رئيس الجمهورية أمام الدورة 69 للجمعية العامة للامم المتحدة: إفريقيا تتطلع إلى تمثيل في المنظمة الدولية يليق بحجمها ومكانتها
اطلع رئيس الجمهورية رئيس الاتحاد الافريقي السيد محمد ولد عبد العزيز صباح اليوم الأربعاء في خطاب ألقاه باسم افريقيا من على منبر الجمعية العامة للامم المتحدة، العالم على ما أنجزه الأفارقة على درب مسيرة التقدم والنماء وما تعانيه هذه القارة الفتية وما تنتظره من المجموعة الدولية وما تتطلع اليه من إسهام فعال في إدارة حاضر الانسانية ورسم مستقبلها.
وفيما يلي النص الكامل لخطاب رئيس الجمهورية رئيس الاتحاد الافريقي:
“بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على النبي الكريم،
السيد الرئيس،
اصحاب الجلالة والفخامة والسمو
صاحب المعالي الأمين العام للامم المتحدة ،
السادة المندوبون،
أيها السادة والسيدات،
يطيب لي باسم الاتحاد الافريقي وباسم الجمهورية الاسلامية الموريتانية، ان أتقدم إليكم سيادة الرئيس سام كوتيسا، بأحر التهانئ وأطيب التمنيات بمناسبة انتخابكم رئيساً للدورة التاسعة والستين للجمعية العامة للامم المتحدة ، وكلي ثقة
أن ما تتمتعون به من الحنكة والكفاءة وما تمتلكون من تجربة طويلة على رأس ديبلوماسية بلدكم الشقيق أوغندا هو خير ضمان لحسن سير أعمال دورتنا الحالية ونجاحها.
كما يسعدني أن أشيد بما قام به سلفكم السيد جون آش من عمل متميز خلال إدارته لأعمال الدورة السابقة.
وأتوجه بجزيل الشكر الى معالي الأمين العام للامم المتحدة السيد بان كي مون على الجهود الجبارة التي ما انفك يبذلها في خدمة السلم والأمن الدوليين وعلى انتهاجه سبيل الحوار بوصفه الوسيلة المثلى لمعالجة القضايا الدولية الراهنة.
السيد الرئيس، اصحاب الجلالة والفخامة والسمو،
أيها السادة والسيدات،
لقد ظلت الجمعية العامة للامم المتحدة منبرا لتبادل الآراء ومناقشة القضايا الدولية الكبرى التي تلامس حياة الامم والشعوب وهو ما اكسبها مكانة متميزة بين هيئات الامم المتحدة المتعددة.
فهذا اللقاء السنوي الذي يجمع القادة ، مناسبة ثمينة للبحث عن ارضية مشتركة للوصول الى رؤية شاملة، تقترح حلولا ناجعة للقضايا الدولية المطروحة ترقى الى مستوى تطلعات الامم والشعوب.
وفي هذا الصدد يسعدني اليوم ان أخاطب جمعكم الكريم وان اطلع العالم،من خلال منبركم على ما أنجزنا نحن الأفارقة في مسيرة التقدم والنماء وما تعانيه قارتنا الفتية وما تنتظره من المنظومة الدولية وما تتطلع اليه من إسهام فعال في إدارة حاضر الانسانية ورسم مستقبلها.
السيد الرئيس، اصحاب الجلالة والفخامة والسمو،
أيها السادة والسيدات،
عرف العديد من بلدان القارة الافريقية، مستويات نمو مرتفعة ، رغم الأزمة الاقتصادية الحادة التي لا تزال تلقي بظلالها على العالم، فقد بلغ متوسط نسبة النمو في القارة 5% ويتجه نحو الارتفاع الى 6%.
يعود هذا الانتعاش الاقتصادي ضمن أسباب اخرى الى السياسات الاقتصادية الرشيدة التي انتهجتها الحكومات الافريقية، حيث تم تشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي وتشييد المزيد من البنى التحتية وإعطاء عناية خاصة للطبقات الأكثر هشاشة في المجتمع كما تم دعم المشاريع والأنشطة المدرة للدخل، فساهم ذلك بشكل فعال
في محاربة البطالة خاصة في صفوف الشباب والنساء. فإفريقيا تعمل جاهدة على ان تتحول من فضاء استهلاك
الى منطقة انتاج لتؤمن بذلك الملايين من فرص العمل.
