AMI

رئيس الجمهورية يشيد بتضامن الأشقاء ويبرز الدور الحضاري للبلاد

ثمن السيد سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله رئيس الجمهورية في خطاب تنصيبه اليوم حضور الأشقاء والأصدقاء لحفل التنصيب باعتباره تقديرا وتضامنا مع البلاد، مشيدا بدور المجلس العسكري للعدالة والديموقراطية ووفائه بالتعهدات التي قطعها على نفسه غداة الثالث أغسطس 2005.
وقال إن البلاد وان كانت فقيرة في الإنتاج وصغيرة في تعدادها السكاني ، فإنها عظيمة في حضارتها وغنية بتنوعها الثقافي.
وفيما يلي نص خطاب رئيس الجمهورية:
“بسم الله وما توفيقي الا بالله عليه توكلت واليه أنيب
أصحاب الفخامة رؤساء الدول الشقيقة والصديقة ،
أصحاب المعالي رؤساء الحكومات ،
أصحاب السيادة رؤساء الوفود ،
السادة ممثلي المنظمات الدولية والإقليمية ،
أصحاب السعادة السفراء،
السادة رئيس وأعضاء المجلس الدستوري ،
السيد رئيس المحكمة العليا ،
السيد رئيس المجلس الإسلامي الأعلى ،
السادة ممثلي النواب والشيوخ المنتخبين،
حضرات المدعوين الكرام،
سيداتي سادتي ،
مواطني الأعزاء،
لا أخفي عليكم مدى تأثري، وأنا أقف أمامكم اليوم، في حفل التنصيب الذي سأتولى إثره، بمشيئة الله، مقاليد الأمور في البلاد، للسنوات الخمس المقبلة.
كما أنني لا أنكر مشاعر القلق التي تتملكني، أمام جسامة المهمة الملقاة على عاتقي، والتي أعي كل الوعي مدى حجمها وتعقيدها، ولكن حضوركم معنا اليوم، أصحاب الفخامة والمعالي والسعادة، ليخفف من هذا القلق، إذ هو أصدق شاهد على تقديركم لبلدي ولشعبي، وخير دليل على تضامنكم معنا، ودعمكم للمشروع الذي سأسهر، بعون الله، على تحقيقه.
فلتتفضلوا، بقبول خالص شكري وعظيم امتناني، باسمي شخصيا وباسم الشعب الموريتاني، مقدرا حق التقدير أهمية الالتزامات والمشاغل الجمة التي تنتظركم، والتي قبلتم مشكورين التضحية بها مؤقتا، للرفع من شأن هذا الحدث، بحضوركم الكريم لفعالياته.
أصحاب الفخامة والمعالي والسعادة ،
سيداتي، سادتي ،
مواطني الأعزاء ،
سأكون غير منصف البتة، اذا لم اعترف أمامكم وأمام التاريخ، بالدور الحاسم الذي لعبه المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية، بقيادة الرئيس اعل ولد محمد فال، في عملية التحول الجارية في بلادنا.
إن هذا التحول ما كان له أن يتحقق، ولا حتى أن يتصور، لولا إرادة وتصميم المجلس العسكري، مجسدة في الوفاء بالتعهدات التي قطع على نفسه غداة الثالث من أغسطس 2005، من جهة، وفي الأداء المتميز للحكومة الانتقالية من جهة أخرى.
فليسمح لي رئيس وأعضاء المجلس العسكري للعدالة والديمقراطية وأعضاء الحكومة الانتقالية، أن أعرب باسمي شخصيا وباسم الشعب الموريتاني عن كامل عرفاننا وامتناننا لهم، لما تحقق للبلاد خلال هذه الفترة .
وسيخلد التاريخ العمل العظيم الذي أنجزوه، بحكمة، وكفاءة، وإخلاص، مشرفين البلاد وجاعلين منها نموذجا يحتذى، للخروج السلس من عهد الأحادية والولوج إلى الديمقراطية العصرية، من بابها الواسع.
