AMI

الأنانية هي سر البلاء بقلم بابا الغوث

حينما تنظر إلى ما تتخبط فيه البشرية من مآس ومحن وأتراح وعقابيل وجوائح ومجاعات وحروب وإرهاب.. حينما تنظر إلى ذلك وتتأمله وستجلى أسبابه والدوافع التي دفعت إليه.. تجد أنها الأنانية…
الأنانية هي سر البلاء الذي تعاني منه البشرية.. هي الداء المعلوم المجهول الذي يستبطن الانسان فيملأ جوانحه ويعشش في سويدائه ويتسلط على ارادته فيرمي به ذات اليمين وذات اليسار وتركب به كل مركب ويرد به في كل اتجاه صانعا منه حزمة من الشرور المتأججة تقذف بحممها على نحو متواصل، فيحترق بها القريب ولا يسلم من أواره البعيد.
ربنا سبحانه وتعالى كرمنا وحملنا في البر والبحر ورزقنا من الطيبات وفضلنا على كثير ممن خلق.. وبعث فينا الرسل وأبان لنا بنعمته طريق الخير وطريق الشر {وهديناه النجدين} وأمرنا بفعل الخير وحذرنا من اتيان الشر، واخبرنا بقصة الشيطان، وأنه لنا عدو و{إن الشيطان لكم عدو فتخذوه عدوا..} أوضح لنا المنهج القويم، وأمرنا بالسير عليه والتمسك به في رحلتنا في هذه الحياة فخلعنا ذلك من رقابنا وطرحناه وراء اظهرنا وعدنا الى حلكة الجهل ودوامة العمه والغي والضلال. والعمه هو المشيمة التي تحتضن الانانية حتى اذا ما تمت وتكاملت اجزاءها خرجت الى الوسط الاجتماعي لتملأه شرورا وأرجاسا وغرورا وغطرسة وعتوا ونفورا.. خرجت كالداء الرهيب لتعبث في الحياة فسادا، فتأكل الوشائج وتتلف الاواصر، وتنشر العقوق والصلف حولها، تلك أجنة العمه واوصابه، والغي هو، الاطار الذي تخبت خلاله مصابيح العلم الالهي فتغمض المعالم وتنعدم الرؤيا المستنيرة بالعلم فيركن الانسان الى الاذعان الى وحي نفسه وما تمليه عليه وابئس بما تمليه نفس غارقة في الغي والجهل.. انها لأمارة بالسوء.. ونزاعة الى الشر.. ومن أين لها الا تكون كذلك وليس لديها علم تستضيء به في حلكة الحياة؟! ان الذين يعتقدون ان الانسان قد يسلك سبيل الخير بأستدلالات عقله، ودون ان يكون له من الله علم مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، هم اما جهال جهلا كاملا لطبيعة الانسان ومكوناته الغريزية واما واهمون طوح بهم الوهم الى ابعاد لا يوجد فيها أثر من حقيقة عن الانسان في ذات نفسه. ومن أين للانسان الاستنارة الا من علم الله. ولك في هذا الصدد أن تعيد النظر الى البشرية لترى ماذا تتعثر به من المشاكل العويصة .. انها هي التي خلقت تلك المشاكل بسياساتها وتدبيرها وتخطيطها المعتمدة فيه على آرائها وفكرها..!
