مقدر عليك يا “عبد الله” أن تعيش في هذا البلد حيث تسمع من “التناقض” ما يتجاوز كل عباقرة “السفسطة” ومختلقي “الماهيات”.. في بلد من المليون شاعر، والمليون مطلق، والمليون عانس، والمليون عروس “غيداء.. جعداء”، والمليون حزب والمليون منظمة مدنية مهمتها خدمة الشعب الموريتاني، في الآخرة، لا في الدنيا بالتأكيد.
مقدر عليك يا “عبد الله” أن تؤجر السكن، وتأتي بلقمة العيش ولو كانت بين فكي “ياجوج وماجوج”، وأن تؤجر عاملا للمنزل وآخر للطفل، وربما قريبا تؤجر الأرحام حتى تستريح “المدللة” (أم الدار) التي دخلتها نائمة وستخرج منها نائمة بعد عمر طويل إن شاء الله.
مقدر عليك يا “عبد الله” أن تتفرج على عنق اللغة يلوى ليدخل في “طوق الحمامة السياسية”، إنه نمط جديد من قلب المفردات وليّ ذراع “المفاهيم”، و”المقاصد” التي يبدو أنه “لا عبرة بها”، في ظل منطق مجنون يعمل على التعرية الكاملة لما خلفت لنا سنوات الجفاف والجمر والسياط من عقول ممسوسة.
هو ذاك، وإلا لما أصبح تجهيز المستشفيات منكرا، بل واستهزاء وتنكرا لخدمة الشعب.. وأصبح إنجاز الطرق عـيـبا يرد به، لأنها لا تؤكل.. ونحن نفصل أحلامنا على حجم وصيغ أمعائنا.
هو ذاك، وإلا لما باتت المعارضة “الراديكالية” لا تعني العمل المضني الدؤوب للرقابة على النظام أو إحراجه، لا، وألف لا، وفق اللغة الجديدة”، لا تعني أن تهتم بموريتانيا، بشعبها الفقير الجاهل وأمنها الصعب في هذه الصحراء التي تتعرى أمام فحولة الأفق الأزرق، بل لا تعني المعارضة الراديكالية إلا شيئا واحدا هو التفاني والحرص على سيادة دولة أجنبية، ويجب أن يمـر الإرهابيون بأمان ليذبحوا جنودنا ويثخنوا الجراح في مواطني البلد دون أن نعترضهم حرصا على “سيادة” الدولة الأجنبية.
هو ذاك يا “عبد الله”، وإلا لما كانت المعارضة المعتدلة مجرد “زائدة دودية” في جسم الكيان الوطني يمكن بترها عند أي التهاب.
هو ذاك، وإلا لما كان “الحزب” “منطقة صمت” لا يصلها البث الأرضي القادم من أنين الفقراء والمعوزين والمحرومين.
من الأحسن يا “عبد الله” أن تـجـن.. فعند ذلك لن تشعر بالغبن، إذ في عالم المجانين لا أحد يستمتع بالمال والثروة والخدمات، والأهم أنه لا أحد يضلـلك بالسياسة.. و”إذا اجتمع الفقر والجنون يخرج الوطن”.. أما الصواب فهو آخر من يهم “أولئك” الذين “سيسوا الموت”، فجعلوا الأموات يذهبون لصناديق الاقتراع – ذات شتاء من سنوات الرماد الأبيض– ويدلون بأصواتهم في الانتخابات لهذا المرشح أو ذاك.
مقدر عليك “يا عبد الله” أن تعيش لتشاهد مسرحيات عرائس الدمى، أن تكتب الشعر مدحا في القيح وبكاء على الجرح النازف لأنه دليل على الحياة أكثر من الجثث التي لا دماء تسيل منها.
مقدر عليك يا “عبد الله” أن تفهم هذا أو لا تفهم ذاك، أن تقوّل ما لا تريد وأن تكون حاجزا “إسفلتيا” لرجع الصدى، فعندها فقط ستحصل على مبرر أسئلتك “الغبية” وأجوبتهم الذكية.. عندها أيضا ستلتحف بهلامية اللغة الجديدة، وتشعر بدفئها الأسطوري، ويمكنك أن تنام في “خــط النار” جنوب شرق الدخان.
حين ترى من يحاول “فرملة” المرحلة، عليك التمتع بأعصاب من فولاذ، ولسان من مادة “تي، أن، تي”، والعمل بعقل ذبابة داخل النفق.. هذا لأنك مولع بالحبر السياسي.. وأنت لا تفهم دلالات النقاط والفواصل والأقواس..
إما أن تكون نجارا في مقلع الحجارة داخل بيداء المعارضة، أو أن تكون “بوقا ارتوازيا” عند أي من أحزاب الأغلبية.
في اجتماع رئيس الجمهورية بزعيم المعارضة.. يا “عبد الله” لم تكن حاضرا لتطالب الزعيمين بوضع حـد لـ”الإرهاب اللفظي” المنتهج من بعض الساسة الذين يسافحون مدارات الوجع في كيان الوطن.
لكنك يا “عبد الله”، وبسبب ما أعرفه فيك من شيم النمل (الصبر) سوف ترفض أن يكون النظام معصوما، وستصر على أن تقول المعارضة نصيبها من الحقيقة.
الموضوع السابق
الموضوع الموالي