بعيدا عما هو شائع أيامنا هذه.. لم تكن قيمة الفرد تتأتى من شكله أو لونه أو مظهره، وإنما كانت قيمته تتحدد بأمور جوهرية، تتلخص عند البعض فيما يحسنه الفرد كما قال الإمام علي كرم الله وجهه: “قيمة المرء ما يحسنه”، أو كما جاء في المثل السائر: “المرء بأصغريه: قلبه ولسانه.
****
.. كلمات جميلة أوضحت للمتلقي معايير موضوعية.. مثلت المدونة الثقافية المشتركة لمجتمعنا قبل اعتزاز منظومة قيم.. حكم من خلالها على الأشخاص انطلاقا من علمهم أو عملهم فقط.. باعتبار قيمة الأفراد ومكانتهم لا تأتي اعتباطا أو صدفة.. أو التماسا أو توسلا.. بل تتوقف مكانة الأشخاص في أية ماهية على عملهم أولا، وبقدر أدائهم ثانيا.
****
رافضا رفضا باتا أن تتحدد قيمة الإنسان بماله أو بقوامه.. ولا بشخصيته.. كما قد يتبادر إلى أذهان كثيرين اليوم.. ليظل التحصيل المعرفي جوهرا ومعنى ـ به توزن الأمور وتقاس ـ بغض النظر عن هيئة الفرد وشكله.. أو جنسه وانتمائه..
وإحياء لقيم مهجورة.. نتمنى أن تتحدد قيمة الموريتاني تبعا لإحسانه وإبداعه وتفوقه، ودرجة علمه وأدبه ونبله، بحيث يكون بقدر امتلاكه تلك الصفات يستحق خلع الألقاب ونثر الأوسمة.. فبذلك وحده نحترم قيمتنا.. ونسمي الأشياء بأسمائها.. وبإعطاء القوس باريها.. يزداد العطاء، وتعود الأمور للنصاب.
****
وفي المقابل فإن تقييم الإنسان بما يملك لا بما يعلم، وتقديره واحترامه لماله أو لوظيفته أو لعلاقته أو وساطته من بين اختلالات شائعة بيننا اليوم.. قلبت الموازين أحيانا رأسا على عقب، وأوكلت الأمر أحايين لغير أهله.. فهلا تمثلنا سويا قول الشاعر:
ما الفخر إلا لأهل العلم أنهم
على الهدى لمن استهدى أدلاء
وقدر كل امرئ ما كان يحسنه
والجاهلون لأهل العلم أعداء