السيد الرئيس، اصحاب الجلالة والفخامة والسمو،
أيها السادة والسيدات،
ان تحقيق الأمن الغذائي وتطوير الصناعات الزراعية ومكافحة الفقر في الوسط الريفي، تشكل أهدافا أساسية للاتحاد الافريقي. لذلك فقد حظي قطاع الزراعة والثروة الحيوانية باهتمام بالغ في القمم الافريقية المتعاقبة، حيث تم اعلان سنة 2014، ” سنة الزراعة والأمن الغذائي في افريقيا”.
فالزراعة توظف قرابة 60% من القوى العاملة، وتمثل ثلث الناتج المحلي الخام على مستوى القارة.
وفي هذا الإطار أوصت القمة الافريقية بتخصيص 10% من ميزانيات بلدان القارة لتطوير قطاع الزراعة. ووعيا منها بأهمية الأمن الغذائي، اعتمدت الحكومات الافريقية سياسات تنموية رشيدة بغية النهوض بهذا القطاع الحيوي.
واعطت هذه السياسات أكلها ، فحققت بعض البلدان الافريقية الاكتفاء الذاتي من منتجات زراعية عديدة وتتجه بلدان اخرى بخطى ثابتة الى تحقيق اكتفاء كامل في مجال الغذاء.
اننا في افريقيا نتطلع الى تعاون مثمر مع شركائنا، يفتح الاسواق العالمية امام منتجاتنا الزراعية، ويساعد على تطوير قدراتنا في ميادين البحث الزراعي، ويوفر التكنولوجيا المتطورة وتقنيات المحافظة على البيئة.
السيد الرئيس، اصحاب الجلالة والفخامة والسمو،
أيها السادة والسيدات، عند اعتماد أهداف الألفية سنة 2000، لم تكن لأفريقيا رؤية موحدة حول القضايا التنموية الكبرى ، فلم يكن لصورتها الصدى المطلوب، ورغم ذلك فقد عملنا بجد ونشاط على تحقيق تلك الأهداف.
واليوم فان افريقيا تتحدث بصوت واحد وتسعى الى تحقيق التنمية والتحول الى فضاء قوي، خال من الأوبئة والحروب والصراعات، تسوده العدالة والحكم الرشيد واحترام حقوق الانسان.
في هذا السياق ، اتخذ القادة الأفارقة قرارات هامة تتعلق بالقضايا الاساسية للقارة من بينها رؤية الاتحاد الافريقي لأفق 2063 وأجندة التنمية لما بعد 2015، التي تتمحور حول تنمية الموارد البشرية والقضاء على الفقر والأوبئة والأمراض الفتاكة.
نذكر بان محاربة مرض نقص المناعة المكتسبة ( السيدا) والملاريا والسل قد تعززت، من خلال برامج متعددة، مكنت من مواصلة الجهود الهادفة الى الحد من آثار الأوبئة.
رغم كل هذه الجهود فان المؤشرات في مجال الصحة تدعونا الى بذل المزيد لتعزيز المنظومة الصحية وتوسعة مجال الولوج اليها وتطوير المصادر البشرية والبنى التحتية. وفي هذا الإطار أطلق الرؤساء الأفارقة مؤخراً مبادرة قوية ضد السيدا.
ويمثل الظهور المفاجئ لفيروس ايبولا في غرب افريقيا تحديا جديا وتهديدا خطيرا، نظرا لسرعة انتشاره وفتكه السريع بضحاياه.
ان الإجراءات التي تم اتخاذها للحد من تفشي هذا الوباء لا تزال ناقصة ومحدودة الفعالية.
فكل يوم يمر دون التوصل الى علاج ناجع لهذا الوباء، يزيد من عدد الضحايا ويوسع دائرة المرض، لتشمل مناطق اخرى.
ان افريقيا رغم ما اتخذت من إجراءات وما تبذل من جهود ، لم تستطع حتى الان، التصدي بنجاح لهذا الوباء. وعليه فإنني أوجه من هذا المنبر نداءا للمجتمع الدولي للعمل الجاد على توفير اللقاحات الضرورية لمعالجة ضحايا
فيروس ايبولا ، وتعزيز الوقاية منه ومنع انتشاره وتكثيف الاستثمار في الأبحاث العلمية المتعلقة بالفيروسات والأوبئة، ومد يد العون للبلدان المتضررة.
في هذا الإطار نحيي ما قامت به بعض البلدان، والمنظمات الدولية من مبادرات وما تقدمه من مساعدات للدول التي تعاني من انتشار الوباء.
السيد الرئيس، اصحاب الجلالة والفخامة والسمو،
أيها السادة والسيدات،
ان ظاهرة الهجرة السرية وما تخلفه من مآسي يومية ، تدعونا الى العمل الجاد لإيجاد حل ناجع وسريع لها.
فلا يمكننا الاكتفاء بإحصاء الأجساد التي تقذفها الأمواج على الشواطئ او القيام بعمليات إنقاذ في أعالي البحار لآلاف المهاجرين المكدسين في قوارب بائسة تائهة.
ان ظاهرة الهجرة السرية ظاهرة مركبة ، تختلط فيها عوامل اقتصادية بممارسات مرتبطة بالجريمة المنظمة .
لذلك فان مراقبة الحدود مهما بلغت من اليقظة والقوانين مهما بلغت من الصرامة، تظل عاجزة عن إيقاف أفواج المهاجرين من الجنوب الى الشمال.
وهو ما يقتضي البحث عن حلول شافية تأخذ في الحسبان الأسباب الحقيقية لهذه الظاهرة، وتمكن من خلق الظروف المناسبة لتوفير المزيد من فرص العمل والحياة الكريمة للشباب الافريقي.
السيد الرئيس، اصحاب الجلالة والفخامة والسمو،
أيها السادة والسيدات،
تمثل الحكامة الرشيدة الشرط الضروري لنجاح الجهود التنموية. ذاك ما وعته بشكل عميق النخب السياسية الافريقية فعملت، بإخلاص على إشاعة الحريات العامة ورعاية النهج الديموقراطي، بصفته السبيل الأمثل لإدارة الشأن العام. وقد اتخذ الاتحاد الافريقي إجراءات رادعة لكل محاولة للاستيلاء على السلطة بطرق غير ديموقراطية وبذلك تعززت الممارسة الديموقراطية وتأسست التعددية وتتالت الانتخابات الشفافة.
لقد اقتضى النظام الديموقراطي في أصوله إشراك المجتمع المدني بكل أطيافه ، وفرضت طبيعة المجتمعات الافريقية احداث تمييز إيجابي لصالح المرأة مكنها من الولوج الى الوظائف الانتخابية وتبوء المراكز القيادية، سعيا الى المزيد من العدالة بين الجنسين.
وفي السياق ذاته يحظى الشباب بالصدارة في الخطط التنموية والسياسات الاقتصادية والاجتماعية للبلدان الافريقية. فمن المتوقع ان يصل تعداد سكان القارة في أفق 2050، ثلاث مليارات تناهز نسبة الشباب فيها الثلثين. وتتطلب هذه الحالة الديموغرافية المميزة للقارة ، تركيز الاستثمارات في البنى التحتية والخدمات الاجتماعية وإعطاء الأولوية لقطاعات الإسكان والتشغيل وتنمية الموارد البشرية وتنويع مصادر الطاقة والصحة والتعليم والتكوين المهني الذي يستجيب لمتطلبات السوق ويساهم في محاربة البطالة ويمكن الشباب من إبراز مهاراته .
فليست البطالة التي تعانيها مجتمعاتنا ناتجة عن انعدام فرص العمل وإنما ترجع في الغالب الى عدم ملاءمة مخرجات التعليم لحاجات سوق العمل الفعلية.
السيد الرئيس، اصحاب الجلالة والفخامة والسمو،
أيها السادة والسيدات،
ان عالمنا اليوم يواجه في مجال الأمن، العديد من المخاطر الناتجة عن تعدد بؤر النزاع وظاهرة الإرهاب والجريمة المنظمة والاتجار بالمخدرات والسلاح والبشر.
هذه المخاطر كلها ذات طبيعة عابرة للحدود فلم تسلم بعض مناطق القارة الافريقية منها، نظرا لضعف الممارسة الديموقراطية فيها وتفشي النعرات العرقية والثقافية والأزمات الاقتصادية وما تخلفه من توتر اجتماعي وهشاشة النظام التعليمي وما ينجم عنه من بطالة وانحراف في صفوف الشباب.