ان الانسان لا يستطيع ان يهتدي الى سبيل الخير الا بإتباعه علم الله. ذلك لأن الله لم يخلق الانسان ليسند اليه مهمة انشاء الحياة وبنائها على العدل والقطاب المستقيم.. انما خلقه ليعبده على النحو الذي شرع له.. وليتبع النور الذي انزله على الرسل ليبلغوه اياه ويأمروه بالتزامه والسير عليه.. وحسبه ذلك من الأمر.. حسبه أن يفعل ما أمر به.. فإذا تمسك بذلك سار على طريق العدل اما اذا صدف عن ذلك الصراط المستقيم وأخذ يشرع لنفسه لينظم شؤون كون لم ولن يخلق منه ذرة وادة، فقد زاغ عن سواء السبيل، وقد الحق بذلك الزيغ الأذى بنفسه في الدنيا حيث تمر حياته بالمعضلات لا يكاد يعالج معضلة، ويعتقد ان حالة بخير حتى يذر له قرن معضلة اخرى هي أدهى وأمر من سابقاتها.. والحق الأذى بنفسه في الآخرة بعصيانه الخالق سبحانه وتعالى حيث ينتظره العذاب الأبدي.. كما أنه بمعالجاته لشؤون الحياة لا يمكن ان يكف عن الحاق الأذى بالآخرين ذلك لأن ارناه طاغ لم يلوي ذراعه احرى ان تكسر شوكته الحادة.. لأن الذي يكسر شوكته الأنا ويطوعه لفعل الخير ونكران الذات هو العلم الالهي والذين يتخذون من انفسهم سادة للارض يديرون شؤونها ويشرعون لها ليسن لهم يد في علم الله فهم لذلك لا يستطيعون ان يرفعوا بالعدل رأسا لأستغراقهم في أتاهم ولطغيان هذا الأنا واطلاقه، واعتداده بنفسه وبعده بسبب من ذلك عن الموضوعية والاتزان والانصاف.. انه –وهذه حالته- يكيل لنفسه حتما بالف مكيال ولا يكيل لغيره اطلاقا.. فهو لن يكون حكما عادلا.. لن يكون حكما عادلا الا اذا طبق شرع الله على ارض الله بين عباد اللهز وهو لا يستطيع تطبيق شرع الله لأنه يجهله كأسوء ما يكون الجهل، ولأنه لا يؤمن به طبعا ويستحيل عليه الايمان به لأن الايمان يلزم عن العلم به.. وهذا لم يقع فكيف يؤمن به وكيف يطبقه؟ ان المسألة جلية الارض ارض الله هو الذي خلقها.. لا يستطيع خلقها الا هو وهو الذي استخلف فيها أبانا آدم عليه السلام وامره باعمارها واقامة العدل وانزل على نوح والرسل من بعده الكتب توضح بجلاء كيف يعبد الله وكيف يقام العدل بين العباد من بشر ومن مخلوقات اخرى تعيش على هذه الارض ولكن الناس ظلوا ينكصون عن منهج الله في كل وقت.. وفي كل مرة يقوصون في ذواتهم ويلجون أناهم من أوسع الابواب فيعيشون جزاء ذلك الوانا من العذاب والشقاء والحرمان والعبودية تضعهم على حد المجن الخشن وتذيقهم من بأس بعضهم سوء العذاب وهذا الزمن الحاضر زمن الطغيان النوعي للانا المطلق.. حيث اشاد هذا الانا الطاغي لنفسه قصرا منيعا يعانق السحب، وطرح في صدره عرشا رفيع العماد جلس عليه بكبرياء يكاد بغلوائه وتعاليه ان يهد الجبال الشم ويسجر البحار ويزلزل الارض.. ثم أدلى من ثروة ذلك القصر خطا طبقه الى البشرية ليذيقها من الذل والهوان والابتذال والتسخير ما يكاد اذابة الجلود الاصم.. ذاكم هو قصر المركز الأعلى للأنانية.. وهو المهيمن الذي تصدر عنه النماذج الأكثر أصالة ورسوخا في الأنانية في فرنه تصهر انسانية الانسان حيث يكون من الارض، وعنه تصدر صور العذاب الى حيث تشوي أفئدة وأكباد أرطبة انا كانت أوكارها ومستقراتها على الارض. وفي الزوايا من الجهات الرئيسية والجهات الفرعية توجد اعشاش للانانية تبث حيث هي سمومها وابخرتها وغدرانها الآسنة لتمعن في التعذيب بالأذى المباشر والأذى غير المباشر، وفي كل ركن ترتفع رؤوس انتفخت بالغرور والكبرياء لقتلو لمن حولها تضاءلوا فالكبرياء لنا دونكم.. والسيادة لنا دونكم.. والما لنا دونكم.. لولا الانانية ما تشامخ متشامخ. ولا طغى طاغ. ولولا الانانية ما عاش فقير قرارة الفقر.. ولولا الأنانية ما عاش أحد ذل الخوف لو ساد التواضع لختفى من حياة الناس الطغيان ولو ان المال –وهو ما الله- أخذ بطريقه التي بينها الوحي.. لختفى الفقر.. ولو ان القوي فعل بقوته ما أمره الله به.. لما خاف احد الذل والهوان.. ولو أن الانصاف كان عقيدة ومسلكا ما تشاجر اثنان..
ولو.. ولو.. ولو… لا خلاص للانسان من ظلم نفسه الا بالرجوع الى الوحي وتطبيقه.. الوحي هو الفعل الذي يقيد الانسان عن الفتك “الايمان قيد الفتك”.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد