AMI

رئيس الجمهورية يعلن عن تنفيذ برنامج استعجالي للحد من الغلاء

أعلن رئيس الجمهورية السيد سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله زوال اليوم السبت تنفيذ برنامج استعجالي إضافي للتخفيف من آثار أزمة الغلاء التي تعرفها الأسواق في العالم.
وقال رئيس الجمهورية في خطاب إلى الأمة اليوم ان هذا البرنامج الذي تبلغ قيمته الإجمالية أكثر من 28 مليارا أوقية، يتضمن دعما لبعض المواد الأساسية وزيادات رواتب ومعاشات الموظفين ووكلاء الدولة.
وهذا نص الخطاب:
“بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين
أيها المواطنون.. أيتها المواطنات،
لقد أردت أن أخاطبكم اليوم، من منطلق الاهتمام البالغ بأوضاعكم المعيشية، لأخبركم بما قررنا اتخاذه من إجراءات للتخفيف من آثار أزمة الغلاء الفاحش التي تتفاقم يوما بعد يوم في العالم من حولنا.
لقد شهدت أسعار المواد الغذائية على السوق العالمية، خلال الشهور الماضية، ارتفاعا فاق كل التوقعات، حيث ارتفعت أسعار بعض المواد الغذائية الأساسية في السوق العالمية بما يقارب الضعف. كما ارتفع سعر الوقود بشكل مذهل، مما أثر تأثيرا سلبيا إضافيا على أسعار المواد الغذائية.
وعلى سبيل المثال فإن سعر طن الأرز الواصل إلى ميناء نواكشوط قد ارتفع من 420 دولارا آمريكيا في مارس 2007 إلى 750 دولارا في مارس 2008، أي بزيادة 78% خلال عام واحد. أما القمح فقد ارتفع سعره خلال نفس الفترة من 270 دولارا إلى 520 دولارا للطن الواحد أي بزيادة تبلغ 92%.
وبعبارة أخرى، فإن كيلوغرام الأرز الواصل إلى ميناء نواكشوط من الخارج قد ارتفع سعره من 109 إلى 195 أوقية، أي بزيادة 86 أوقية. بينما ارتفع سعر كيلوغرام القمح الواصل إلى ميناء نواكشوط من 70 إلى 135 أوقية أي بزيادة 65 أوقية.
وتذكرون أننا كنا اتخذنا في شهر نوفمبر الماضي حزمة من التدابير للتخفيف من آثار الوضع القائم آنذاك. وكان لتلك التدابير أثرها الإيجابي في جوانب عديدة بينها تثبيت سعر الخبز ووزنه والحد من ارتفاع الأسعار الأخرى، حيث ظلت أسعار المواد الغذائية في بلادنا، تحت مستوى الأسعار العالمية، كما أشرت إلى ذلك آنفا. ومع ذلك، فإن تفاقم الغلاء في العالم خلال الأشهر الماضية، سيعرضنا أكثر من ذي قبل للتأثيرات السلبية لوضع عالمي غير خاضع للسيطرة، شأننا في ذلك شأن سائر الدول التي لا تتوفر على اكتفاء ذاتي من الغذاء.
وبناء على ذلك، فقد قررنا وضع برنامج استعجالي إضافي سيتم عرضه لاحقا على غرفتي البرلمان لاعتماده، وستكون أجزاؤه ذات الطابع الاستعجالي الملح نافذة فورا بمقتضى مرسوم، وفقا لصلاحياتنا الدستورية.
وتبلغ القيمة الإجمالية للبرنامج الجديد 28 مليارا و100 مليون أوقية، هذا فضلا عن مبلغ 712ر8 مليار أوقية كانت مبرمجة أصلا في ميزانية 2008.
ويهدف البرنامج الاستعجالي الإضافي إلى ما يلي:
1 – تحسين خدمة العون الغذائي للمواطنين المحتاجين.
2 – حسن تموين السوق والحد من تأثير ارتفاع الأسعار.
3 – توفير المزيد من فرص التشغيل والنشاطات المدرة للدخل.
4 – تشجيع الإنتاج الزراعي.
وسأعرض عليكم نماذج من هذا البرنامج تتعلق بالمياه والخدمات الأساسية، وتعزيز القدرة الشرائية للمواطنين، والأمن الغذائي.
ففي مجال المياه والخدمات الأساسية، ستشرع الدولة في إنجاز برنامج مائي استعجالي لصالح المناطق القروية والرعوية. وستسهر على تثبيت أسعار الماء والكهرباء والغاز، متحملة في ذلك عن المواطنين عبئا ماليا يصل إلى نحو خمسة مليارات ونصف مليار أوقية.
وسعيا إلى تعزيز القدرة الشرائية للمواطنين، ستتخذ الدولة إجراءات من بينها زيادة الرواتب الأساسية والمعاشات لجميع موظفي ووكلاء الدولة بنسبة 10% اعتبارا من فاتح يوليو القادم. كما سيتم تمويل شبكة من النشاطات المدرة للدخل ستتيح أسباب العيش لآلاف العاطلين عن العمل، وخاصة من الشباب والنساء.
وفي مجال الغذاء، قررنا تعزيز القدرة التسويقية لسونمكس وتشجيع الموردين الخواص على المساهمة الفاعلة في تموين السوق. كما قررنا إلغاء كافة الرسوم الجمركية على الأرز الذي تصاعدت أسعاره على السوق العالمية مؤخرا. أما القمح الذي يعتبر المادة الأكثر استهلاكا في بلادنا، فسيتم تثبيت سعر بيعه للفئات الأكثر احتياجا في عموم التراب الوطني. وعليه، فإن كيس القمح الذي وصل سعره في بعض مناطق البلاد إلى أكثر من 7500 أوقية سيثبت سعره عند سقف 5000 أوقية في جميع بنوك الحبوب والمتاجر النموذجية المدعومة، لصالح الفئات الفقيرة من شعبنا، وذلك على عموم التراب الوطني، بحيث ستتحمل الدولة أيضا كلفة الفرق في نقل القمح من نواكشوط إلى بنوك الحبوب المستهدفة داخل البلاد.
وعلى النحو ذاته، سيتم تثبيت سعر العلف الذي يباع حاليا في بعض مناطق البلاد بمبلغ 5500 أوقية عند سقف 4000 أوقية، في شبكة بنوك الحبوب القروية والريفية، وذلك لفائدة المواطنين الأكثر احتياجا، ليتمكنوا من إعاشة مواشيهم الداجنة (تومزه). وسيتم توحيد أسعار كميات القمح والعلف الموزعة في نطاق هذا البرنامج، على عموم التراب الوطني.
ولتيسير هذه العملية، وحتى تكون في خدمة الفقراء، كما نريد لها أن تكون، فقد قررنا بناء شبكة واسعة من بنوك الحبوب في الأغلبية الساحقة من القرى التي يربو سكانها على 100 نسمة.
كما قررنا فتح دكاكين مدعومة في الأحياء الفقيرة من عواصم الولايات وعواصم المقاطعات. وسيتم تزويد هذه الدكاكين وتلك البنوك بمخزونات كافية من القمح وعلف الماشية.
هذا وستنفذ الدولة خطة طموحة للغذاء مقابل العمل، كما ستواصل دعم أسعار الخبز، وتوزيع الأغذية مجانا في الأوساط الشعبية شديدة العوز.
وأود هنا أن أتوجه بالشكر إلى الدول الصديقة والشقيقة والهيئات الدولية وسائر شركائنا في التنمية الذين يؤازروننا في سعينا لتحسين الظروف المعيشية للمواطنين. ونحن على ثقة من أننا سنجد فيهم السند والعضد في مجهودنا الوطني لتحسين الأمن الغذائي لشعبنا.
كما أريد أن أطمئن كافة المواطنين إلى أن تموين السوق بالمواد الغذائية الأساسية مضمون بحمد الله، فزيادة على المخزون الوطني المهم المتوفر حاليا لدى سونمكس ولدى الموردين الخواص، سيضمن البرنامج الجديد توفير نحو 90 ألف طن من القمح ونحو 35 ألف طن من أعلاف الماشية. وسيرتفع مخزون الأمن الغذائي العمومي، لأول مرة في تاريخ البلاد، إلى أكثر من سبعة عشر ألف طن، بينما كان سقف هذا المخزون يتراوح في فترات سابقة بين خمسمائة طن وستة آلاف طن.
وأود هنا أن أتوجه بالشكر إلى الموردين الخواص الذين شاركوا ويشاركون بشكل إيجابي في ضمان حسن تموين السوق وفي الحد من تأثر سوقنا بارتفاع أسعار المواد الغذائية في العالم. كما أود أن أتوجه إلى تجار التجزئة بنداء خاص من أجل التعاون الإيجابي في تيسير معيشة المواطنين، واجتناب الزيادات المبالغ فيها على أسعار المواد الغذائية.
أيها المواطنون.. أيتها المواطنات..
إن تنفيذ البرنامج الذي تحدثت عنه يتطلب تعاون الجميع. فعلى كل القطاعات المعنية أن تؤدي المهمة الموكلة إليها بجد وإتقان. وعلى الإدارة الإقليمية مسئولية خاصة في حسن تنفيذ هذا البرنامج، كما أشرت إلى ذلك في حديثي مؤخرا إلى الولاة.
وأريد هنا أن أشدد على ضرورة وصول الخدمة إلى المستحقين، وأن أؤكد عزمنا على محاربة كل أشكال المضاربة غير المشروعة بأقوات المواطنين.
كما أريد أن أذكر مواطنينا الموسرين بضرورة التحلي بفضيلة الإنفاق والإيثار والتكافل والإحجام عن منافسة الفقراء على قوتهم.
فليس من اللائق لمن وهبه الله سعة في ذات اليد أن يزاحم الفقير المحتاج على بنوك الحبوب والدكاكين المدعومة التي أسست أصلا من أجل هؤلاء، وليس من اللائق لمن له من الماشية ما يمكنه من اقتناء العلف من المتاجر العادية أن يزاحم المواطن المحتاج على كيس علف يستعمله لماشية قليلة العدد هي مورد رزقه الوحيد.
أيها المواطنون.. أيتها المواطنات؛
إن الإجراءات التي تحدثت عنها هي بطبيعتها إجراءات مؤقتة نسعى من خلالها إلى تخفيف الأعباء عن شعبنا خلال الأشهر المقبلة، وذلك في انتظار موسم أمطار نسأل الله أن يكون موسم خصب، يدر فيه الضرع ويكثر فيه الزرع.
وليس بإمكان بلد مثل بلدنا، بل إنه ليس بإمكان أي بلد في العالم، مهما كانت وفرة موارده أن يعالج أوضاعا صعبة مزمنة ذات امتداد عالمي بإجراءات ظرفية مهما كان حجم هذه الإجراءات.
وعليه، فإنه ليس أمامنا من حل قابل للاستمرار إلا السعي الجاد لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء في أمد غير بعيد. ولهذا الغرض، فقد أصدرت تعليماتي إلى الحكومة بأن تجعل من سنة 2008 الجارية سنة للزراعة في بلادنا، مع ما يترتب على ذلك من تسخير إمكانياتنا الذاتية، الحكومية والشعبية، ومن تعبئة أصدقائنا وشركائنا في التنمية.
وقد دعوت المسئولين المركزيين والسلطات الإقليمية إلى بذل كل الجهود من أجل إحداث نقلة نوعية في قطاعنا الزراعي، وذلك بالتعاون الكامل مع كل المواطنين الراغبين في الاستفادة من خيرات أرضنا.
لقد حبانا الله بتربة طيبة وموارد مائية وسواعد عاملة وعقول مدبرة.. وهذه طاقة لا يجوز إهدارها ونعمة لا يجوز التفريط فيها.
لذلك أدعوكم جميعا، رجالا ونساء، شبابا وشيوخا، مستثمرين ومزارعين ومستهلكين، إلى خوض حملة وطنية شاملة من أجل إنتاج الغذاء، حتى لا نظل عرضة لتقلبات أسعار السوق العالمية في قوتنا اليومي، وحتى نسير بخطى حثيثة على درب الاكتفاء الذاتي الغذائي.
وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته”.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد