بقلم: أحمد أبو المعالي
من المسلمات البديهية عند كل أحد دون أدنى حاجة للتدليل أو التعليل أن لكل بلد سماته وخصائصه وشعاراته ورموزه الخاصة به التي تميزه عن غيره.. وفي طليعة هذه الخصوصيات الشعارات التي تمثل رموز البلد وتعتبر تجسيدا لهويته وكينونته.. ولا نجادل أن هذه الرموز التي تتخذها الدولة ليست سوى اختيار انتقاه مجموعة من أبناء البلد وفق معطيات وآليات محددة وهو ما يزيل عنه صفة القدسية لكنه في الحين ذاته لا يقلل من أهميته.
وبالنظر إلى الجمهورية الإسلامية الموريتانية نجد أن جيل الرواد قد انتقوا رموز الدولة حينها بدءا بالاسم مرورا بالعلم والنشيد وانتهاء بالشعار.
فبالنسبة للاسم وجد أولئك الرواد أن الشعب الطيب المسلم المسالم الذي كتب الله أن يأوي إلى هذه الربوع يتكون من عرقيات مختلفة اللغات والألوان يجمع بينها انتماؤها للدين الإسلامي دون أدنى استثناء فكانت “الإسلامية” جامعا مانعا للتعريف وعنوانا يأوي إليه الجميع، فليس ثمة فرد واحد خارج عن هذا السياق يعترض على هذه الصفة الجامعة، وقد حظيت التسمية بمباركة الجميع ورضاه..
أما العلم فقد حدثنا عنه الذين اقترحوه وعلى أي أساس انتقوه وقد لقي هو الآخر قبولا باعتباره علما موحدا يحترمه الجميع ويباركه، وليس في مفرداته ما يثير الاستغراب والاندهاش، أو ما يجعل التفكير في تحويره أو تغييره من الأولويات.
أما النشيد الوطني فهو أنشودة رائعة تحض على التزام الشرع والإتباع والابتعاد عن الانحراف والابتداع.. وهو أمر مناسب وملازم لصفة “الإسلامية” الملاصقة للتسمية.. ولا مشاحة في ضرورة إتباع تعاليم الشرع والانزياح عما يناقضها أو يخالفها وهو مما علم من الدين بالضرورة.. وحتى على افتراض أن ثمة حيثيات وسياقات تعطي بعدا آخر للنص وتوجهه وجهة قد لا تناسب البعض إلا أن تجليات ذلك على الواقع لم تكن مثيرة فقد تقبله الكل ولم يطالب أي خلال الفترة السابقة بتغييره أو إعادة النظر فيه.
وللأسف الشديد ظهرت مؤخرا مطالبات توصي بضرورة مراجعة هذا الرموز بغية تحويرها أو تغييرها.. صحيح أن هذه الرموز ليست وحيا مقدسا وليس تغييرها نهاية الدنيا.. ولكن ينبغي أن يتفرغ السادة للأولويات مقدمين الأهم فالأهم على حد تعابير الفقهاء.. ونحن اليوم في أمس الحاجة إلى مراجعات في ميادين مختلفة تساهم في تنمية البلد وتحسين أداء مؤسساته وليس تغيير أي رمز من رموز الدولة من تلك الأولويات.
زد على ذلك أن الأمر قد يجر إلى أن تتخذ كل سلطة مفاهيم خاصة لرموز البلد وفق أمزجتها فتصير تلك الرموز “لعبة” تقلبها السلطات.. وهو ما يفقدها هيبتها ورمزيتها.. ثم لا نضمن في مستقبل الأيام أن يتخذ الأمر مسارا فرديا يناقض مفهوم الدولة.. ونضيع حينها في متاهات مطاطة لا أول لها ولا آخر.. ويبقى الأمر مجرد وجهة نظر.
الموضوع الموالي