وتعرف الحملة الانتخابية بأنها المرحلة التي تسبق التصويت أو الفرصة التي يتيحها القانون للمترشحين للترويج لبرامجهم الانتخابية وفق جملة من الضوابط تضمن تكافؤ الفرص بين جميع المترشحين بشكل يسمح لكل واحد منهم على حدة بعمل كل ما يراه مناسبا من أشكال الدعاية المشروعة والمسؤولة لحشد أكبر كم ممكن من الناخبين لصالحه.
كما تتيح الحملات الانتخابية الفرصة للناخبين لتمكنهم من الاطلاع على برامج المترشحين لشغل المناصب الانتخابية وتحديد من يرونه جديرا بكسب أصواتهم ونيل ثقتهم انطلاقا من ملامسة برنامجه الانتخابي لواقعهم وتطلعاتهم المستقبلية في برلمانهم ومجالسهم الجهوية والبلدية.
وتخضع الحملات الانتخابية، وفق القانون المنظم لها، لمجموعة من الضوابط والمبادئ الأساسية تتمثل أساسا في حياد الإدارة ووسائل الإعلام العمومية ووقوفها على نفس المسافة من جميع المتنافسين مع ضمان المساواة وتكافؤ الفرص بين جميع المترشحين والناخبين، واحترام أعراضهم، والابتعاد عن كل ما له صلة بالدعوة إلى الكراهية أو العنف أو التعصب أو التمييز.
وتتنوع الوسائل والآليات المشروعة التي يتم استخدامها في إطار الحملات الانتخابية، فبالإضافة إلى تساوي الحصص أو الفرص المجانية المتاحة للمترشحين في وسائل الإعلام الرسمي والعمومي التي تضمنها السلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية “الهابا” يمكن للمترشحين استخدام وسائل الإعلام الخصوصية مرئية ومسموعة ومكتوبة ووسائل التواصل الاجتماعي في الترويج لبرامجهم والعمل على استمالة أكبر قدر ممكن من الناخبين لصالح هذا المرشح أو ذاك.
كما يمكن للمترشحين القيام بجولات ميدانية ضمن دوائرهم الانتخابية أو داخل البلاد للاستماع عن قرب إلى مشاكل المواطنين للتجاوب معها وتنظيم المهرجانات والسهرات الانتخابية واستخدام المكبرات الصوتية واللافتات والصور والملصقات والمناشير في الطرقات والأماكن العامة وبيوت الناخبين وغيرها من وسائل الدعاية المرئية والمسموعة الهادفة في مجملها إلى إيصال برامجهم الانتخابية لأكبر قدر ممكن من الناخبين.
وتختلف الحملة الحالية عن سابقاتها بشكل كبير، حيث تمثل هذه الاستحقاقات بحق استثناء لم يسبق له مثيل في تاريخ البلاد فهي أول انتخابات تجري في ظل توافق تام بين مختلف القوى السياسية الوطنية أسست له السلطات العليا في البلد ممثلة في الجهات المعنية بالتشاور مع جميع الأحزاب السياسية، وفي وقت قياسي تم الإجماع على قواعد وأسس تسيير الحملة الحالية.
وقد تميزت ليلة الانطلاقة الرسمية للحملة الانتخابية بدعوة فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني في رسالة وجهها إلى كافة المواطنين وقيادات الأحزاب المشاركة في هذه الاستحقاقات، إلى الاختلاف باحترام، والتعبير عن تباين الآراء برقي، والتنافس بقوة في إطار من المسؤولية الأخلاقية والالتزام الأدبي.
وقال رئيس الجمهورية في رسالته: إننا نقف اليوم على عتبة محطة بالغة الأهمية في تجربتنا السياسية المعاصرة، تتمثل في تنظيم انتخابات تشريعية وجهوية وبلدية، تمنح شعبنا فرصة كاملة، غير منقوصة، ليقول كلمته، ويختار إدارته المحلية وسلطته التشريعية كما اختار من قبل سلطته التنفيذية بكل حرية وشفافية (…) إن الاستحقاقات الانتخابية محطات مفصلية في مسيرة الشعوب على درب تنمية وعيها السياسي وترسيخ تجربتها الديمقراطية، وتحسين حكامتها وتعزيز ثقتها بمنظومتها المؤسسية، كما أنها تشكل استثناء لم يتقدم له نظير في تاريخ البلاد، فهي أول انتخابات تجري بتوافق تام بين كل القوى السياسية، يؤسسه إجماع موثق على قواعدها وأسس تسييرها (…) إن ما تحلى به الجميع من انفتاح ومسؤولية وتغليب للمصلحة العامة هو الذي أسس لما نشهده اليوم من تسيير توافقي للعملية الانتخابية في جميع مراحلها”. (انتهى الاستشهاد).
وفي سياق متصل، أصدر فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني تعليمات سامية لوزارتي الداخلية والمالية بصرف مبلغ المليار أوقية قديمة المخصص لدعم الأحزاب السياسية كاملا قبل نهاية الأسبوع، بحيث يحصل كل حزب بصفة فورية على مبلغ 40 مليون أوقية قديمة.
ويأتي هذا القرار الهام من أجل مساعدة المؤسسات الحزبية على إجراء حملاتها الانتخابية في أحسن الظروف مع الحرص على ضمان المساواة التامة بين مختلف المتنافسين.
وتؤكد هذه الخطوة حرص السلطات العليا للبلد على تنظيم انتخابات تشاركية وشفافة ونزيهة ومقنعة وذات مصداقية طبقا للاتفاق السياسي الموقع بين الحكومة والأحزاب السياسية.
وبناء على ما تقدم يمكن القول إن الحملة الانتخابية الحالية تسير وفق القانون وتعكس بجلاء نضج تجربة بلادنا الديمقراطية واهتمام السلطات العليا في البلد والأحزاب السياسية والمواطنين بإنضاج هذه التجربة وجعلها نموذجا يحتذى في المنطقة.
تقرير: سيدي ولد أعمر