AMI

السيدة منتاته بنت حديد تتحدث للشعب الباب مفتوح أمام المرأة للمشاركة والوصول إلى مواقع صنع القرار

أكدت السيدة منتاته بنت حديد أن الأبواب الآن مفتوحة أمام المرأة للمشاركة والوصول إلى مواقع صنع القرار في مختلف المستويات، مبرزة أهلية المرأة وقدرتها على التدبير والقيادة.
وتحدثت النائبة منتاته بنت حديد، في مقابلة أجرتها معها الوكالة الموريتانية للأنباء بمناسبة الذكرى بخمسينية الاستقلال الوطني، عن أبرز المكاسب التي تحققت للمرأة الموريتانية منذ الاستقلال وحتى يومنا هذا.
وفيما نص المقابلة:
“إن المتتبع لمسيرة التنمية في موريتانيا، خلال الخمسين سنة الماضية، وهي قليلة في عمر الدول، سيلاحظ أن البلد شهد تحولات كبيرة ونهضة عمرانية متميزة.
ولم تكن المرأة نشازا من هذه التحولات، بل كانت في قلبها وقالبها، نظرا للمكانة التي تحظى بها في المجتمع الموريتاني، خلافا لما هو الحال فى مجتمعات أخرى مجاورة.
لقد مارست المرأة مع بداية الاستقلال السياسة ودخلت فى البرلمان، حيث كانت ممثلة في هذه الجمعية الوطنية آنذاك من طرف مريم بنت سيدي المختار وتوكو سلسى ومريم غي.. بعد ذلك تم توزيرها من خلال السيدة عائشة كان، التي تعتبر بحق أماً لنا جميعا ومرجعية أساسية في النضال من أجل حقوق المرأة، وهي رائدة في هذا المجال ولا تزال تواصل هذا النشاط، وأهنئها بهذه المناسبة.
ولم تتول المرأة بعد سنة 1975 أي حقيبة وزارية إلى أن تم تعيين المرحومة خديجة بنت احمد سنة 1988 وزيرة لشؤون المرأة، وهي امرأة عظيمة بالفعل.
بعد ذلك بسنة تقريبا تم حل وزارة المرأة واقتصر قطاعها على أمانة تنفيذية، وظل الأمر على ذاك الحال حتى سنة 1992 حيث تم إنشاء كتابة للدولة لشؤون المرأة.
وهنا أود أن أشير إلى أنه في أواخر الثمانينات تزايد الاهتمام الدولي بقضايا المرأة وشؤونها والمطالبة بإشراكها في مختلف المجالات التنموية، وبالتالي انتقل الاهتمام بالمرأة من خطاب سياسي إلى ضرورة إشراكها في الحياة التنموية، وتم في هذا السياق إنشاء كتابة الدولة لشؤون المرأة تولاها أخوات سبقوني وقمن بعمل جبار تواصل حتى الوزيرة الحالية، وكان لي الشرف أن توليت هذا المنصب ابتداء من مارس 1998 إلى يونيو 2003.
ويمكن القول إن التحديات الأساسية في بداية إنشاء كتابة الدولة لشؤون المرأة هي وضع المرأة كجزء من الاستراتيجية التنموية وهذا ما تم سنة 1995، حيث أصبحت هذه الإستراتيجية واضحة المعالم وانتقلت من مرحلة الشعارات إلى الجانب العملي، وكانت هناك عقبات من أهمها مدونة الأحوال الشخصية التي صادقت عليها بعض البلدان الشقيقة مثل تونس.
مدونة الأحوال الشخصية.. إنجاز كبير
بالنسبة لبلادنا ظلت المطالبة بمدونة الأحوال الشخصية حتى تمت المصادقة عليها سنة 2001، ويمكن القول في هذا السياق إن هذه المدونة هي أول نص قانوني ينظم الأحوال الشخصية، وهذه المدونة، التي يطلق عليها البعض قانون الأسرة وينظر إليها البعض الآخر على أنها انتصار للمرأة، هي بكل بساطة نص ينظم الأحوال الشخصية من عقود وزواج ونفقات… وهذا يعني أهميتها للمجتمع من أجل حمايته وتقنينه وتنظيمه، وهي في كل الأحوال تنطلق من المذهب المالكي.
وأذكر هنا أنه خلال فترة الإعداد تم الرجوع إلى مدونات الأحوال الشخصية في دول المغرب العربي وبعض الدول الإسلامية واقتبسنا منهم ولم تكن المصادقة على المدونة سهلا لأن الكثيرين اعتبروها قضية كبيرة وهي في الحقيقة أمر عادي يتعلق بتنظيم شؤون الأسرة وحمايتها من الضياع وحماية حقوق الأطفال، فهناك عقود للزواج غير مدونة وبعض الأحيان بدون شهود وبالتالي مع المصادقة على المدونة أصبحت العلاقات والحقوق والواجبات واضحة وملزمة.
من التحديات أيضا نذكر الاتفاقية الأممية المتعلقة بالقضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة، هذه الاتفاقية تمت المصادقة عليها سنة 2001 وواجهنا الكثير من أجل المصادقة عليها لأنها كأي اتفاقية أممية تتضمن بنودا تتنافى مع الشريعة الإسلامية.. وأذكر في هذا الصدد أن الوزيرات اللواتي سبقوني حاولن المصادقة عليها خلال مجلس الوزراء لكن يتم تأجيلها في كل مرة.
وكان شركاؤنا في التنمية ومبعوثيهم الذين يزورون بلادنا يطرحون السؤال باستمرار لماذا لم تصادقوا على قانون يتعلق بالقضاء على التمييز ضد المرأة خاصة وأن بلدانا مجاورة صادقت عليها، وكانت العقبة بكل تأكيد هي أن بعض بنود هذه الاتفاقية تتنافى مع الشريعة الإسلامية، ومن أجل التغلب على هذا الإشكال شكلنا لجانا متخصصة وخرجنا باتفاق على المصادقة عليها مع الإشارة إلى تحفظ الجمهورية الإسلامية الموريتانية على كل بند يتنافى مع الشريعة الإسلامية، وبهذه الطريقة استطعنا المصادقة على هذه الاتفاقية المهمة جدا، فتنفيذ بعض بنودها جلب لنا استثمارات مهمة.
جهود لتمدرس البنات
وفي فترة انتدابي على هذه الوزارة تم القيام بعمل هام في مجال حماية الطفل من خلال المسطرة الجنائية للقاصرين، كما بدأت الحملات في تلك الفترة لشرح مدونة الأحوال الشخصية وتقريبها من المستفيدات لأن الكثير من النساء لا يدركن حقوقهن، لقد كن يخجلن من المطالبة بالنفقة بعد الطلاق، وكان هناك قسم للنزاعات الأسرية يساعد النساء حتى يحصلن على حقوقهن. كما تم القيام بجهود كبيرة في مجال تمدرس البنات. وأذكر في هذا الصدد الحفل السنوي الذي كان يقام به لتكريم الفتيات المتفوقات تحت رئاسة الوزير الأول، واتضح من خلال برنامج دعم تمدرس البنات الفوارق الكبيرة بين الإناث والذكور في التعليم، فمع تسرب البنات والزواج المبكر قليل منهن من يصل المراحل الجامعية وكان معظمهن يتوجه إلى الشعب الأدبية، في حين كان أغلب الطلبة الذكور يتخصصن في الرياضيات والعلوم وهذا بكل تأكيد يقلل من الفرص أمام البنات ويوسع الفوارق في فرص العمل، وكان هذا البرنامج ومازال يشجع البنات في الولوج إلى الشعب العلمية والرياضيات والإسهام في نسبة تمدرس البنات وهي الآن نسبة مرتفعة.
وأتذكر أنه في إحدى السنوات كانت هناك بنت تفوقت في السنة الأولى من كلية العلوم والتقنيات وتسلمت الجائزة الأولى من الوزير الأول ونفس البنت حصلت على نفس المرتبة في السنة الثانية والثالثة وانتظرناها في السنة الرابعة بتلهف ولكن كانت هناك زميلة لها نالت الجائزة.
ولكن ما يهمنا أن ذلك الاهتمام بتمدرس البنات كانت له نتائج ايجابية وكان محفزا لنا للعمل من أجل أن تتوجه البنات أكثر إلى الشعب العلمية.
نسبة تمثيل في البرلمان
فيما يتعلق بالمحور البرلماني، فقد كان لي الشرف أن أترأس اللجنة المالية بالجمعية الوطنية، وهي حالة نادرة لأن المالية عادة ما تناط بالرجال ليس في بلادنا فحسب وإنما في بلدان أخرى. وبفضل ثقة زملائي النواب فقد كلفوني بهذه المهمة الصعبة لأنه في بداية السنة البرلمانية كل العمل البرلماني تقريبا يتعلق باللجنة المالية، التحضير لميزانية الدولة وقانون التسوية للميزانية المعدلة.
وقد تم ترشيحي لهذه المهمة من طرف الحزب الذي أنتمي إليه بدعم الأغلبية بدعم من زملائي في أحزاب الأغلبية، وقد جددوا لي الثقة واستعد الآن للإشراف على رابع ميزانية بالجمعية الوطنية.
وأود أن أذكر في هذا المجال أني لست المرأة الوحيدة خاصة مع التجديد الأخير للجان، ولكن يجب القول إن هذا التطور الحالي للمرأة هو نتيجة للجهود التي ذكرتها سابقا مع الإشارة إلى الدور المحوري للنص القانوني الذي يخصص 20% من المقاعد الانتخابية للنساء. فقد ساهم هذا القانون بدور كبير في حصول النساء على هذا الحضور اللافت في البرلمان لأنه قبل ذلك ومع الإرادة السياسية حينذاك تحصل المرأة على ستة مقاعد في أفضل الأحوال. ويجب الإشادة هنا بأداء زميلاتي النائبات مع الإشارة إلى أن قانون 20% الانتخابي ليس هدية، فقد كان حضور المرأة في البرلمان ضروري لأن هناك قضايا تدركها المرأة ولأن الواقع يقول إنه بدون تقنين حصة النساء فإن تمثيلهن في المناصب الانتخابية سيظل ضعيفا. ورغم الملاحظات التي يبديها البعض حول قانون 20% فإن المرأة مطلوب منها إثبات قدراتها وجدارتها بأن تنتخب.
حضور سياسي
وفيما يتعلق بالمحور السياسي فإن السؤال حول ترؤس النساء لبعض الأحزاب، (أربعة من بين 60 حزبا) ليس بالأمر الغريب، رغم أن النساء نشطات في الانتخابات والحملات وإنعاش خيم الحملات وهن الأكثرية في الطابور الانتخابي، لكن المرأة تَنتخِب ولا تُنتخَب فهي تبذل مجهودا كبيرا من أجل أخ أو ابن عم أو أي مرشح ولكن القليل منهن من تأتي للتصويت من أجل المرأة. وبالتالي فالموضوع متعلق بعقلية سائدة تُميز بين الرجل والمرأة وبعدم تكافؤ الفرص في مجال الإمكانيات فهناك نساء يرغبن في الترشح في الداخل كنائبات أو عمد ولكن ليس لديهن الوسائل لتحقيق ذلك.
وأذكر في هذا السياق أننا قمنا بمجهود كبير في الريف من أجل مشاركة النساء ذلك أن النساء في الريف لا يشاركن حتى في الاجتماعات التي تقوم بها البعثات إلى الريف.
وأعتقد أن عدم اهتمام المرأة بهذا الجانب من جهة، ورفض الرجال لمنافستها يؤدي إلى غيابها عن زعامات الأحزاب السياسية، ويجب على هذه الأحزاب التفكير في صيغة تدخل من خلالها النساء في مكاتبها التنفيذية وفي قيادتها، إضافة إلى تحفيز الأحزاب من خلال تمويل تلك التي ترشح أكبر عدد من النساء.
التوفيق بين العمل والبيت
وفي مجال التوفيق بين العمل والبيت، أعتقد أن هذه مشكلة المرأة في العالم كله، كيف يمكن التوفيق بين حياة مهنية ناجحة وحياة أسرية ناجحة، والمرأة في هذه الحالة أمام تحد كبير لإثبات قدرتها على أداء عملها بصفة مهنية والقيام بدورها في البيت بشكل جيد.
وهي أيضا مطالبة دائما بالقيام بعملها وغير مسموح لها بالفشل. فالمرأة الموريتانية اليوم موجودة في كل القطاعات، ونموذج يحتذى به في المجال السياسي. والواضح أن الفضاء مفتوح أمام المرأة والظروف مناسبة لمشاركتها، فهي الآن وزيرة، وبالمناسبة تشغل وزيرة خارجية لأول مرة في موريتانيا، كما أنها سفيرة ووالي وعمدة، وهناك إرادة سياسية الآن في هذا المجال والأبواب مفتوحة أمامها.
لكن يجب عليها أن تقوم بمسؤوليتها وتحاول زيادة حصتها من خلال الانتخابات أو المحافظة على الأقل على ما تم اكتسابه وأن تثبت جدارتها في ما اسند إليها من مهام.
وليس هناك مانع من ترشح المرأة للانتخابات الرئاسية فالفرص متاحة لها في كل المناصب.
وخلاصة القول إن الآفاق واعدة أمام المرأة، فقد قطعنا أشواطا كبيرة في المجال السياسي وحصلنا على تمثيل معتبر في المجال الانتخابي، وندعو إلى المزيد”.

السيرة الذاتية للسيدة منتاته بنت حديد

ولدت السيدة منتاته بنت حديد في سنة 1961 بالعيون
– حصلت على الباكالوريا في الآداب العصرية/ الشعبة الفرنسية سنة 1980 – تخرجت سنة 1984 أستاذة في الآداب العصرية الفرنسية من المدرسة العليا للتعليم
– أمينة عامة لمنظمة نساء غرب إفريقيا من سنة 1989 إلى 1991
– ملحقة بديوان الوزير الأول من سنة 1992 إلى 1996
– مديرة عامة مساعدة للشركة الوطنية للإيراد والتصدير (سونمكس) من سنة 1996 إلى 1998
– كاتبة للدولة لشؤون المرأة من مارس 1998 إلى يونيو 2003
– نائبة على اللائحة الوطنية عن الحزب الجمهوري للديمقراطية والتجديد سنة 2006 – رئيسة اللجنة المالية بالجمعية الوطنية من 2007 وحتى اليوم
– رئيسة الفريق البرلماني للحكم الرشيد ومحاربة الفساد
– أمينة عامة للحزب الجمهوري للديمقراطية والتجديد.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد