AMI

المسح الديموغرافي والصحي 2019-2021: دقة في البيانات وإسهام في مكافحة البطالة

نواكشوط

في ظل الإصلاحات الجوهرية الشاملة التي تشهدها القطاعات الوزارية عموما خلال السنوات الأخيرة من عمر الجمهورية، وانطلاقا من تعهدات فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني للشعب الموريتاني، ورؤيته للإصلاح الشامل الذي طال كافة مفاصل الدولة، خصوصا ما يتعلق منها بالمجال الصحي، عكف قطاع الصحة خلال السنوات الأخيرة لأهميته ومحورية دوره، على إصلاحات جوهرية لامست بشكل مباشر حياة المواطن على امتداد التراب الوطني.

وبالرغم من تأثيرات جائحة كوفيد-19، وما صاحبها من تداعيات جمة شلت حركة التقدم في المشاريع التنموية عموما، إلا أن الإرادة الصادقة من لدن المعنيين بالأمر كان لها الدور الحاسم نحو إصلاح القطاع، فكان نظام “ميسر” بتوفيره للأدوية مضمونة الجودة إحدى الرافعات الأساسية للمنظومة الصحية الوطنية ومكسبا حقيقيا تجسد على أرض الواقع حقا لا مجازا، استفاد منه عموم المواطنين في أقصى نقطة من البلاد، فيما احتل التأمين الصحي الشامل هو الآخر مكانة خاصة باعتباره أحد الأولويات الرئيسية ضمن برنامج فخامة رئيس الجمهورية “تعهداتي”، فشهد نقلة نوعية من خلال تأمين الآلاف من المواطنين، إضافة لكونه أحد التزامات موريتانيًا في إطار المنظومة الدولية باعتباره أحد أهداف التنمية المستدامة، وقد جسدت تلك الإرادة، القطاعات المعنية إلى واقع معاش قطع أشواطا هامة حتى اللحظة في هذا الاتجاه، بحيث وصل عدد المؤمنين تأمينا كليا ما يزيد على ال 30% من إجمالي السكان، علما أن العملية متواصلة حتى يصل التأمين الصحي كافة المواطنين، كما أنشئ المركز الوطني للاستجابة للطوارئ في مجال الصحة العمومية “ملاذ”، بهدف التدخل المناسب في الوقت المناسب، إضافة إلى النهضة التي شهدتها البنية التحتية للقطاع من خلال بناء وتجهيز المستشفيات والنقاط الصحية وتعزيز المصادر البشرية باكتتابات مكنت من دعم الطواقم الطبية، إلى غير ذلك من الإنجازات الملموسة التي شهدها القطاع وانعكست إيجابا على حياة المواطن.

ولئن كانت الاستراتيجية الوطنية الهادفة إلى تطوير المنظومة الصحية في أفق 2030 تعكس توجيهات استراتيجية واعدة نحو النمو المتسارع والرفاه المشترك والتي تشكل رافعة حقيقية لقطاع الصحة، بهدف ضمان صحة دائمة وشاملة لكافة المواطنين، فإن القطاع قام خلال السنوات الأخيرة بإصلاحات استعجالية لاقت استحسانا من الجميع، مست في الصميم المشاكل الحقيقية والجوهرية للمواطن أينما كان.

ولتحسين فاعلية المشاريع الصحية المبرمجة وجودة أدائها بما يتماشى مع متطلبات الوضعية الصحية الراهنة وانسجاما مع التزامات موريتانيا الدولية في هذا الصدد، أعدت وزارة الصحة بالتعاون مع شركائها في التنمية مسحا ديمغرافيا سيكون له الأثر البالغ في إنجاح المشاريع والبرنامج والخطط المستقبلية للقطاع بناء على معطيات دقيقة، كان معالي وزير الصحة قد أشرف على تسلم نتائجه النهائية يوم 27 سبتمبر الماضي، من قبل المدير العام للوكالة الوطنية للإحصاء والتحليل الديمغرافي والاقتصادي.

وفي هذا الإطار أوضح مدير الإحصاءات الديمغرافية والاجتماعية والحكامة، السيد إلياس ولد ديدي في لقاء مع الوكالة الموريتانية للأنباء، أن هذا المسح يدخل في إطار برنامج دولي للمسوح الديمغرافية والصحية تم تنظيمه لأول مرة في موريتانيا، لافتا إلى أن هذا المسح شمل ما يناهز 12 ألف أسرة من مختلف الولايات الداخلية ونواكشوط، وقد مكن من معطيات دقيقة عن السكان سيكون لها الأثر الإيجابي لاحقا.

وأضاف أن هذه العملية مكنت كذلك من خلق فرص عمل لما يناهز 146 شخصا طيلة 5 أشهر رغم أنها فرص مؤقتة، إلا أنها ساعدت في الحد من البطالة، خصوصا العنصر النسوي الذي زاد تمثيله في العملية على 80 امرأة نتيجة لطبيعة العمل الذي يقتضي مقابلات مع النساء وأمهات الأطفال دون سن الخامسة، مشيرا إلى أن هذا المسح الديمغرافي تم فيه لأول مرة أخذ العلامات البيولوجية، وتم أخذ فحوص عن الملاريا والكبد الوبائي، منوها بأن المعنيين بالعملية تدارسوا إمكانية إدخال لفحص السيدا، لكن نتيجة انخفاض المرض وطنيا لله الحمد وبناء على معطيات منظمة الصحة العالمية التي قالت بعدم ضرورة هذا الفحص الذي قد يؤثر على نتائج العملية بأكملها تم تجنبه.

وأكد أن من أهم المشاكل التي واجهوها خلال هذه العملية ظهور جائحة كوفيد-19، التي شلت حركة التقدم في شتى المجالات الحياتية، وأثرت بشكل كبير على مجريات العملية، لافتا إلى أن عملية المسح الديمغرافي بدأت مع نهاية 2019 تمت خلالها العملية في الولايات الداخلية لتكتمل العملية بشكل كامل في نواكشوط خلال العام 2021، مؤكدا أن العملية كلفت الكثير من الوقت والجهد والتكاليف المادية.

ومن جهته بين المدير العام للتنظيم والتخطيط بوزارة الصحة السيد اعل ولد اميده في لقاء مع الوكالة الموريتانية للأنباء، أن المسح الديمغرافي والصحي الذي أعدته وزارة الصحة خلال الفترة ما بين 2019-2021، بالتعاون مع شركائها الفنيين والماليين، يدخل في إطار برنامج دولي للمسوح الديموغرافية والصحية تم تنظيمه لأول مرة في موريتانيا وقد تم تسليم نتائجه مؤخرا لمعالي وزير الصحة.

وأضاف أن هذا المسح قام به القطاع بالتعاون مع الشركاء وبتمويل منهم، كالصندوق الدولي لمكافحة السيدا، وغيره من المنظمات والهيئات الدولية، لافتا إلى أن الهدف من هذا المسح هو وجود قاعدة بيانات تعطي مؤشرات للفترة الأخيرة من حيث التقييم.

وبين أن هذا المسح أجري سنة 2002 لأول مرة، بينما تعتبر هذه المرة الثانية في موريتانيا، مبرزا أهمية هذه العملية وانعكاساتها الإيجابية على البرامج والخطط الصحية، ولكونه يوفر البيانات المفصلة من الناحية الاجتماعية والاقتصادية والصحية والتي تؤثر بصفة مباشرة على الحالة الصحية والديمغرافية للبلد.

وقال إن قاعدة البيانات هذه تم جمعها من خلال دراسة دقيقة للولوج إلى قاعدة بيانات هي التي ستمكن لاحقا من تقييم أداء البرامج الصحية عموما، خصوصا ما يتعلق منها بصحة الأم والطفل، والنساء الحوامل، والتغذية، موضحا أن هذه التحاليل عند القيام بها للبيانات المتوفرة ستمكن من تقييم بصفة دقيقة للفترة ما قبل المسح الديمغرافي الصحي، و أن هذا المسح أعطى مؤشرات دقيقة كمعدل الوفيات عند الأطفال ومعدل الوفيات لدى النساء، وبعض المؤشرات عن الأمراض المزمنة وغيرها، كمرض نقص الدم والملاريا والتهاب الكبد الفيروسي ومرض السيدا … الخ.

وأكد في هذا السياق أن هذه العملية ستوفر مؤشرات دقيقة ثابتة على أساسها تتم برمجة التدخلات والخطط والبرامج للسنوات القادمة، لافتا إلى وجود المخطط الوطني للتنمية الصحية الذي يعتمد في أدائه على بعض المؤشرات الدقيقة للوصول إلى الأهداف المرسومة في أفق 2030، وذلك ما تحقق بفضل المسح الديمغرافي الصحي.

وبين أن هذا المسح الديمغرافي الصحي يتم القيام به عادة من كل 10 سنوات بجميع دول العالم، مشيرا إلى أهميته رغم التأخر في إعداده وطنيا، مؤكدا أنه سيمكن كذلك من تحديد الأهداف الصحية بطريقة دقيقة وواضحة خلال السنوات ال 10

القادمة وبأرقام مضبوطة من خلالها تتم برمجة التدخلات الصحية خلال الفترة القادمة.

تقرير: محمد يحظيه سيد محمد

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد