وزير البترول: نجحنا في بلورة رؤية استراتيجية متكاملة ستجعل موريتانيا قطبا مستقبليا مندمجا للطاقات المتجددة
نواكشوط
قال معالي وزير البترول والمعادن والطاقة، الناطق باسم الحكومة، السيد الناني ولد اشروقه، إن معالم السياسات القائمة على الطاقة منخفضة الكربون تتيح لبلادنا فرصا تنموية غير مسبوقة للرفع من وتيرة النمو وخلق نسيج صناعي حقيقي وتوفير الكثير من فرص العمل.
وأضاف في خطاب ألقاه خلال افتتاح النسخة الثالثة من مؤتمر ومعرض النفط والغاز والطاقة للدول المطلة على الحوض الساحلي، اليوم في قصر المؤتمرات (المرابطون)، أن قطاع الطاقة في موريتانيا نجح في بلورة رؤية استراتيجية متكاملة تتوخى، في المقام الأول، جعل موريتانيا قطبا مستقبليا مندمجا للطاقات المتجددة، ولإنتاج وتصدير الغاز واستهلاكه محليا، وإنتاج المعادن الخضراء.
وفيما يلي نص الخطاب:
صاحب الفخامة السيد رئيس الجمهورية،
معالي الوزير الأول،
أصحاب المعالي الوزراء،
ضيوفنا الأكارم، من معالي السيدات والسادة الوزراء والمسؤولين السامين في الدول الأعضاء المطلة على الحوض الساحلي MSGBC، ودول المغرب العربي الشقيقة،
أصحاب السعادة السفراء وممثلي هيئات السلك الدبلوماسي،
السيدات والسادة المنتخبون،
السادة الأمناء العامون لكل من منتدى الدول المصدرة للغاز ومنظمة الدول الإفريقية المصدرة للنفط،
السادة والسيدات المديرون التنفيذيون ومسؤولو شركات النفط والغاز والطاقة والخدمات،
السادة الخبراء والاستشاريون،
السادة والسيدات ممثلو المجتمع المدني،
سيداتي سادتي،
أيها الحضور الكريم،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
يشرفني أن أرحب بكم، يا صاحب الفخامة، في حفل افتتاح النسخة الثالثة من مؤتمر ومعرض الدول المطلة على الحوض الساحلي MSGBC، وهي الأحرف الأولى لدول موريتانيا – السنغال – غامبيا – غينيا بيساو وغينيا كوناكري.
إن حرصكم اليوم، يا فخامة الرئيس، على الحضور للإشراف الفعلي على حفل انطلاق هذا المؤتمر والمعرض لدليل على الأهمية القصوى التي تولونها – فخامتتكم – للدفع بقطاعات الطاقة، بما فيها البترول والغاز، إلى صدارة الفعل التنموي في بلادنا خاصة، وفي شبه منطقتنا عموما، لاسيما في الظروف الاستثنائية الحالية التي يمر بها العالم، وفي ظل الآفاق المتغيرة للتحول الطاقوي الذي نطمح للمساهمة الفعالة فيه وجعله منصفا وعادلا.
صاحب الفخامة
أصحاب المعالي،
أيها الجمع الكريم،
ينعقد هذا المؤتمر أياما قليلة قبل قمة المناخ، COP 28، في دبي بدولة الامارات العربية المتحدة الشقيقة، والتي يراد لها أن تكون قمة التحول الطاقوي المنصف والعادل والآمن، حيث نسعى، سويا، للتأكيد على ضرورة تسريع الانتقال الطاقوي بغية تحقيق أهداف قمة باريس الرامية إلى الوصول إلى تحييد الكربون من الاقتصاد العالمي في أفق 2050.
ونظرا لعوامل عديدة، منها أزمة كوفيد التي أدت إلى انكماش اقتصادي عالمي غير مسبوق وتراجع في معظم مؤشرات التنمية، فضلا عن الأزمة الطاقوية التي خلَّفتها الحرب في أكرانيا، والتي تسببت في ارتفاع أسعار الطاقة واضطراب سلاسل التموين عبر العالم، فقد أصبح الأمن الطاقوي أولوية الأولويات لكافة بلدان العالم، وخاصة في منطقتنا الافريقية، حيث ما يزال الكثير من المواطنين يعانون من نقص الطاقة وانعدام الخدمات المرتبطة بها.
ويعني التحول الطاقوي الانتقال، تدريجيا، نحو الطاقات منخفضة الكربون، مثل الهيدروجين منخفض الكربون ومشتقاته.
غير أن الغاز يلعب دورا مهما في هذا التحول، كونه يمثل طاقة أقل انبعاثات كربونية، مقارنة بالمصادر الأحفورية الأخرى، ولذلك يعرف الغاز الطبيعي بالطاقة الانتقالية.
وتأسيسا على ذلك، تحظى سياسات تطوير مشاريع الغاز الطبيعي وتعظيم عوائده الجمة على الاقتصاد الوطني، ودمج مؤسساتنا الوطنية في الصناعات الناشئة في مجاله، وتكوين الكادر البشري، وتوفير الكفاءات، وتطوير التعليم الجامعي والمهني في المجالات المرتبطة به، بأولوية خاصة ضمن سياساتنا الطاقوية، حيث تشير التوقعات الاقتصادية الأكثر موثوقية إلى أن الطلب العالمي على الغاز سيشهد تزايدا متناميا، يبلغ ذروته في أفقِ 2035، موازاة مع تزايد الطاقة المنتجة من الهيدروجين النظيف ومشتقاته.
صاحب الفخامة،
أصحاب المعالي والسعادة،
أيها السادة والسيدات،
إن معالم السياسات القائمة على الطاقة منخفضة الكربون، التي بدأت تتشكل، تتيح لبلادنا فرصا تنموية غير مسبوقة للرفع من وتيرة النمو، وخلق نسيج صناعي حقيقي وتوفير الكثير من فرص العمل.
وبالفعل، تزخر موريتانيا بمقدرات كبيرة في مجال الغاز والمعادن والطاقات المتجددة.
ويحتوي الحوض الساحلي الموريتاني الذي يمثل امتدادا لحوض MSGBC المشترك مع السنغال وغامبيا وغينيا بيساو وغينيا كوناكري – على مقدرات كبيرة من الغاز، تفوق ال 100 ترليون قدم مكعب.
كما تنعم بلادنا بمقدرات من الطاقات المتجددة، تناهز ال 4000 جيغاوات، من بينها 500 جيغاوات ذات طبيعة تجارية تنافسية يمكن تطويرها، حتى تحت أشد الإكراهات البيئية صرامة.
إن عالم الغد، النظيف.. المشرق.. منخفض الكربون والآمن طاقويا، هو ما نصبو إلى تحقيقه، غير أننا نعي تمام الوعيِ أنه عالم سيطبعه الاستهلاك المكثف للمعادن، خاصة الاستراتيجية منها.
وفي هذا المجال تمتلك بلادنا مُقَدِّراتٍ معدنية كبيرة، خاصة من الحديد، يمكن تحويلها صناعيا وتثمينها عبر استغلال الغاز والطاقات النظيفة لإنتاج الصلب الأخضر.
وقد نجح قطاع الطاقة بموريتانيا في بلورة رؤية استراتيجية متكاملة، تتوخى – في المقام الأوّل – جعل موريتانيا قطبا مستقبليا مندمجا للطاقات المتجددة، ولإنتاج وتصدير الغاز واستهلاكه محليا، وإنتاج المعادن الخضراء.
وتهدف هذه الرؤية الاستراتيجية إلى:
ضمان الأمن الطاقوي للبلاد ولوج كافة الموريتانيين للكهرباء في أفق 2030
جعل قطاع الطاقة محركا أساسيا للاقتصاد الوطني وشبه الإقليمي وحتى الدولي.
ولترجمة هذه الرؤية يتم العمل على عدة محاور، نذكر من أهمها:
مشروع إنتاج الغاز من حقل السلحفاة آحميم الكبير، حيث توشك أشغال المرحلة الأولى منه على الانتهاء، ليبدأ الإنتاج بحر 2024، بحجم 2.5 مليون طن من الغاز المسال سنويا، وبفضل هذا المشروع، ستصبح موريتانيا والسنغال دولتين مصدرتين للغاز.
وسنعمل سويا – بحول الله – على تطوير المرحلة الثانية، لنضيف ما بين 2.5 إلى 3 ملايين طن من الغاز الطبيعي المسال سنويا.
وفيما يخص الحقل الموريتاني الغازي، بئر الله، ذي المخزون الكبير نسبيا، والمقدرِ ب 80 تريليون قدم مكعب، فنتوقع اتخاذ القرار النهائي بشأن الاستثمار فيه خلال العام 2025، إن شاء الله.
وعلى مستوى مشاريع الهيدروجين، حجزت موريتانيا لنفسها مكانة متقدمة، حيث تم توقيع أربع اتفاقيات، بإنتاج اجمالي يصل إلى 85 جيغاوات، وبدأت دراسات الجدوى لتطوير بعض هذه المشاريع.
ونتوقع بدء إنتاج المرحلة التجريبية سنة 2027.
وبخصوص الولوج الى الكهرباء، فإن تنفيذ مخطط تحول قطاع الكهرباء يتم تنفيذه على نحو مرض.
وقد أعطى نتائج مشجعة أدت إلى رفع مستوى الولوج إلى الكهرباء من 42% سنة 2019 إلى 56% سنة 2023.
ومن جانب آخر، تعمل الحكومة على الرفع من مستوى المحتوى المحلي، حيث تم إعداد استراتيجية وطنية في هذا المجال.
كما تعكِفُ الحكومة، حاليا، على استكمالِ إعداد قانونٍ توجيهيٍّ للمحتوى المحلي الوطني، ودمج الفاعلين الخواص في كافة مناقصات القطاع الاستخراجي، ووضع برنامج طموح للرفع من قدرات الشركات المحلية، ونقل الخبرات الفنية، وتكوين الكادر البشري الوطني.
صاحب الفخامة،
أصحاب المعالي والسعادة،
أيها السادة والسيدات،
يرتسم أمامنا الكثير من الآفاق التنموية الواعدة، التي يتيحها قطاع الطاقة والنفط والغاز في بلادنا، وذلك رغم التحديات الجمة والتعقيدات الفنية التي يتعين رفعها استعدادا لإطلاق وتطوير المشاريع الطاقوية الكبرى، مثل إنتاج الغاز والهيدروجين الأخضر.
غير أن تصميمنا وعزمنا – يا فخامة الرئيس – على تجسيد رؤيتكم الوطنية الثاقبة، حقيق بأن يبلغنا هدفنا الأسمى، المتمثل في تحويل الاقتصاد الوطني والرفعِ من أدائه، وتعظيم عوائده، وصولا إلى الارتقاء به إلى مستوى “اقتصاد مرن صامد وصاعد”، طبقا لبرنامجكم الانتخابي “تعهداتي”.
ويتطلب تحقيق هذه الرؤية الطموحة الكثير من العمل على كافة الأصعدة، بدء بجذب الاستثمار، وتعزيز مناخ الأعمال، وتكوين الموارد البشرية، وإعادة هيكلة المؤسسات والرفع من مستوى أدائها، وإرساء وتوطيد الشفافية والحكامة الرشيدة، وتشييد البنى التحتية الضرورية لإنجاز المشاريع الكبرى.
وقد شهدت السنوات الأربع المنصرمة من المأمورية الحالية لفخامتكم جملة من الإنجازات النوعية على هذه الأصعدة كافة، وما يزال العمل – وسيظل إن شاء الله – متواصلا لاستكمال كل مقومات الاستغلال الأمثل لكل مقدرات البلد وإمكاناته، في سبيل النهوض بتنميته.
ونتطلع – في هذا الصدد – إلى الاستئناس بحصيلة هذا اللقاء، المُكَلَّلِ بالنجاح والتوفيق بإذن الله، حيث يمثل فرصة جادة للمشاركين لتدارس وضعية قطاع الغاز والطاقة والهيدروجين، وآليات التمويل، ونقاش المستجدات في مجال التحول الطاقوي. كما ستشكل جلسات المؤتمر منبرا هاما للخبراء والمديرين التنفيذيين لتبادل الخبرات وبحث تطورات المشاريع، سواء منها المستقبلية أو التي هي قيد التطوير، وفتح آفاق التعاون بين المؤسسات والدول.
وإذ أجدد وافر الشكر وعظيم الامتنان للجميع، أرجو أن تتفضلوا – يا صاحب الفخامة – بتشريف المعرض المقام هنا بالزيارة، إيذانا بانطلاق فعاليات النسخة الثالثة من “مؤتمر ومعرض الدول المطلة على الحوض الساحلي MSGBC حول النفط والغاز والطاقة”، الذي يحظى برعايتكم السامية الكريمة.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته”.