وفيما يخصني، فإنني سأبقى متشبثا بالروح التي أسست لذلك العمل، وحريصا على الاستلهام من معين هذه التجربة .
ولن يفوتني، هنا، أن أنوه بأصدقائنا وشركائنا على ما قدموا من دعم سخي، ومتنوع لإنجاح هذا المسار. والشكر والثناء موصولان، إلى الإدارة والفاعلين السياسيين والمجتمع المدني، لمواكبتهم، وتأطيرهم لهذا التحول .
أصحاب الفخامة والمعالي والسعادة،
سيداتي، سادتي مواطني الأعزاء ،
لئن كانت بلادي موريتانيا، صغيرة بعدد سكانها فقيرة بشح إنتاجها الوطني رغم ما تزخر به من مقدرات اقتصادية، فهي، مع ذلك عظيمة بحضارتها المشهودة، غنية بثقافتها المتنوعة.
فشعبنا سليل حضارة عريقة،تجلت عبر التاريخ في ظهور إمبراطوريات ودول تجاوز تأثيرها وإشعاعها حدود منطقتنا، مثل إمبراطورية غانا ودولة المرابطين اللتين تعتبران بحق مصدر فخر واعتزاز له.
ولقد أسهم ذلكم التراكم الحضاري، داخل الحدود الحالية لبلادنا، في خلق رجال ونساء ذوي قيم رفيعة ومواهب عالية، تؤهلهم لاستيعاب روح المواطنة، والالتزام بمبادئ وقواعد الديمقراطية العصرية.
واستحضارا لهذا الموروث التاريخي الراسخ، وتجاوبا مع طموحات شعبنا المشروعة إلى التغيير، فان جهودنا ستنصب بحول الله، على تطبيق برنامج الإصلاح الواسع، الذي قدمت خطوطه العريضة خلال الحملة الانتخابية، والمتركز علي المحاور التالية:
– توطيد الوحدة الوطنية، بما يحقق الوئام بين جميع مكونات شعبنا، ويقضي على الآثار السلبية الموروثة عن الماضي، ويفتح الآفاق واسعة أمام مشاركة جميع الموريتانيين ، حيثما كانوا في بناء بلدهم.
– إعادة بناء الدولة عبر إصلاح جذري لهيئاتها ونظم تسييرها، في ظل سلطان العدل والإنصاف وفصل السلطات واحترام القانون .
– ترسيخ الثقافة الديمقراطية، القائمة على التسامح وقبول الرأي الآخر واحترام دور المعارضة السياسية.
– تحقيق نمو اقتصادي، يسمح برفع المستوى المعيشي للسكان، ومكافحة الفقر، وتقليص البطالة والحد من الفوارق الاجتماعية، وتوسيع البنى التحتية، وتمكين المواطنين من الاستفادة من الخدمات الأساسية، كالصحة والتعليم والماء الشروب والمرافق الحيوية الأخرى.
– ترقية الموارد البشرية من خلال إصلاح تربوي، يلبي احتياجاتنا التنموية ويضمن مستقبل أجيالنا الصاعدة، ويجعل من المدرسة إطارا مناسبا لترسيخ قيم المواطنة، وإشاعة روح التضامن والتسامح، توطيدا لوحدة شعبنا.
– تطهير وتقويم الحياة العمومية، عن طريق القضاء على ممارسات الرشوة والتسيب الاداري والمالي، عبر الرقابة العادلة والفعالة، واعتماد معايير الكفاءة والنزاهة في اختيار المسؤولين العموميين.
أما على الصعيد الخارجي، فستعمل بلادنا على تفعيل دورها في محيطها العربي والإفريقي والإسلامي، وستسعى جنباالى جنب مع الدول المجاورة الشقيقة، من أجل تسريع وتيرة التعاون والاندماج ، من خلال الفضاءات الاقليمية المناسبة، معتزة بما حققته منظمة استثمار نهر السينغال على طريق التعاون بين دولها الأعضاء، ومتطلعة الى أن يصبح اتحاد المغرب العربي اطارا حقيقيا للاندماج بين البلدان المغاربية تلبية لطموحات شعوب المنطقة.
