الجمعية الوطنية تصادق على مشروع القانون الدستوري المتضمن مراجعة دستور 20 يوليو 1991 والنصوص المعدلة له
صادقت الجمعية الوطنية اليوم الخميس خلال جلسة علنية برئاسة رئيسها السيد محمد ولد بيليل، على مشروع القانون الدستوري المتضمن مراجعة دستور 20 يوليو 1991 والنصوص المعدلة له، بأغلبية كبيرة.
فقد صوت لصالح مشروع القانون 121 نائبا وهو ما يشكل أكثر من ثلثي أعضاء الجمعية الوطنية وهو النصاب المطلوب لاعتماد التعديل حسب ما ينص عليه الدستور وعارض مشروع القانون19 نائبا من الأصوات المعبر عنها والتي بلغت 141 صوتا من اصل 147 نائبا هو العدد الكلي لنواب الجمعية الوطنية.
واستغرقت مناقشة مشروع القانون خلال الجلسة العلنية ثلاثة أيام أتيحت الفرصة خلالها للسادة النواب لدراسة ومناقشة مشروع القانون بصفة معمقة أتاحت التعرف على نتائجه الإيجابية من مختلف النواحي سواء من حيث ترقية وتعزيز المسار الديمقراطي أو من حيث تفعيل التنمية المحلية لكل مناطق البلد.
ويتضمن مشروع القانون الدستوري ثلاث عشرة مادة من ضمنها ثلاث مواد كترتيبات انتقالية.
وتتضمن المادة الأولى إلغاء أحكام المادة 08 من الدستور المتعلقة بالرمز الوطني واستبدالها بأحكام جديدة تقضي بإضافة شريط أفقي مستطيل أحمر اللون على جانبي العلم الحالي ويصل عرض كل من هذين الشريطين إلى 15% من عرض العلم، وكذلك تغيير النشيد الوطني.
بينما تقضي المادة 2 بمراجعة المادة 46 من الدستور للانتقال من برلمان مكون من غرفتين إلى برلمان مشكل من غرفة واحدة هي الجمعية الوطنية. وكلازمة لإلغاء مجلس الشيوخ تم تعديل 25 مادة وإلغاء اثنتين لارتباطها جميعا- بشكل أو بآخر- بوجود برلمان مؤلف من غرفتين.
و تقضي المادة الثالثة من مشروع القانون الدستوري بإضافة فقرة للمادة 86 جديدة من الدستور تستحدث رقابة لدستورية القوانين استثنائيا في حالة ما إذا دفع أحد أطراف محاكمة ما، بأن القانون الذي يتوقف عليه مآل النزاع يمس بالحقوق والحريات التي يضمنها الدستور.
وتتعلق المواد 4 و5 و6 من مشروع القانون الدستوري الحالي بتعديل عنوان ومادتي الباب الثامن من الدستور المتعلق بمحكمة العدل السامية، حيث تلغي المادة 5 محكمة العدل السامية المشكلة من برلمانيين وتستحدث هيئة قضائية جديدة مشكلة من قضاة مهنيين بدلا منها، على أن تبقى سلطة تحريك الدعوى ضد رئيس الجمهورية والوزير الأول وأعضاء الحكومة بيد الجمعية الوطنية.
أما المادة 7 من مشروع القانون الدستوري فتتضمن دسترة المجلس الأعلى للفتوى والمظالم كمؤسسة استشارية ودمج مؤسستي المجلس الإسلامي الأعلى ووسيط الجمهورية ضمن المؤسسة الاستشارية الجديدة.
وتدرج المادتان 8 و9 من مشروع القانون الدستوري قضايا البيئة ضمن صلاحيات المجلس الاقتصادي والاجتماعي المذكور في المادتين 95 و96 من الدستور ليصبح اسم هذه المؤسسة الاستشارية المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
وتدخل المادة 10 من مشروع القانون تعديلا على المادة 98 من الدستور بحيث تنشئ مجموعات إقليمية جديدة، بالإضافة للبلديات، هي الجهات التي تديرها – بصورة حرة – مجالس جهوية منتخبة وفق الشروط التي ينص عليها القانون.
و ذكر وزير الدفاع الوطني السيد جالو مامدو باتيا في عرضه لمشروع القانون أمام السادة النواب بأهمية الدستور ومكانته ضمن النصوص القانونية، مؤكدا بأن الأمر لا يتعلق هنا بوضع دستور جديد وإنما يتعلق بسعي لتحسين سير عمل النظام المؤسسي للبلاد أخذا في الحسبان التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية واستخلاصا للدروس من تجربة نظامنا المؤسسي منذ أن دخل دستورنا الحالي حيز التطبيق ومراعاة لخصوصياتنا الوطنية.
ونبه إلى أن دستور 20 يوليو 1991 المعدل قد نظم بشكل واضح طريقة مراجعته في الباب الحادي عشر منه، لذلك لا مجال للحديث عن مخالفة للأحكام الدستورية ما دامت المراجعة ستتم من خلال تلك الترتيبات.
وأشار إلى أن تعديل المادة 8 المتعلقة بالرمز الوطني يأتي لإضفاء تحسينات على علمنا الوطني وسعيا لخلق مزيد من التعلق به من خلال رفع مستوى الرمزية فيه، مشيرا إلى أن العلم الوطني في مشروع القانون الدستوري موضوع الدراسة تمت المحافظة على نسبة 70% من مساحته وتخصيص ال 30% الباقية لإجلال وتكريم وتمجيد من قدموا أرواحهم الزكية في سبيل استقلال بلدنا العزيز ومن هم مستعدون لأن يدفعوا بسخاء ضريبة الدم ذودا عن هذا الوطن ودفاعا عن حوزته وحرمته.
