خصصت الجمعية الوطنية جلستها العلنية التي عقدتها أمس الأربعاء برئاسة النائب الأول لرئيسها السيد لمرابط ولد بناهي، للاستماع إلى ردود وزير البترول والطاقة والمعادن السيد محمد سالم ولد البشير على السؤال الشفهي الموجه إليه من طرف النائب هند بنت محمد الأمين ولد الديه.
وأشارت النائب في سؤالها إلى الإنقطاعات المتكررة للكهرباء على مستوى العاصمة وما خلفته من أضرار جسيمة على المواطنين، منبهة إلى أن هذه الانقطاعات تزامنت مع نهاية العام الدراسي وما يتطلبه ذلك من تركيز على المراجعة بالنسبة للطلاب والتلاميذ.
وطالبت الوزير بتقديم خطة قطاعه للتغلب على النواقص الملاحظة على مستوى أداء الشركة الوطنية للكهرباء، مستغربة تسجيل هذه النواقص في ظل زيادة كمية إنتاج الطاقة.
كما طالبته بعرض الجهود التي يقوم بها بوصفه مسؤولا عن تسيير هذا القطاع لتطبيق مبدأ الشفافية والحد من الفساد المالي والإداري في هذه الشركة.
واستغربت ثبات أسعار فكاتير الكهرباء رغم الزيادة الكبيرة في إنتاج الكهرباء خصوصا أن هذه الزيادة أتت مرافقة للانخفاضات الكبيرة التي شهدتها أسعار المحروقات على المستوى العالمي كما أن هذه الزيادة يعود جزء منها إلى محطات الطاقة المتجددة رخيصة التكلفة.
وأوضح وزير البترول والطاقة والمعادن في بداية رده أن رئيس الجمهورية أعطى منذ انتخابه سنة 2009 أهمية خاصة لإعادة هيكلة وتنمية قطاع الكهرباء الشيء الذي جعل العمل الحكومي يركز في البداية على وضع رؤية إستراتيجية على المدى البعيد لبلوغ هذه الغاية.
واستعرض الانجازات التي شهدها هذا القطاع خلال الفترة من 2009 إلى 2015 حيث مكن المخطط الرئيسي لإنتاج ونقل الكهرباء في أفق 2030 الذي اعتمد سنة 2012 من تحديد أهداف واضحة في مجال النفاذ إلى الكهرباء.
وأشار إلى أن الرؤية الإستراتيجية المنبثقة عن هذا المخطط ركزت على زيادة قدرات الإنتاج من خلال استغلال المصادر المحلية المتاحة، وتطوير شبكة الاتصال والربط البيني مع الدول المجاورة، والرفع من نسبة الطاقات المتجددة، ووضع حلول للكهربة اللامركزية تتلاءم مع متطلبات المناطق المعزولة.
وعدد المحطات الكهربائية التي تم بناؤها خلال السنوات القليلة الماضية والتي مكنت من زيادة القدرات الإنتاجية بشكل كبير كمحطة عرفات 2 ومحطة المرفأ والمحطة الشمسية(الشيخ زايد) والمحطة الكهرومائية ومحطة نواكشوط الهوائية ومحطة نواكشوط المزدوجة وتوسعة محطة نواذيبو إضافة إلى تقوية المحطات داخل البلاد.
وكشف عن وجود جملة من المشاريع سيتم انجازها قريبا ستساهم في تدعيم هذه الانجازات تشمل بناء عدد معتبر من المحطات الكهربائية في نواكشوط وفي بعض الولايات الداخلية.
وقال وزير البترول والطاقة والمعادن إن بلادنا تمكنت في أقل من ست سنوات من أن تنتقل من وضعية العجز الكهربائي إلى وضعية تحقيق الفائض لدرجة أصبحت معها تعد في شبه المنطقة من الفاعلين في مجال الكهرباء.
وأشار إلى أن هذه الانجازات تعكس بجلاء الإرادة القوية لرئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز في تفعيل مصادر الطاقة الوطنية وتنويع الخليط الطاقوي للبلاد الذي ستمثل فيه الطاقات المتجددة في أفق 2020 ما يزيد على 40%.
ونبه إلى أن العمليات التي تم إنجازها في إطار توزيع الكهرباء مكنت من تعزيز وتنمية شبكات التوزيع القائمة من أجل تأمين تغطية أمثل للمراكز الحضرية،مشيرا إلى أن البنية التحتية التي تم إنجازها في أقل من ست سنوات مكنت من زيادة خطوط الشبكات متوسطة ومنخفضة الجهد بنسبة 124% كما مكنت من مضاعفة عدد المشتركين المرتبطين بالشبكة الكهربائية للشركة الوطنية للكهرباء ليصلوا إلى ما يناهز 220000 مشترك سنة 2016.
وأشار إلى وجود برنامج لنقل الكهرباء يهدف إلى تزويد بلادنا بمنظومة عصرية لنقل الكهرباء من شأنها أن تمكن من توصيل الكهرباء إلى المراكز الرئيسية الحضرية والصناعية في البلاد وأن تسمح بتبادل الكهرباء مع دول الجوار.
وأضاف أن هذه المنظومة سيتم في إطارها إنشاء خط عالي الجهد في الشمال يربط نواكشوط ونواذيبو،وخط عال الجهد في الجنوب يربط نواكشوط ودكار وخط عالي الجهد في الشرق يربط نواكشوط بمدينة النعمة،هذا بالإضافة إلى خط عالي الجهد في الشمال الشرقي يربط نواكشوط بمدينة ازويرات مرورا باكجوجت وأطار وشوم.
وأبرز وزير البترول والطاقة والمعادن أن الزيادة السريعة والهامة في القدرة الإنتاجية الناجمة عن مضاعفة مراكز الإنتاج وإدخال مصادر إنتاج بديلة كالطاقة الشمسية والهوائية والتقنيات المرتبطة بها لا بد أن تمر منطقيا بمرحلة انتقالية يتم فيها ضبط وتعديل الأجهزة وهو ما يفسر جزئيا الاضطرابات والانقطاعات في التيار الكهربائي.
وذكر بوجود برنامج طموح لدعم نظام نقل الكهرباء على مستوى مدينة نواكشوط يجري حاليا إنجازه يتمثل في بناء حلقة كهربائية حول مدينة نواكشوط لمواكبة التمدد الذي تشهده المدينة والزيادة المضطردة في استهلاك الكهرباء.
وأشار إلى أنه وحتى أن تكتمل الأشغال بصفة نهائية في هذا البرنامج كما هو متوقع في بضعة أشهر والتي ستضع حدا لهذه الانقطاعات فإن الشركة الوطنية للكهرباء تبذل كافة الجهود الممكنة للتحسين من جودة واستمرارية الخدمة وبالتالي جعل فترات إنقطاع التيار الكهربائي أقصر ما يكون.
وقال إن برنامج توسعة الشبكات الكهربائية الذي انطلق سنة 2010 على مستوى مدينة نواكشوط مكن من ربط 50000 مشترك جديد بشبكة التوزيع الكهربائي،مشيرا إلى أن تسيير المنظومة الكهربائية لا يزال اليوم ينفذ يدويا إلى حين استكمال وضع وتفعيل المركز الوطني للتحكم الذي سيمكن من التسيير الديناميكي للشبكة بما يترتب عن ذلك من تقليص للوقت اللازم للتدخل حال حدوث انقطاع للتيار الكهربائي.
وقدم وزير البترول والطاقة والمعادن اعتذاره لكافة المستفيدين من خدمة الكهرباء عن جميع الانقطاعات التي قد تحدث في هذه المرحلة الانتقالية التي يتم فيها وضع نظام كهربائي جديد من شأنه أن يواكب زيادة الطلب ويستجيب لمستلزمات الجودة والاستمرارية في توفير خدمة الكهرباء بطريقة عصرية.
وقال إن التقييم الموضوعي لأداء الشركة الوطنية للكهرباء يمكن أن يحدد بالرجوع إلى ثلاثة معايير أساسية هي نسبة التغطية الكهربائية والقدرة التنافسية وجودة الخدمة المقدمة للمستخدمين،مشيرا إلى أن كهربة المدن في البلاد ازدادت بشكل ملموس حيث انتقلت من 38 إلى 153 مدينة مكهربة بين سنتي 2009 و 2015.
وأوضح أن الإنتاج ورغم أنه لا يزال يعتمد في معظمه على المحروقات المستوردة فإن الأسعار المطبقة تبقى تنافسية بالمقارنة مع منطقة إفريقيا الغربية،مشيرا إلى أن الزيادة الإضافية في الإنتاج المتوقعة من انجاز العديد من مشاريع الطاقات المتجددة سيكون له أثر في تخفيض كلفة الإنتاج.
وأشار إلى أن الشركة الوطنية للكهرباء قامت بتنفيذ تدابير داخلية لتحسين جودة الخدمة المقدمة للمشتركين تمثلت في زيادة وكالاتها في نواكشوط ونواذيبو وتعميم أنظمة الحساب الالكترونية والرقمية الشيئ الذي مكن من تحسين جودة ومصداقية الفاتورة.
وأشاد السادة النواب خلال مداخلاتهم بالنهضة الكبيرة التي شهدها قطاع الكهرباء خلال السنوات القليلة الماضية حيث تم ضخ مليارات الأوقية في هذا القطاع لجعله قادرا على تلبية حاجيات المواطنين من هذه الخدمة الهامة،والتي بدونها لا يمكن قيام نهضة تنموية.
وطالبوا بالتركيز والصرامة في تنفيذ هذه المشاريع الهامة التي يجري تنفيذها حاليا والتي ستجعل بلادنا تعد في شبه المنطقة من الفاعلين في مجال الكهرباء.
وأبدى بعض النواب استغرابهم للأنقطاعات الكهربائية المتكررة للتيار الكهربائي على مستوى العاصمة رغم وجود هذه الاستثمارات الضخمة ورغم وجود كميات انتاج تفوق حاجيات هذه المدينة،مطالبين بالاسراع في تنفيذ كل المشاريع في هذا القطاع الحيوي والهام.
وطالبوا بالتركيز أولا على توفير الطاقة الكهربائية لكافة مدن وقرى البلاد أولا قبل التفكير في تصديرها إلى البلدان الأخرى.