه بكل جدية وحزم الى غد مشرق وواعد.
ولقد التزمنا أمام الشعب الموريتاني ببرنامج طموح نرجو أن نوفق في الوفاء به وفي أولويته توطيد الوحدة الوطنية بالعودة الكريمة لإخواننا اللاجئين في السينغال ومالي وبالحل المرضي للارث الإنساني وكذا بالقضاء على كل مخلفات الممارسات الاستعبادية، وذلك في جو من التشاور والتسامح يقوي لحمة شعبنا ويزيد من الوئام الوطني ويعزز روح المواطنة ويدعم الوحدة الوطنية.
ولقد ختمنا منذ أقل من شهر الأيام التشاورية حول عودة اللاجئين والارث الإنساني، وها نحن اليوم نفتتح حملة وطنية لشرح مضامين القانون المتعلق بتجريم العبودية ومعاقبة الممارسات الاستعبادية الذي يعبر ـ كجزء من استراتيجية شاملة ستتم المصادقة عليها وتباشر الحكومة تنفيذها ـ عن الإرادة الراسخة في القضاء على مخلفات هذه الظاهرة في العقليات والممارسات وفي كل مظاهر الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وذلك تكريسا لمقتضيات الدستور وتطبيقا لروح ومقاصد ديننا الحنيف الذي جاء ليكرم الإنسان ويرفع عنه الأغلال التي كانت تكبله.
أيها السادة والسيدات،
إن تخليد بلادنا لهذه الذكرى اليوم تحت شعار “جميعا من أجل القضاء على الممارسات الاستعبادية” يجسد تماما شعار الأمم المتحدة الهادف إلى جعل حقوق الإنسان واقعا ملموسا وليست شعارا يردد في المناسبات.
وفي هذا السياق يشكل صدور هذا القانون منعطفا تاريخيا وحلقة هامة تكمل صرح منظومتنا القانونية التي تهدف إلى القضاء على كل الممارسات السلبية الموروثة عن الماضي والتي تحول دون ترقية ثقافة المساواة والتسامح والتشبث بروح المواطنة والممارسة الديمقراطية.
إن تعزيز الوحدة الوطنية والوئام بين جميع مكونات شعبنا شكلت إحدى أولويات برنامجنا السياسي، وهي بذلك تقتضي البحث عن أفضل السبل والوسائل لحل المشاكل الموروثة عن الماضي.
ولا يفوتني في هذه المناسبة أن أتوجه بالشكر الى شركائنا في التنمية الذين عبروا عن استعدادهم لدعم ومواكبة مسيرتنا وتوجهاتنا الهادفة الى توطيد دولة القانون وإرساء دعائم الحكم الرشيد وتكريس الديمقراطية وتعزيز احترام وترقية حقوق الإنسان في بلادنا.
كما أدعو كافة المواطنين الى احترام هذا القانون وأطلب من كل السلطات الإدارية والهيئات المعنية كل في مجال اختصاصه أن يسهروا على شرح مضامين هذا القانون وعلى احترام تطبيق مقتضياته.
وفي الأخير أعلن على بركة الله افتتاح الحملة الوطنية للتحسيس حول قانون تجريم العبودية ومعاقبة الممارسات الاستعبادية.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته//.
وأكدت السيدة نرحس سايدان ممثلة برنامج الأمم المتحد للتنمية في موريتانيا في كلمة بهذه المناسبة أن تخليد بلادنا لهذا اليوم يأتي في ظرف ملائم يتميز بتحقيق انجازات هامة من بينها انشاء اللجنة الوطنية لحقوق الانسان والمصادقة على قانون تجريم الممارسات الاستعبادية وتنظيم عودة اللاجئين الموريتانيين من السنغال ومالي.
وأشادت بمستوى الحوار والتشاور مع منظمات حقوق الانسان ومنظمات المجتمع المدني الاخرى، مشيرة الى أن أيام التشاور حول عودة المبعدين والارث الانساني التي اختتمت مؤخرا في نواكشوط تجسد بشكل واضح هذه الانفتاح.
وقرأت السيدة سايدان مقاطع من خطاب الأمين العام للامم المتحدة بمناسبة الاعلان العالمي لحقوق الانسان،الذي أعلن فيه أن واضعي هذا النص استهدفوا في نفس الوقت تأسيس مبدإ مشترك بين جميع البشر لهذه الحقوق.
وأشار الامين العام في خطابه الى أن هذا الاعلان ترجم الى 360 لغة وبذلك يكون أكثر النصوص ترجمة مما يؤكد طابعه الكوني.
وجرت فعاليات انطلاق هذه الحملة بحضور الوزير الأول السيد الزين ولد زيدان ورئيس مجلس الشيوخ والوزير الامين العام لرئاسة الجمهورية ورئيس المعارضة الديموقراطية ووزير العدل وأعضاء الحكومة وقائد الاركان الخاصة لرئيس الجمهورية ورئيس اللجنة الوطنية لحقوق الانسان وشخصيات سامية في الدولة والسلطات الإدارية وعدد من المنتخبين وممثلي الأحزاب السياسية والمجتمع المدني.