وقال إن هذا الإجراء تعبير عن وفائنا لأرواح الصنف الأول الذي قضى نحبه وعربون تقدير للصنف الثاني الذي ينتظر، منبها إلى أن الظروف الإقليمية والدولية التي نعيشها الآن تستدعي منا الوقوف ولو قليلا لإنصاف هؤلاء وأولئك.
وأبرز وزير الدفاع الوطني الدور المشهود الذي لعبته غرفة مجلس الشيوخ في خدمة الوطن، مشيرا إلى أن إلغاء هذه الغرفة يجب النظر إليه من زاوية تجربة البرلمان المشكل من غرفتين لهما نفس الدور تقريبا، حيث تتطلب مسطرة إقرار نص قانوني واحد في المعدل 9 أشهر وهو ما يعيق تنفيذ السياسات الحكومية.
وأضاف أن هذه القضية لا تعدو كونها مجرد استخلاص للدروس من الواقع والاعتبار بإكراهاته البادية للعيان ومحاولة لملاءمة نظامنا المؤسسي مع متطلبات التنمية.
وأوضح بأن مشروع القانون الدستوري موضوع الدراسة يسعى لتطوير مؤسسة المجلس الدستوري من خلال أمرين مهمين: أولهما إشراك المعارضة في تشكيلته من خلال اقتراح الأحزاب المعارضة الثلاثة الأولى الأكثر تمثيلا في البرلمان لثلاثة من أعضائه أما الثاني فهو إطلاعه على القوانين النظامية قبل إصدارها للبت في مطابقتها للدستور.
وأشار وزير الدفاع الوطني إلى أن إلغاء محكمة العدل السامية يمثل إرادة للقطيعة مع المحاكمات الاستثنائية والمحاكمات السياسية، مشيرا إلى أن هذه المحكمة تتشكل في دستورنا الحالي من برلمانيين ليسوا بالضرورة من أهل الاختصاص.
وأضاف أن ما هو مقترح في مشروع القانون الدستوري الحالي هو إبقاء سلطة الاتهام بيد الجمعية الوطنية على أن تتم المحاكمة من طرف هيئة قضائية مؤلفة من أعلى المحاكم في التنظيم القضائي، وهو ما ينبغي أن يكون محل ترحيب من الجميع لأنه يمثل ضمانة لنزاهة المحاكمة.
ونبه إلى أن تعديل المادة 94 يدخل في إطار السعي لتسهيل الإجراءات وترشيد النفقات من خلال تجميع بعض المؤسسات التي تتقارب في المهام والواجبات، كما أضيفت القضايا البيئية لصلاحيات المجلس الاقتصادي والاجتماعي.
وقال إن مشروع القانون الدستوري نص كذلك على استحداث مجالس جهوية كتجمعات إقليمية لخلق أقطاب تنمية في مناطق الداخل، مشيرا إلى أن الحكومة ستتنازل لهذه المجالس الجهوية المنتخبة بالاقتراع العام المباشر عن كثير من وسائلها وسيعهد لها بصلاحيات مهمة وستراعى فيها خصوصيات كل جهة.
وأبرز السادة النواب في مداخلاتهم أن التعديلات الدستورية تهدف في النهاية إلى تحسين وتعزيز ديمقراطيتنا وتفعيل التنمية الاقتصادية وإشراك سكان مختلف مناطق البلد في وضع الخطط التنموية لمناطقهم.
واعتبروا أن تغيير العلم والنشيد الوطنيين يهدف بالنسبة للأول إلى إبراز التضحيات الجسام التي قام بها أبطال المقاومة وكل من قضى نحبه خدمة لهذا الوطن والذين يقفون على الخطوط الأمامية للدفاع عنه، وبالنسبة للثاني يهدف التغيير إلى إعطاء شحنة من الوطنية والاعتزاز بالوطن والتعلق به وذكر أسم البلد وشحذ الهمم للتعلق به والدفاع عنه.
وأشار بعض السادة النواب إلى أن تعديل الدستور يكتسي أهمية بالغة بالنظر لحساسية هذه الوثيقة وبالتالي فإن أي تعديل يدخل عليها ينبغي أن يكون في إطار حوار وطني شامل يشارك فيه الجميع.
وطالبوا بإعطاء المجالس الجهوية التي نص عليها التعديل الدستوري كافة الصلاحيات وتزويدها بكافة الوسائل المادية التي تخولها أن تكون لاعبا تنمويا، مطالبين بأخذ العبرة من تجربة البلديات الداخلية التي لم تستطع القيام بإنجازات معتبرة نتيجة ضعف مداخيلها.
ورفضت الجمعية الوطنية التعديلين اللذين تقدمت بهما النائب المعلومه منت بلال و يتعلق اولهما بإلغاء التعديل المقترح على العلم الوطني وابقائه كما هو، في حين يقضى التعديل الثاني بالمحافظة على محكمة العدل السامية وعدم الغائها كما نص على ذلك مشروع قانون التعديل الدستوري.
ورفض التعديل الاول 111 نائبا من اصل 140 عبروا عن اصواتهم، في حين حصل التعديل على موافقة 29 نائبا، وتم رفض التعديل الثاني من قبل 117 نائبا من مجمل الاصوات المعبر عنها التي بلغت 140 صوتا في حين حصل التعديل على موافقة 22 نائبا .