أسدل الستار في وقت متأخر من مساء الخميس بقصر المؤتمرات في نواكشوط بعد خمسة أيام من النقاش، على جلسات الحوار الوطني حول الإرهاب والتطرف المنظم تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز.
وخلص المشاركون في نهاية أعمالهم التي أشرف على اختتامها الوزير الأول الدكتور مولاي ولد محمد الاغظف، إلى جملة من التوصيات ثمنوا خلالها الدور الذي تقوم به قواتنا المسلحة وقوات أمننا في الدفاع عن حوزتنا الترابية والحرص على توفير الأمن للمواطنين، واعتبار ذلك الدور واجبا مقدسا ينبغي أن يكون محل إجماع بين المواطنين وغير خاضع للمراوغات السياسية.
وأكد المشاركون على ضرورة تأسيس ميثاق وطني بين الأحزاب السياسية في البلد للتصدي لظاهرة الإرهاب والتطرف وإنشاء مركز للدراسات والبحوث يعنى بدراسة ظاهرة الإرهاب والتطرف من جميع جوانبها.
وشددوا على ضرورة استمرار مثل هذه المنابر الوطنية من أجل مزيد من تبصير المواطنين بخطورة داء الإرهاب والتطرف والتصدي له بأنجع السبل، تصديا تشارك فيه مختلف الفعاليات الوطنية الدينية والسياسية والتربوية و الدفاعية والأمنية، بصورة تضمن انتشار ثقافة الاعتدال والتعقل والحوار.
وطالبوا بالعناية بمختلف الوسائط التربوية حتى تكون الرسالة التي تقدمها في مستوى التحديات التي تواجه المجتمع وفى مقدمتها الإرهاب والتطرف، داعين إلى تجفيف المنابع التي يمكن أن يعشش فيها الإرهاب كالجهل والفقر والظلم والحرمان مع استمرار سياسة الحوار مع المغرر بهم والعفو عن اللذين يتوبون قبل اعتقالهم والعمل على إيجاد السبل الكفيلة بدمجهم في الحياة الاجتماعية والاقتصادية في البلد.
كما طالب المشاركون بوضع القوانين الرادعة للتعاطف مع الإرهاب والتطرف في وسائل الإعلام وبرامج الأحزاب السياسية وإنشاء هيئة للفتوى تعتمد المذهب المالكي وتوسيع هذا النوع من الندوات دوليا حتى تتم الاستفادة من تجارب الآخر في التصدي للظاهرة، وتعزيز القوافل العلمية والدعوية لنشر الثقافة الإسلامية المعتدلة والصحيحة.
وخاطب الوزير الأول الدكتور مولاي ولد محمد الاغظف المشاركين قائلا:
“بعد أيام خمسة من النقاش العلمي المستفيض، والحوار الديمقراطي المستنير، توصلتم -أصحاب الفضيلة العلماء، وأساتذة الفكر النقي الأمناء- إلى أحق الحقائق، وأصح المسائل، مستخدمين أنصع الدلائل وأجلاها، وأكثرها قدسية وأنقاها، حتى أبديتم وجه الإسلام الحقيقي ناصعا، ومنهجه الدعوي الرائع مضيئا ساطعا، مبرزين براءة الإسلام من العدوان والإرهاب والتخويف والطغيان، مظهرين أنه دين الرحمة والسلام، والمحبة والأمن والأمان.”
وأضاف خلال كلمة له خلال اختتام اللقاء: “إنكم أيها السادة العلماء، وأساتذة الفكر النقي الأمناء، بما توصلتم إليه من نتائج دامغة، وحقائق بالغة، لكانكم تقولون بلسان حالكم، وبليغ منطق بيانكم لاؤلئك الضالين المضللين: هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين – فماذا بعد الحق إلا الضلال..؟”
وتساءل الوزير الأول “كثير هنا أولئك الذين يسألون ويتساءلون قائلين: ماذا ينقمون منا؟ ألا يقطر دستورنا إيمانا وتوحيدا وانقيادا لله عز وجل خضوعا وتحكيما؟ أليست مآذننا ومنابرنا ومحاظرنا يعلوها ذكر الله ليلا ونهارا؟ ووفودنا، وبعثات علمائنا تجوب طول البلاد وعرضها، تنشر دين الله بالحكمة والموعظة الحسنة؟ فماذا ينقمون منا؟”
وأضاف “لقد اعتمدنا -طبقا لرؤية رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز- نهج الحوار حول كل القضايا الأساسية للبلد سبيلا لحل ما استعصى منها بالعمل على إيجاد أكبر قدر ممكن من الإجماع حول الحلول والاستراتيجيات المقدمة، باستنباطها من أولى العلم وأولي الرأي أولا، ثم بتمكين كل المواطنين من المشاركة في الحوار الوطني، كل من مكانه وعلى مستواه، حتى يكون على إلمام بالقضايا الوطنية الكبرى بل والمصيرية المطروحة علينا اليوم”.
وأوضح الوزير الأول “أن الرهانات المطروحة علينا في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتطور والانفتاح على العالم تتطلب منا أن نعمل أولا على توفير عنصر أساسي لتحقيق كل ذلك، ألا وهو الأمن والأمان. لذا وكما قال رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز، فإننا ماضون ومصممون أكثر من أي وقت مضى، على الدفاع عن حرمة أراضينا، وأمنِ وسلامة مواطنينا وضيوفنا، حتى تبقى هذه البلاد -وكما كانت دائما وأبدا- قبلة لطلاب العلم، ومثالا للتسامح والنبل، ينهل من معينِ علمها الصافي القاصي والداني، ويأمن في ربوعها كل وارد وزائر”.
وأكد فى نهاية كلمته على “أن التوصيات السديدة، والتوجيهات الرشيدة التى خرج بها المشاركون من اللقاء سوف تجد طريقها -بحول الله- إلى التنفيذ والتطبيق”.
وكان وزير الدفاع الوطني السيد حمادي ولد حمادي، رئيس لجنة الاشراف على الحوار قد ألقى كلمة قبل ذلك أكد من خلالها على أن الحوار كان غنيا بالافكار والآراء المتعددة التي عكستها مشاركة كافة الفعاليات من علماء وأكاديميين وساسة وإعلاميين ومثقفين …
واعتذر رئيس لجنة الاشراف عن كل تقصير في التنظيم وعن عدم إمكانية إشراك الشباب الذي وصفه بالقوة الحية والضامن للمستقبل مرجعا ذلك إلى ضيق الوقت كما أشاد بمشاركة بعض قوى المعارضة فى الحوار وقال “كان بود اللجنة أن تشارك المعارضة وكتبنا لها وحاورناها مباشرة وقرر بعضها المشاركة مثل حزب عادل والوئام وتشرفنا بحضور زعيم المعارضة لحفل الافتتاح”.
ومن جانبه عبر الأستاذ جيبو حماني ، مستشار الوزير الأول بجمهورية النيجر المتحدث باسم الضيوف الأجانب على مائدة الحوار عن سعادته وزملاءه بالمشاركة التي مكنتهم من كسب خبرات ومعارف جديدة ومفاجأتهم بذكاء الموريتانيين ووطنيتهم العالية واستعدادهم للدفاع عن وطنهم مهما كلفهم ذلك .
وأسدى باسمهم الشكر للقائمين على الحوار ومن خلالهم كافة الموريتانيين حكومة وشعبا.
وأشاد السيد محمد المختار الشنقيطي، باحث أكاديمي بجامعة الدوحة باسم الضيوف الوطنيين بمستوى الحرية التي سادت جلسات الحوار مبرزا أن موريتانيا وضعت قدميها على الطريق الصحيح، طريق الحرية والعدالة.
وأكد على أن ما يحتاجه الموريتانيون اليوم هو التوحد في مواجهة الخطر الإرهابي وإظهار كافة وجهات النظر في هذه المسالة الدولية متمنيا أن تنظم فى المستقبل ندوات أكثر تخصصية.
وأسدى السيد عبد الله ولد محمد سيديا، المتحدث باسم المشاركين جزيل شكره للقائمين على هذا الحوار والدور التكاملي الذي طبع أعماله.
وأضاف أن هذا الحوار ستكون له نتائج مثمرة إنشاء الله تعالي حيث تلاقحت فيه أفكار النخبة الموريتانية من علماء وسياسيين وإعلاميين وقادة فكر ورأي حيث شخصوا داء التطرف والإرهاب وبينوا أسبابه وسبل علاجه وخلصوا إلى أن الحوار والإقناع والجدال الفكري ومقارعة الحجة بالحجة من أنجع وسائل معالجة الظاهرة.
وجرى حفل الاختتام بحضور وزراء الدفاع و الداخلية واللامركزية، و الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي، والاتصال والعلاقات مع البرلمان، ومستشارين برئاسة الجمهورية، ومدير الأمن الوطني ورئيس جامعة نواكشوط.
الموضوع السابق