لمواجهة هذه التحديات وضع الاتحاد الافريقي آليات ناجعة، تمثلت في المنظومة الافريقية للسلم والأمن التي تضم مجلس السلم والأمن والقدرة الافريقية للرد السريع على الأزمات.
رغم ما بذل من جهود وما تحقق من إنجازات تظل محاربة الإرهاب مسؤولية دولية، تستدعي تعاونا وثيقا بين جميع مكونات المنظومة الدولية، اذ لا تستطيع الدول منفردة القضاء على ظاهرة الإرهاب.
لقد اسهم التعاون المثمر بين مجلس الأمن الدولي ومجلس السلم والأمن الافريقي بشكل فعال في إيجاد حلول للعديد من النزاعات المسلحة في قارتنا. ورغم هذه الجهود لا تزال الحالة الصومالية مستعصية على الحل، كما ان الأوضاع في ليبيا وشمال نيجيريا وجمهورية وسط افريقيا تشكل ، مصدر قلق بالنسبة لنا. في ليبيا تنزلق الأوضاع بشكل خطير ومؤسف نحو بوادر حرب أهلية قد تفكك وحدة البلد وتشرد ابناءه ويهدد خطرها بالانتقال الى البلدان المجاورة، اذا لم يتدخل المجتمع الدولي لمساعدة الليبيين في إيجاد حل سلمي وتوافقي، يضمن وحدة ليبيا واستقرارها.
وفي شمال نيجيريا لا تزال حركة بوكو حرام تمارس أعمالها الإجرامية، من قتل للابرياء وسبي للنساء وتدمير لقرى كاملة. لمواجهة هذه المجموعة الإرهابية لا بد من تضافر الجهود الافريقية والدولية للقيام بعمل حاسم للقضاء على هذا الخطر الذي يهدد المنطقة بكاملها.
اما في جمهورية وسط أفريقيا فان جهود قوة حفظ السلام الافريقية، بدعم من القوى الصديقة، أوقفت المجازر وحالت دون تطور النزاع الى حرب أهلية شاملة، لكن التوتر بين المكونات الاجتماعية لا يزال قائما، وهو ما يتطلب منا تشجيع الفرقاء في وسط افريقيا على استغلال المرحلة الانتقالية لبناء الثقة وتجاوز كل ما من شأنه ان يعرقل مسيرة السلام والاستقرار في البلد.
لا ينبغي ان تحجب عنا هذه الأوضاع ما تم إنجازه من تقدم على طريق إرساء السلام في مناطق عديدة كانت ملتهبة.
وفي هذا الإطار نهنئ أنفسنا بما تحقق في منطقة البحيرات الكبرى وشمال مالي وجمهورية جنوب السودان.
السيد الرئيس، اصحاب الجلالة والفخامة والسمو،
أيها السادة والسيدات،
لقد كانت منطقة الساحل من أولى المناطق الافريقية التي عانت من ظاهرة الإرهاب. ولكن بفضل التعاون الأمني الوثيق بين بلدان المنطقة والمآزرة الدولية، تم دحر الإرهابيين وشل نشاط شبكات التهريب.
لقد واجه الأفارقة الأوضاع الصعبة في شمال مالي بحزم، فتدخل العديد من دول القارة الى جانب القوى الدولية الصديقة للتصدي للجماعات الإرهابية.
فتم ابعاد خطر الإرهاب عن مناطق حيوية كانت منطلقا لعمليات الإرهابيين الإجرامية. وقد كان التدخل الفرنسي حاسما وفي الوقت المناسب، كما سيذكر التاريخ التضحيات الجسام التي قدمها ولا يزال يقدمها الجنود التشاديون الشجعان. لكن المخاطر الأمنية في المنطقة تظل قائمة رغم انحسارها النسبي.
ان القضاء على الإرهاب في منطقة الساحل يمثل تحديا جسيما ينضاف الى اكراهات التنمية ومحاربة الفقر.
فالترابط وثيق بين التنمية والأمن فلا يمكن تصور تنمية مستدامة مع انعدام الأمن ولا يستتب الأمن في غياب تنمية متكاملة.
وفي هذا السياق وعت دول المنطقة ضرورة انشاء إطار إقليمي لتنسيق الجهود من اجل تنمية المنطقة من جهة ولمحاربة خطر الإرهاب والجريمة العابرة للحدود من جهة اخرى، فجاء انشاء مجموعة دول الساحل الخمس خلال قمة رؤساء الدول الأعضاء المنعقدة في نواكشوط في فبراير المنصرم.
ان المجتمع الدولي مطالب بان يؤازر الأفارقة في آمالهم وتطلعاتهم المشروعة نحو السلم والأمن والتنمية المستدامة.
السيد الرئيس، اصحاب الجلالة والفخامة والسمو،
أيها السادة والسيدات،
ان الصراع في منطقة الشرق الأوسط الذي تتصاعد حدته من حين لآخر دون أفق واضح لحل نهائي له، رغم المبادرات العربية والدولية العديدة، يشكل خطرا دائماً على السلم الدولي. وهو ما يستدعي من كافة أطراف النزاع تقديم تضحيات، مؤلمة احيانا، ومن المجتمع الدولي المزيد من الضغط والعمل لإيجاد حل عادل وسريع لهذا النزاع، يرتكز على تطبيق القرارات الدولية ذات الصلة التي تضمن للشعب الفلسطيني إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
كما ان الأوضاع الخطيرة في سوريا والعراق الناتجة عن تفاقم ظاهرة الإرهاب، تشكل مصدر قلق بالغ للمنظومة الدولية. اننا نبارك الإجراءات المتخذة مؤخراً لمواجهة المجموعات الإرهابية في العراق وندعو أطراف النزاع في سوريا الى نبذ العنف والجلوس على طاولة المفاوضات لتجنيب بلدهم المزيد من الدمار.
وكذلك فان الأزمة في أوكرانيا ينبغي ان تجد حلا سلميا سريعا، حفاظا على السلم الدولي ومنعا للتجاذب بين القوى العظمى.
السيد الرئيس، اصحاب الجلالة والفخامة والسمو،
أيها السادة والسيدات،
تتطلع القارة الافريقية الى زيارة حضورها في المحافل والمنظمات الدولية، بما يناسب حجمها ومكانتها، كي تصبح هذه المحافل وتلك المنظمات اكثر تمثيلا للشعوب والدول. فإذا كانت الجمعية العامة للامم المتحدة هيئة دولية تمثل فيها جميع البلدان على قدم الساواة، فان العضوية الدائمة في مجلس الأمن لا تزال حكرا لدول محدودة. ولم يعد ذلك الامتياز المستمد من نتائج الحرب العالمية الثانية في القرن الماضي، يعبر اليوم عن حقائق الجغرافيا السياسية الدولية ولا يأخذ بعين الاعتبار التحولات العميقة التي عرفها العالم. فلافريقيا اليوم مكانتها الرفيعة ودورها المتميز في المنظومة الدولية، وهو ما يؤهلها بجدارة لتمثيل دائم على مستوى مجلس الأمن الدولي.ومن الأهمية بمكان الشروع في التفاوض حول النصوص في اقرب وقت ممكن لتوسعة التمثيل الدائم وغير الدائم في مجلس الأمن الدولي.
ان تحقيق العدالة على المستوى الدولي، يستدعي أيضاً، إصلاح النظام الاقتصادي العالمي ليصبح اكثر إنصافا من خلال نهوض الامم المتحدة بدور اكبر في الجهود الرامية الى تعزيز الشفافية وتحقيق استقرار النظام المالي وتشجيع الاستثمارات اللازمة لتنمية مستدامة.
في الختام أتوجه إليكم سيادة الرئيس ، اصحاب الجلالة، والفخامة و السمو، المشاركين في اعمال الدورة التاسعة والستين للامم المتحدة ، بجزيل الشكر على الجهود الجبارة التي تبذلونها من اجل إنجاح اعمال دورتنا هذه. ان تحقيق الأهداف النبيلة التي أنشئت من اجلها منظمة الامم المتحدة، مرهون بتمكين جميع شعوب العالم من حقها في التنمية والاستفادة من وسائل الرقي والتقدم، لتنعم الانسانية جمعاء بالعيش الكريم في كنف الحرية والعدالة والمساواة.
أتمنى لأعمالنا السداد والتوفيق.
أشكركم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”