تناول الحديث الذي أجراه السيد سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله رئيس الجمهورية ليلة البارحة مساء الجمعة مع فضائية العربية الإخبارية التي تبث برامجها من إمارة دبي عديد المواضيع والقضايا الوطنية والدولية ذات الصلة بالشأن الوطني.
وتطرق رئيس الجمهورية في حديثة لبرنامج “بصراحة” الذي تبثه هذه القناة،التى تلتقط بشكل كبير فى العالم العربى الى التجربة الديمقراطية التي تعيشها موريتانيا حاليا وعلاقات موريتانيا الخارجية وتعاملها مع الإشكالات الأمنية التي أصبحت تفرضها عولمة العنف والتطرف،إضافة الى تعاملها مع قضايا داخلية تتعلق بالفساد وإصلاح القضاء وجلب الاستثمارات الأجنبية والانفتاح على الخارج.
وفي مستهل حديثه أكد رئيس الجمهورية ان الأولوية بالنسبة لموريتانيا حاليا هو ترسيخ الوحدة الوطنية والقضاء على مخلفات الرق واجتثات الفقر الذي “يتطلب القضاء عليه مساعدات خارجية في انتظار تمكن موريتانيا من استغلال ما تزخر به من خيرات”، مبينا أن أكبر تهديد يواجه الديمقراطية في بلد كموريتانيا هوالفقر،الذي قال رئيس الجمهورية ان تجلياته تتبدى في تأثير ارتفاع الأسعار على المواطنين وتدني دخولهم ،”مما قد يسسب لدى بعضهم الشعور باليأس،الذي يتم التعبير عنه أحيانا،بصورة عنيفة”.
وبخصوص اللغط المثار حول دور سياسي مزعوم للمؤسسة العسكرية في الحياة العامة الموريتانية نفى رئيس الجمهورية أي دور من هذا القبيل،مشيرا في هذا الصدد الى أن هذه المؤسسة تقوم بدورها الجمهوري الدستوري المعترف لها به.
وأكد السيد سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله في مقابلته مع فضائية العربية أن موريتانيا ليست بؤرة للإرهاب ولامنطلقا له،مشيرا الى أن خصوصية ممارسة وتطبيق الموريتانيين لشعائر دينهم الاسلامي الحنيف منذ قرون عديدة،التي “تمزج بين الالتزام الشديد بتعاليمه والتسامح الراقي المتمسك بتقبل الآخر وفهم الاختلاف داخل مذاهبه وطرقه الصوفية المختلفة”،تقف حاجزا في وجه تحول البلد الى مركز استقطاب لفكر الغلو والتطرف،رغم بعض الحالات الفردية والهامشية الموتورة.
وقال رئيس الجمهورية،في رده على سؤال حول الترخيص الأخير لحزب سياسي موريتاني يوصف بأنه إسلامي أن سياسية السلطة الموريتانية في هذا الصدد تنطلق من التزامها بما تقرره القوانين المعمول بها في هذا الإطار،مبرزاأن ممارسة الحزب الذي يشير البعض اليه في هذا الإطار أبانت عن ممارسة مسؤولة ومعتدلة،بعيدة عن الشطط وفي إطار القوانين،تماما مثل بقية الأحزاب السياسية الأخرى.
وفيما يتعلق بحرية الصحافة أوضح رئيس الجمهورية أن موريتانيا تعيش حرية إعلامية بأبعد الحدود،تفصح عن نفسها في تناول وتطرق وسائل الإعلام المختلفة لمواضيع وقضايا، تتجاوز فيها بعض الأحيان كل حدود الحرية المقبولة والمتعارف عليها ولم تتعرض بسببهاأي صحيفة أو وسيلة نشر لمضايقة أو تهديد من الحكومة،مبينا أن التحدي الكبير المتعلق بقضية الصحافة يكمن في الطريقة والكيفية التي تستغل بها الصحافة الحرية الممنوحة لها.
ونفى رئيس الجمهورية أن يكون الرئيس الفعلي لحزب الأغلبية الجديد،كما يزعم البعض واعتبرأن تأسيس هذا الحزب وليد تصور ووجهة نظر سياسية من طرف مجموعات سياسية مختلفة تضم أحزابا ومستقلين ساندت برنامجه الانتخابي خلال الانتخابات الرئاسية التي فاز بها،مشيرا في هذا الصدد الى أنه ترشح خلال هذه الانتخابات مستقلا ولم يتعهد لأي حزب أو لأي شخص قبل الشوط الأول من تلك الانتخابات بشيئ غير تطبيق برنامجه الانتخابي الذي يقتنع به.
وجدد رئيس الجمهورية التعهد بأن يظل تعامل الدولة بنفس المستوى وعلى قدم المساواة مع جميع الأحزاب السياسية في البلد،بما في ذلك الحزب الجديد،مشيرا في هذا الإطار الى أن القضايا المثارة حول هذا الحزب مجرد تخوفات تذكيها تجارب الماضي.
وأكد السيد سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله رئيس الجمهورية أن نجاح التجربة الديمقراطية الموريتانية ساهمت فيه عدة اعتبارات من بينها وفاء سلطة المرحلة الانتقالية بالتزاماتها ومساندة المجتمع الدولي لها،إضافة الى “النضج والمسؤولية وروح التسامح التي يتحلى بها المجتمع الموريتاني”.
وأوضح رئيس الجمهورية أن السلطة الموريتانية المنتخبة بصفة ديمقراطية مصرة على توفير الحريات وتكريس النهج والممارسة الديمقراطية في الحياة اليومية للمواطن الموريتاني وفي داخل مؤسسات الدولة وبين شرائح المجتمع الموريتاني وداخل فعالياته المختلفة من نقابات وأحزاب سياسية،مشيرا في هذا الصدد الى احترام السلطة التنفيذية التام لمبدا فصل السلطات وعدم تدخلها في اختصاصات السلطتين التشريعية والقضائية.
وأوضح رئيس الجمهورية أن الانتخابات الديمقراطية التي جرت في موريتانيا رفعت سقف تطلعات المواطنين الموريتانيين الخاصة بحل مشاكلهم الاقتصادية والتحسين من أوضاعهم المعيشية،مبرزا في هذا الصدد أن الرفع من المستوى الاقتصادي للبلد مرهون بالحصول على التمويلات الضرورية للتنمية التي يتطلب الحصول عليها بعض الوقت.
وأبرز السيد سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله رئيس الجمهورية في رده على سؤال حول الضامن لديمومة الاستقرار السياسي في موريتانيا”أن الأساس الوحيد للاستقراريبقى التجربة الديمقراطية التي تعيشها موريتانياحاليا والتي من خلالها يستطيع الشعب الموريتاني أن يعبرعن آرائه وتطلعات دون حجرأو وصاية من أحد”،رغم “استغلالها في بعض الأحيان بشكل مفرط”،ولكن يبقى ذلك يقول رئيس الجمهورية تحدي الديمقراطية الذي يجب أن “نقبل به”.
واعتبر السيد سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله في رده على سؤال حول تعامل موريتانيا مع محيطها الخارجي وخاصة علاقاتها مع اسرائيل وموقفها مما يجري في قطاع غزة أن ما يحصل في القطاع “يسبب ألما لموريتانيا”،مشيرا الى أن موقف موريتانيا من هذه القضية تم التعبيرعنه من خلال بيان أصدرته وزارة الشؤون الخارجية والتعاون بهذا الخصوص.
وذكر رئيس الجمهورية أنه سبق له أن قال ان العلاقات مع اسرائيل ستكون مرتبطة بمدى التقدم الحاصل في عملية السلام التي يجب أن تتوج بدولة فلسطينية عاصمتها القدس الشريف،مبيناأن موريتانيا تعتمد في علاقاتها الخارجية على التعاطي الايجابي مع دول العالم الأخرى وبالحرص في نفس الوقت على استقلالية القرار الموريتاني وعدم رهنه تحت أي ظرف كان.
ورحب رئيس الجمهورية بعودة سفيرالمملكة العربية السعودية الى موريتانيا،معتبرا أن العلاقات الموريتانية السعودية ضاربة في جذورتاريخ مشترك من العطاء المتبادل الذي كرسه أوائل الموريتانيين من الشناقطة وأن أي علاقة سياسية بين البلدين لاتوظف ولا تأخذ هذا المعطى وهذا الموروث في الحسبان تعد “اساءة في حق الشعب الموريتاني”.
وأبرزرئيس الجمهورية أن موريتانيا تسعى في اطار علاقاتها المغاربية الى تطوير الاندماج ألمغاربي وأن موقفها الرسمي من قضية الصحراء الغربية هو دعم المجهود الذي تقوم به الأمم المتحدة والسعي الى تقريب المواقف بين الأطراف في هذه القضية.
وفي موضوع العلاقة مع الدائرة الافريقية أشار رئيس الجمهورية الى أن موريتانيا ستواصل تعزيز دورها التاريخي في هذه القارة،القائم على التعاون والفهم المشترك
وهو ما “تنشده موريتانيا في تعاونها مع الاتحاد الأوربي”.
الموضوع السابق
الموضوع الموالي