اشرف العقيد اعل ولد محمد فال، رئيس المجلس العسكرى للعدالة والديمقراطية، رئيس الدولة صباح اليوم بقصر المؤتمرات على افتتاح ملتقى لتحسيس السلطات الادارية واعضاء اللجنة الانتخابية الوطنية المستقلة حول مقتضيات المسلسل الانتقالي.
والقى رئيس الدولة بهذه المناسبة خطابا مرتجلا،فيما يلى نصه:
” بسم الله الرحمن الرحيم ، السلام عليكم ورحمة الله .
فى البداية ، أردت ان احضر اليوم انطلاق هذا الملتقى الحسيسي للولاة، كأول انطلاقة لعملهم منذ توليهم المهام التى اوكلت لهم.
لقد حرصت على الحضور شخصيا، وعلى ان تحضر الحكومة كاملة لنوضح بشكل جلي ونهائي واكيد بعض الأمور التي أرى انها جوهرية فى نطاق انجاز العمل المقام به ضمن المرحلة الانتقالية الديمقراطية التي نحن بصددها.
ان النقطة الاولى التي أود تناولها هي تغيير عقلية الادارة، من الآن فصاعدا بالنسبة لما كان عليه الواقع وبالنسبة لحقيقة واقع الدولة الموريتانية اليوم .
وبعبارة اخرى، فان الادارة كانت جزءا من الحزب أو الاحزاب السياسية التي تحكم وبالتالي فقد كانت فى خدمة نظام سياسي معين وهو ما جعلها تتصرف لمصلحة ذلك النظام السياسي المحدد.
اما اليوم، فنحن فى وضعية سياسية مغايرة تقتضي منا جميعا، واقولها بوضوح، حتى لا يكون ثمة مجال للبس ،ان تكون الدولة واداراتها فى خدمة الجميع، ليست فى خدمة حزب او نظام او شخص، وحيادية فى الامور السياسية لكي تكون لصالح الجميع بما فيه الفاعلون السياسيون، وهو ما لا يمكن ان يتأتي الااذا كانت على موقف ومسافة من الجميع.
ان الوضعية الحالية للبلاد، تتطلب منكم التشبث بهذه العقلية،اكثر من اي وقت مضى، لاننا فى مرحلة انتقالية سياسية تجعل الدولة والادارة فى موقع الحكم بين الجميع وفى خدمة الجميع وتصرفها منسجم مع مقتضيات ذلك، فهذا هو الخيار الاوحد لانه موقفنا وما تم رسمه بالاتفاق مع جميع القوى السياسية والمجتمع الموريتاني.
بذلك سنوصل بلدنا الى مبتغاه ونستطيع تقييم ما قمنا به من خلال هذه المرحلة وانجاز اهداف المسلسل بنزاهة ووضوح وبصورة لاغبار عليها ولاتقبل الشكيك فى نزاهة هذا العمل أو اعادة النظر فيه، لامن الداخل أو من الخارج .
يجب علينا ان ننجز هذا باعتباره مسألة وطنية ونزيهة تترجم ارادة الشعب الموريتاني .
وأود هنا أن أؤكد انه لن يقبل أي تهاون، بأية حالة، فى هذه الوضعية، من أي موظف في الدولة وبشكل خاص الولاة والحكام المسؤولين عن هذه العملية والمشرفين عليها بصورة مباشرة.
ولن يكون هناك أي تساهل مع أي شخص حاول ان يكون طرفا أو منحازا لهذا الطرف على حساب ذاك أو يعمل لصالح هذه الجهة أو تلك ، وهنا يجب ان تكون الامور واضحة : الخدمة لجميع الفرقاء والأطراف وللشعب الموريتاني وبشكل محايد.
أردت أن أبدأ بهذه النقطة حتى تكون واضحة لكم قبل مباشرة مهامكم .
اما النقطة الثانية التي أريد الحديث عنها، فتتمثل فى ضرورة تغيير طريقة واسلوب تعامل الادارة بولاتها وحكامها وادارتها المركزية مع الاحزاب والقوى المدنية باعطاء كل ذى حق حقه وخدمة الجميع دون تحيزاو تمييز، لان هذا هو المعيار الذى يثبت ان الدولة للجميع و من دونه يعتبر كل شيئ لاغ ومجرد مسرحية.
يجب ان نتفادي الكيل بمكيالين وان نبتعد عن التعامل غير المتوازن مع الأطراف السياسية مثلا كأن ننفتح على هذا الطرف ونغلق الباب عن ذاك، فذلك غير مقبول ولن يسمح به على الاطلاق .
ويجب كذلك عدم التعامل بتفضيل طرف على طرف، فليس هنالك من هو اقرب الى الدولة من الآخر.
الاحزاب فى نفس الموقع وفى نفس المستوى ومكانتها متساوية بالنسبة للدولة وكذا بالنسبة لمنظمات المجتمع المدني، وهذا هو المعيار الذي يجب ان نعمل على أساسه لنثبت احقية الجميع فى الدولة وأنها للجميع وفى خدمة الجميع، جميع الموريتانيين والوطن الموريتاني.
انها ليست فى خدمة شخص أو حزب أو هيئة بعينها، واذا لم نتمكن من ترسيخ هذه الفكرة وتحقيقها كهدف، فان عملنا سيكون عديم الجدوى والفائدة ومجرد مسرحية كالمسرحيات السابقة التى عندما تنتهي لاتكون ذات اثر ولافائدة.
لقد اردت توضيح هذه النقطة للجميع لتكون ماثلة أمامنا وراسخة فى أذهاننا ومعلنة للموريتانيين كافة وللادارة الاقليمية والمركزية وللموظفين جميعا ولتتضح الادوار والحقوق والمهام ويتم التخلي عن التصرفات المخلة بمسار الشفافية والحياد والنزاهة .
والنقطة الثالثة التي أود الحديث عنها هي تعاملكم وموقفكم من اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات،فهذه اللجنة حكم وعليها ان تفهم ذلك، ليس بينها أي تناقض لامع الادارة ولامع الاحزاب، اذ لايمكن ان يكون هنالك أي شكل من اشكال التناقض .
انها حكم يخول له القانون اتخاذ القرارات بالشكل المحدد فى النصوص صورة واضحة ويجب التعامل معها على هذا الأساس باعتبارها هيئة من المسار السياسي الحالي، لا يمكن ان يتحول التعامل معها الى سجال أو خصام أو تناقض، فوحده القانون هو أساس التعامل معها وعقلية التعاطى معها تقتضي التراجع عن الاخطاء والأمور غير المستقيمة والعدول عن ما يخالف القانون .
يجب اعادة النظر فى الاجراءات والخطوات التي تتقدم اللجنة الانتخابية بملاحظات أو بطلبات بشأن فسادها أو عدم مطابقتها للقانون أو للشفافية.
ليس هنالك أمر صادر عن جهة ما، فالاوامر لاتصدر فى هذا المجال، والمطلوب هو تطبيق النصوص والعمل بمقتضاها وعدم تجاوز الصلاحيات المحددة لكل جهة والسهر على تنظيم العمل بمساهمة كل طرف ودون تناقض لأن الهدف الاسمي هو ان نصل بشفافية ووضوح واحترام لحقوق الكل الى اهداف المرحلة الانتقالية.
وهنا أود أن اقول للاحزاب والولاة والحكام واللجنة المستقلة للانتخابات اننا ما دمنا نعمل بصدق وشفافية ووضوح وعدم تدليس، لايمكن ان يكون هناك أي تناقض، لان المصلحة العامة هي الغاية والمبتغى الذى نسعي لتحقيقه، وهذا هو ما أحث عليه وانتظره منكم وأطالب الادارة الاقليمية والمركزية بالتقيد به والتحلي به والتخلي عن التصرفات التي كانت قائمة وعن العقلية التي كانت سائدة وان تنظر الى الأمور بمقياس التجرد وحياد الدولة أزاء الفرقاء السياسيين ومنظمات المجتمع المدني.
وأود أن اؤكد ان كل من يتصرف خلافا لذلك ، لسنا منه بشيئ وسيعزل من مهمته ويحاسب .
أتمني النجاح لهذا الملتقى راجيا ان يمكن من توضيح مهام وواجبات وصلاحيات كل طرف حتي تسير العملية بشكل واضح تتكامل فيه الادوار.
كما ارجو ان نلتقي مستقبلا لتقييم ماقمنا به وللتأكد من ان كل طرف ادى واجبه.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.
وتجدر الاشارة الى ان مراسم افتتاح هذا الملتقى جرت بحضور الوزير الاول واعضاء الحكومة واعضاء ديوان رئيس الدولة ورئيس واعضاء اللجنة الانتخابية الوطنية المستقلة والولاة وشخصيات سامية اخرى.
وكان رئيس المجلس العسكرى للعدالة والديمقراطية رئيس الدولة قد استقبل عند وصوله الى قصر المؤتمرات كما ودع لدى مغادرته القصر من طرف الوزير لاول والوزير الامين العام لرئاسة المجلس العسكرى للعدالة والديموقراطية ووزير الداخلية والبريد والمواصلات ووالي انواكشوط ورئيس مجموعتها الحضرية.