دخل مولاي عبد الله بتار أحمد طالب المولود 27 يوليو 1974، عالم الإعلام محمّلًا بحلم كبير، مؤمنًا بأن للصبر نهاية، وللكفاح ثمنًا لا بد أن يُدفع.
في يوم 13 أبريل 2008، فتح له أحد أصدقائه نافذة أمل، باقتراحه الانضمام إلى الوكالة الموريتانية للأنباء. التحق مولاي بقسم الأخبار، متطلعًا إلى فضاء يليق بطموحه، في خدمة الكلمة الحرة والمعلومة الصادقة، لكن سرعان ما اصطدم الواقع بأحلامه، إذ تزامنت أيامه الأولى مع تغيير في إدارة الوكالة وبدأت مرحلة جديدة من التحديات، حين تم اكتتاب 23 موظفًا، لم يكن مولاي من بينهم، رغم عمله والتزامه، ما شكّل صدمة عنيفة له. ورغم ذلك، لم يغادر، بل تمسّك بمكانه، مؤمنًا أن القطاع العمومي هو الضامن للكرامة والحقوق.
واجه تهميشًا ممنهجًا، ومع ذلك، واصل أداءه بصمت، مستندًا إلى المثل الحساني: “اثبت تنبت” و”إلّ اصبر يلحك الظل”.
ثم جاء القرار الأكثر قسوة من طرف المدير بقطع راتبه. ومع ضيق ذات اليد، لم يترك مولاي عمله بل بقي صامدا يزاول عمله وكأنه عامل رسمي.
تعاقب على الوكالة عدد من المديرين، بعضهم أعاد إليه شيئًا من الأمل، وآخرون واصلوا سياسة التجاهل، لكنه ظل صامدًا، لم تغلبه المرارة، ولم يفقد الإيمان بموعد العدالةـ حتى جاءت البشرى التي طال انتظارها، مع فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، حين أعلن عن تسوية أوضاع المتعاونين بمؤسسات الإعلام العمومي، فكانت اللحظة التي اجتمعت فيها كل خيوط الصبر، واكتمل فيها نَسْجُ العدالة.
بامتنان وتأثر، هنأ مولاي زملاءه، وخص بالشكر فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني ومعالي الوزير الأول المختار اجاي، ووزير الثقافة والفنون والاتصال والعلاقات مع البرلمان الحسين مدو، وكل من أسهم في هذا الإنجاز. كما ثمّن دور المديرين الحاليين للمؤسسات الإعلامية في دفع عجلة التسوية نحو خط النهاية.
اليوم، يبتسم مولاي لا لأنه نسي الألم، بل لأنه عرف أن الصبر لا يُهزم، وأن الحق، وإن تأخر، لا يموت.
* الشيخ باي الخديم