بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على نبيه الكريم ـ مواطني الأعزاء، أصحاب المعالي و السعادة، السادة ممثلي المنظمات الدولية و الإقليمية، أيها السادة، أيتها السيدات.في هذه اللحظات التاريخية، يسرني أن أهنئ الشعب الموريتاني على الانتصار الباهر الذي أحرزه يوم الثامن عشر يوليو 2009 من خلال انتخابات نزيهة و شفافة بشهادة الأجهزة المشرفة على الانتخابات و جميع المراقبين الوطنيين و الدوليين.
لقد برهن الشعب الموريتاني من خلال هذه الانتخابات على نضجه و قدرته على تجاوز المحن و عَبر عن إرادة قوية و رغبة صادقة في الخروج من الأوضاع الصعبة التي يعيشها منذ عدة عقود.
ـ أيها السادة، ـ أيتها السيدات، في الوقت الذي أتسلم فيه مهام رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية فإن أول ما يخطر في بالي هو الأوضاع المزرية لآلاف الفقراء و المحرومين الذين يعلقون آمــالا جسيمة على برنامجنا الانتخابي لنيل حقهم في التمتع بحياة تصون كرامتهم و شرفهم و تنســــيهم فيمـــا عانوه من غــــم و ســـأم لفترة طــويلة. لهؤلاء أؤكد أنني لن أخيب آمالهم، لأنني جئت من أجلهم و لأنهم انتخبوني لأنـــهي مأســاتهم.
و أغتنم هذا الفرصة لأكرر أن ما ألتزمت به خلال الحملة الانتخابية و ما قلته لم يكن كلاما لاستقطاب الناخبين و إنما حقائق و وعودا سنفي بها بإذن اللـــه في أسرع الآجال.
ـ أيها السادة، ـ أيتها السيدات، يوم الثامن عشر من يوليو الماضي طوى الشعب الموريتاني صفحة الفساد و الممارسات الضارة و فتح صفحة ستكون بإذن اللـــه لامعة في تاريخ الدولة الموريتانية الجديدة. و كما أوضحت إبان الحملة الانتخابية، فإننا نسعى بنية صـــادقة إلى بناء دولة قائمة على العدل و المساواة و القيم الجمهورية، ننعم في ظلها بالأمن و الاستقرار.
و سنعمل بكل ما أوتينا من قوة من أجل القضاء على الفساد و مخلفاته. و سنحارب الذين طغوا في البلاد و أكثروا فيها الفساد إلى أن يتوبوا و يعودوا إلى الطريق المستقيم. إن اللـــه لا يحب المفسدين. صدق الله العظيم.
ـ أيها السادة، ـ أيتها السيدات، إننا سنسعى جادين إلى نشر و ترسيخ قيمنا الثقافية النابعة من ديننا الإسلامي الحنيف و من ثراء حضارتنا العربية و الإفريقية. لهذا، فإننا سنروي المنابع الثقافية التي كادت أن تخف بسبب الإهمال و عاديات الزمن. و في هذا الإطار، ستلعب المحظرة و المسجد دورهما كمؤسستين أساسيتين في نشر العلم و المعرفة و الرسالة المحمدية.
و سنعمل طبقا لما ورد في برنامجنا الانتخابي على تسيير موارد الدولة و استغلال ثرواتها بطريقة شفافة، معقلنة و مسؤولة خدمة لمصالح المواطن البسيط و الأجيال الصاعدة. لذلك، فقد وضعنا على رأس الأولويات إصلاح الإدارة لتطهيرها نهائيا من الممارسات السيئة و للرقي بها إلى المستوى المطلوب من حيث الخدمات و المصداقية.
في هذا المجال بالذات، سنولي عناية خاصة لإصلاح قطاع العدالة إيمانا منا بدور القضاء في فرض احترام القانون و هيبة الدولة و نشر السلم الاجتماعي. و طبقا لمتطلبات واقع مجتمعنا و تلبية لطموحاته، فإننا سنركز على توفير الخدمات الصحية الضرورية للمواطنين في كافة مناطق البلد و سنزود المستشفيات بالمعدات الطبية التي لا غنى عنها حتى يكون العلاج في متناول المواطن البسيط.
و من أجل تدعيم ركـــائز الدولة، فإننا سنبذل الجهود التي تمليها ضرورة إصلاح نظامنا التربوي. و سنحدد ضمن الإصلاح المنتظر جملة من الأهداف منها تربية الأجيال الصاعدة تربية مدنية سليمة و الرفع من مستوى التكوين و ملاءمته مع حاجيات سوق العمل و متطلبات البحث العلمي في البلد. إضافة إلي ذلك،سينصب عملنا على فك العزلة عن ولاياتنا الداخلية في إطار سياسة تهدف إلى إنشاء البني التحتية اللازمة لتنمية البلد.
و بصفة عامة، فان القضاء على الفقر و أسبابه يمثل بالنسبة لنا هدفا يجب تحقيقه في أسرع الآجال. و سنقوم بكافة الجهود اللازمة لبلوغ هذا الهدف اعتمادا بالدرجة الأولى على مواردنا الذاتية ثم على التعاون مع شركائنا في التنمية.
و في هذا الإطار، فإننا سنواصل الجهود المبذولة للحد من البطالة في صفوف الشباب كما سنشجع من خلال برامج هادفة انعتاق المرأة لتلعب دورا متميزا في التنمية الاقتصادية و الاجتماعية و في مكافحة الفقر. أما في المجال العسكري و الأمني فسنقوم بإعادة تنظيم الجيش الوطني و قوات الأمن لتصبح قادرة على القيام بمهامها على أحسن وجه. و سنضع في الظروف الملائمة القائمين على الأجهزة العسكرية و الأمنية و العاملين فيها حتى يكونوا قادرين على تأدية مهامهم بجدارة و أمان و بطريقة مشرفة.
و لن ندخر جهدا في محاربة الإرهاب و أسبابه ليظل مجتمعنا كما كان عبر التاريخ مجتمعا مسالما و متسامحا يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر. ـ أيها السادة، ـ أيتها السيدات، إن سياستنا الخارجية ستقوم من الآن فصاعدا، على خدمة المصالح العليا للبلد في كافة المجالات. و في هذا الإطار، سنعمل من خلال دبلوماسية فعالة و منتجة على تعزيز التعاون مع الدول الشقيقة و الصديقة.
و سنبذل مع أشقائنا في المغرب العربي ما يلزم من جهود لبناء صرح المغرب العربي الكبير. وسنعطي العناية اللازمة للتعاون مع دول الجوار و تنشيط الحوار العربي الإفريقي و تعزيز علاقات التعاون مع دول الاتحاد الأوروبي. و لا شك أن تحقيق السلام في العالم بصفة عامة و في الشرق الأوسط بصفة خاصة يبقى بالنسبة لنا هدفا يتطلب تضافر جهود المنظومة الدولية و الهيئات المعنية. و مساهمة في بلوغ هذا الهدف النبيل، فإننا سنعمل باستمرار على دعم كل الجهود الرامية إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة و استرجاع كــــافة الأراضي العربية المغتصبة.
ـ أيها السادة، ـ أيها السيدات، إن الحفل الذي يجمعنا اليوم ثمرة لجهود أطراف وطنية و دولية لولاها لما جرى تحضير و تنظيم انتخابات الثامن عشر يوليو في ظروف جيدة.
و هنا، لا يسعني إلا أن أعرب عن امتناننا للأخ معمر القذافي،قائد ثورة الفاتح من سبتمبر العظيمة و رئيس الاتحاد الإفريقي و إلي الأخ الأستاذ عبد اللـــه واد،رئيس جمهورية السنغال على الجهود التي بذلاها بحكمة من أجل تنظيم انتخابات الثامن عشر يوليو.كـــما أتوجه بالشكر إلي الحكومة الانتقالية و إلى السيد.
بـــا مامادو الملقب أمبارى الذي تولى خلال الأشهر الماضية مهام رئيس الجمهورية بالنيابة طبقا للدستور بكفاءة و إخلاص. أشكر كذلك الدول الشقيقة و الصديقة و المنظمات الدولية التي ساهمت في خلق الظروف المناسبة لتنظيم انتخابات الثامن عشر يوليو. و أتوجه بالشكـــر أيضا إلي الأجهزة التي أشرفت على الانتخابات و إلي منظمات المجتمع المدني و المراقبين الوطنيين و الدوليين على ما بذلوه من جهود من أجل مراقبة سير الانتخابات.
و أخيرا، أشكر الفاعلين السياسيين الموريتانيين على روح التسامح و الانفتاح التي تحلوا بها إبان الحملة الانتخابية. و لا يسعني هنا إلا أن أشيد بالجو العام الذي طبع الانتخابات و الذي تميز بالهدوء و احترام القانون.
و ما أريد أن أخـــالفــكم إلى ما أنهـــاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما اســـتــطـــعت و مـــا تــوفيـــقي إلا باللــــه عليه تـــوكلت و إليه أنــــيب. صدق اللـــه العـــظيم، عـــاشــت مـــوريتانيا ديمقـــراطية، مزدهرة و خالية من الفســـاد و المفسدين.
و السلام عليكم و رحمة اللـــه تعالى و بركاته.