بعد خمسين سنة على استقلال البلاد لاتزال الصناعة في موريتانيا تبحث عن منفد للخروج من دائرة الركود و التقوقع لترقى إلى مستوى مثيلاته في الدول الصاعدة، علما بأن البلد لم يرث من المرحلته الاستعمارية ما يمكن أن يشكل بذرة أو نواة يتم على أساسها بناء صرح للتصنيع.
و على الرغم من المحاولات المتكررة، غير الموفقة، التي واكبت الاستقلال كالشركة الموريتانية للسكر و الشركة الموريتانية للجبس و غيرهما فإن السلطات لم تخنع
و لم تهن عزيمتها بل عملت جاهدة على تزويد البلد بهياكل تصنيعية تستجيب لمتطلبات النهوض بالاقتصاد الوطني، ذالك الاقتصاد الذي رغم مقدراته الهامة ما زال ينقصه التنوع و يتمحورأساسا حول قطاعات ثلاثة هي:
– الصادرات المعدنية و التي تخضع لتقلبات السوق الدولية
-الصيد و هو قطاع محكوم بالمتطلبات لبيولوجية
– قطاع الزراعة الذي هو الآخر تابع للتغيرات المناخية
و تشكل المنتديات العامة للصناعة ،التي بدأت أشغالها اليوم الثلاثاء بقصر المؤتمرات الدولية بنواكشوط،وصفة علاجية مناسبة لحالة فتور الاقتصاد الوطني في مجال الصناعة إذ ستمكن من إرساء قواعد سليمة لتنمية منسجمة لقطاع التصنيع في موريتانيا،ذالك القطاع الذي يشكل رافد أساسيا في مجال مكافحة الفقر.
و تتوخى هذه المنتديات تحقيق جملة من الأهداف من ضمنها دراسة الطرق و الوسائل الكفيلة بدفع الأنشطة التصنيعية في البلد، سعيا إلى تمكين القطاع من الإضطلاع بالدور المنتظر منه في مجال تثمين المصادر الوطنية و خلق القيمة المضافة و التشغيل و النمو الاقتصادي و مكافحة الفقر و الاندماج في السوق العالمي.
و للتذكير، فإن البلدان التي توجد في وضع مشابه لتلك الذي عليه بلادنا و ذات الطابع الصحراوي، تعمل السلطات العمومية فيها منذ الحصول على الاستقلال الوطني على تلبية حاجياتها الآنية والملحة من خلال التركيز على العائدات المتأتية من استغلال الثروات الطبيعية،غافلة القطاع الريفي و تنويع القاعدة الاقتصادية و خلق و تنمية المؤسسات الصناعية،تلك المؤسسات التي لايعد خلقها مغامرة مثيرة بل تحديا معتبرا.
و تشمل السياسة التصنيعية جملة من الممارسات عتيقة متعددة الجوانب والتي تتمثل أساسا في جملة من التدخلات قامت بها السلطات العمومية على مستوى بعض الأدوات المنتجة لتعزيز النسيج التصنيعي الوطني.
و يتطلب المسار التصنيعي لأي اقتصاد مراعاة بعدين أساسيين هما:
و يتعلق الأمر بانتهاج مسار يزاوج من المنبع إلى المصب بما يكفل اندماج تقني و اقتصادي و إنشاء نسيج تصنيعي و مسلسل تصحيحي اجتماعي و اقتصادي مرتبط باستراتجيات لاحقة قد تتجاذب فيها أطراف فاعلة(الشركات، الشغيلة، الدولة،المستهلكين)،استراتجيات تعتمد على منظمات صناعية ومحيط مؤسسي.
و تشكل المزاوجة الموفقة بين البعدين السالفين شرطا ضروريا لمسار شمولي للتحويل له شق ثقافي و سياسي و اجتماعي و ديمغرافي و ايكولوجي و اقتصادي.
و سيعمل المشاركون في المنتديات العامة للصناعة (الإدارة، فاعلين اقتصاديين و مانحين و طاقم التأطير) الإجابة على مختلف هذه الأسئلة و تدارس مختلف جوانب بتنمية القطاع و إصدار التوصيات و اقتراح الآليات و مخطط عمل يكتسي صبغة ألأولوية و موضع إجماع، سبيلا الىدفع عجلة الصناعة في موريتانيا.
الموضوع السابق