عقدت الجمعية الوطنية جلسة علنية اليوم الإثنين في مقرها بنواكشوط برئاسة نائب رئيس الجمعية النائب أبوه ولد حمود، خصصت لتوجيه سؤالين شفهيين لوزير العدل حول واقع السجون في موريتانيا.
وفي بداية الجلسة قدم النائبان: يعقوب ولد امين (فريق تكتل القوي الديمقراطية) ومحمد المصطفي ولد بدر الدين (رئيس فريق اتحاد قوي التقدم) علي التوالي سؤالين شفهيين لوزير العدل.
وطالب النائبان من الوزير تقديم تفسيرات عن وضعية السجون الموريتانية من حيث الاكتظاظ وسوء الأحوال الصحية والمعيشية لنزلائها ووجود سجناء في حبس تحكمي خارج القانون وآخرين انتهت فترات محكوميتهم دون إطلاق سراحهم.
وأكد النائبان أن جميع التقارير والمعطيات والوقائع، تتفق على أن السجون الموريتانية “تتقاسم جملة مشاكل تتمثل بشكل رئيسي في الظروف الصحية غير الملائمة والاكتظاظ ونقص الغذاء والرعاية الطبية ومياه الشرب وغياب عمال ومباني سجون بالكمية الكافية وانتشار الجريمة المنظمة بأنواعها داخل السجون،و وجود مساجين
خارج القانون”.
وأضاف النائبان أن التقرير الأخير للجنة الوطنية لحقوق الإنسان ولنقيب المحامين ولمنظمة العفو الدولية، تجمع على أن “كافة السجون في نواكشوط لا تستوفي المعايير الدولية باستثناء مركز الاعتقال في الميناء”.
وبينت تقارير تلك الجهات أن سجن دار النعيم “يأوي 1250 سجين في حين لاتتجاوز طاقته الاستيعابية300 سجين، مما سبب وفيات بين السجناء”، إضافة إلي كون بعض السجون لم تكن في الاصل مخصصة لهذا الغرض.
وتحدث النائبان عن وجود “مصابين بأمراض معدية ونفسية بين السجناء، يتقاسمون نفس الغرف مع آخرين مع غياب الرعاية الصحية ونقص الأطعمة ورداءة الموجود منها على حد حسب تعبيرهما”.
وتطرق النائبان لما سميانه”تعرض السجناء لسوء المعاملة والتعذيب من طرف الجهات المسؤولة عن امن السجون وإدارتها، منددين بعدم التحقيق في ذلك”.
وقدم النائبان لائحة لبعض السجناء معتبران بقاءهم في السجن “مخالف لجميع القوانين” لان بعضهم انتهت فترة حبسه الاحتياطي ومن انتهت فترات محكوميتهم مع وجود سجناء “منسيين دون محاكمة” واصفين بعض هذه الحالات بأنها “اختطاف وحبس تحكمي خارج القانون”.
وتحدث النائبان عما وصفاه “إهمالا لحقوق السجناء من بطء الإجراءات القضائية واستخدام الحبس الاحتياطي كقاعدة في المحاكم بدل أن يكون الاستثناء وعدم العناية الصحية بسجناء اثبتت التقارير الصحية ان وضعهم الصحي يفرض خروجهم من السجن”.
وانتقد النائبان “هيمنة السلطة التنفيذية على القضاء وعدم منحه الوسائل الضرورية التي تمكنه من تأدية مهمته بكفاءة واستقلالية” وحملا الحكومة مسؤولية أوضاع السجون مطالبين بالبحث عن حلول ناجعة وعاجلة لهذه الوضعية.
وزير العدل السيد عابدين ولد الخير، أعرب في بداية رده على السؤالين الشفهيين، عن استغرابه الشديد لتحويل موضوع السؤالين ـ الذي كان وجيها وواردا ـ إلى استغلال قبة البرلمان المحترمة لاستعراض قضايا لا تليق بهذه القبة التي على كل أعضائها الابتعاد بأنفسهم عن أمور لا يتحكمون في حقائقها ونسب أقوال لمن لم يقولوها قط.
وذكر النواب بأنهم يمثلون الشعب الذي انتخبهم وهو ما يستوجب منهم الأمانة واحترام كافة الهيئات الدستورية خاصة رئيس الجمهورية الذي هو حامي جميع السلط ومنتخب ديمقراطيا بأغلبية واضحة يشهد بها القاصي والداني من طرف الشعب الموريتاني بنسب تفوق تلك التي بها انتخب النواب.
وقال وزير العدل إن الانسان في موريتانيا لم يكرم أبدا قبل نظام محمد ولد عبد العزيز الذي نقله من احياء الصفيح الى مناطق عصرية تستوفي جميع وسائل الحياة العصرية المدنية وهو من جعل حقوق الانسان وكرامته فوق كل الاعتبارات وجعل منها أولوية الأولويات من خلال البرامج الاجتماعية الثقافية الاقتصادية لصالح الفقراء والمحتاجين بسبب تراكمات الماضي.
وقال إن المواطن يبقى في غياهب السجن دون محاكمة لا يستطيع التحدث عن مشكلته ولا يستطيع آخر التحدث عنه يقول وزيرالعدل، مستغربا انتقاد البعض اليوم للانجازات الكبيرة التي ينفذها النظام لصالح المواطنين والتي كانوا يطالبون بها واليوم ينتقدونها عندما صارت واقعا معاشا بدل الإشادة بذلك ويختلقون مشاكل تتعلق بالسجون والمساجين غير صحيحة البتة.
