AMI

زراعة الخضروات.. نجاحات نوعية وسعي حثيث لتحقيق الاكتفاء الذاتي

روصو

شهد القطاع الزراعي خلال السنوات الأخيرة تحولات هيكلية في ظل الاهتمام الاستثنائي الذي يوليه له فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، الذي ما فتئ يؤكد، في خطبه وتوجيهاته السامية، أن “تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الغذاء مسألة سيادة وأمن قومي”.

وتجسيدا لهذا التوجه الاستراتيجي، شرعت الحكومة في وضع استراتيجيات وبرامج طموحة سعيا إلى تحقيق أهداف الاكتفاء الذاتي من المواد الغذائية الأكثر استهلاكا والوصول بهذا الطموح إلى مستوى السيادة الغذائية للبلد.

وتندرج حملة زراعة الخضروات 2025 – 2026 التي سيطلقها فخامة رئيس الجمهورية يوم الأربعاء المقبل (20 أكتوبر 2025) من روصو (اترارزة)، في هذا المسار، لتعزيز المكاسب التي تحققت خلال السنوات الأخيرة فيما يخص زيادة الإنتاج الزراعي، والمساحات المزروعة، وتحسين الإنتاجية، وتحديث الري، وإدماج الشباب.

ووفقا لمعطيات وزارة الزراعة والسيادة الغذائية فإن المساحة الإجمالية المبرمجة للاستغلال في مجال الخضروات خلال هذا الموسم تقدر ب 12.000 هكتار، وبإنتاج خام متوقع يصل إلى 240.000 طن، أي بنسبة اكتفاء ذاتي 84% من الخضروات الأكثر استهلاكا مقارنة بنسبة 48% خلال الحملة الماضية 2024 – 2025.

ويشير نفس المصدر إلى أن المساحة المخصصة لزراعة الخضروات قفزت من 2094 هكتارا سنة 2019 إلى 8935 هكتارا خلال موسم 2024 – 2025، فيما شهد إنتاج الخضروات زيادة مطردة خلال السنوات الست الماضية، حيث قفز من 31.410 أطنان سنة 2019 ليصل 134.025 طنا خلال موسم 2024 – 2025، أي بزيادة قدرها 426%، وهو ما يعدّ نقلة نوعية تعكس تصميم الإرادة السياسية القوية بتحقيق السيادة الغذائية.

وتتركز زراعة الخضروات أساسا في منطقة آفطوط بكرمسين وروصو وانتيكان واركيز بولاية اترارزة، ودار البركه بولاية لبراكنة، وفم لكليته بولاية كوركول، مع إقبال متزايد على زراعة الخضروات في عموم التراب الوطني على شكل تعاونيات نسوية أو حدائق أسرية.

وتتنوع أصناف المحاصيل لتصل إلى أكثر من 30 صنفا من الخضروات والفواكه.

ولضمان نجاح هذه الحملة، تم اتخاذ جملة من التدابير تمثلت في اقتناء 800 طن من البطاطس (pommes de terre)، و7920 كيلوغراما من بذور الخضروات، و70 كيلومترا طوليا من السياج لحماية مزارع الخضروات من الحيوانات السائبة، و35 من البيوت المحمية (Serre)، ومجموعة من المضخات تعمل بالطاقة الشمسية وبالديزل، إضافة إلى استصلاح وتجهيز 40 مزرعة نموذجية.

ويجري حاليا بناء محطتي تبريد لحفظ الخضروات، تصل الطاقة الاستيعابية لإحداهما 2400 طن والأخرى 1000 طن، فيما يتم بناء مجمع ثالث بطاقة استثنائية كبيرة عند الكيلومتر 18 على طريق نواكشوط – روصو.

وفيما يتعلق بالآفاق التي سيركز عليها القطاع لمواجهة تحديات السيادة الغذائية من المنتجات الزراعية، فسيتم التركيز على تطوير الشعب الواعدة من خلال تنفيذ مشاريع هامة، منها على مستوى القطاع المروي، استصلاح 220 هكتارا لتوسعة مزرعة امبوري لدمج حملة الشهادات العاطلين عن العمل، و8043 هكتارا في سهل سوكام، و3000 هکتار بين روصو – بوكى لدمج الشباب، وإعادة تأهيل وتوسعة المزرعة النموذجية في بوكي.

كما سيتم دراسة بناء قناتين في منطقة لبراكنه وكوركول، وإعداد مخطط توجيهي لضفة نهر السنغال، وبناء سوق للخضروات في نواكشوط على مساحة 3 هكتارات، وإنشاء قطب زراعي في تكنت، إضافة إلى دراسة لفتح ثلاثة مراكز لبيع المدخلات الزراعية في اركيز، وكرمسين في اترارزه، وكرو في العصابه.

وأوضح المدير العام للشركة الوطنية للتنمية الريفية (صونادير) السيد حماده ولد ديدي، في مقابلة مع الوكالة الموريتانية للأنباء، أن الدولة، بسبب الأزمات الغذائية العالمية، ركزت جهودها على خلق فضاء وطني للإنتاج عبر استصلاح العديد من المساحات الزراعية وإقامة منشآت للتحكم في مياه النهر والأمطار.

وبين أن هذا التوجه الاستراتيجي المتواصل حتى الآن نتج عنه انتعاش العديد من القطاعات الحيوية، وخاصة قطاع الخضروات الذي أصبح قبلة للاستثمارات الخصوصية الوطنية مما استدعى وضع مسطرة فنية لضمان تنظيم القطاع والمنتجين في إطار تجمعات ذات نفع اقتصادي.

وأضاف أنه “مواكبة لرؤية فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني الحريصة على استغلال مواردنا الطبيعية والاقبال على الزراعة والاشراك الفعلي لكل القوى الحية الوطنية في عملية البناء الوطني والارتقاء بقطاع الخضروات نحو الأفضل، أقامت الشركة الوطنية للتنمية الريفية مع عدد من المستثمرين الخواص، شراكات عبر إنشاء ثلاث تجمعات ذات نفع اقتصادي، أحدها في آفطوط الساحلي والآخران على ضفة النهر شرقي اترارزة، وذلك بغية تنظيم المنتجين وتسهيل ولوجهم إلى الخدمات العمومية والتواصل المباشر مع الدولة في القضايا المرتبطة بالتنمية الزراعية، إضافة إلى تنظيم الإنتاج والتسويق والتموين المنتظم للسوق الوطنية، خاصة في فترات ذروة الإنتاج مما مكن من تحقيق نسبة 40% من حاجيات السوق الوطني من الخضروات.

وأوضح أن الإجراءات المتخذة من طرف الدولة، والمتمثلة في رفع الجمركة عن التجهيزات الزراعية وخفضها على مستوى المدخلات الزراعية إلى نسبة 3,5%، ساهمت في تطوير القطاع الخاص وتحفيز المستثمرين الخصوصيين في المجال مما سمح بتحقيق الاكتفاء الذاتي في بعض مواد الخضروات وتصدير الفائض منها، حيث تم تصدير 100 ألف طن من البطيخ الموريتاني إلى الأسواق الأوروبية والإفريقية.

وفي مجال التصنيع الزراعي، أكد المدير العام لشركة صونادير أنه يجري التخطيط لإنشاء قطب زراعي (مدينة صناعية زراعية) يتم من خلالها التركيز على الصناعات الزراعية والتخزين والتبريد والخدمات اللوجستية ما سيمكن من زيادة القيمة المضافة للمنتج وتشجيع التصدير.

وبدوره أوضح رئيس الاتحاد الوطني لمھنيي البستنة السيد مولاي عمار ولد مولاي إدريس أن البطيخ الموريتاني “الشمام” تصدر المرتبة الأولى ضمن الصادرات الزراعية الموريتانية خلال عام 2023 وسجل أرقاما قياسية من حيث الكميات والعائدات المالية، الشيء الذي عكس مكانة هذا المنتج في الأسواق الخارجية.

وقال إن إجمالي الصادرات الموريتانية من البطيخ خلال عام 2023 قدرت ب 400 ألف طن، ووصلت عائداته إلى 5,5 مليار أوقية قديمة في مؤشر على الأهمية الاقتصادية المتزايدة لهذا القطاع بالنسبة للمزارعين والمصدرين على حد سواء.

وأشار إلى أن الأسواق الأوروبية المستوردة لهذا المنتج هي اسبانيا (140.000) طن، وفرنسا (100.000) طن، وإيطاليا (60000) طن، إضافة إلى تصدير حوالي 100.000 طن إلى دول افريقية.

وأوضح أن البطيخ الموريتاني يتميز بنضجه المبكر مقارنة بمنافسيه في الضفة الشمالية للمتوسط، وأنه يتمتع بطعم سكري مركز وقشرة قوية تسهل نقله لمسافات طويلة.

تقرير / با عبد الرحمن

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد