AMI

الإجازة الصيفية… وأولياء الأمور

تتمة لما تعرض له هذا العمود بحر الأسبوع المنصرم تتواصل المعالجة الخاصة بأهمية استغلال العطلة الصيفية التي بدأت طلائعها تلوح في أفق التعليم.. وأغلقت أغلب المؤسسات التعليمة أبوابها.. وقد تعرضنا في الحلقة الآنفة الذكر لما يتعلق بضرورة تدخل الدولة في هذا السياق ومدى أهمية إيجاد منتديات ونوادي وهيئات ثقافية ورياضية تسعى لاستقطاب الشباب والأطفال طيلة فترة الإجازة حتى لا تكون ثمة فرصة للبعض في أن تقتنصه الفئات الفاسدة الأخلاق فتجره إلى عالمها الملطخ بالفساد والإجرام، وتدفعه للهبوط إلى درك الرذيلة والمخدرات وما تولده من سيئات وخطايا وحينها لا ينفع الندم ولا تغني الإسعافات التربوية الأولية.. وقد يجد أصحاب الفكر المنحرف والمتطرف فرصة فراغ الشباب لاستدراجهم بطرق سهلة ومتنوعة إلى عالم الغلو والتطرف.. والملاحظ من خلال التقارير والصور التي ترد من معسكرات هؤلاء أن أغلب المنتمين لتلك الفئة المتطرفة من الشباب والقاصرين الذين وقعوا ضحية الانغماس في الغلو بعد أن خلا الجو ووجد الوقت للقناصة فاصطادوهم من بين ذويهم للأسف الشديد ودفعوا بهم إلى الغلو في الفهم والسلوك.
وسنعرج اليوم على الدور المهم المطلوب من أولياء الأمور وذوي الشباب حتى تكون العطلة الصيفية فرصة للاستجمام والراحة استعدادا للعام المقبل.. وفي نفس الوقت تكون فرصة لترويض المواهب وتشجيعها.. وفترة للتزود بأنواع مختلفة من المعارف..
إن بعض أولياء الأمور قد يدفعهم الحرص الزائد على مستقبل أبنائهم في الوقوع في مطب محاصرة الأطفال في هذه الإجازة وذلك بعدم إعطائهم أوقاتا مناسبة لأخذ قسط من الراحة النفسية والجسمية والعقلية.. فيغرقهم في خضم التعلم الذاتي المكثف والالتحاق ببعض المؤسسات التعليمة المفتوحة، وما لما لذلك من أهمية إلا أن يكون ينبغي أن يراعي فيه جانب التوسط حتى يحس الطالب أنه فعلا في حالة استراحة واستجمام كيما يقبل على السنة الدراسية اللاحقة بتعطش وتلهف لا بمخزون هائل من الملل والضجر قد يؤثر سلبا على أدائه ومستوى تحصليه العلمي.
بالمقابل هناك من تدفعهم الشفقة على الأطفال والسير في رضاهم المطلق إلى أن يرخوا العنان للأطفال فيتركونهم دون أدنى استفادة أو تكوين طيلة العطلة وهي في حقيقة الأمر قد تنعكس سلبا على مستقبل الطلاب كما تعودهم على حياة الفراغ المطلق.. وما قد يجره ذلك الإهمال من سلبيات متعددة قد لا تجدي معها المعالجات المتأخرة.
وبين هذا وذاك تكمن الإيجابية في التعامل مع هذه الفترة الزمنية فلا تضيع سدى دون استفادة أو تكوين.. ولا تكون امتداد مشابها للسنة الدراسية.. وبهذا الأسلوب يستطيع الطالب أن ينمي مواهبه وأن يزيد من معارفه وأن يحس بانتمائه الوطني والثقافي.. وأن يكون لبنة صالحة ومهيئا لأن يتسلم زمام الأمور مستقبلا في الوقت الذي يتنفس الصعداء في هذه الفترة الزمنية.
وغير خفي أن تشجيع الطلاب على الالتحاق بالنوادي الثقافية وأنشطتها الصيفية المتعددة مهم في هذا السياق..
كما تلعب المحاظر دورا مهما في هذا النطاق ذلك أنها تستقبل الطلاب لتلقينهم القرآن الكريم ومختلف العلوم الشرعية واللغوية.. وغير خفي أن للتعليم المحظري نكهته الخاصة وطعمه المميز.. كما أن المحاظر حضن آمن وملاذ أمين تقيم أود الطالب وتعزز انتماءه الحضاري والعلمي.

أحمد أبو المعالي
كاتب وشاعر موريتاني مقيم بالإمارات

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد