أوضح والي كوركول، السيد أحمدنا ولد سيد أب، أن ولاية كوركول تعتبر ولاية زراعية بامتياز لكونها تضم أهم سد في البلاد وهو سد فم لكليته ومنشآته الملحقة به، ولكونها كذلك احتضنت أول تجربة زراعية حديثة لزراعة الأرز من خلال إنشاء مزرعتين نموذجيتين سنة 1977، مشيرا إلى أن هذه الولاية تعتبر من أهم ولايات الوطن التي شهدت إرهاصات الزراعة الحديثة.
وأضاف في مقابلة مع بعثة الوكالة الموريتانية للأنباء،أن الولاية توجد بها الزراعة بمختلف أنواعها المطرية من خلال السدود الكبيرة والصغيرة، و الفيضية على ضفاف النهر، إضافة إلى الزراعة المروية الموجودة في المزرعتين النموذجيتين وفي مركز لكصيبه الإداري الذي يستقبل كميات كبيرة من المياه القادمة من سد فم لكليته، الذي توجد به هو الآخر الزراعة المروية.
وأوضح أن السنوات الماضية تراجعت فيها الزراعة على مستوى الولاية نتيجة لعزوف السكان عن الزراعة المروية وهجرة اليد العاملة المؤهلة خاصة الشباب إلى المدن الكبرى كنواكشوط ونواذيبو بحثا عن العمل، إضافة إلى قلة الأمطار التي قللت من الزراعة المطرية.
وأضاف أن هذه السنة شهدت تساقطات مطرية كبيرة لله الحمد مما جعل مختلف السدود والسهول ومنطقة شمام صالحة للزراعة، مشيرا إلى أنه يأمل أن تحقق الولاية هذه السنة ما يفوق اكتفاءها الذاتي مما يمكنها من تصدير كميات من إنتاجها إلى بعض الولايات الأخرى.
وأشار إلى أن أهم الحبوب التي تزرع في الولاية هي الذرة الصفراء والبيضاء والدخن والفاصوليا بالإضافة إلى الأرز.
وقال والي كوركول إن الدولة اعتمدت هذه السنة خيار تشجيع زراعة الخضروات على المستوى الوطني، مشيرا إلى أن ولاية كوركول أخذت قسطا كبيرا من المزارع المخصصة لإنتاج الخضروات.
وأضاف أن الدولة ستقوم بدعم المزارعين الذين يقومون بزراعة الخضروات من خلال توفير السياج والمدخلات الزراعية والتشجيع، مشيرا إلى أن الحكومة اعتمدت هذه السنة إستراتيجية لتحفيز الإنتاج من خلال تقديم مبلغ 30000 أوقية لكل مزارع يقوم باستغلال هكتار استغلالا فعليا.
وأشار إلى أن الحكومة وفي إطار دعمها للمزارعين قامت بتخفيض أسعار المدخلات الزراعية لأول مرة و وفرتها في الوقت المناسب، مشيرا إلى أن الحملة الزراعية على مستوى الولاية متقدمة جدا خصوصا على مستوى مزارع الأرز التي هي على أعتاب حملة حصاد.
وقال إنه راض عن الظروف التي بدأت بها الحملة الزراعية هذه السنة، مشيرا إلى وجود تأخير في توفير السياج للمزارع ناتج عن إجراءات إدارية تتعلق بالصفقات الوطنية، و ستصل إن شاء الله في الوقت المناسب.
وأشار إلى أن الحكومة اعتمدت هذه السنة توجها جديدا لزراعة القمح، مشيرا إلى أن المواطنين غير متعودين على زراعته رغم أن زراعته بسيطة ومنتجة ومربحة والبلد بحاجة إليه.
وأوضح والي كوركول أن جائحة كوفيد 19 هذه السنة ينبغي أن تغير نظرة المواطنين جميعا وتحفزهم على أن يكونوا منتجين لأن العالم كله أغلق حدوده خلال هذه الجائحة وأوقف بيع منتوجه والجميع أصبح يسعى للمحافظة على أمنه الغذائي.
وأشار إلى أن من أهم الدروس التي يجب أن نستخلصها من هذه الجائحة هو أن نعمل على خلق ثورة زراعية شاملة لكي لا يكون اعتمادنا في قوتنا اليومي على دول الجوار، خصوصا أننا لدينا مساحات شاسعة صالحة للزراعة ولدينا كميات كبيرة من المياه.
وأستغرب الوالي وجود مساحات شاسعة صالحة للزراعة في الولاية وممتلئة بالمياه تمتد من كيهيدي إلى مقامة على ضفة النهر ومن كهيدي إلى لكصيبه على طول عشرات الكيلومترات ولا يوجد بها مزارع واحد، مشيرا إلى وجود عدم وعي كبير لدى المواطنين بأهمية الإقبال على الزراعة.
وأشار إلى أن سد فم لكليته الذي يتوفر على مقدرات هائلة جدا والمواطنون الموجودون حوله فقراء و هذا أمر غير منطقي فالمواطنون القاطنون حول هذا السد ليس من المنطقي أن يكونوا فقراء وليس من المنطقي أن تكون بنيتهم الجسمية ضعيفة، لأن أراضيه خصبة وصالحة لكل أنواع الزراعة و الأسماك متوفرة فيه، مشيرا إلى وجود عزوف كبير عن العمل من طرف المواطنين.
وتمنى أن تكون الإرادة القوية لفخامة رئيس الجمهورية وإصراره على تحقيق الاكتفاء الذاتي خلال سنة 2021 في جميع المجالات، دافعا قويا للمواطنين لكي يعملوا من أجل تحقيق هذا الهدف.
وأشار والي كوركول إلى أن الولاية تعتبر كذلك ولاية رعوية لكونها تضم منطقة “العطف” التي تعتبر خزانا رعويا مما جعلها مأوى للمواشي من ولايات لبراكنه ولعصابة وتكانت، وخلال فصل الصيف تقبل عليها المواشي من مختلف ولايات الوطن باستثناء الحوضين.
وأشار إلى أن ولاية كوركول بالإضافة لكونها ولاية زراعية رعوية تمارس فيها كذلك التجارة باعتبار أنها ولاية حدودية، مما أتاح لها وجود نشاط تجاري مكثف مع الجارة السنغال.
وقال إن فخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، أصر هذه السنة على أن تكون انطلاقة السنة الدراسية للعام 2020/2021، من المناطق الهشة المحتاجة للتعليم والمناطق التي يجب أن يحس سكانها بجدوائية التعليم باعتباره الوسيلة الوحيدة التي تمكنهم من التخلص من الفقر والأمية والتخلف.
وأضاف أن فخامة رئيس الجمهورية أصر في هذا الإطار أن يشرف شخصيا على إعطاء إشارة انطلاق العام الدراسي من مقاطعة أمبود باعتبارها مقاطعة من مقاطعات مثلث الأمل، مشيرا إلى أن هذا الإجراء ستكون له نتائج إيجابية كبيرة جدا على المواطنين على اعتبار أن رئيس الجمهورية يولي عناية خاصة للتعليم وبالتالي عليهم أن ينتهزوا الفرصة ويساهموا في دعم هذا التوجه خدمة لمصلحة أبنائهم ومصلحة منظومتنا التعليمية بشكل عام.
وأشار إلى أن من النتائج الإيجابية لهذا القرار أيضا هو أنه سيمكن الدولة من أن تأخذ بعين الاعتبار النواقص الموجودة على مستوى التعليم في المناطق الهشة سواء كانت متعلقة بالبنية التحتية أو متعلقة بالمصادر البشرية، مشيرا إلى أنه من خلال هذه الرؤية الجديدة سيتم توفير مختلف النواقص المسجلة في هذا المجال.
وقال إن الأهمية الكبيرة التي يوليها فخامة رئيس الجمهورية لقطاع التعليم ستدفع بمستوى التعليم إلى الأمام وتخلق فيه نتائج إيجابية.
وأشار إلى أن كافة طواقم التدريس على مستوى الولاية سيكونون في أماكن عملهم مع بداية اليوم الأول من العام الدراسي كما أن البنية التحتية المدرسية ستكون جاهزة لاستقبال التلاميذ، مشيرا إلى وجود نواقص خاصة في مجال البنية التحتية نتيجة الأمطار إلا أن ذلك لن يكون له تأثير كبير لأن كل الأمور متوفرة بنسبة 99%.
نشير إلى أن ولاية كوركول التي يبلغ عدد سكانها 375 ألف نسمة ومساحتها 13600 كلم مربع تضم أربع مقاطعات هي كيهيدي وأمبود ومونكل ومقامه، ومركزين إداريين هما لكصيبة و توفندى سيفى، وتضم هذه المقاطعات 29 بلدية سبعة منها تابعة لمقاطعة كيهيدي وخمس بلديات تابعة لمقاطعة مونكل و ثمان بلديات تابعة لمقاطعة مقامة وتسع بلديات بمقاطعة أمبود.
وتتوفر الولاية على مركز استطباب سعته 150 سريرا، يوجد به عدد من التخصصات، وأربعة مراكز صحية من فئة “أ”، وأربعة من فئة”ب”، و 68 نقطة صحية، ويبلغ الطاقم الطبي بهذه الولاية 10 أطباء و 5 فنيين و 46 ممرض دولة، و14 ممرض، و106 ممرضة اجتماعية و71 قابلة و تتوفر على عدد من سيارات الإسعاف.
وتبلغ الثروة الحيوانية في هذه الولاية حدود 450 ألف رأس من الأبقار، و 12 ألف رأس من الإبل، و مليون و600 ألف رأس من الأغنام، و25 ألف رأس بين الحمير والخيول.
فولاية كوركول التي تعتبر جل أراضيها صالحة للزراعة و تتوفر على كميات هائلة من المياه يوفرها موقعها الاستراتيجي على ضفاف النهر إضافة لاحتضانها لأكبر وأهم سد زراعي في البلد، مما يؤهلها لتكون خزانا زراعيا يمكن أن يحقق للبلاد اكتفاء ذاتيا بل وأكثر من ذلك يمكن أن تكون مصدرا لتصدير العدد من المنتجات الزراعية إلى دول الجوار.
إلا أنه من المفارقات أن هذه الولاية التي تتوفر على هذا الحجم الهائل من الموارد الاقتصادية من أراض صالحة للزراعة بمختلف أنواعها، وكميات هائلة من المياه على طول النهر، وظروف مناسبة لتنمية حيوانية، يصنف جل مناطقها على أنها مناطق هشة وسكانها فقراء.
لقد ساهم غياب سياسة فاعلة خلال مختلف الحقب الماضية في بلورة إستراتيجية عملية لخلق تنمية محلية في هذه الولاية تعتمد على تحسين الظروف المناسبة وتحقيق أكبر استفادة من مصادرها الاقتصادية سواء كانت زراعية أو تنمية حيوانية، أو تبادلات تجارية، في عزوف جل سكان الولاية عن ممارسة النشاط الزراعي وهجرة اليد العاملة من الشباب بحثا عن العمل في المدن الكبرى بالبلد في مجالات قد تكون أقل مردودية عليهم مقارنة مع ما قد يجنون لو عملوا في النشاط الزراعي في ولايتهم.
وقد أثرت هذه الوضعية تأثيرا كبيرا على استغلال موارد هذه الولاية مما انعكس سلبيا على مختلف المجالات التنموية فيها.
تقرير: هواري ولد محمد محمود