وستظل موريتانيا سندا لكفاح الشعب الفلسطيني العادل من أجل الذود عن مقدساته، واسترجاع أرضه وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف .
وستدعم بلادنا كافة الجهود الرامية الى استعادة الأراضي العربية المحتلة.
فبهذه الشروط، وبها وحدها، يمكن لشعوب الشرق الأوسط ان تنعم بالسلام والعادل ولدائم الذي تتطلع إليه البشرية جمعاء.
وأخيرا، ستعمل موريتانيا جاهدة في سبيل تعزيز السلم العالمي وإقامة نظام دولي أكثر عدلا وإنصافا .
مواطني الأعزاء ،
ان تحقيق الأهداف التي منحتموني ثقتكم على أساسها، والتي ذكرت بها آنفا، تتطلب من الدولة والشعب تضافر وتكامل الجهود، بغية انجاز التغييرات المنشودة.
وجدير بنا، ان نستلهم هذه الجهود، من القيم الأخلاقية والروحية، المستوحاة من تعاليم حضارتنا الإسلامية العظيمة.
فبالنسبة للدولة، سنعتمد مفاهيم جديدة، تحدد دورها وصلاحياتها، وتبتعد كل البعد عن المسلكيات الاستبدادية، والممارسة الفردية للسلطة وتتبنى منهج التشاور وتقاسم المسؤوليات وتكاتف الجهود.
ان مرجعية عمل السلطات العمومية ستكون دائما العدل والمساواة في الفرص، والاستخدام الرشيد والشفاف للموارد العمومية، واحترام المواطن والاستعداد لخدمته دون أي ضعف مخل أو تمالئ مشبوه.
وستستعيد جميع مؤسسات الجمهورية صلاحياتها كاملة، كما يحددها الدستور والقوانين والنظم المعمول بها في البلد، على ان تقوم هذه المؤسسات باطلاع المواطن على ما تؤديه من مهام، نيابة عنه واعتمادا على موارده.
وسيتم تنفيذ سياسة صارمة للرقابة والمتابعة والتقويم، تمكن من تطبيق عادل لمبدإ المكافأة والعقوبة على جميع مستويات المسؤولية العمومية.
أما انتم ،مواطني الاعزاء، فانني اهيب بكم ان تقدروا بجدية حجم مسؤوليتكم في تحقيق التغيير الذي نصبو اليه.
فعليكم ان تعوا جميعا ضرورة التغيير الجذري، لعقلياتكم وممارساتكم، سواء على المستوى الفردي أو الجماعي في نطاق التكتلات السياسية أو التنظيمات المهنية، والنقابية، وغيرها من منظمات المجتمع المدني، آخذين في الحسبان ضرورة اشاعة العدل بين الناس طبقا لتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف .
فذلكم اليوم شرط لا غنى عنه من اجل دخول العصرنة التي تمليها العولمة ويقتضيها استيعاب قيم الحرية والديمقراطية.
وأملي كبير في ان تسهم الصحافة والنقابات والتنظيمات السياسية وهيئات المجتمع المدني، بصفة فعالة في اشاعة وترسيخ روح المواطنة، وقيم المدنية.
واعتبارا لما تقدم، فانني أود ان أعرب هنا عن ثقتي وإيماني بقدرة شعبنا على التعامل مع المستقبل بشجاعة وعزم وعلى رفع كافة التحديات التي تواجهها بلادنا.
أصحاب الفخامة والمعالي والسعادة،
سيداتي، سادتي ،
مواطني الأعزاء ،
لا يسعني، في الختام، الا ان أجدد لكم شكرنا الخالص، على حضوركم معنا اليوم، متمنيا لضيوفنا الكرام مقاما سعيدا بيننا، وعودة ميمونة الى دولهم الصديقة والشقيقة.
عاشت موريتانيا حرة، موحدة، ديمقراطية، ومزدهرة.
(وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون).
صدق الله العظيم
والسلام عليكم ورحمة الله تعالي وبركاته”.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد