عرفت أسرة أهل الببان في منطقة (الكبله) بالتميز في مجال العزف والقدرة الفائقة على تطويع آلتي “التيدينيت” و “آردين” في طرق “أزوان” الثلاث، كما عرفت هذه الأسرة بالإبداع والاختراع في الموسيقى، والمهارة وتنوع الأساليب الحلوة.
وكان أهل هذا الفن يعترفون لهم بالتفوق والنبوغ لا منازع في ذلك، ويكفي شاهدا على ما سقناه ما قرره الفنان الكبير محمد يحيى ولد الببان، يعني امحمد بن انكذي الذي كنا في أحد مجالسه خلال الحلقة الماضية من الردم:
لخبيط انجول فيه احن ببياظ هو واكحال
غير امحمد جيهت لغن بالبحشيش، تخلال
وفي هذا المعنى إشارة إلى أسرة فنية أخرى معروفة بالتفوق في مجال “لغن” خاصة “اتهيدين” الراقي لفظا ومعنى، وصياغة بلغت التمام والكمال الفني، تلكم هي أسرة أهل مانو، فلم يكن يشق لهم فيه غبار…
بدأ الناس يعودون من الشمال (لعكل) بعد أن هب “ابريد توجي” بجيم سودانية، وسرى إلى العشب لون يميل إلى الصفرة، وعقدوا “ونكاله” واطمأنوا على تكيف اللبن مع درجة الحرارة الآخذة إلى الانخفاض شيئا فشيئا.
وصل أهل الببان إلى “تنضلها” جنوب اترارزة، محافظين على الآلات الموسيقية من الضباب (تلمايت)، وكان ذلك من حسن حظ أول مجلس طرب بعد عودتهم، حضره فتيان من الطراز الأول.
بدأ تجاوب غريب بين “التيدينيت” و “آردين” في “سيني كر”، وبعد “ادخول” غنت عيشه السالمه بنت الببان بأدائها الفريد:
يا “عيش” لا تبدلي قولا بما قيلا ان قلتــــه أوتلـــت ما قلتــه “نيلا”
فالأذن ما سمعت يا “ش” أحسنه ما منك نيل وما من “نيل” قد نيلا
ثم ضبط إيقاع “شور” يسمى “آمججي” وبدأت عيشه تغنيه، والقوم يتمايلون طربا، كما قال الأديب المرحوم المختار ولد محمبيد:
ألا في اتماييل في امنين اتكوليل لما ليــل
واتعاديل، عدت ألا بين اتماييل واتعاديل
واصلت عيشه أداءها لهذا الشور الحلو، وغنت من “كيفانه”:
أهل الببان اهــل ازوان هــوم هــوم علمــاء
والخاط بعد اهل الببان امن الشعر، جهلاء
ومما قيل ل “عيش” في هذا المعنى:
شهدولك شعار الحوم بالهول الزين ابتداء
وانتهــاء، والحقـــوم شهدت به الأعــداء
ما كيفك حد في ذا الغنا أذا ل كـــلت من ابتـــداء
كيـــف السمـــاء فوقنـا أكيف احن تحت السماء!
وقال محمد يحيى ولد الببان يعني بنت أخيه الفنانة “نيله” :
هولك ينيل متمـــارس وامثــلاتــك فانتـشــاء
ما فيهم كفؤك والفارس ما يعرظل كون اكفاء
أما الأديب ابراهيم بن ييين فقال “كافه” المشهور:
ما عنك مسل مدسوس أهولك متحوش لقاء
هوالك نحن والموس والناس ال رفعــــاء
الموضوع السابق
الموضوع الموالي