AMI

تعليق الوكالة الموريتانية للأنباء: الانحياز للمواطن

إنني على وعي تام بأن الموظفين العموميين، ووكلاء الدولة، هم الذين يصممون السياسات العمومية ويهيئون آليات إقرارها، ويتولون إنجازها، وضمان الإشراف عليها ومتابعة تنفيذها. فهؤلاء الموظفون المدنيون والعسكريون، في المدارس والمراكز الصحية والمكاتب الإدارية وورشات البناء والطرق العامة، على الحدود وفي جميع أنحاء البلاد وخارجها، هم من يعطون للدولة وجهها الإنساني الذي يؤمن للمواطن خدمة تحل مشاكله وتصون كرامته”.

هكذا رسم فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني رؤيته لما يجب أن يكون عليه الموظف الموريتاني. وبذلك تم طرح الحجر الأساسي لبناء عقد جديد يسترجع به الموظف قيمته ومكانته في المنظومة الوطنية، مما يجعله يلعب دوره الأساسي في ترسيخ قيم الدولة العصرية ويضع في الآن نفسه المواطن فوق كل اعتبار ويمكنه من الاستفادة من خدمة هو المستهدف بها في الأصل.

ويأتي تخرج دفعة جديدة من طلاب المدرسة الوطنية للإدارة والصحافة والقضاء، ليمثل فرصة للتذكير بالعهود التي قطعها رئيس الجمهورية على نفسه والتي تحقق منها الكثير رغم العقبات الطارئة ورواسب تراكمات الحقب الماضية.

وتمتاز هذه الدفعة بأنها تكونت في ظل الحكامة التي أريد لها أن تتميز بمسحة أخلاقية تجعل من الإنصاف والتشارك وتهدئة العلاقات البينية للفاعلين، قيم الدولة الجامعة.

لقد مكن مناخ التهدئة هذا، من البدء في المصارحة في الشأن العام، فخلال كل المناسبات تتالت التوجيهات الرئاسية التي تهدف إلى بلورة تعاط جديد مع الشأن العام والبدء الفوري في العمل به.

وفي هذا السياق، جاء خطاب وادان ليجعل من الحداثة وسيلة لإرساء دولة المواطنة التي لا تمييز فيها بين المواطنين إلا بحسب كفاءتهم ومردوديتهم ومدى مساهمتها في مجال النفع العام. ثم جاءت التوجيهات في اجتماعات الحكومة وخطاب ذكرى الاستقلال، ومن خلال الردود على تساؤلات جاليتنا في إسبانيا.

وها نحن اليوم أمام مرحلة جديدة من نهج المصارحة، التي تعبر من جهة عن الوعي التام بهموم المواطن، ومن جهة أخرى عن الاختلالات التي يجب تصحيحها تنفيذا للبرنامج الرئاسي الذي انطلق من تشخيص دقيق للحالة العامة وحدد الأولويات وتصور الحلول، لخلق إدارة فعالة همها الأول هو خدمة المواطن.

هكذا يتم التصدي لما عرفه المرفق العمومي من تسيب وإهمال واختلالات في تسييره، ليبدأ مسار جديد قوامه ترسيخ العدل والإنصاف والتقييم والمساءلة من أجل أن تتحقق الأهداف المرجوة.

وتمكن المسحة الأخلاقية التي اتسم بها المسار الجديد، من إحياء الضمير المهني والأخلاقي، وبعث مفهوم الدولة لدى الموظفين والوكلاء، في وقت يتم فيه توجيه المرفق العمومي نحو خدمة مرتاديه والتعاطي معهم بأريحية مع تبسيط الإجراءات وتسهيل الحصول على الوثائق وتوظيف ما تتيحه أدوات الإدارة الإلكترونية من ترشيد وحسن أداء.

وبذلك يتم استغلال ما تحقق في النصف الأول من المأمورية المباركة، من تحسين في ظروف الموظفين وإصلاح لنظام التقاعد وشفافية في الاكتتابات والمسارات المهنية وتعزيز لآليات مكافحة الرشوة ومراجعة للتشريعات المتعلقة بالخدمات العمومية، من أجل إرساء دعائم إدارة فعالة تخدم التنمية الشاملة للبلد، بالديناميكية المطلوبة.

إن عالم اليوم لا يحتمل هدر الوقت ولا التفريط في المقدرات، فالأزمات الصحية والهزات التي تهدد تداعياتها توازنات العالم، تملي علينا ترشيد طاقاتنا وعقلنة صرفها.

إن الظرفية الحالية، تجتمع فيها عوامل زعزعة الاستقرار في كثير من البلدان، لاسيما في منطقتنا الساحلية، حيث تؤدي الهشاشة الاقتصادية، والتغيرات المناخية، والإرهاب، وشتى أنواع الاتجار غير المشروع، والجريمة السيبرانية، والنزاعات، وغير ذلك من الظواهر السلبية المتفاقمة، إلى تقويض أسس الدول وتهديد استقرارها.

إن مواجهة تحديات كهذه في ظرفية غير مسبوقة، يتطلب منا جهدا أكبر في العمل المثمر وفي التعاطي المنصف وفي التضحية الواعية، في سبيل بناء دولة عصرية، طبقا للقيم العليا للجمهورية الإسلامية الموريتانية: العدل والإخاء والشرف.

الوكالة الموريتانية للأنباء

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد