إصدار جديد للكاتب محمد ولد أحمد البرناوي
الخلاف والاختلاف والاستخلاف
أو العرف والشرع والسلطة السياسية
في الجنوب الغربي للغرب الإسلامي
بداية القرن التاسع عشر.
يتناول كتاب “الخلاف والاختلاف والاستخلاف” لمؤلفه محمد ولد أحمد البرناوي إشكالية العرف والشرع والسلطة السياسية في الجنوب الغربي للغرب الإسلامي بداية القرن التاسع عشر. ولئن كان لقلة من الباحثين فضل السبق إلى تناول الموضوع فإن مساهماتهم على أهميتها، بحسب رأي الكاتب، تنحو منحى شموليا وتركز على البعد التاريخي، بينما تتسم محاولة الكاتب، في رأيه، بالجزئية، وبالارتباط بالنص والتحليل والنظر إلى المحاور السابقة في ترابطها ضمن مقاربة أراد لها الكاتب أن تكون انتربولوجية.
وقد اتخذ الكاتب من مساهمة الشيخ محمد المامي نموذجا لما وجد فيها من جمع بين خاصيتي الأصالة والغزارة ولكونها تمتلك خصائص تلبي المحاور التي حددها الكاتب لدراسته، وكان من بين تساؤلات الشيخ أسباب غياب عادات وتقاليد المجتمع في النص التشريعي رغم أنه قد اسلم منذ ما يزيد على احد عشر قرنا على الأقل ورغم وجود الفقهاء ورغم ما يتيحه النص من امكانيات تشريعية..
وقد قادته هذه التساؤلات إلى الوقوف على ما للعرف والشرع من ارتباط عضوي بالسلطة السياسية وهو ما حداه إلى التساؤل عن طبيعة تلك العلاقة وتنبع تطورها عبر الزمن..
وقد شكلت هذه التساؤلات الخلفية التي تناول الكاتب من خلالها الجذور السوسيو – ثقافية للدولة الممركزة، كما شكلت الأساس الذي اعتمده فيما يمكن تسميته بالتحقيق المعرفي للرجل.
ولما كان الشيخ يتجه إلى النص الشرعي لاكتناهه بحثا عن ما يتيحه من امكانيات اجتهادية من جهة، وإلى الواقع لتشخيصه من جهة ثانية، متنقلا في تأملاته من مستوى إلى مستوى أعمق، فإن مقاربته تلك يمكن تسميتها – حسب المؤلف – بمنهج الحفر المزدوج.
ويشير المؤلف في مقدمة الكتاب إلى أن محاولة بناء حياة الشيخ كانت الجزء الأكثر تعقيدا من مداخل دراسته بسبب شح المصادر وخضوعها للاشتراطات الاجتماعية التي جعلها تخلوا من أي إشارة تتعلق بطفولة الشيخ وهجرته وأشياخه.
إلا أن المؤلف حاول استنطاق هذه المصادر وقراءة ما بين سطورها للإجابة على التساؤلات الملحة التي اكتنف هذا الغموض الذي يرجعه المؤلف إلى عاملين: يتعلق الأول منهما بالمصادرة الصارمة في إطار السعي إلى طمر كل ما من شأنه أن يؤثر على وحدة القبيلة المستعادة. أما العامل الثاني فهو الأسطرة التي جاءت نتيجة التركيز على الجوانب المتعلقة بالأمور الباطنية، وهو ما أثر على البعد العلمي للرجل وضاعف من هاجس الحجُب حول حياته.
ولما لبعض الاشكاليات الفرعية من أهمية وخصوصية في نصوص الشيخ، فقد حاول المؤلف ابراز أصالتها مثل الجذور السوسيو- ثقافية للدولة المركزية التي حظيت بتركيز خاص في مؤلفات الشيخ بالإضافة إلى مقاربته اللا خلدونية لمفهوم السيبة بفتح باب الاجتهاد وإعادة الاعتبار للواقع، فمع الشيخ محمد المامي عرف النص والسياق معا قطيعة حقيقية مع التقاليد المنهجية السائدة.
وقد حاول المؤلف من خلال هذا الكتاب تعميق التأمل حول العناصر الثلاثة التي يرى أنها قد يكون أساسا لمساهمة ما في إثراء وربما تجاوز النظرية الخلدونية والمتمثلة أولا في حرصه على إبراز خصوصية المجتمع، ليس فقط من خلال تحليل ممارساته ونظمه ونمطه المجتمعي، ولكن من خلال إصراره على تصنيفه خاصة عبر ما اطلقه عليه من تسميات لم يُسبق إليها مثل بلاد السيبة – بلاد الفترة – القطر الشنظوري – المنكب البرزخي).
ثانيا في حرصه في مشروعه المجتمعي على رفض نماذج السلطة المحلية والمشرقية على حد سواء في بحث مزمن لتحديد ملامح نموذج خاص بمجتمع السيبة.
ثالثا: في رفضه لهيمنة المدينة ومركزيتها
وقد جاء الكتاب في أربعة فصول خصص الفصل الأول منها لحياة الشيخ محمد المامي: طفولته – أشياخه – بيئته الاجتماعية والثقافية، رحلته، ومصادر عبقريته.
بينما تناول الفصل الثاني أصالته الفكرية، في حين تناول الفصل الثالث نقاش مسألة الاختلاف وخصوصية المجتمع.
أما الفصل الرابع فقد خصص لنقاش الأسس الاجتماعية والثقافية لمشروع الدولة المركزية في القرن التاسع عشر في الفضاء المذكور.
الموضوع الموالي