تأسست اللجنة المشتركة لمكافحة اثار الجفاف فى الساحل (سلس ) في ال 12 دجمبر عام 1973م بواكادوكو في أعقاب اجتياح ظاهرة الجفاف لمنطقة الساحل، حيث ارتأت الدول الأعضاء وقتها تنسيق الجهود من أجل مواجهة هذه الظاهرة من منطلق عجز كل دولة عن التصدي لها بوسائلها الخاصة مما تطلب تضامنا اقليميا ذا بال لمواجهتها .
وقد شاركت بلادنا في المؤتمر التأسيسي للمنظمة الى جانب خمس دول هي السينغال ومالي والنيجر وبركينا افاسو واتشاد وانضمت الي لجنة السيلس لاحقا دول غامبيا وغينيا بيساو وجزر الرأس الاخضر .
وتبلغ مساحة الدول الاعضاء في لجنة (سلس)، التي يوجد مقر مكتبها التنفيذي بالعاصمة البوركينابية واغادوغو، 3ر5 مليون كلم مربع وتتميزهذه المنطقة بضعف الإنتاج الزراعي حيث لا يتجاوز مستوى التساقطات المطرية فيها مابين 100إلى 1200مم سنويا وهي منطقة شبه قاحلة إلى جافة في أغلبها ،ما أدى إلى محدودية المساحات المستصلحة وتراجع الزراعة المروية بالإضافة إلى خصائص من أهمها انهيار البيئة وبالتالي تناقص الغطاء النباتي وانعدام الأمن الغذائي في ظل تزايد سريع للسكان ونزوح مكثف إلى المدن .
وقد شهدت السنوات القليلة الموالية لانشاء ال”سيلس” إنشاء مؤسسة سميت بالمؤسسة الشقيقة ضمت نادي أصدقاء الساحل مثلت آلية موازية لل”سيلس” تتألف من المانحين الاساسيين للجنة وهم كندا وفرنسا والاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة…
وتروم هذه الالية تنسيق الجهود الدولية ما أدى الى مؤازرة لجنة ال”سيلس”وتشجيعها على بدء استراتيجية المشاريع الجهوية الكبيرة في الثمانينات من القرن الماضي بانشاء ما سمي بمشروع التشخيص الدائم الذي يدعم المصالح الوطنية للاحصاء الزراعي من أجل متابعة اعداد وتنفيذ وتحليل نتائج الحملات الزراعية في الدول الاعضاء من أجل مواجهة العجز الغذائي والمشروع الجهوي للطاقة الشمسية ضمن مقاربة لاستغلال الرصيد الهائل لدول الساحل، واستفادت من هذا المشروع مجموعة كبيرة من القرى الموريتانية خاصة على طريق الامل، والمشروع الثالث هو المشروع الجهوي لغاز البوتان واستفادت منه شركة سوماغاز .
وقد انبثقت عن لجنة ال”سيلس” في السبعينات مؤسستان كبيرتان متخصصتان وهما معهد الساحل الذي يوجد مقره في باماكو والمتخصص في مجال التهذيب والبحث، والمعهد الجهوي للزراعة “آغريمت” ومقره في انيامي وهو معهد ذوطبيعة تكوينية للمهندسين الزراعيين والمهندسين في مجال الرصد الجوي يتولى ادارته اطار موريتاني واستفاد منه العديد من الاطرالموريتانيين.
وتتمثل أهداف اللجنة أساسا فى توفير الأمن الغذائي ومكافحة التصحر عبر تمويل برامج فى هذه المجالات داخل الدول الأعضاء.
وتسعى المنظمة من خلال برامجها الى تسهيل الحصول على الغذاء الكافى لكل شعوب بلدان الساحل وضمان حياة كريمة لهم.
وقد بذلت اللجنة جهودا كبيرة في مجال التحسيس حول ظاهرة الجفاف في الساحل ما اكسبها وضعية متميزة في قمة الارض باريودوجينيرو سنة 1992 تم بموجبها حصول الاعتراف الدولي بظاهرة التصحر وبضرورة ايجاد حلول ناجعة لها باعتبارها ظاهرة شاملة تستحق المعالجة الدولية بها، شأنها في ذلك شأن التغيرات المناخية والتنوع البيولوجي، وما تبع ذلك من جهود اكسبت اللجنة وضعا خاصا في اطار اتفاقية الأمم المتحدة حول التصحر التي لها نفس القوة القانونية الدولية لاتفاقية التغيرات المناخية وذات المكانة في قمة كوبنهاغن حول المناخ.
كما صادق رؤساء دول وحكومات الاتحاد الافريقي سنة 2003 في مابوتو علي البرنامج المفصل لتنمية الزراعة في افريقيا باعتباره إطارا لتسريع النمو الزراعي والأمن الغذائي في القارة، والتزموا بتخصيص 10% من الميزانيات الوطنية لبلدانهم للاستثمارات الزراعية.
وقد تولت بلادنا الرئاسة الدورية للجنة مرتين منذ انشائها كان آخرها حين احتضنت نواكشوط القمة ال 14 في يناير 2004.
ودعا رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز الرئيس الدوري للسيلس في خطابه الموجه الى سكان الساحل بمناسبة الذكرى ال 36 لتأسيس اللجنة التي خلدت تحت شعار “إحصاءات زراعية فعالة من أجل تسيير أفضل للأمن الغذائي في الساحل وإفريقيا الغربية”، كل الفاعلين المعنيين بتسيير الأمن الغذائي، خاصة الفاعلين السياسيين، والمصالح الفنية لدول الساحل ومنظمات المجتمع المدني الاجتماعية والمهنية والفاعلين الاقتصاديين الخصوصيين والشركاء الفنيين والماليين إلي تحمل مسؤولياتهم الكاملة في انتاج ومعالجة وتعميم ونشر نتائج المسوح الزراعية.
واستنهض رئيس الجمهورية سكان الساحل بقوة أن يواصلوا منح أكبر عناية لإنتاج المعطيات الزراعية المفيدة بتوفير مزيد من الجهود في تمويل وحسن تسيير الهياكل المتكفلة بتوفير الإحصاءات الزراعية.
وترتبط جميع الأنشطة المتعلقة بالزراعة أو تنمية المواشي في منظمة الساحل بمستوي وضعية الأمطار بنسبة 90% ، هذا في الوقت الذي يعيش فيه نصف سكان الأرياف بالساحل في مناطق تقل فيها التساقطات المطرية عن 600 مم .
وقد عملت منظمة ال”سيلس” منذ إنشائها علي البحث عن بدائل، جاعلة من التحكم في الماء رهانا من الدرجة الأولي بالنسبة لها حيث أن 39 % من الأسر في بلدان الساحل ما تزال تفتقر إلي الماء الشروب ، كما لا تتجاوز نسبة المساحات المروية 4،4 % من المساحات الفعلية القابلة للزراعة المروية في المنطقة .
وقد تمكنت منظمة السلس حتى الان من تحقيق إنجازات هامة نذكر منها :
إنجاز العديد من الدراسات الخاصة بحصر المياه السطحية لتحديد الموارد المتوفرة ومتابعة تطورها.
تكوين متخصصين في مجالات الزراعة والمياه والرصد الجوي في مركز أغريميت الجهوي بهدف تعزيز قدرات الدول الأعضاء .
دعم الدول في وضع وتنفيذ سياسات وإستراتيجيات منسجمة لتسيير الماء .
وضع وتنفيذ العديد من البرامج الجهوية الهامة في مجال المياه القروية، مع إعطاء الأولوية لاستخدام نظم سحب المياه بتكلفة منخفضة اعتمادا علي استغلال مقدرات المنطقة من الطاقات البديلة، وهذا هو الحال بالنسبة للمرحلة الأولى من البرنامج الجهوي للطاقة الشمسية المنفذ خلال عقد التسعينات، ومراحل أخرى من برنامج / سيلس /منظمة المؤتمر الإسلامي، المنفذ منذ الثمانينات .
وهذه التوجهات تم تحديدها بوضوح في ما سمي بإعلان : “التحكم في الماء من اجل صد المجاعة في الساحل ” الذي صادق عليه المؤتمر الرابع عشر لرؤساء الدول الأعضاء في اللجنة المشتركة لمكافحة آثار الجفاف في الساحل المنعقد في نواكشوط خلال شهر يناير 2004.
وقد حققت لجنة “سيلس” طيلة سبع وثلاثين سنة من إنشائها، عملا جبارا في مجال تعبئة وتحسيس الرأي العام حول خطورة التقلبات المناخية والبيئية التي تهدد بلدان الساحل، كما نجحت في هذا الإطار في تعبئة مصادر مالية هامة والدعم التقني ،الا أن متطلبات المرحلة الراهنة تفرض على اللجنة اتباع منهج جديد و منسجم وأكثر ملاءمة يعتمد على الدقة فى الاختياروالصرامة فى البرمجة والشفافية فى تنفيذ المهمات.
وتواجه اللجنة تحديات من أهمها التعاون من اجل مواجهة التدهور البيئي فى دول الساحل والعمل على مساعدة السكان خاصة فى الريف على تحقيق عيش كريم فى اماكنهم الاصلية.