مع توسع انتشار جائحة فيروس كورونا في العالم الذي ألقى بظلاله الثقيلة على البشرية وخلف تداعيات اقتصادية وصحية واجتماعية وعطل مدارس وجامعات وشل حركة النقل والنشاط الرياضي، عملت الحكومة الموريتانية بتوجيهات من فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني على متابعة التطورات الصحية المرتبطة بالموضوع واتخاذ إجراءات احترازية وتدابير وقائية مناسبة مع الحدث والأزمة.
ووعيا من السلطات العليا بالبلد لخطورة هذا الوباء وحرصا منها على سلامة المواطنين تم اتخاذ مجموعة من الإجراءات الاستباقية للوقاية من تفشي الفيروس تمثلت من بين أخرى في إغلاق الحدود وفرض حظر للتجوال وتعليق حركة المسافرين بين المدن الداخلية إضافة إلى إطلاق حملات تحسيسية وتوعوية حول خطورة هذا الفيروس لصالح السكان.
وفي هذا السياق، ومع إعلان السلطات العليا في البلد جملة من التدابير والإجراءات الاحترازية، وتشكيل لجنة وزارية برئاسة الوزير الأول السيد إسماعيل بده الشيخ سيديا مكلفة بمتابعة تفشي فيروس كورونا “كوفيد ـ 19 في البلاد، تشهد ولاية داخلت نواذيبو كغيرها من ولايات الوطن منذ مايزيد على شهرين احتراما تاما وتطبيقا فعليا لهذه الإجراءات من طرف المواطنين وخاصة مع ظهور حالات من الفيروس مؤخرا في البلاد ساعد بشكل كبير في تجاوب المواطنين مع تلك الإجراءات رغم بعض الاستثناءات.
وتجسد هذا التجاوب في ارتداء الكمامات أثناء المداومة في المكاتب أو النزول إلى الأسواق وهو ما كان له الأثر الإيجابي في الحد من تفشي الوباء على مستوى الولاية حتى الآن، حيث اقتصرت الإصابات على وجود حالتين تعودان لمواطنين قدما مؤخرا إلى المدينة من نواكشوط .
كما ساعد في هذه الوضعية المستقرة في الولاية فرض التقيد بالإجراءات الاحترازية من طرف السلطات الإدارية في المدينة من خلال جملة من الإجراءات ساهمت بشكل كبير في توعية المواطن بخطورة هذا المرض عبر حملات تحسيسية كان لها الأثر الكبير في احتواء الفيروس داخل المدينة.
وقد عملت السلطات العمومية خلال هذه الفترة على تنفيذ جملة من التدخلات لصالح المواطنين لتخفيف من الآثار المترتبة عن الإجراءات الاحترازية التي أقرتها الدولة لمكافحة تفشي فيروس كورونا
ولتسليط الضوء على الإجراءات المتخذة للتخفيف من وطأة انتشار جائحة كورونا على المواطن أجرى مكتب الوكالة الموريتانية للأنباء لقاء مع حاكم مقاطعة نواذيبو السيد سيد أحمد ولد أحويبيب، حيث أكد أن الدولة قامت برزمة من الإجراءات الاقتصادية والاجتماعية بغية مساعدة المواطنين وخاصة الفئات الهشة في المجتمع على الظروف الاستثنائية الناجمة عن هذا من ضمنها إلغاء الضرائب والرسوم البلدية و إلغاء الرسوم والضرائب في مجال الصيد التقليدي وهي الإجراءات التي ستخفف العبء الضريبي والتكاليف على المواطنين الذين يمارسون نشاطات مهنية وتجارية صغيرة ومتوسطة وهم النسبة الأكبر من ساكنة المدينة .
وأضاف الحاكم أن من بين الإجراءات التي تمت لتخفيف آثار هذه المرحلة على المواطن هو تحمل الدولة للتكاليف المترتبة عن الماء والكهرباء للفئات الفقيرة، حيث قامت المؤسسات الوطنية التي توفر خدمات المياه والكهرباء بتعليمات من السلطات العمومية بوضع معايير واضحة من أجل تحديد الفئات الفقيرة التي لديها اشتراكات عند هذه الشركات و تحملت الدولة كافة التكاليف المتعلقة بالماء والكهرباء عن هذه الفئات وهي إجراءات ستساهم بلا شك في تخفيف الضغط على الميزانية العائلية لهذه الأسر خاصة خلال هذه الفترة وذلك من خلال تحمل الدولة لتكاليف استخدام هذه الخدمات الأساسية.
وتحدث الحاكم عن إجراءات إضافية أخرى قامت بها الدولة لمواكبة هذه الظرفية الخاصة من ضمنها توزيع كميات من الأسماك تقدر ب 40 طنا من الأسماك لفائدة السكان في المنطقة، كما قامت سلطة منطقة نواذيبو الحرة بتوزيع 12 طنا من الدجاج لصالح المواطنين في المدينة، إضافة إلى توزيع سلات غذائية من طرف المنظمات والجمعيات الخيرية غير الحكومية وتنظيم حملات تحسيسية حول مخاطر تفشي فيروس كورونا.
وأشار الحاكم إلى أن الدولة قامت بتخفيف الإجراءات الاحترازية للتخفيف من الآثار السلبية على المواطنين وذلك من خلال السماح التدريجي لمزاولة النشاطات الاقتصادية تقديرا منها لحاجة المواطنين لهذه النشاطات في مجال حياتهم اليومية وكذلك لحاجتهم في الحصول على المداخيل التي يعتمدون عليها في قوتهم اليومي ، كما أدى التخفيف التدريجي للحظر على تحسن أوضاع بعض المواطنين الذين يمارسون أنشطة التجارة والنقل في المدينة.
وعن ارتياح المواطنين ومستوى احترامهم لحظر التجول أكد حاكم المقاطعة أن هذا الحظر يجري وفق الخطة التي أقرتها اللجنة الجهوية للولاية برئاسة والي الولاية وتقوم على توزيع المدينة إلى قطاعات يتدخل كل قطاع أمني في حيز جغرافي محدد، مشيرا إلى أن هذه الخطة مكنت من توزيع الأدوار بين مختلف الهيئات الأمنية والتشكيلات الموجودة على مستوى المقاطعة والذي يجري وفق القوانين والنظم المنظمة له .
وأضاف الحاكم أن حظر التجول يحظى بتجاوب جيد من طرف المواطنين ولم تسجل خروقات كبيرة لهذا الحظر، كما لم تسجل أي تجاوزات بحق المواطنين في إطار تطبيقه .
وأوضح الحاكم أن حظر التجول مر بعدة مراحل وكان آخرها المرحلة التي تم فيها رفع الحظر خلال شهر رمضان، بحيث اقتصر على ساعات الليل ابتداء من الساعة الحادية عشرة ليجري تقديمه خلال مرحلة العيد إلى الساعة الرابعة، وأبدى المواطنون تعاونا وتجاوبا كبيرا مع مختلف الأوقات التي يعلن فيها حظر التجول.
وبخصوص الجهود الحثيثة لوقف التسلل نحو الولاية أكد الحاكم أن السلطات المحلية تقوم بجهود كبيرة لوقف التسلل إلى داخل الولاية، حيث تعكف الأجهزة الأمنية بالتعاون مع المواطنين الذين يبلغون من حين لآخر على ضبط حدود الولاية ومنع المتسللين إليها،و إعادة المتسللين الذين يتم ضبطهم إلى المناطق التي جاؤوا منها وذلك بالتنسيق مع السلطات في تلك المناطق.
وبين أن هذه الإجراءات مكنت من توقيف إحدى عشر مواطنا خلال الأيام الماضية وإبعادهم إلى المناطق التي جاؤوا منها، كما تم التعامل مع الأشخاص الضالعين في عملية التسلل ومعاقبتهم من خلال توقيف سيارتهم لمدة من الزمن الأمر الذي سيساهم مع ما تم اتخاذه في كبح هذه الظاهرة .
وتطرق الحاكم للجهود التي تبذلها السلطات المحلية في مجالات التباعد الاجتماعي والتحسيس بخطورة فيروس كورونا، حيث تم وضع حواجز عند مداخل الأسواق من أجل تسهيل انسيابية الحركة ومنع الازدحام، كما تم توزيع كمامات عند النقاط المذكورة، إضافة إلى وضع عناصر أمنية عند مداخل الأسواق من أجل الالتزام بوضع الكمامات والإجراءات التي توصيها بها الجهات الصحية لتجنب انتشار الفيروس.
جهود موازية لصالح الفئات الهشة في المدينة
كما عملت بلدية نواذيبو ضمن الجهود المبذولة للتخفيف من وطأة الإجراءات الاحترازية على الفئات الهشة في المدينة على تنفيذ سلسلة من التدخلات لصالح المواطنين في المدينة شملت الأئمة وشيوخ المحاظر وذوي الاحتياجات الخاصة، إضافة إلى بعض الفئات الأخرى.
وفي هذا الإطار أكد عمدة المدينة القاسم ولد بلالي في تصريح لمكتب الوكالة الموريتانية للأنباء أن البلدية قامت بجملة من الإجراءات للتخفيف من وطأة تأثير هذه الجائحة على المواطن في المدينة، وذلك تنفيذا لتوجيهات رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني .
وأوضح أن هذه التدخلات تمثلت في حملة تحسيسية جابت جميع الأماكن الحيوية في المدينة للتوعية بخطورة الفيروس وضرورة إتباع الإرشادات الصحية ( ملتقيات الطرق، الأسواق، الموانئ ، والمؤسسات المصرفية والتجارية ) كما تم تقليص عدد العمال المداومين في الإدارة حفاظا على التباعد الاجتماعي، إضافة إلى دعم العمال الأقل دخلا من خلا رفع الأجور ل 59 عاملا من البلدية وترقية 49 موظفا من البلدية .
وأضاف أنه تم اعتماد جميع الإرشادات الصحية في جميع المرافق التابعة للبلدية كارتداء الكمامات وغسل اليدين والتعقيم، إضافة إلى تقسيم مبالغ مالية على أئمة المساجد وشيوخ المحاظر و ذوي الاحتياجات الخاصة المسجلين في المدينة، كما تم توزيع مبالغ نقدية على أصحاب الفشل الكلوي وتوزيع سلات غذائية بقيمة 20000 أوقية قديمة على أطفال وعائلات مركز تأهيل الصم و البكم وعلى النساء في أقطاب التنمية التابعة للبلدية في المدينة وبائعات الكسكس .
وفي المجال الصحي تواصل المصالح الطبية المختصة على مستوى المدينة جهودها لمواكبة أي تطور محتمل في المدينة في ما يتلعق بفيروس كورونا، حيث أوضح الطبيب الرئيسي في طب المقاطعة وعضو لجنة متابعة الوباء في المدينة الدكتور الشيخ ولد الغوث خلال تصريح لمكتب الوكالة الموريتانية للأنباء أن المصالح الطبية في المدينة تواصل جهودها في تتبع فيروس كورونا بعد تسجيل حالتين في المدينة.
وأضاف أن نتيجة تتبع وضعية الوباء مكنت من تحديد 114 شخصا من مخالطي الحالتين المذكورتين تم حجزهم على مرحلتين الأولي في فنادق مخصصة لهم و الثانية عزلهم في منازلهم بعد الكشف عليهم من خلال الفحص السريع الذي أظهر خلوهم من الفيروس ، مبرزا أن هذه المجوعة متابعة بشكل يومي من طرف فريق طبي ومن المنتظر أن يخضعوا إلى فحص ثان بعد سبعة أيام من الفحص الأول للتأكد من خلوهم من الفيروس .
وأشار الدكتور إلى إن الوزارة قامت بإرسال 300 من الفحوص السريعة إلى نواذيبو من أجل مساعدة المصالح الطبية في الكشف على الحالات المشتبه فيها ،مبرزا أن هذه الفحوص استخدم منها حتى الآن 114 فحصا لمخالطي الحالتين، كما تم تقديم بعض منها لمركز التخصصات الطبية الذي يحتضن الحالتين التي تم الإعلان عنهما في المدينة، وذلك لتمكينه من الكشف على حالات الاشتباه التي يمكن أن تراجع هذا المركز الاستشفائي.
وشدد الدكتور على ضرورة اخذ الحيطة والحذر وأن يعي المواطن خطورة هذا الفيروس الذي تتطلب مجابهته تكاتف جهود الجميع و تطبيق التوصيات المتعلقة بخصوصه وخاصة تلك التي أقرتها السلطات العليا بالبلد.
من جهة أخرى طالب عدد من المواطنين ممن التقاهم مندوب الوكالة الموريتانية للأنباء بضرورة زيادة التدخلات التي تقوم بها السلطات العمومية للتخفيف من الآثار السلبية المترتبة عن الإجراءات التي أقرتها السلطات العليا في البلد من أجل محاربة تفشي فيروس كورونا .
وفي هذا الإطار أكد المواطن محمد ولد محمود أن تجاوز الوضعية الراهنة يتطلب تكاتف جهود الجميع ، حيث ينتظر من المواطنين التقيد بالإجراءات المعلنة من طرف الدولة كارتداء الكمامات والتباعد الاجتماعي، فيما ينتظر من الدولة -حسب تعبيره- أن تسارع في دعم المواطن في هذه الظرفية الخاصة التي تسببت في توقيف الكثير من الأنشطة الاقتصادية الأمر الذي كان له تأثير مباشر على الظروف المعيشية للمواطن البسيط .
أما شيخنا ولد محمد فقد عبر عن أمله في أن تتجاوز موريتانيا هذه الأزمة التي أثرت بشكل كبير على المواطنين بسبب توقف الكثير من الأنشطة الاقتصادية التي كانت تدر على المواطنين بعوائد مالية تساعدهم في تلبية متطلبات أسرهم اليومية، مطالبا بضرورة تعجيل المساعدات التي أعلنت عنها الدولة لصالح الفئات الضعيفة.
تقرير:البو ولد الواقف