يكتسي التكوين أهمية قصوى في تأهيل المصادر البشرية وتحسين عطائها عند مزاولة مهامها في مجال عملها، ويزداد التكوين أهمية إذا تعلق الأمر بشريحة الشباب التي هي العمود الفقري لبناء الدول وحجرالزاوية في نموها وتطور اقتصادها، فبه وحده تتحقق الآمال وتترسخ جذورالمكاسب وتثبت أركان الدولة على أسس متينة.
ومن هذا المنطلق سعت السلطات العليا إلى إعطاء الأولية في خططها وبرامجها لدمج الشباب وإشراكه في عملية البناء الوطني، حيث بادرت بإنشاء معاهد متخصصة للحد من البطالة في صفوفه، وتزويده بمهارات كانت في العقود الماضية حكرا على الأجانب.
ويعتبر المعهد العالي للشباب والرياضة الذي كان يطلق عليه (مركز تكوين أطر الشباب والرياضة)، أحد أهم هذه المعاهد المتخصصة في مجال تكوين الشباب، وقد تم إنشاؤه بعد قرابة عقدين من الزمن على استقلال البلد.
وحسب المدير العام للمعهد الدكتور إشمخو ولد أعليوه فإن التكوين في مجال الشباب والرياضة مر منذ الاستقلال إلى اليوم بأربعة مراحل:
المرحلة الأولى: في العقد الأول من عمر الدولة حيث لم تكن هناك أطر مكونة في مجال الشباب والرياضة، بل ظل الاعتماد في إنعاش أنشطة الشباب والرياضة مقتصرا على دور المعلمين التربويين دون مهنية واختصاص.
وبدأت المرحلة الثانية: سنة 1973 بإعطاء منح لطلاب تم توجيههم للتكوين في مجال الرياضة بالجزائر، في حين كانت المرحلة الثالثة إنشاء مركز وطني متخصص في تكوين أطرالشباب والرياضة سنة 1978، كون ما بين إنشائه وحتى إغلاقه سنة 1990 ما يزيد على 300 إطار شكلوا نواة لأطر هذاالقطاع.
وتميزت المرحلة الرابعة والأهم بإعادة الاعتبار سنة 2010 إلى هذا المركز بقرار تاريخي من رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز، حيث وفرت له الدولة كل المستلزمات المادية والمعنوية والفنية ليواصل رسالته من جديد في تكوين أطر الشباب والرياضة، فكون ما بين 2010 إلى 2015 ( 195 إطارا) حصلوا جميعهم على اعتمادات مالية.
وأضاف أن إعادة افتتاح المركز بعد عشرين سنة من إغلاقه ليزاول مهامه خطوة كانت ضرورية، لأن الدفعات التي تخرجت منه في الفترة ما بين 1978 و1990 آخر عنصر منها سيتقاعد سنة 2016 الجارية، مما كان سيسبب فراغا في مجالين حيويين هماالشباب والرياضة لو لم يتخذ هذاالقرار.
وأوضح المدير العام للمعهد أن الدفعات التي تكونت في المركز تم انتقاؤها عن طريق مسابقات شفافة، وتلقت طيلة تكوينها دروسا نظرية وتطبيقية من أساتذة حاصلين على كفاءات عالية، وبإشراف من إدارة عملت من أجل أن توفر للطلاب الظروف التي تساعدهم على تحصيل أوفر كم من المعارف خلال فترة التكوين.
وأبرز أن المركز تحول إلى معهد عالي للشباب والرياضة بموجب المرسوم رقم 010 الصادر سنة 2014، ويهدف هذا الإجراء إلى جعل طلاب المعهد في وضعية قانونية تتماشى مع نظم التعليم العالي المعمول بها في البلد؛ والتي تنص على أن كل مؤسسة تعليمية أو معهد تكويني يستقبل الطلاب الحاصلين على شهادة الثانوية العامة لابد أن يخضع لنظام التعليم العالي، حيث يتلقى الطالب التعليم فيه حسب نظام (ل م د).
وأضاف أن التكوين في المعهد سيقتصر على شعبتين:
أ – شعبة الشباب والترفيه التي سيتكون طلابها على علوم وتقنيات الأنشطة السوسيو – ثقافية.
ب – شعبة الرياضة وسيتكون طلابها على علوم وتقنيات الأنشطة البدنية والرياضية.
وقال إن المعهد علاوة على ذلك سيقوم بدورات تكوينية لصالح قطاع الشباب والرياضة إذا ما دعت الحاجة إلى ذلك، على أن يمنح المكونين فيه إفادات في نهاية فترة التكوين.
وأكد أن أهداف المعهد العالي للشباب والرياضة بالغة الأهمية، لكونها تسعى إلى تكوين أطر للشباب الذين هم مستقبل الأمة من جهة، وتكوين كادر رياضي قادر على تأطير أجيال رياضية ترفع العلم الوطني خفاقا في المحافل الدولية من جهة أخرى.
وأضاف أن الآفاق المستقبلية للمعهد واعدة، ويعلق عليها قطاع الشباب والرياضة الكثير من الآمال، بعد أن تم وضع اللمسات الأخيرة لمزاولة الدراسة فيه بإكمال الترسانة القانونية المنظمة لسير العمل في هذه المؤسسة العمومية ذات الطابع الإداري.