يعتبر قطاع الصيد الشريان الرئيس والقلب النابض للاقتصاد الوطني لأنه من أهم القطاعات توظيفا وأكثرها استقطابا إضافة إلى كونه يعد من أهم موارد الميزانية العامة للدولة، ويساهم بشكل كبير في عائدات البلاد من العملة الصعبة.
ونظرا لهذه الأهمية فقد حظي قطاع الصيد والاقتصاد البحري بعناية خاصة ضمن السياسات المتبعة من طرف السلطات العليا في البلد حيث عرف هذا القطاع إدخال إصلاحات جوهرية بغية تهيئة الظروف وخلق أرضية ملائمة لتعظيم انعكاساته على التنمية الاقتصادية وتعميم منافعها.
من أبرز الإصلاحات التي عرفها القطاع تلك المتعلقة بالاستراتيجية الجديدة للصيد، حيث عرف هذا القطاع منعطفا حاسما مع بدء سريان مفعول الترتيبات الجديدة التي تضمنتها استراتيجية التسيير المسؤول من أجل تنمية مستدامة للصيد والاقتصاد البحري 2015- 2019.
وتسعى هذه الاستراتيجية الجديدة إلى استحداث نمط تسيير جديد غايته تقنين استغلال الثروة ضمانا لاستدامتها، وتهيئة الظروف والأرضية الملائمة لتعظيم انعكاساتها على التنمية الاقتصادية وتعميم منافعها وعدالة توزيع المتاح منها.
وتتضمن الاستراتيجية الجديدة تحديد أماكن الاستغلال المستديم لأصناف غير مستغلة تجاريا؛ حيث سيسهم ذلك في تنويع نشاطات الصيد وترقية مجالات التخصص فيه خاصة إذا علمنا أن المنطقة الاقتصادية الحالية تزخر بثروة وفيرة ومتنوعة؛ إذ يتوفر فيها ما يربو على 700 صنف من الأحياء البحرية، منها مائتان (200) ذات قيمة تجارية مؤكدة جلها غير مستغل.
وقد أطلقت الوزارة خلال سنة 2015 ضمن الأهداف الرئيسية لاستراتيجية التسيير المسؤول حملة تجريبية لصيد جراد البحر تسعى من خلالها إلى تأمين حماية أفضل لمواردنا البحرية وتنويع الإنتاج وتعظيم العائدات.
وقد شهدت هذه الحملة إقبالا كبيرا؛ حيث ارتفع عدد السفن خلال أقل من عام إلى 22 بدل 6 وتم اصطياد مجموعة 782 طن من أصل 840 طن من الحد الأعلى المسموح باصطياده.
وحول أهمية هذه الاستراتيجية والأهداف التي تسعى إلى تحقيقها والمتعلقة أساسا بحماية الثروة البحرية وتنويع الإنتاج وتعظيم العائدات أوضح السيد محمد سالم ولد محمد رئيس الدائرة البحرية لداخلت انواذيبو في تصريح للوكالة الموريتانية للأنباء أن قطاع الصيد شهد سنة 2015 المصادقة على استراتيجية وطنية للتسيير المسؤول من أجل تنمية مستديمة لقطاع الصيد والاقتصاد البحري للفترة ما بين 2015-2019.
وتسعى السلطات العليا في البلد من خلال هذه الاستراتيجية إلى حماية الثروة البحرية وتنويع الإنتاج وتعظيم العائدات وتنويع نشاطات الصيد وترقية مجالات التخصص فيه.
وأشار محمد سالم ولد محمد إلى أن هذه الاستراتيجية تتبنى نظرة جديدة تعتمد على نموذج تسيير يرتكز أساسا على اعتماد وترويج نظم التسيير وتفريغ الحمولات المصطادة في داخل البلد و تحسين أنماط وتثمين منتجات الصيد إضافة إلى تقوية الحكامة الاقتصادية للقطاع.
ومن أجل دعم هذه الاستراتيجية تمت إعادة صياغة الإطار القانوني لقطاع الصيد، وترجم ذلك بالمصادقة على نصوص جديدة وبالأخص القانون 017 ــ 2015 المتضمن لمدونة الصيد البحري والمرسوم 159 ـ 2015 المتضمن النظام العام لتطبيق مدونة الصيد.
واستعرض رئيس الدائرة البحرية بعض المقررات التي تمت المصادقة عليها في إطار الاستراتيجية الجديدة للصيد تتعلق بمدونة البحرية التجارية 029 ــ2013 حول السلامة البحرية خاصة تلك المتعلقة منها بالقرار رقم 181 ــ 2016 المنشئ للدائرة البحرية لداخلت انواذيبو؛ حيث تتعلق تلك التشريعات بالتسيير المناسب للثروة البحرية والمصايد من خلال التقييم المنتظم للمصايد والكميات المسموح باصطيادها إضافة إلى النظم الصحية لمنتجات الصيد.
وبين رئيس الدائرة البحرية الانعكاسات الإيجابية لتطبيق هذه الاستراتيجية خاصة تلك المتعلقة منها بالمردودية المباشرة على المواطنين وبمكونة التشغيل حيث ارتفعت نسبة العمال الموريتانيين على متن البواخر من 35% إلى 60% بموجب الاتفاق مع الاتحاد الأروبي حيث مكنت هذه الزيادة في نسبة العمال من تشغيل 500 بحار على متن السفن السطحية وقرابة 400 على متن السفن الأخرى من شاطئية ومصيدة للعينات الأخرى الكثيرة التي تزخر بها منطقتنا.
واستعرض السيد محمد سالم ولد محمد الجهود المبذولة من طرف السلطات العليا في البلد والمتعلقة بالتكوين في إطار مرتنة الطواقم حيث تم تكوين ما يزيد على 400 ضابط موريتاني تعمل حاليا على متن البواخر الوطنية في مجالات المتن والميكانيكا كما تم تكوين 600 من العمال اليدويين في مجالات التبريد والشحامة إضافة إلى تأهيل 1000 بحار بهدف تكوين اليد العاملة على مستوى السفن العاملة في المنطقة.