AMI

الخطاب الذي ألقاه رئيس المجلس الأعلى للدولة، رئيس الدولة أمام سكان حي “كبة المربط” في مقاطعة الميناء: رئيس الدولة :”لا مجال للتسيب والفساد والإدارة ستكون في خدمة المواطن”

“أشكر المواطنين وجميع سكان الميناء على تواجدهم هنا، رغم الظروف القاسية التي يعيشونها، وأشكر العمدة على كلمته وعلى الخطاب القيم الذي تطرق فيه لجميع المشاكل التي يعيشها المواطنون.نحن نحس هذه المشاكل ونعرف أنها قديمة- للأسف الشديد- والسبب الذي جعلها لاتجد حلا ليس ضعف إمكانيات البلد ولا الدولة ، فعلى سبيل المثال: الانخفاض الأخير الذي طرأ على أسعار المواد الاستهلاكية ليس بسبب أمر غير عادي قامت به الحكومة، بل إن التكاليف هذه المرة كانت ضئيلة جدا وأخف بكثير من الأعوام الماضية.الجديد في الأمر هو فقط أن المسؤولين الحاليين تلقوا أوامر وقاموا بتنفيذها بشكل مضبوط وتمت متابعتهم، لان التسيب والفساد أمور لم تعد مقبولة وقد حرصنا على الوقوف في وجهها وأعطينا أوامر تم تطبيقها وليس هناك مجال لما سوى ذلك.إن ما جعلكم الآن في هذه الوضعية هو تسيب الإدارة وعدم المسؤولية الذي طبع تصرفات المسؤولين منذ أربعين سنة في هذا البلد.تدركون جميعا وتعرفون أن إمكانيات الدولة كبيرة، لكن ليس هناك من يحرص على تسوية مشاكل المواطنين البسطاء والفقراء المغلوبين على أمرهم.أدعوكم جميعا إلى التعاون مع الدولة، لان الإدارة لكم ومنكم وفي خدمتكم وعليها أن تعامل المواطنين بمساواة وعدالة وان تراعي أهمية استفادة الجميع من خيرات هذا البلد.إن معالجة ما طرحه العمدة، بخصوص تفشي الانحراف في صفوف الشباب، من مسؤولية الدولة، لان الشباب يعاني من البطالة وغياب التمدرس بفعل انعدام المتابعة، حيث تغيب المعلمين هو الغالب، رغم المسؤولية المشتركة لمختلف أجهزة الدولة المعنية بهذا الشأن .ورغم ما تصرفه الدولة سنويا من إمكانيات، فان أثر ذلك معدوم نتيجة للفساد والتسيب الذي كان سائدا وورث عن العهود السابقة وأصبح عقلية لم يقتنع بعض الأطر بتجاوزها، حتى أصبحت من المعتاد وجعلت أقلية تعيش حياة معقولة وأكثرية مغلوبة على أمرها.انه وضع لا بد أن يتغير، فهؤلاء يظهرون أمامكم على شاشة التلفزيون ويقدمون لكم وعودا معسولة ويحذرونكم من “دكتاتورية العسكر”. والحقيقة أن العسكر لم يقم بشيء غير عادي، وإنما جاءت به مساعدتكم، فهو لا يبحث عن الحكم، لأنه تخلى عنه طواعية وفى وضح النهار، لكن الإدارة- للأسف الشديد- فاسدة وستزداد فسادا، ما لم يوجد رئيس يحرص على التغيير وشعب واع يشاطره ذلك.إن من يدعون الدفاع عن الديمقراطية اليوم ويتحدثون عنها، معروفون لديكم جميعا، وأكثرهم كان ولاة وحكاما ويتحمل مسؤولية الوضع المزري الذي آلت إليه الأمور، وهم من استأثر بالقطع الأرضية التي تنازلت عنها الدولة لصالح المواطنين وحكرها على الأصدقاء والأقرباء وعلى البيع للتجار.أنا مطلع على ما يجرى في نواكشوط منذ العام 1984 وعلى المشاكل وأسبابها وأعرف أن الوضعية التي يعيشها السكان ناتجة عن ممارسات الإدارة ومسؤولين فيها، أغلبهم يتشدق اليوم بالديمقراطية ويستجدي الخارج من أجل تجويع الشعب الموريتاني.إن هؤلاء هم من وضعكم في هذا المستوى ألمعاشي المتردي، وأنتم من يعرفهم حكاما وولاة ووزراء، لا يريدون- للأسف-إلا إفساد البلد.عليكم أن تتحملوا مسؤولياتكم تجاه بلدكم وإمكانياته التي يجب أن تنعكس على حياة المواطن ومن خلال شق الطرق وإقامة المنشآت الصحية والمدارس والمساكن، وليس عبر التبذير وتحويلها إلى الخارج…والواجب هو أن تتضافر الجهود حتى يتغلب الموريتانيون بأنفسهم على كل الصعاب، فليس في الخارج من سيقدم لكم الحلول.