يشكل قطاع الصيد بشقيه الصناعي والتقليدي أحد الركائز الاساسية للاقتصاد الوطني، حيث يمثل أهم القطاعات لأكثر توظيفا للمواطنين وفق بعض الإحصائيات كما يعد هذا القطاع الأهم في جلب العملة الصعبة.
ويكتسي الصيد التقليدي أهمية خاصة على مستوى ولاية داخلت انواذيبو نتيجة لفرص العمل التي يوفرها لشريحة واسعة من المواطنين في الولاية.
وتشير احصائيات بعض المؤسسات العاملة في القطاع إلى أن عدد المستفيدين منه يصل إلى 60 ألف شخص موزعين بين البحارة والمهن المرتبطة بقطاع الصيد والمتعلقة
بصناعة الشباك والزوارق وتلك المتعلقة بعمليات الاصطياد، إضافة إلى التقشير وبيع السمك والحمالة وعمليات البيع والشراء التي تتم على الشاطئ وتستقطب الكثير من سكان المدينة بفضل العائدات التي توفرها.
إلا أن تناقص الكميات المصطادة من الأخطبوط الملاحظة خلال هذه الفترة القت بظلالها على واقع الشق التقليدي من القطاع خاصة الصيادين التقليديين مما انعكس بشكل سلبي على الظروف المعيشية للبحارة، حيث شهد إنتاج هذه العينات من الأسماك انخفاضا ملحوظا خلال الشهرين الماضيين إلى مستويات ضعيفة.
وحسب السيد بلال ولد محم، بحار يعمل في هذا الميدان منذ عشر سنوات فإن “إنتاج الأخطبوط عرف انخفاضا حادا خاصة مع بداية 2016 حيث تتراوح الكمية التي يتم اصطيادها يوميا خلال هذه الفترة ما بين ثلاثة أطنان إلى أربعة في أحسن الأحوال وهو إنتاج يظل بعيدا عن الحجم الحقيقي للانتاج خلال الفترات الماضية التي كانوا يعتقدون أن الإنتاج فيها ضعيف، إذ تتراوح الكميات المصطادة في تلك الفترات ما بين 40 إلى 60 طنا يوميا.
وأشار بلال أن هذه الوضعية ساهمت بشكل كبير في الحد من المردودية المنتظرة من اصطياد هذه العينة من الأسماك رغم الارتفاع الملاحظ نسبيا في سعرها وذلك مقارنة مع التكاليف المترتبة على هذه العملية كما ساهمت في التأثير بشكل سلبي على الوضع المعيشي للبحارة.
وعلى العكس من هذا يعتقد سيدي محمد ولد محمد محمود، بحار أن الإنتاج بدأ يشهد تحسنا ملحوظا خاصة في الأسبوعين الماضيين حيث أصبح الإنتاج بالنسبة للصيادين التقليديين يلامس عتبة عشرة أطنان يوميا وفي بعض الأحيان يزيد عليها مما يعزز الأمل خلال الفترة المقبلة في انتعاش جديد لهذا القطاع الذي يعتبر من أهم الركائز الأساسية في تنمية المدينة.
وأضاف أن نقص الإنتاج الملاحظ من الأخطبوط خلال هذه الفترة أمر طبيعي نتيجة لجملة من الأسباب متداخلة ساهمت إلى حد كبير في هذا النقص الحاصل وتتعلق أساسا بعوامل بيولوجية حيث تعتبر هذه الفترة من كل سنة راحة لتكاثر الأسماك وهو ما يجعلها تختار أماكن بعيدة في عمق البحر يصعب على الشباك اصطيادها إضافة إلي عوامل أخرى تتعلق بموجة البرد التي تعاني منها المنطقة حاليا معربا عن أمله في أن يتواصل الانتعاش الملاحظ خلال هذه الفترة في ما يتعلق بحجم إنتاج الأخطبوط.
وأوضح المختار ولد أسويد اسمين، نائب رئيس قسم الصيد التقليدي أن النقص الملاحظ حاليا في الأخطبوط بالنسبة للصيادين التقليديين أمر طبيعي ومؤقت نتيجة لعدة أسباب من بينها تلك المتعلقة بالعوامل البيولوجية كما أن للعوامل التنظيمية هي الأخرى دورا بارزا ساهمت بشكل كبير في الحد من إنتاج الأخطبوط خاصة ما يتعلق بالجوانب المرتبطة بتطبيق الإستراتيجية الجديدة للصيد التي عملت في جميع جوانبها على ضمان المحافظة على مصالح الصيادين التقليديين.
وقال إن هذه الإستراتيجية خصصت للصيادين التقليديين نسبة معتبرة من الأخطبوط تقدر ب 16 ألف طن سنويا من أصل 26 ألف طن هي الكمية المسموح باصطيادها سنويا
موضحا في هذا الإطارأن التأقلم مع هذه الإستراتيجية الجديدة يتطلب وقتا خاصة
ما يتعلق بالجوانب الإدارية المرتبطة بالرخص والرسوم التي تلزم الإستراتيجية البحارة بتنفيذها كشرط أساسي للولوج إلى البحر، وهو ما يمكن أن يساهم مع عوامل أخرى في تناقص الإنتاج من الأخطبوط عند الصيادين التقليديين خلال هذه الفترة آملا أن تعرف الفترة المقبلة ارتفاعا ملحوظا في انتاج الأخطبوط وذلك مع اكتمال الجوانب التنظيمية التي تفرضها الإستراتيجية الجديدة للصيد.
وفي هذا الإطارأوضح مسؤول مختبر تقييم الثروات البحرية بالمعهد الموريتاني لبحوث المحيطات والصيد السيد أبياه ولد أميس أن هذا التناقص الملاحظ في الكميات المصطادة من الأخطبوط تناقص طبيعي في هذه الفترة من السنة ويرجع ذلك بشكل أساسي إلي دينامكية الأخطبوط الذي يتركز هذه الفترة من السنة في المناطق العميقة وفي اتجاه الجنوب.
وبين أن هذا التناقص عائد إلى أن اغلب زوارق الصيادين التقليديين توجد في المنطقة الشمالية وهي المنطقة التي تشهد خلال هذه الفترة من السنة (فترة الشتاء) تناقصا طبيعيا للأخطبوط حيث تتركز هذه العينات في المناطق العميقة وباتجاه الجنوب ويصعب وصول زوارق الصيد التقليدي إليها في ما تستطيع الزوارق الصناعية الاصطياد في تلك المناطق الأمر الذي انعكس بشكل سلبي على حجم إنتاجها في المناطق الشمالية حيث توجد اغلب زوارق الصيد التقليدي.
وأضاف أن المعهد يقوم شهريا بمسحات بيولوجية لتقييم الثروة البحرية خصوصا الأخطبوط والقيام بدراسة بيولوجية لعينات الأخطبوط و يتم ذلك بواسطة سفينة للبحث تعرف محليا ب “العوام” تابعة للمعهد مبينا أن هذا المسح كان يقتصر في الماضي على المناطق الشمالية فيما أصبح اليوم ومع دخول الإستراتيجية الجديدة للصيد حيز التنفيذ يشمل المناطق الجنوبية.
وأشار مسؤول مختبر تقييم الثروات البحرية الى أن توفر الأخطبوط موسمي حيث تختلف الكميات المصطادة باختلاف الفترات خلال السنة وقد بينت الدراسات أن الفترة الممتدة بين الشهر السادس إلى الشهر الثاني عشر من السنة تعتبر من الفترات التي توجد خلالها كميات معتبرة من الأخطبوط فيما تتناقص هذه الكميات مع بداية كل سنة.
وقال ولد أميس إن هذا الاختلاف الملاحظ ما بين الفترتين يعود إلى انه خلال الفترة الأولى والتي يوجد فيها الأخطبوط بكميات معتبرة ناجمة عن وجود هذه العينات من الأسماك بالقرب من الشاطئ وفي المناطق الشمالية حيث توجد اغلب زوارق الصيد التقليدي أما في ما يتعلق بالفترة الثانية والمتعلقة بتناقص هذه العينات فذلك
ناجم عن ابتعادها عن الشاطئ باتجاه العمق وبشكل أقرب إلى الجنوب.