AMI

محددات وضوابط الاشهار السياسي في ضوء الحملة الانتخابية الحالية

يُعد الإشهار السياسي أحد الأشكال التي تستخدم الرسائل الاتصالية المختلفة والمتباينة كرسائل دعائية متنافسة على طرفي نقيض في الساحة السياسية، إذ نجد ذلك واضحاً في الحملات الانتخابية التي يسعى فيها كل حزب أو مرشح لإظهار برنامجه السياسي وأهدافه عن طريق بثها بشكل متواصل باستخدام وسائل الاتصال المختلفة، فالإعلانات السياسية المطبوعة تشغل مساحة كبيرة من الصحف والمجلات، بينما تظهر الملصقات الإعلانية على كثير من واجهات المحلات التجارية والمرافق العامة، فضلاً عن تخلل الإعلانات السياسية لبرامج التلفزيون والإذاعة بشكل متواصل منذ بدء الحملة الانتخابية ولغاية اللحظات الاخيرة منها.

وتهدف هذه العملية الدعائية المنظمة إلى كسب صوت الناخب في أي مكان يكون فيه، باستخدام كافة إمكانيات وسائل الإعلام المتاحة والأساليب الإقناعية المختلفة.

وفي خضم التنافس السياسي المحتدم الذي تشهده الحملة الانتخابات البلدية والتشريعية والجهوية الحالية، استطلعت الوكالة الموريتانية للأنباء رأي سلطة تنظيم الإشهار، حول آليات وضوابط الإشهار السياسي على ضوء الاستحقاقات الانتخابية الراهنة من جهة ومستوى وعينة المخالفات الدعائية التي تم رصدها لحد الساعة؟ ومدى وعي والتزام الكيانات السياسية المشاركة في الحملة بمقتضيات القوانين الناظمة لهذا المجال؟.

وفي هذا الإطار أكد رئيس سلطة تنظيم الإشهار، السيد محمد عبد الله لحبيب، أن عمل السلطة في مجال الإشهار السياسي يدخل ضمن البرنامج الشامل المتعلق بالإرادة العليا في إيجاد جو انتخابي تنافسي شفاف يحترم القانون والنظام العام ويحقق تكافؤا للفرص، وهو ما يتماشى مع مقتضى رسالة فخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، الموجهة للأحزاب السياسية ومقتضى الاتفاق المبرم مؤخراً بين مختلف الفرقاء السياسيين.

وأضاف أن إرادة المشرع فيما يتعلق بالإشهار السياسي كموضوع شملها القانون017 الصادر 2018 وهو القانون المنظم للإشهار السياسي في الجمهورية الاسلامية الموريتانية، وقد تضمن هذا القانون 13 مادة خاصة بالإشهار السياسي ضمن فصل سماه (الإشهار السياسي) تبدأ مواده من 177 إلى المادة 190.

وأشار إلى أن الإشهار السياسي مشمول كذلك بمقتضيات أخرى في القانون لا تتعلق حصرا بالإشهار السياسي، وإنما بالقانون العام للإشهار، كاحترام تراتبية اللغات في حالة الاشهار متعدد اللغات، وكمنع الإشهار المتعدد بلغة أجنبية مفردة.

ونبه إلى أن القانون عرف الإشهار السياسي في الفقرة 19 من المادة الأولى بأنه “الإشهار الهادف إلى ترقية برنامج أو نشاط سياسيين أو سمعة شخصية أو تشكلة سياسيتين”، وقد وضعت هذه الفقرة من القانون المذكور على عاتق السلطة العمل وفق إرادة المشرع وذلك بوضع الفصل المتعلق بالإشهار السياسي قيد التطبيق خلال الحملة الانتخابية، مشيرا إلى أن الإشهار السياسي ورغم أنه ممنوع خارج نطاق الحملات الانتخابية بنص القانون، إلا أن القانون يتعامل مع الأنشطة السياسية خارج فترات الحملة على أنها لا تدخل في إطار الإشهار السياسي.

وقال إن مقتضيات الإشهار السياسي تشمل كل أنواع الأنشطة الانتخابية المتعلقة بلغته وشكله ومحتواه، ويلزم القانون تنظيم الإشهار السياسي باللغة العربية مع إمكانية إضافة اللغات الوطنية أو إضافة لغة أجنبية أخرى في حالة كان الجمهور المستهدف لا يفهم اللغة الأولى، مع ضرورة التأكيد على أن اللغة الرسمية للإشهار السياسي المعتمدة قانونا والأولى في الترتيب هي اللغة العربية.

وأكد رئيس سلطة تنظيم الإشهار أن السلطة عملت على وضع خطة عمل شملت اكتتاب أزيد من 100 مراقب عبر إعلان نشر في جريدة الشعب وعبر منصة السلطة وصفحتها على الفيسبوك، وتم تكوينهم على الإشهار السياسي وتوزيعهم بمعدل أربعة مراقبين في كل مقاطعة عبر امتداد التراب الوطني، منبها إلى أن أدوارهم تشمل تمثيل السلطة في ضبط الحملات من حيث محتوى الإشهار السياسي، ورفع تقارير عن المخالفات المسجلة إلى السلطة.

وقال إن المخالفات المسجلة في الميدان يعد بها تقرير مفصل بثلاث نسخ توجه للسلطة التي تباشر عملية إزالة هذه المخالفات، منبها إلى أن السلطة تعطى مهلة في العادة قبل تنفيذ الإزالة، وتسلم للمعني وصل مع إمكانية التغريم إن استوجبت المخالفة ذلك.

وأضاف رئيس السلطة أنه لحد الساعة ومع انقضاء 6 أيام من الحملة الانتخابية تم تسجيل 357 مخالفة في 9 ولايات من الوطن، وقد جرى تصحيح أو إزالة تلك المخالفات، منوها بسلوك الأحزاب السياسية، حيث لم يسجل لحد الساعة أي تعدي على مراقبي السلطة باستثناء حالة واحدة، وقد تم التجاوب لحظيا مع جميع من تم إبلاغهم بتلك المخالفة.

وأكد أن سلطة تنظيم الإشهار تتقاطع أدوارها مع “الهابا” في مسألة ضبط مضامين وشكل الإعلان السياسي عبر وسائل الإعلام، إلا أن السلطة تتميز عن “الهابا” بمراقبة وضبط الفضاء الخارجي، كما أنها تتدخل في شكل الإعلان الخارجي، مشيراً إلى أن السلطة لديها وحدة رصد خاصة بوسائل الإعلام، ترصد يوميا ما ينشر من إعلانات سياسية عبر الاعلام العمومي والخاص، مع ملاحظة أن العمل فيها لازال متأخرا مقارنة بالإشهار السياسي في الفضاء الخارجي.

وقال رئيس سلطة تنظيم الإشهار، إن مواد قانون الإشهار السياسي تمت مخالفتها، في كافة وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، منبها إلى أن هذه المخالفات شملت الإشهار خارج وقت الحملة، وبعض المخالفات المتعلقة باللغة، وتسجيل بعض الأناشيد تم فيها ذكر مجتمع المترشح مما يتعارض مع الطبيعة المدنية للخطاب السياسي، كما تم رصد مخالفة تتعلق باستخدام المصحف كشعار في الحملة الانتخابية.

في سياق متصل بطبيعة تدخل سلطة تنظيم الإشهار ومدى تطبيقها وانفاذها لقانون الإشهار السياسي، رصدت الوكالة الموريتانية للأنباء بعضا من آراء الأحزاب السياسية حول طبيعة عمل هذه الهيئة في رصد وإزالة المخالفات ومدى وعي وانسجام الأحزاب السياسية بأدوار التي تقوم بها.

في هذا الشأن أوضح السيد أحمد سالم ولد سيدي عبد الله وهو قيادي شاب بحزب التحالف الشعبي التقدمي ومرشح الحزب على اللائحة الوطنية للشباب، بأنه متفهم لأهمية دور سلطة تنظيم الإشهار في تنظيم وضبط الإشهار السياسي، طالما أنها لا تستثني في تطبيقها للقانون أي حزب سياسي وتقوم بإنفاذ القانون على الجميع وهو ما تأكد له لحد الساعة.

بدوره ثمن القيادي في قطب التناوب من حزب الصواب السيد أحمد عبيد المجهودات الجبارة التي تقوم بها سلطة تنظيم الإشهار في سبيل تطبيق قانون الإشهار ورقابة الإشهار السياسي.

تقرير: المختار السالم لحبيب

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد