أكد رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز اليوم الثلاثاء في نواذيبو، تصميمه على المضي قدما في تكريس سياسات الإصلاح والوقوف بحزم ضد الفساد والمفسدين.
وفيما يلي النص الكامل للسيد الرئيس:
“أشكركم على التواجد المكثف الذي يؤكد تشبثكم بخيارات الإصلاح والتغيير ووفائكم لبرنامجنا الانتخابي الذي نال تزكية الأغلبية الساحقة في هذه الولاية.
إن هموم ومشاكل سكان انواذيبو ظلت حاضرة في أذهاننا وشكلت نهضتها وتنميتها محورا بارزا في سياسات الحكومة.
أؤكد لكم أنني كشخص وكرئيس لم ولن أغير مواقفي من الفساد والمفسدين وسأمضي قدما في عملية الإصلاح والتغيير البناء.
ومن شأن سلسلة المشاريع التي سنعلن عنها أن تعمل على تغيير وجه ولاية داخل انواذيبو وتخفف معاناة سكانها، وتوفر فرص العمل لسكانها عموما وشبابها خصوصا، وتضمن توفير خدمات المياه والكهرباء وتفك العزلة عن مناطق عانت طويلا من العطش والضياع والإهمال.
لن أقول إلا ما سأقوم به وجميع الالتزامات التي قطعت على نفسي خلال زيارتي هنا في 2009، هي نفسها التي لازلت عليها ولن أتزحزح عنها مهما كلف الثمن، فلا أزال أحارب الفساد والمفسدين.
إن الإنجازات التي تحققت في السنتين الأخيرتين وضعت حدا لممارسات الأنظمة السابقة التي اتسمت بالنهب والحيف والظلم، قرابة أكثر من أربعة عقود.
إن انتشار الفقر يعود للنهب الذي مارسته النخب التي حكمت البلاد فترات طويلة، وتتشدق اليوم بدعوات الإصلاح والبناء زورا وبهتانا.
وحديثي سيكون صريحا وصادقا على عكس منهج طبقة من العجائز عاشت على النهب المنظم لخيرات الوطن ومصادر رزق المواطن، وتعودت الديماغوجية واللعب بعواطف البسطاء الطيبين من أبناء هذا البلد.
ولن استشهد في حديثي عن حالة الاقتصاد، إلا بأرقام صادرة عن صندوق النقد الدولي، وسأتكلم عن عدة نقاط طالما شكلت محور مزايدات مجموعات معروفة نهبت البلد وخربته وجعلت من تلك النقاط مآخذ على النظام ناسية أو متناسية أن ألئك العجائز هم أصل البلوى وسبب الداء.
إن أولئك الذين تولوا أمور البلاد منذ الاستقلال منهم من هرموا وشابوا وبلغوا من الكبر عتيا يدعون أن وضعية البلد الاقتصادية مزرية، ومن بينهم اقتصاديون من المفترض أنهم يعرفون معنى الأرقام، ومنهم كذلك كذابون ومجرمون وفاسدون.. هذه الأرقام التي بحوزتي صادرة عن صندوق النقد الدولي، وليست محلا للتشكيك.
إن ميزانية 2006 سجلت عجزا بلغ 19 مليار ونصف المليار أوقية، وارتفع هذا العجز سنة 2008 ليصل إلى 61 مليار أوقية، فيما تراجع سنة 2010 إلى 5ر9 مليار أوقية، وتحول العجز إلى فائض في الميزانية سنة 2011 ثمانية (8) مليارات أوقية.
كل ذلك تم بفعل الصرامة في التسيير وترشيد النفقات والوقوف في وجه الفساد والمفسدين.
وإلى جانب التغلب على عجز الميزانية، هناك تحسن ملحوظ في مداخيل الدولة من الضرائب، حيث ارتفعت من 96 مليار أوقية في سنة 2006 إلى 7ر183 مليار أوقية في سنة 2011، وهذا الانجاز تحقق بسبب تطبيق القانون واستيفاء الضرائب من الجميع دون تمييز.
وفي هذه المناسبة أهنئ القائمين على قطاع الضرائب وإداراتها وكل من ساهموا في الوصول إلى هذه النتيجة المهمة.
فقد شهدت سنة 2006 صرف 62 مليار أوقية ضمن ميزانية التسيير (الأوراق والتجهيزات والأقلام) وتم هدر جل هذا المبلغ تحت هذه الذريعة، وهذا يدل على أننا لم نعد نترك فرصة للمفسدين والمجرمين للعبث بمقدرات الشعب. والفارق بين 2006 و2011 جلي رغم ما جنيناه في 2006 من تمويلات وأموال.. مثلا 100 مليون دولار من شركة “وود سايد”.
وقد بلغ الناتج القومي الإجمالي في نفس السنة 908 مليون دولار، وفي 2008 وصل 1086 مليون دولار، وفي 2011 بلغ 1177 مليون دولار، ما يدل أن موريتانيا انتقلت من 733 مليون دولار من الناتج المحلي الإجمالي إلى 1177 مليون دولار، أي بزيادة 50%، وقد تقلصت مصاريف 2011 لتصل إلى 51 مليار أوقية بنقص 18 في المائة من مصروفات التسيير تم توجيهها لتلبية الحاجات الملحة للمواطنين.
وانخفضت نسبة الفوائد على سندات الخزينة من 14 بالمائة إلى 2 أو2.5 في المائة، كما أن ميزانية الاستثمار شهدت زيادة أكثر من 90 في المائة سنة 2011 حيث ارتفعت من 44 مليار أوقية سنة 2006 إلى 85 مليار سنة 2011، مما مكن من تحقيق العديد من الإنجازات وإقامة البنى التحتية والمرافق الخدماتية.
وانعكس هذا التطور الاقتصادي على قطاعات حيوية، حيث ارتفعت مخصصات قطاع التنمية الريفية من 25 مليار سنة 2006 إلى 58 مليار سنة 2011 ومخصصات قطاع الطرق من 8 مليار سنة 2006 إلى 15 مليار سنة2011 ومخصصات قطاع الصحة من 700 مليون أوقية سنة 2006 إلى 5ر4 مليار أوقية سنة 2012 ومخصصات قطاع المياه مليار أوقية سنة 2006 إلى 3 مليارات في سنة 2011.
ومكنت سياسة مواجهة الفساد من وضع حد لمتأخرات ديون الوزارات التي طالما أنهكت ميزانية الدولة، كما تم القضاء نهائيا على ما يعرف بالملحقات السرية، وتم نهائيا منع الصفقات بالتراضي، ولم يعد لها وجود، وكذا القضاء على المتأخرات حيث لم يعد بوسع الوزراء، وهاهم أمامكم، أن يزيد أي واحد منهم على ميزانيته، تلك المتأخرات والديون التي كانت تراكم على كاهل الدولة زورا، وهي وسائل شكلت دائما مصدر ثراء سريع “للثوار العجائز الجدد” ونخبة اللصوص الذين يتكلمون اليوم ويصمون آذانكم بالحديث عن الفساد في موريتانيا، والفساد هو ما كان موجودا في عهدهم وهو صنيعتهم.
فقد كنتم ترون السيارات الحكومية في كل شارع، واليوم لم يعد ذلك ممكنا. فقد تم وضع حد نهائي لهذا النوع من الفساد. ولم يعد بمقدور أولئك المفسدين أن يبيتوا ليلهم تحت المكيفات لأنهم أصبحوا يدفعون فواتير الكهرباء.
إن إحساس هؤلاء بارتفاع الأسعار مرده إلى أنه لم يعد بإمكانهم العيش على حساب المواطن وباتوا مضطرين لدفع فواتير الماء والكهرباء ومصاريف محروقات السيارات والهاتف.
هذه المعلومات هي عكس ما يروج له أصحاب اللحى الذين يكذبون دون أن يلقوا لذلك بالا، وأنا بلا لحية لكنني لا أكذب.
هؤلاء المفسدون الذين تعرفهم الناس جميعا أصبحوا اليوم يتحدثون عن الفساد وعن عجز الدولة. ويحملون النظام المسؤولية عن أخطائهم وعن تراكمات تسييرهم خلال الحقب الماضية.
إنني أوافق من يقولون إن التعليم فاسد ويعيش وضعا مترديا، لكن سبب ذلك ليس تسيير النظام القائم، وإنما هو نتيجة تراكمات أخطاء الأنظمة السابقة التي يتحمل أولئك مسؤولية كبيرة فيها.
وأنا أول من كشف هذا التردي الذي يعود لعدم مواءمة النظام التربوي لسوق العمل، حيث أن نسبة 85% من خريجي جامعاتنا يحملون شهادات في العلوم الإنسانية، وتم تكوينهم في السابق ليزيدوا طوابير البطالة، في الوقت الذي يتطلب ولوج سوق العمل يدا عاملة مهنية مدربة وهو ما جعل الدولة تولي عناية خاصة للتكوين المهني وتوفر الوسائل الضرورية لتكوين الشباب الموريتاني.
إن موريتانيا دولة معدنية وهي بحاجة للمهندسين والفنيين والأطباء، وهنالك نقص حاد في الخبرات والمهارات التقنية في الهندسة والتقنيات الحديثة، حيث لم يتكون منذ الاستقلال في مجال الطب سوى 460 طبيبا.
وقد ضاعفنا عدد الأطباء في السنوات الماضية لمواجهة النقص في هذا المجال وسنواصل سياستنا في هذا المجال.
وقد أولت السلطات العمومية عناية خاصة للتكوين، حيث افتتحت
مدرسة للمعادن وأخرى متعددة التخصصات لتكوين المهندسين في جميع التخصصات، وأنشأنا مدرسة للأشغال العمومية في ألاك، إضافة إلى عدد من مراكز التكوين المهني على امتداد التراب الوطني أعيدت هيكلتها من اجل تكوين يد وطنية مدربة تستجيب لمتطلبات سوق العمل.
وهذا لا يعني أننا في غنى عن وجود الأدباء أو أنه لا يجب أن يكون لدينا شعراء، فكل هذا ضروري مع مراعاة التوازن المعقلن العلمي، حتى يمكن للدولة أن تسير شؤونها على قاعدة صلبة تراعي مختلف مجالات الحياة.
لقد ضيع هؤلاء المنتقدون ثلاثين سنة من حياة موريتانيا، في البطش، والتسيب، واللامسؤولية وعدم الشعور بالشفقة اتجاه واقع البلاد.
وأضمن لكم أن ذلك سيتغير حتما بقوة الشعب الموريتاني الذي بإمكانه وحده صنع التغيير وفرض إرادته في الإصلاح والبناء الحقيقي.
إننا سنعمل على توفير المزيد من فرص العمل في قطاعات الصيد والصناعة من خلال تفعيل التكوين المهني سنصرف عليه حتى نصنع يدا موريتانية ماهرة متخصصة قادرة على العمل والإبداع، وهناك شركات سيتم افتتاحها، ومن بينها شركات للسمك ستوفر فرصا للعمل في حدود 2000 عامل، وهناك في تازيازت سيتم تشغيل 2500 عامل، ونفس العدد من فرص العمل في شركة الصيد الموريتانية الصينية.
هنا لن أنسى الشباب، الذي بوسعه وحده التغيير، وعليه أن لا يترك أولئك الذين تولوا شؤون البلاد لفترة طويلة يظهرون من جديد، إذ على الشباب أن يظهر ويأخذ زمام المبادرة ترشيحا وعملا.
واستنهض هنا همم الشباب للمشاركة في الحياة العامة، وأعول على دوره في تغيير الأوضاع نحو الأفضل وتجديد الطبقة السياسية، وأطالب الشباب بالترشح للانتخابات البرلمانية وتولي مختلف الوظائف لأنه لا بد من تجديد الطبقة السياسية، فالشباب هو القوة الحية وليس الشيوخ، والبعض يرفض هذا ولكن ليس منه بد.
ولن يفوتني هنا إلا أن أؤكد اهتمامي بمشاركة النساء في الحياة العامة وبدورهن المحوري في بناء الوطن باعتبارهن أولوية في جميع مناحي الحياة، ويشكلن أكثر من 52%، وأشجعهن تماما وأمنحهن الأولوية في كل شيء، وقد خصصنا في هذا الإطار ولضمان ولوج المرأة للبرلمان، لائحة نسوية في البرلمان الموريتاني، وقمنا باكتتاب مجموعة من النساء في سلك الوظيفة العمومية من خلال سياسة التمييز الايجابي التي قمنا بها إثر إجراء مسابقة عامة في مجال الإدارة لم يتسن لهن الحصول فيها إلا على 7%، فتم الإعلان عن مسابقات لاكتتابهن في العديد من القطاعات.
إن دولة تهمش نساءها ليس بوسعها أن تحقق التقدم، فالنساء منهن الأخت والبنت والأم والزوجة ولا يمكن تهميشهن بأي حال من الأحوال.
إن موريتانيا دولة غنية وما ينقصها هو التسيير الرشيد وتوجيه الموارد الوجهة الصحيحة.
وقد بذلت الدولة في مجال المياه الصالحة للشرب جهودا مكثفة لتعميم خدمات المياه والكهرباء في عموم البلاد مع التركيز على المناطق المهمشة والمحرومة.
إن مما يحز في نفسي أن موريتانيا لا يزال فيها بعض الأشخاص الذين يموتون من العطش، والجبين يندى لوجود مواطنين كثر ما يزالون يشترون برميل المياه في بعض المدن بخمسمائة أوقية و1500 أوقية في مناطق الشاطئ، وهذه الأوضاع كرسها أولئك الذين يتشدقون اليوم بالإصلاح والدفاع عن مصالح المواطن، ويتحدثون عن النضال وعن الثورة، من ثوار موريتانيا العجائز الجدد.. لقد شاهدت ثورات في بلدان أخرى ولكن قادة تلك الثورات من الشباب فقط وليسوا من الكهول والعجائز.
لقد مضت خمسون سنة من الاستقلال ولا يزال بعض المواطنين يشترون برميل المياه بخمسمائة أوقية.. وهذا واقع لم يحاربه أولئك الثوار العجائز الجدد الذين لم يدفعوا فواتير الماء قبل وصولي أنا للسلطة.
وهؤلاء الثوار الجدد لم يتحدثوا أبدا عن نقص الماء ولم يفكروا في أوضاعكم، وانما ظلوا ينهبون خيراتكم ويشترون أسماككم بثمن بخس وهذا ما يعرفه كل واحد من سكان الشاطئ.
وستشهد منطقة نوامغار قريبا بناء محطة لتحلية المياه من شأنها أن توفر هذه المادة الحيوية بكميات كافية في المنطقة، وبطاقة تصل الى 240 متر مكعب يوميا، بما يتيح لكم الحصول على برميل الماء بخمسين أوقية فقط أو مجانا، وكذلك الكهرباء، كما ستشهد بناء مصنع لإنتاج الثلج بكميات معتبرة، الأمر الذي يضمن للصيادين حفظ الأسماك وتسويقها في ظروف مريحة.
كل هذه المشاريع كلفت الدولة مبلغ 400 مليون أوقية فقط، دون منة من أحد، بعيدا عن الابتزاز الذي كان يتعرض له هؤلاء ويضطرهم لبيع أسماكهم بأسعار زهيدة.
إن مشكلة العمال غير الدائمين تشكل دليلا آخر على التهميش واللامبالاة والاعتداء على حقوق المواطنين طيلة فترات البطش والتلاعب السابقة، حيث لا يملك هؤلاء الحق في التقاعد، ولا الضمان الاجتماعي، ولا الصحة، ولا في أي شيء آخر، لأن كل واحد منهم يتم اكتتابه على ورقة براتب من 30 أو 40 ألف أوقية، وهذا اعتداء صارخ على حقوق المواطنين وإمعان في حرمانهم من حقوق التقاعد والمزايا التي يوفرها عقد العمل.
بالنسبة للزراعة، تعلمون للأسف ما عانت منه هي الأخرى، وقد قمنا بإصلاحات جوهرية في هذا المجال حيث تحسنت مؤشرات هذا القطاع وقمنا بجهود معتبرة مكنت من مضاعفة الإنتاج. رغم أنها تعاني هي الأخرى من نقص في الموارد البشرية متعلق بالتكوين والخبرة.
وقد تم دمج 125 إطارا من الشباب العاطلين عن العمل في هذا القطاع، وسجل بعضهم أرباحا وصلت من 4 إلى 5 ملايين أوقية خلال 3 أشهر. وهذا مشجع.
وفي مجال الكهرباء، مثلا عانت مدينة نواكشوط من نقص في هذه المادة وانقطاعات متكررة حتى وصولنا إلى السلطة، فقد كان فيها نقص دائم حتى فترة الانتخابات. واليوم سجلت فائضا وصل إلى 25 ميغاوات وتم وضع حد نهائي لانقطاع الكهرباء، وهنالك مشروع لإنتاج 40 ميغاوات من الطاقة الهوائية وآخر لإنتاج 15 ميغاوات من الطاقة الشمسية ومشروعا آخر لإنتاج 120 ميغاوات سيخلق فائضا يمكننا من تصدير الكهرباء في غضون سنتين أو ثلاث سنوات.
قطاع الطرق حظي هو الآخر بعناية كبيرة، وخصصت له مبالغ معتبرة، حيث سيتم قريبا إنجاز طريق ازويرات وربط مختلف مقاطعات البلاد بطرق معبدة، وسترتبط بلدية انوامغار قريبا بطريق نواكشوط انواذيبو.
بالنسبة للحريات العامة في البلاد، اسمع للأسف الشديد البعض يقول إن الحريات غير مصانة، وأقول لكم إن من يقولون ذلك أولا يتكلمون من التلفزة الوطنية، ولو لم تكن هناك حريات لما سمحنا لهم بالحديث عبر التلفزيون. ينتقدون الرئيس ويسبون الحكومة، وكل شيء.. أهذه حريات أم لا. لماذا يناقضون أنفسهم وهم يتحدثون من على شاشة التلفزة الوطنية عن انعدام الحريات.
أؤكد لكم أن جميع الحريات مصانة ومضمونة، وأولئك الذين يدعون أن الحريات مصادرة يمررون خطابهم وانتقاداتهم لرئيس الجمهورية والحكومة من خلال التلفزيون العمومي وهو ما يؤكد بطلان دعاواهم تلك.
وأتحدى الثوار الجدد الذين يتحدثون عن الفساد أن يقدموا وثائق أو أدلة تدعم ادعاءهم.
واستغرب أن يكون بين هؤلاء من يتحدث عن الحريات وهو من يعرف الجميع مسؤوليته عن سجن ومتابعة المواطنين والتضييق عليهم في العهود السابقة والدفاع عن الأنظمة الشمولية وهم من يتحدثون عن الحريات والدستور في نفس الوقت.
الشعب الموريتاني شعب ذكي، ولا تلتبس عليه الأمور ولديه ذاكرة قوية، والشعب يعرف هؤلاء بأعمالهم السيئة في هذا البلد، وبالتالي فموريتانيا لا خوف عليها من مثل أولئك الأشخاص.
سأتكلم هنا عن قضية البحارة، وأؤكد لكم أيها البحارة أننا سنمكنكم من الحصول على حقوقكم.
سأتحدث أيضا عن الإرث الإنساني، الذي يتكلم عنه البعض اليوم، وعند ما يتم نبش ذلك الملف قد نجد أن من بين هؤلاء من هو مسؤول عنه.
كلكم تعرفونني، وجميع الضباط يعرفونني، والمواطنون يعرفونني والكل يعرف ملف الإرث الإنساني والمسؤولين عنه، ولا أدعي أنني سويته بالكامل وقد لا يكون بإمكاني ذلك، لكنني لم أبخل أي وسيلة لتسويته من أجل الشعب الموريتاني.
الغريب أن الذين يتحدثون عن هذا الملف، وعن العبودية هم أنفسهم المسؤولين عن ذلك. من كان يستعبد موريتانيا كلها؟ ومن قـتـّـل إخواننا الزنوج في الجيش؟ لقد كان لدي أصدقاء في الجيش وتم قتلهم، من قتلهم؟.. الذين يتحدثون اليوم عن مقتل أولئك ويتباكون عليهم هم من قاموا بقتلهم.
وبالتالي أقول نحن عاكفون على تسوية ملف الإرث الإنساني، وندرك أنه لا يتأتى إلا من طرف المتضررين دون غيره، وذلك بالتسامح من أجل موريتانيا، لأن النفس لا يمكن تعويضها، ولا بد من التراضي والمسامحة بين الضحايا.
سأتحدث كذلك عن تهميش آدوابه، وعن ما كان يعرف بمثلث الفقر، الحكومة تبذل جهودا معتبرة لتحسين ظروف السكان هناك، ويحضر معنا اليوم وزير من مثلث الفقر وهو ما يدل على أننا لا نهمشها.
هذه المنطقة ظلت مهملة من طرف الأنظمة التي تعاقبت على البلاد منذ الاستقلال مما جعلها تعيش أوضاعا اقتصادية واجتماعية وثقافية صعبة.
وأول نظام يعطي عناية لهذه المنطقة هو هذا النظام، لقد زرتها وعندما سألت عن سبب حمل السكان هناك لقارورات المياه، قيل لي ليحصلوا على المياه، فأمرت فورا بإيصال المياه لهم من سد فم لكليته، واستغلال 750 مليون متر مكعب من الماء لصالح السكان، وقد تم الشروع في ذلك وسيتم وضع حجر الأساس لهذا المشروع في ظرف أسبوعين، لقد أصبح مثلث الأمل، فالطرق قيد الانجاز، وبناء السدود، والكهرباء ستصلهم بما يكفي المنطقة (5 إلى 7 ميغاوات)، وبدأنا في تأسيس تجمع سكاني هناك، يضم معهدا عال للدراسات الإسلامية.
وبخصوص قضية المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية والجامعة الإسلامية في العيون، أقول إن المعهد لم يغلق وما يزال قائما وهو مفتوح أمام الراغبين في التسجيل فيه.
أما “الجامعة الإسلامية” بالعيون فقد تم إنشاؤها بناء على طلب علماء أجلاء كثر استحثوا مشاعري وحماسي حين تحدثوا عن تغرب الطلاب الشناقطة في البلدان المجاورة للدراسات العليا في التشريع الإسلامي، فوجدت أن ذلك لا يليق بسمعة البلد ولا بتاريخه فقررنا إنشاء جامعة إسلامية يجد فيها الطلاب الموريتانيون مبتغاهم وتصل حاضر البلد بماضيه، وسنوفر لها كل الإمكانيات الضرورية للقيام بدورها على أكمل وجه وسنزودها بالمدرسين خدمة للشعب الموريتاني، بعيدا عن مسلسل الدراسات المعهود الذي اتخذ مطية لنهب المال العام والتمويلات وتعطيل المشاريع.
والوزير المكلف بالاسكان أشرف على هذا المشروع الذي نقوم به خدمة لديننا الذي يسري في عروقنا ولا نتاجر به ولا نجمع به الاصوات.
وسأتطرق إلى موضوع آخر هو الحالة المدنية وتأمين الوثائق وهي أهم شيء بالنسبة للدولة إذ لا يتصور وجودها بدون حالة مدنية وهي ضرورية كذلك لوجود الجيش باعتباره أحد مكونات الدولة من أجل تحديد هوية المواطن، الذي يمكنه وحده دخول الجيش وحماية الوطن.
وستسمح الحالة المدنية لكل واحد منا بالحصول على جميع وثائقه المدنية وفي كل نقطة من الوطن، بطريقة شفافة دون مضايقة وبعيدا عن ممارسة الماضي وبيع جوازات السفر لمن هب ودب مقابل ثمانين ألف أوقية، دون أن ننسى كذلك من له الحق من الأجانب في العيش على التراب الموريتاني بين ظهرانينا.. نحن نرغب في أن يسكن معنا إخواننا المغاربة والسنغاليين والجزائريين والماليين، ولكن بالطرق المشروعة.
كما بدأنا سياسة تجميع القرى من أجل ضمان الولوج إلى الخدمات العمومية من ماء وكهرباء ومدارس وصحة، ومن بينها تجمع الشامي، الذي يتبع لولاية انواذيبو، ومن شأنه أن يتحول إل مقاطعة ويسهم في تنمية هذه الولاية اقتصاديا واجتماعيا.
بالنسبة للحالة السياسية في البلاد، أؤكد لكم أن موريتانيا دولة ديمقراطية، وقد دخلنا مؤخرا في حوار جاد ومهم، وأنا قناعتي أن البلد بلد ديمقراطي، والرئيس ليس لديه ما يمنعه أو يعطيه بل الشعب الموريتاني هو من يقرر، والشعب هو من له الحق في تقييم الحوار أولا وأخيرا.
وقد دخلنا الحوار بصفة نزيهة وشفافة خدمة للشعب الموريتاني من أجل ترسيخ تجربتنا الديمقراطية، ومتأكدون أن الديمقراطية هي السبيل الوحيد لنجاح الدولة، ذلك أن البلدان التي ليست بها ديمقراطية هي التي تعرضت للمشاكل والقلاقل.
ونحن مستعدون لأي حوار بناء وجاد يخدم الشعب الموريتاني مع أي طرف يريد الوصول إلى نتائج تخدم المواطن الموريتاني، لكن يجب أن يكون الطرف المحاور جادا في مسعاه ولا يريد فرض شروط مسبقة والوصول إلى نتائج الحوار قبل انطلاقه.
واعتبر أن من يتهربون من الحوار ليست لهم قواعد شعبية ويخشون مواجهة الاستحقاقات الانتخابية.
وبخصوص الأوضاع الأمنية ومواجهة الإرهاب، أشدد على أن موريتانيا لا تخوض حربا بالوكالة، بل إنها تدافع عن مواطنيها وحوزتها الترابية وستطارد العصابات الإجرامية وكل من يهدد أمنها في أي مكان يمكنها الوصول إليه. والدولة التي يشير لها البعض في هذا السياق لديها الإمكانيات للدفاع عن نفسها دون الحاجة لموريتانيا في ذلك.
وبخصوص إطلاق سراح الدركي الذي كان مختطفا، فالدولة الموريتانية لم تفاوض الإرهابيين، وإنما أطلق سراحه مقابل مخبر مجرم كان يعمل لصالح الإرهابيين، وقد وجهت لهم القوات المسلحة ضربات موجعة إثر هذه العملية.
أعود إلى نواذيبو، وأقول لشبابها إننا أنشأنا صندوقا بقيمة مليار ونصف مليار أوقية لتشغيل الشباب في الولاية، وهذا من أموالكم وهو موجود وسيبدأ حالا ولا وساطة فيه ولا رشوة ولا نفوذ، بل عبر المساواة بين الجميع، وباشراف لجنة محلية من الولاية تخضع للمراقبة والتفتيش.
وأعلن عن حل مشكلة 162 بحارا في المدينة وقد أصدرت أوامر للجهات المختصة بتكوين البحارة ومن يريدون الالتحاق بهم وتحسين قدراتهم من أجل زيادة مردوديتهم وتحسين دخلهم، كما سنقوم بوضع الحجر الاساس لملعب ودار للشباب في المدينة.
وستراعي جميع الاتفاقيات في مجال الصيد مصلحة موريتانيا بشكل عام وولاية داخلت انواذيبو بشكل خاص.
وبخصوص مآخذ “الثوار العجزة الجدد” على النظام، يرى هؤلاء أن الحوار لم يحقق نتائج وهذا غير صحيح باعتراف غالبية الأحزاب السياسية، ويقولون إن البلاد تعيش أزمة اقتصادية وقد حدثتكم قبل قليل عن الوضع الاقتصادي، ويقولون إن وسائل الإعلام مغلقة أمامهم وهذه الانتقادات تمر عبر وسائل الإعلام العمومية، ويتحدثون عن عزلة آدوابه وعزلة منطقة الضفة وهم من قاموا بعزلهما، وعن ارتفاع الأسعار ونحن من دعم أسعار المواد الأساسية ووفرها بأسعار مخفضة للطبقات الضعيفة، ويتحدثون عن فشل الإحصاء وهذا مردود عليه بكثرة إقبال المواطنين وأهمية أهداف الإحصاء، ويتحدثون عن فشل برنامج أمل 2012 ونحن والمواطنون نعلق عليه آمالا كبيرة وستتحقق إن شاء الله.
وأشكركم”.
الموضوع السابق