اختتم المؤتمر الدولي حول المرأة في الإسلام (المكانة والتمكين)، والذي نظمته منظمة التعاون الإسلامي، واستضافته المملكة العربية السعودية في جدة، أعماله اليوم الأربعاء بعد ثلاثة أيام من المداولات شهدت خمس جلسات عمل ناقش خلالها وزراء ومسؤولون وعلماء ومفكرون مختلف القضايا المتعلقة بالمرأة في العالم الإسلامي.
وخلال الجلسة الختامية للمؤتمر، توجهت رئيسة هيئة حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية رئيسة وفد المملكة في المؤتمر الدكتورة هلا بنت مزيد التويجري بالشكر والتقدير لجميع من أسهم وشارك في تحقيق الإنجاز الإسلامي المبارك المتمثل في “وثيقة جدة” والتي ستكون، بإذن الله، بمثابة خارطة طريق للإصلاحات التشريعية والمبادرات التنفيذية التي من شأنها مواجهة التحديات المتعلقة بحقوق المرأة في المجتمعات الإسلامية، ووضع الإستراتيجيات والخطط لتمكين المرأة وتعزيز دورها في هذه المجتمعات وإتاحة الفرصة لها للمشاركة الكاملة الفعَّالة في مختلف المجالات.
وبدورها قالت رئيسة وفد موريتانيا، العالية سيدي يعرف إنَّ المؤتمر أبرز ما يوفره الدين الإسلامي الحنيف للمرأة من حقوق وواجبات، لافتة إلى أنَّ خارطة الطريق التي أسفر عنها المؤتمر ستعطي دفعة جديدة لجهود تمكين المرأة.
وثمنت رئيسة الوفد الموريتاني “وثيقة جدة” وما تعطيه من زخم لدور المرأة في جميع جوانب حياتنا، معبرة عن شكرها للمملكة العربية السعودية على حسن الضيافة وإنجاحها لأعمال المؤتمر.
من جهته، أكد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه أنَّ المنظمة ستُبقي على قضايا تمكين المرأة ضمن سلم أولوياتها، وستبادر إلى إطلاق وتبني العديد من الجهود والمبادرات التي من شأنها تحسين ظروف النساء في المجتمعات المسلمة.
كما أكد حسين إبراهيم طه أنَّ وثيقة جدة تمثل مساراً فكرياً وعملياً يعتمد من طرف المؤسسات التشريعية والمنظمات الحقوقية والمفكرين في الدول الأعضاء وكافة المجتمعات المسلمة عند النظر في حقوق المرأة المسلمة.
بعد ذلك تلا الأمين العام المساعد للشؤون السياسية في منظمة التعاون الإسلامي السفير يوسف الضبيعي البيان الختامي للمؤتمر.
وعبَّر المشاركون في المؤتمر، في البيان الختامي، عن بالغ الامتنان والشكر للمملكة العربية السعودية ولخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وولي عهده الأمير محمد بن سلمان على استضافة هذا المؤتمر المهم ورعايته.
وثمَّن المشاركون المناقشات الفاعلة والثرية التي أكَّدت على تميز الإسلام في مجال حقوق المرأة المسلمة تأصيلاً وتطبيقاً والذي من شأنه تصحيح سوء الفهم لدى البعض لحقوق المرأة ومكانتها في الإسلام والرد على الشبهات والمغالطات المثارة التي تدعي أن الدين الإسلامي ينتقص من مكانة المرأة وينقص من حقوقها.
وأكدوا على ضرورة العمل على زيادة الوعي والتثقيف لدى المجتمع بحقوق المرأة وضمان حصولها وممارسة حقها الكامل في التعليم والعمل وتوفير الحماية الشاملة لها ضدَّ الممارسات والعادات والتقاليد البالية التي تعرضها للظُّلم، وأهمية تعزيز مشاركتها في صنع القرار في مختلف المجالات وعلى جميع المستويات.
وشدَّد المشاركون على ضرورة سن القوانين واتخاذ الإجراءات الردعية للقضاء على جميع أشكال العنف ضد المرأة والفتاة، ودعو إلى تنظيم الندوات والدراسات والمؤتمرات التي تهدف إلى إبراز مكانة المرأة، وبيان حقوقها وواجباتها في الإسلام.
وبحسب ما ورد في البيان الختامي، أكد المشاركون على ضرورة وضع التدابير اللازمة من أجل تعزيز ركائز وحدة الأسرة ودورها في ترسيخ الاحترام المتبادل بين الرجل والمرأة وعدم التمييز ضدها.
وطالبوا بمعالجة سائر الإشكالات والعقبات التي قد تحول دون تمكين البنين والبنات من التعليم والتعلم وضمان المساواة بين المرأة والرجل في الحصول على التعليم والرعاية الصحية، وإلى تكثيف الجهود على المستوى الوطني وعلى مستوى التعاون داخل منظمة التعاون الإسلامي من أجل تجاوز العوائق والتحديات التي تعترض مشاركة المرأة ودورها في المجتمع.
وأكدوا على أهمية تضمين المقررات والمناهج الدراسية لمختلف المراحل التعليميَّة مكانة المرأة في الإسلام، مع بيان الأحكام والحقوق التي قرَّرها لها الإسلام.
وحثَّ المشاركون على معالجة التفاوتات بين الجنسين في العديد من القطاعات، ومن ضمنها النشاط الاقتصادي وريادة الأعمال والعمل على خلق بيئة مساوية في فرص العمل، وضمان وصول المرأة على قدم المساواة إلى الموارد الاقتصادية، والعلم والتكنولوجيا والتدريب المهني والمعلومات والاتصالات والأسواق، كوسيلة لزيادة النهوض بالمرأة والفتاة وتمكينهما.
ودعو إلى تكثيف الجهود للقضاء على عبء الفقر الواقع على المرأة في العديد من الدول الأعضاء وإلى حماية البيئة لضمان تحقيق المساواة في وصول النساء، بما في ذلك نساء المناطق الريفية، إلى الموارد الإنتاجية والخدمات العامة.
وحثوا على مزيد التنسيق والتعاون بين منظمة التعاون الإسلامي ودولها الأعضاء والأجهزة والمؤسسات ذات الصلة لمتابعة وتنفيذ خطة منظمة التعاون الإسلامي للنهوض بالمرأة (اباو) وأهمية عقد مؤتمرات وندوات سنوية ودورية لمتابعة الجهود المبذولة في إطار تجاوب الدول الإسلامية مع المبادرات والقرارات الصادرة عن مؤتمرات منظمة التعاون الإسلامي وأجهزتها ومؤسساتها، كقرارات وتوصيات منظمة تنمية المرأة ومجمع الفقه الإسلامي الدولي ومنظمة العالم الإسلامي للتربية والثقافة والعلوم (الإيسيسكو) فيما يخصُّ مكانة المرأة وحقوقها في الإسلام.
وأكد المشاركون في المؤتمر على أهمية إقرار القوانين لمشاركة المرأة الفاعلة في إدارة الشؤون العامة لبلدها، بما في ذلك ضبط السياسات والبرامج الإنمائية واتخاذ التدابير المناسبة لانخراطها في المجتمع الدولي وتمثيل دولتها في المحافل الدولية.
ودعو إلى تعزيز دور المرأة في الوساطة لحل الأزمات وتعزيز ركائز السلم والاستقرار، وتشجيع إنشاء مؤسسات أهلية للمرأة، بهدف تعريفها بدورها في المجتمع، والارتقاء بمستواها الفكري والثقافي، وإلى تشجيع وسائل الإعلام على العمل على تعزيز الوعي بمكانة المرأة وحقوقها التي أقرها الإسلام.
وأكدوا على أهمية دعم وتمكين المرأة الفلسطينية وتعزيز مقومات صمودها، والتعاون والتنسيق في مختلف المجالات لبناء قدراتها وتقديم الخدمات والمساعدات لها، داخل الأرض الفلسطينية المحتلة وكذلك في مخيمات اللاجئين داخل الدول العربية المضيفة، والعمل على مواءمة التشريعات والسياسات التي تسهم في النهوض بها وحماية حقوقها.
ودعا المشاركون الدول الأعضاء إلى توفير كافة أشكال الدعم المادي والنفسي والرعاية الاجتماعية للمرأة الفلسطينية، كونها الفئة الأكثر تضرراً من العدوان الإسرائيلي من خلال البرامج الاقتصادية والرعاية الاجتماعية والنفسية؛ ومناصرة الشعب الفلسطيني في نضاله العادل من أجل إنهاء الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين وتمكينه من استعادة حقوقه المشروعة في الحرية والاستقلال والعودة وإقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو/حزيران لعام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية.
ووجه المشاركون في المؤتمر الدولي حول المرأة في الإسلام برقية رفعوا فيها خالص الشكر إلى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية، وإلى صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء على ما قدمته حكومة المملكة العربية السعودية من تسهيلات للمشاركين طيلة أيام المؤتمر، وما حفتهم به من الرعاية وكرم الضيافة.