تعيش مدينة شنقيط هذه الأيام حركة لم تألفها خلال السنوات الأخيرة. فهذه المدينة التي شهدت نهضة كبيرة بفعل ازدهار النشاط السياحي في ولاية آدرار، كادت أن تتحول إلى مدينة أشباح بعد تنامي النشاط الإرهابى في الفترة الماضية وتراجع السياحة.
فشنفيط في هذه الفترة هي القلب النابض للولاية وهي المدينة التاريخية إلتي حملت البلاد اسمها وأهدت للثقافة العربية والاسلامية نفائس قل أن توجد فى المنطقة وشد إليها الرحال باحثون عالميون كثر من بلاد شتى.
وتعيش المدينة التي بنيت حسب الروايات التاريخية سنة 160 هـ/ 776 م وعاشت قرونا منارة علم اللحظات الأولى لمهرجان المدن القديمة الموريتانية الذي أشرف على انطلاقه رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز والذي تنظمه وزارة الثقافة والشباب والرياضة من 16 فبراير لغاية 22 من نفس الشهر.
وقد لبست مدينة شنقيط المصنفة كتراث ثقافي عالمي مشترك من طرف اليونسكو حلتها الزاهية استعدادا لهذا الحدث المميز.
وتأمل الوزارة من هذا المهرجان الذي يراهن عليه كثيرون من سكان المدينة أن يشكل فرصة فريدة من نوعها لإبراز مختلف جوانب التراث المادي واللامادي لهذه المدينة و الأدوار الثقافية والعلمية والتجارية التي ظلت تلعبها على مر القرون.
وفضلا عن ذلك فإن هذه التظاهرة الدولية ذات البعد الثقافي المميز ستركز على العديد من النشاطات الثقافية والرياضية والاجتماعية والاقتصادية بهدف التحسين من ظروف حياة سكان هذه المدن التي يجب المحافظة عليها باعتبارها منبعا ثقافيا ورافدا علميا لا ينضب.
كما أنه سيكون مناسبة كبرى للمنظمات الدولية الثقافية فضلا عن الشركاء فى التنمية المهتمين بهذا الجانب والشخصيات العلمية والمهندسين المعماريين والفنانين والباحثين والموسيقيين والشعراء للتواجد والمشاركة فى هذا الحدث الخاص.
وسيكون للشخصيات الوطنية المحلية المنحدرة من المدن المعنية إضافة إلى وفود من مختلف ولايات الوطن حضورهاالمميز فى هذه التظاهرةالهامة.
وقد اعد المنظمون برنامجا حافلا بالتظاهرات الثقافية المتنوعة من محاضرات وأفلام وثائقية حول تاريخ و دور المدن القديمة و معارض للمخطوطات و أسواقا موسمية لمنتجات الصناعة التقليدية ومباريات فنية ثقافية و رياضات تقليدية كان المجتمع الموريتاني يوليها اهتماما كبيرا وبدأت تختفي مع مرور الزمن.
وإلى جانب هذا ستنظم مسابقات تمنح على إثرها جوائز للشعراء المتميزين و ملاك الدور الذين بذلوا جهودا للحفاظ على طابعها المعماري الأصيل كما سيقام خلالها بحملات لتنظيف المدن و تثبيت الرمال و مشاريع إعادة تأهيل التراث المعماري و تبليط الشوارع و إعادة تشييد المراكز الصحية والآثار التذكارية و المدارس و الأسواق.
وبعد شنقيط سيكون المهرجان دوريا بالنسبة للمدن الأخرى المتبقية وعلى نفس النسق حيث لا يتغير إلا مكان انعقاده الذي سيحظى بالعناية والدعم اللازمين من الحكومة في إطار المعاهدة حول التراث العالمي لليونسكو.
و يراهن المنظمون على أن هذا المهرجان السنوي ستكون له آثار ايجابية على حياة السكان المحليين و سيحيي الحرف التقليدية المهددة بالزوال وسيمكن من إحداث انتعاشة تجعل هذه المدن القديمة تستعيد مكانتها بوصفها مركز إشعاع علمي وثقافي ،ارتبط اسمها بجملة من المعاني حيث شهدت منذ القرن 10 هـ نهضة ثقافية شاملة إلا أن أهلها لم يهتموا بتدوين حركتهم العلمية وتوثيق أحداثها والتاريخ لها.
الموضوع السابق
الموضوع الموالي