يستمد التعاون الثنائي بين موريتانيا والسنغال قوته من مناخ التفاهم الجيد بين قيادتي البلدين، والعلاقات الأخوية العريقة، كما يتضح من الزيارة الحالية الأولى بعد انتخابه التي يقوم بها فخامة السيد باسيرو ديوماي فاي، لبلادنا، والتي لا شك ستعزز تنوع المجالات وتوسيع التبادلات بين البلدين.
إن التعاون في مجال الثروة السمكية يعتبر الأكثر رسوخا في أذهان الكثيرين ولا غرو، فالبلدان يتشاركان حدوداً بحرية ونهرية، إضافة إلى أن الشعبين لهما تقاليد وعادات متشابهة في مجالات عدة تقريباً من بينها العادات الغذائية “(الأرز مع السمك) الشهير (بتييب جن) الذي يحظى بتقدير كبير هنا وهناك.
كما ترتبط موريتانيا، التي تعتبر من أغنى مصائد العالم، مع السنغال باتفاقية صيد تحرص نواكشوط على تجديدها كلما دعت الضرورة. وبموجب شروط البروتوكول الملحق باتفاقية الصيد هذه تمنح موريتانيا للسنغال 500 رخصة لصيد 50 ألف طن من أسماك السطح الصغيرة بشرط تفريغ 6% من هذه الكمية في البلاد لتموين السوق المحلية الموريتانية ودفع الحقوق المترتبة على ذلك.
كما تزود موريتانيا غالبا السنغال خاصة في مواسم الأعياد بالأغنام، وهذا مثال آخر على التعاون بين البلدين، ظل الوزراء المكلفون بالثروة الحيوانية يقومون كل موسم بالتوقيع على اتفاقيات في هذا المجال.
فعلى سبيل المثال، بلغ عدد المواشي التي احتاجتها السنغال وفقا للمحضر الموقع عليه من طرف البلدين سنة 2023م، 810 آلاف رأس، منها 300 ألف رأس من الأغنام، كما نص على أن على إلغاء الحكومة السنغالية الرسوم الضريبية لمدة 105 أيام، وتخفيف عمليات التفتيش على الطرق، وإنشاء حظائر بيع مجهزة بالإنارة والمياه والمراحيض المتنقلة وأعلاف الماشية، بالإضافة إلى ضمان سلامة الأشخاص والبضائع.
ومن جانبها، اتخذت موريتانيا عدداً من الإجراءات من بينها إشراك المنظمات الاجتماعية المهنية للمزارعين، وتوفير الشهادات الصحية، وتسهيل تصدير الأغنام إلى السنغال، وتطوير أسواق المواشي على طول الحدود بين البلدين.
أما الوجه الآخر لهذا التعاون فهو العرض الذي قدمته السنغال في المقابل لتمكين مربي الماشية الموريتانيين من الانتجاع في الأراضي السنغالية خلال مواسم الجفاف وندرة المراعي في موريتانيا.
وعلى الصعيد الأمني، يضرب البلدان مثالاً يحتذى به في التعاون إذ أصبحا نموذجاً في منطقة مضطربة. ويعد إطار مكافحة الجريمة العابرة للحدود بين البلدين والاجتماعات الدورية لقادة المناطق الحدودية مثالين جيدين آخرين على التعاون في هذا المجال من خلال التنسيق وحل أي مشاكل قد تنشأ على الحدود بين الدولتين.
وفي إطار تسيير الطاقة الكهربائية المنتجة من البنية التحتية لشركة الكهرباء الموريتانية (السدود)، دخل خط الجهد العالي الذي يربط نواكشوط بداكار والذي تنفذه شركتا الكهرباء الوطنيتان (شومك وسينيلك) على الجانبين حيز الخدمة. كما قررت موريتانيا والسنغال تعزيز تبادل الخبرات في مجالات الطاقة المتجددة بالإضافة إلى تعاونهما في قطاع التعدين، وذلك وفقاً لأحكام مذكرة التفاهم التي تربطهما.
وتواصل السنغال وموريتانيا تعزيز علاقاتهما التاريخية في القطاعات الاستراتيجية كالتعليم العالي والتدريب المهني والتوظيف.
وفي فبراير 2024، أقرت الدولتان مشروع برنامج تنفيذي لاتفاقية التعاون في مجال التعليم العالي والبحث العلمي الموقعة عام 2016.
كما توجد بين البلدين العديد من قنوات التبادل والتعاون في مجالات الثقافة والرياضة والاتصالات.
وتشكل المهرجانات الدينية مناسبة، في كلا الجانبين، لتدفق أعداد كبيرة من الأشخاص لكلا الدولتين النمجاط ومعط مولانا (موريتانيا) وكولخ وتواون وطوبى (السنغال).
ولتنشيط هذه الشراكة، قرر البلدان تنفيذ أدوات مثل بروتوكول التبادل الثقافي واتفاقية التعاون بين الوكالة الموريتانية للأنباء ونظيرتها السنغالية الموقعة في 08 يناير 2024.
اصنيبه محمد / ترجمة: الحسن أحمد / ص ج