على سبيل المثال، أين المشاريع التي مولت، وأين المليارات التي صرفت في البلادہ ثلث منها ذهب إلى الخارج وثلث نهبه المسؤولون وثلث تبخر! ما هي إذن نتيجة هذه المشاريع عليكمہ إنها عديمة الجدوى، لأنها مليارات منحت لموريتانيا، لكنها لم توجد على أرض الواقع، ولم تنعكس على التشغيل ولا على حياة الناس.وعلى الشعب الموريتاني أن يرفض مثل هذه التصرفات وأن لا يغرر به، كذبا ومغالطة، وبافتراءات لاتخدم مصلحة البلاد ولا تجدي شيئا. لقد كذبوا عليكم مدة أربعين سنة ولا يزالون وسيبقون كذلك، وآن لكم أن تفهموا أنه يتعين عليكم أن تتولوا أموركم بأنفسكم.هذه هي الحقيقة التي لا يحب الكثير من المسؤولين الحديث عنها، لكننا وبحول الله لن نألو جهدا في سبيل تغيير هذه الوضعية مدة تولينا زمام الأمور. إن السلطة ليست لأحد بعينه وإنما للشعب، وهو من يختار من يحكمه، وعليه أن لا يختار إلا من هم أهلا للمسؤولية ويحرصون على حل مشاكله.نحن نعكف على حل المشاكل المطروحة بشكل مضبوط، ولن يكلفنا ذلك الكثير، لان لدينا الإمكانيات التي لن توجه إلا لخدمة المحتاجين.لن ينفذ مشروع على أساس منفعة شخصية وإنما على أساس منفعة الشعب وخدمته ويتعين عليكم أن تقتنعوا بذلك وتقفوا في وجه كل من يريد إفساد الممتلكات العمومية، فالرقابة واجب الدولة، لكنها واجب المواطن كذلك.وعلى النواب أن ينحازوا للشعب الذي انتخبهم ويسائلوا المسؤولين عما آلت إليه المشاريع.لقد أظهرت النشاطات البرلمانية الأخيرة أن النواب بدءوا يفهمون دورهم ويسعون من أجل مصلحة الشعب، ولهم عليكم الدعم في ذلك وأن لا تنتخبوا إلا من هو أهلا لأداء تلك الرسالة، فالنائب ممثل للشعب ولا ينبغي له أن يكون في خدمة غيره، وسيكون-إن شاء الله- في وضعية مالية تربأ به عن اللجوء لأي كان. ولا شك أن تكاتف جهود النواب وسعيهم لمصلحة الدوائر التي انتخبتهم، من شأنه أن يخدم مصلحة البلد ويجعل ما أنجز، لفائدة الجميع دون منة من أحد، رئيسا كان أو وزيرا، كما من شأنه أن يضمن استفادة الجميع من خيرات البلد وإمكانياته في كنف العدالة والمساواة.وما يجب أن لا يغيب عن الأذهان، هو أن استمراركم في ما راكمه الماضي من تصفيق، مع مقدم كل رئيس، حيث يتعهد لكم ولا يفي بالوعد، يعنى العودة إلى المربع الأول. فعلى سبيل المثال، عليكم أن لا تسكتوا على الانحرافات وأن لا تخشوا في ذلك لومة لائم.عليكم، دون كلل أو ملل، أن تبلغوا عن أية ملاحظة على مستوى توزيع القطع الأرضية الذي لايخلو من مشاكل، وأن تثقوا في أنفسكم وتقفوا في وجه الفساد، فالإدارة وضعت لخدمتكم ولامجال بعد اليوم لممارسات الماضي.نحن ندرك أن الانحراف والقتل والسرقة من نتائج البطالة حيث يبحث الكثير من الناس عن العمل، لكن الفرص متاحه وما ينقص هو الخبرة والتخصص،وهو وضع سنعالجه من خلال افتتاح مراكز مهنية للتكوين تخرج مهرة قادرين على تلبية حاجة سوق العمل واستغنائها عن اليد العاملة الأجنبية، ليس لأننا ضد الأجانب وإنما لأنه يتعين علينا تشغيل الموريتانيين قبل غيرهم.وقد أصدرت التعليمات للوزير المكلف بالتكوين المهني بفتح مراكز جديدة ستخصص لها إمكانيات وستزود بمكونين مهنيين لصالح الطلاب الذين لم يتمكنوا من إكمال دراستهم في التعليم العام، فمن شأن ذلك أن يحصن المستفيدين ضد الانحراف ويؤهلهم للمساهمة في بناء بلدهم، مواطنين عاديين، ولن تكون هذه المراكز على غرار تلك التي كانت قبلة لبعض الطلاب لكنها لم تفدهم في شيء”.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد