تاء التأنيث:للنساء فقط
إذا كان المدح يعني في الأصل وصف الممدوح.. والإشادة بفضائله.. وبيان مزاياه.. والثناء على أفعاله.. فإن المدح النبوي خصوصا فن مستقل بذاته.. ويملك خصائصه ومميزاته.. يصف ما جبل عليه المصطفى صلى الله عليه وسلم من طباع.. وما صدر عنه من سلوك مشاع.. متخذا من الشعر الشعبي مطية.. ومن الإنشاد طريقة.. ****
و”المدحة” النبوية في بلادنا من ضمن ما تحيي به ليالي رمضان المبارك من صلاة التراويح إلى وقت السحر.. فعلى وقع دفوف مدو وتصفيق حار تتخلله زغاريد متقطعة.. وبضوابط شرعية.. تنظم من ـ لقبت نقسها بمداحة الرسول صلى الله عليه وسلم ـ حفلات ليلية للمدح النبوي بمنزلها بمقاطعة “تيارت” طيلة ليالي رمضان.. يحضرها جمهور نسوى عريض من شتى مقاطعات العاصمة.. تحدوهن رغبة جامحة للاستماع لسيرة الرسول والتغني بشمائله والتعرف على أخلاقه.
****
وسعيا منها للأجر، وامتثالا للضوابط الشرعية بهذا الصدد.. وابتغاء لمرضاة الله.. تحظر المداحة حظرا باتا علي الرجال والأطفال ممن تجاوزوا مرحلة الطفولة الصغرى حضور الحفل، كما تحظر أي تصوير أو تسجيل قد يفتح المجال لسماع صوتها أو رؤية صورتها من طرف من لا تجوز لهم شرعا.
****
وتقديرا للمدح وتعظيما لمجلساته المهيبة تستعد المداحة أيما استعداد بارتداء الجميل من الثياب ولبس أنواع الحلي والتطيب ساعية من خلال الكلمة والأداء إلي إشاعة محبة الرسول صلى الله عليه وسلم في الأوساط النسوية.. والتعرف على صحابته وتشويق نفوس جمهورها إلى حج البيت الحرام وزيارة البقاع الطاهرة بالمدينة.
****
وبانتمائي لشريحة النساء كنت من بين المشمولات بالدعوة للأمسية المديحية حيث تبين لي أن جمهور النسوي لم يكن جمهورا متفرجا فقط، وإنما يساهمن في إنعاش الأمسية بمشاركة حية، يرجعن من خلالها الأصوات، ويرددن الكلمات.. ويكررن المقاطع بأساليب مخصوصة.. ويتفاعلن معها بتذوق وحماس، يشد المشاهد ويأخذه إلى عالم روحاني جميل.. ينسجم بكل تفاصيله مع الشهر العظيم.
فاطمة السالمة بنت محمد المصطفى