واستغرب الوزير عدم حديث هؤلاء عما قامت به الدولة في ظل عهد رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز من انجازات لصالح ضحايا لمغيطي و”صانتر امتير” وما قيم به في اطار محاربة الارهاب والجريمة المنظمة، سواء على مستوى التصدي او الوقاية.
وبخصوص السجون في موريتانيا قال السيد عابدين ولد الخير كل ما قيل عنها خال من الصحة، مؤكدا أن الحكومة تعمل على ان تكون السجون مؤسسات تأهيلية من خلال تحسين الظروف المعيشية والنفسية للسجناء من خلال التعاقد مع رجال دين لتثقيفهم في أمور دينهم ودنياهم.
وشدد وزير العدل على عدم وجود اي اكتظاظ في اي سجن داخل البلاد باستثناء سجن دار النعيم الذي استلم 2007 والذي صمم في الاصل مكتظا لكون طاقته الاستيعابية 250 سجين في عاصمة تأوي ثلث سكان الوطن وقد استلمته الحكومة الحالية 2008 وبه ما يزيد على 900 سجين، مبرزا أن هذه الوضعية المزرية ستتغير قريبا بعد اكتمال سجن الاك.
وقال إن معاش السجناء والعناية الصحية بهم محل عناية خاصة من رئيس الجمهورية، الذي امر بأن توفر لهم جميع الإمكانيات ، حيث بلغت ميزانية مخصصات المساجين هذه السنة حوالي 300 مليون اوقية وبلغت تكاليف حجزهم الصحي في المستشفيات 13 مليون أوقية وصرفت على شراء الادوية لهم سبعة ملايين اوقية ويتألف الطاقم الطبي لمعالجة السجناء في نواكشوط من 17 عنصرا.
وأوضح أن السلطات اعطت عناية خاصة لسجن دار النعيم نظرا لحالته الاكتظاظية الخاصة ، اذ يتوفر على فريق طبي دائم وله جناح للحجز السريري الصحي بطاقة 10 أفراد.
ونفى وزير العدل بشكل قطعي قابل للتأكد منه، وجود أي سجين في حالة خارج المسطرة القانونية، مشيرا إلى أن السجناء، إما في ذمة محاكم الاختصاص فهؤلاء لا دخل للحكومة في قضاياهم وإما سجناء في مراحل التحقيق، الحكومة تعمل على كل ما يسرع إجراءات إحالتهم للقضاء الجالس.
وشدد على ان السلطة التنفيذية لم ولن تتدخل للقضاء في صلاحياته ولم ولن تعترض على قراراته بشأن المحكومين، ولن تستفزها اية جهة ولا تحركات مهما كان مصدرها لايمانها بضرورة المحافظة على فصل السلطات واحترام القضاء.
وأوضح وزير العدل أن الحبس الاحتياطي أمر شرعي ينص عليه القانون وأكد انه لا يوجد سجين موريتاني خارج القانون ابدا موضحا ان هناك سجناء يحاول البعض استغلالهم ـ لحاجة في نفس يعقوب ـ بعضهم احيل الى المحاكم وتم برمجة محاكمته وهو ودفاعه من اخر محاكمته ومنهم من مازال ملفه في طور التحقيق، وأعرب عن استنكاره لحديث برلمانيين عن قضايا امام القضاء والتحدث عنها خارج الحقيقة.
واعتبر أن ذلك مزايدة لا تخدم المعنيين وغير مقبولة من مشرعين عليهم ان يحترموا قرار فصل السلطات وتعهد بالتحقيق في اية حالة خارجة عن القانون في السجون الموريتانية.
ورحب الوزير بفكرة احد النواب بتشكيل لجنة برلمانية تحقق في حالة السجون والمساجين داعيا الى الاسراع بتشكيلها متعهدا بالتعاون معها والعمل بتوصياتها، كما أعطى امثلة كبيرة على ان حالة السجناء مرضية وفي تحسن مستمر من خلال وجود مركز لإعادة تأهيل الأطفال الجانحين بدل حبسهم.
وقال إن وجبات السجناء الغذاية احسن من وجبات غيرهم في احيان كثيرة وان ابواب التحقيق في حالة السجون متاحة لجميع المنظمات الانسانية الوطنية والدولية ولكل المهتمين بالموضوع.
وقال وزير العدل ان هناك رقابة شديدة ودقيقة لضمان التأكد من ان جميع مخصصات السجناء تصلهم كاملة غير منقوصة وان العناية بأحوالهم الصحية والنفسية مراقبة. وبخصوص مصير السجناء السلفيين المنقولين الاسبوع الماضي من السجن المركزي، قال الوزير ان هذه المعلومات متوفرة للوكلاء المعنيين لا لغيرهم.
واختتم وزير العدل ردوده على النواب بالإعراب عن أسفه للاستماع إلى برلماني يحاضر في مسطرة القانون الجنائي ويتكلم في أمور لا يتحكم فيها عن الحبس الاحتياطي وان هناك سجناء تجاوزوا فترة الحبس الاحتياطي وهذا غير صحيح لان المادة 138 التي تحدث عنها توضح عكس ذلك.