بقلم: المختار السالم
elmoctar@gmail.com
أعترف مسبقا بأنني لا أفهم جيدا ما يجري من جدل سياسي وحراك احتجاجي في البلاد، لا أفهم الكثير من الأمور والمواقف والتصريحات والأحداث، ولهذا قررت هذا الأسبوع تناول نقاط متفرقة باختصار شديد ومخل بسبب قصر فهمي المحدود لخلل “السياقات”.
أولا، فيما يعني إضراب نقابات الصحة، الذي ملأ الدنيا وأفرغ المستشفيات، أجزم لكم أن الحالة الصحية في البلاد تحسنت منذ بدء هذا الإضراب، وقال لي مصدر مطلع، والعهدة عليه، إن نسبة الوفيات انخفضت بين المواطنين، ولكم أن تفسروا الأمر.
أما السبب- كما أراه- فهو على الأقل في توقف المواطنين عن تعاطي الأدوية المزورة والمغشوشة، وتجنبهم لوصفات طبية على أساس تشخيصات لا علاقة لها بالصحة الجسمية ولا العقلية لأي كائن حي أحرى أن يكون ذلك الكائن هو “البشري” من الفصيلة الموريتانية ما بعد العصر الحجري، وعلى الحافة الهلامية للعصر الإنترنتي.
ثانيا، فيما يتعلق بـ”الفيسبوكيين والفيسبوكيات” من شباب الموالاة أو المعارضة، حاولت متابعة الجدل بين هؤلاء الشباب على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وهو جدل ممتاز ومفيد لولا “العنف اللغوي” تجاه شخصيات وقوى وطنية نحسبها رموزا لهذا البلد وجزء من كرامته وصورته، ولا نقبل بأي حال من الأحوال المساس بها تحت ذريعة النقد، فالنقد مطلوب ومرغوب، لكن التجريح مذموم، لأنه في الحقيقة “حالة سلوكية ذئبية” لا نرضى بها- كمواطنين- في حق أي من قادتنا السياسيين سواء كانوا في “الاتجاه” أو “الاتجاه المعاكس”.
ثالثا، في مجال الحوار السياسي المنشود، لا نقول إننا “هرمنا.. هرمنا” في انتظار هذا الحوار الذي يعلق كل يوم سقف خيالاتنا في تمويه ذكي ومدروس.
ولكن نقول إن الحوار، وهو بالمناسبة ليس قدرا محتوما، يعتبر درجة عالية من السمو السياسي، وهو ذروة التصوف الديموقراطي، وأهم من ذلك هو “مصباح سحري” لإنارة الطريق أمام توحد الجهود في ملفاتنا الكبرى حتى لا تصبح “تلك الملفات” مجالا للمساومة أو المراوغة تمهيدا “لجلبها” إلى سوق سياسي شديد التقلب.
رابعا، بما أننا في زمن الثورات العربية المجيدة، وحيث لم نعد البلد العربي الديموقراطي الوحيد في كوكب الأرض، كما كنا نفتخر، فإن الفرصة الآن متاحة أمامنا للقيام بعمل لا يقل أهمية عن الديموقراطية، وهو بناء منظومة العمل التطوعي خدمة للمجتمع والبلد.
ولعله من المريع هذا الغياب المسجل للعمل التطوعي لصالح المجتمع خاصة في صفوف الشباب، في الوقت الذي يضرب فيه شباب البلدان الأخرى نموذجا عاليا للتفاني في حب بلدانهم، سواء في حملات التنظيف، أو حملات التوعية، أو المؤازرة للمحتاجين.
إن ميدان العمل التطوعي في موريتانيا ميدان “فارغ” حتى الآن للأسف، وحين تكون الميادين فارغة أو مفرغة فالأمور ليست على يرام.. وطبعا المسؤولية هي أكثر شيء يتم تقاسمه “افتراضيا” على الأقل.
الموضوع الموالي