انطلقت أمس في مركز أرض المعارض بإكسبو 2020 دبي، أشغال الدورة الـ22 لمؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الدول العربية، وذلك بحضور معالي وزير الثقافة والشباب والرياضة والعلاقات مع البرلمان، الناطق باسم الحكومة، السيد المختار ولد داهي.
ويبحث المشاركون خلال هذه الدورة المنظمة بالتعاون مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم “الألكسو”، الخطة الشاملة للثقافة العربية وتحديثها إلى جانب توحيد الجهود العربية في المجالات الثقافية المختلفة، بما في ذلك التعاون في سبيل تسجيل التراث غير المادي في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “اليونسكو”، وبناء اقتصاد معرفي مستدام وتوحيد الجهود العربية لتطوير منظومة الصناعات الثقافية والإبداعية.
وترأست هذه الدورة، معالي السيدة نورة بنت محمد الكعبي وزيرة الثقافة والشباب في دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة.
وأبرزت معالي الوزيرة لدى افتتاح الأشغال، أهمية هذا اللقاء، في صياغة استراتيجيات تركز على ما يخدم تطلعات العالم العربي في مجال الثقافة “من حيث الاحتفاء بالإبداع ليكون جزءاً من هويتنا الثقافية، والعمل معاً من أجل الحفاظ على التراث، وتوفير الأرضية اللازمة لتعزيز مساهمة الثقافة في دعم اقتصاداتنا الوطنية وخدمة مجتمعاتنا”.
وقالت “إن عملنا المشترك وجهودنا لتحقيق الأهداف المشتركة يجب أن توحد اليوم خطابنا بينياً وقُطرياً، والذي نؤكد فيه على إرساء قيم التسامح والتعايش وتقبل الآخر، ونبذ العنف والتهميش والتطرف”.
وأشادت بالدور الكبير الذي تلعبه المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) في تنسيق العمل الثقافي العربي المشترك، ووضع قرارات الاجتماعات والمبادرات موضع التنفيذ، ومتابعتها والتدقيق فيها والتأكد من نجاحها من خلال تقييم موضوعي يسهم في تحقيق الأهداف المرجوة.
وأوضحت أن مراجعة الخطة الشاملة للثقافة العربية وتطويرها، سيكون موضوعا رئيسا للدورة، التي تستعرض برنامج “سفير فوق العادة” للثقافة العربية، وهو من الأهمية بمكان لما يحمله من أبعاد جديدة لنشر ثقافتنا التي نفخر بها.. وننفتح فيها على آفاق أوسع وجماهير لم نصلها من قبل إلى جانب مناقشة الخارطة الخمسية للملفات العربية المشتركة لتسجيل التراث غير المادي مع اليونسكو، خاصة مع فوز الإمارات بعضوية المجلس التنفيذي لهذه المنظمة العالمية، إضافة إلى العديد من ورش العمل والمواضيع الملحة والتي من أهمها تعزيز دور الصناعات الثقافية والإبداعية في الدول العربية في رفد الحضارة الإنسانية بموروثاتنا الثقافية وإسهامات الشباب العربي بهويتهم وطاقاتهم فيها.
وقالت معاليها “أطلقنا في دولة الإمارات الاستراتيجية الوطنية للصناعات الثقافية والإبداعية، التي تهدف إلى النهوض بالقطاع وتعزيز حجمه وزيادة إمكانياته، وتحفيزه ليكون ضمن أهم عشر صناعات اقتصادية بالدولة، والعمل على زيادة نسبة مساهمة الصناعات الثقافية والإبداعية لتصل إلى 5% من إجمالي الناتج المحلي”.
وأضافت “اختتمنا منذ أيام قليلة وفي المكان ذاته، المؤتمر العالمي الأول للصناعات الثقافية والإبداعية، والذي عقد تحت عنوان “إبداع متكامل.. يصنع المستقبل”، حيث استضاف نخبة من قادة الفكر، والمُبدعين، والمُبتكرين حول العالم”..
وقالت “ليكن اجتماعنا هذا، المنصة التي نطلق منها مبادرات وبرامج مشتركة نسعى إلى تنفيذها، وتحقيقها، ودعمها بكل ما يلزم، وليكن ما لدينا اليوم، هو أن نفهم الحقيقة وأن ندركها، ففهمها يعني أننا تعلمنا تفاصيلها، وإدراكها يعني أننا اكتسبنا منها المعرفة.. واليوم نقول “الغد لا ينتظر، فهو آت لا محالة، والمستقبل عندما يصل فهو يأخذ هوية وشكل وطابع ما قدمناه له.. وهو ما بنيناه بأيدينا وعقولنا.. لما فكرنا به ونفذناه.. أو نسينا عنه أو أغفلناه، الغد هو ما نستثمر فيه من رأس مال بشري، وإبداع ورؤى واستراتيجيات قادرة على التكيف مع مختلف المتغيرات الداخلية والخارجية.. ليكن اجتماعنا هنا، استكمالاً لرؤى بُنِيَت بصبر، وتنفيذاً لاستراتيجيات وُضِعَت بحكمة، ومتابعةً لكل ما يهمنا حاضراً ومستقبلاً”.
واختتمت معاليها قائلة: يحضرني هنا ما قاله المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، “إن تعليم الناس وتثقيفهم في حدّ ذاته ثروة كبيرة نعتز بها، فالعلم ثروة ونحن نبني المستقبل على أساس علمي”.
بدوره، قال معالي السيد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية: “لقد مرت على العالم العربي عشرية صعبة.. لا زالت آثارها تتداعى، وتأثيراتها تتدافع وتتوالى على المجتمعات، مستعرضا آثار هذه العشرية الصعبة على الثقافة والفكر قائلاً: في نظري آثار ليست كلها سلبية فأوقات الأزمة كثيراً ما تكون دافعاً للتأمل والمراجعة، والزمن الصعب يدفع أهله لإعمال الفكر بحثاً عن الحلول ويحملهم على الخروج من أسر المسلمات والأفكار المعلبة سعياً وراء مخرج واقعي وعملي من الأزمة”.
وأشار إلى بيانات اليونسكو، بأن نسبة إسهام العالم العربي في إنتاج الكتاب لا تتجاوز 0.9% من الإنتاج العالمي خلال ربع القرن المنصرم، فيما النسبة في أوروبا هي 50%.. وعدد كتب الثقافة العامة التي تُنشر سنوياً في العالم العربي لا يتجاوز 5 آلاف عنوان، بينما يصدر -مثلاً- في الولايات المتحدة نحو 300 ألف عنوان سنوياً وهي فجوة كبيرة يزيد من حدتها أيضاً ضعف المحتوى العربي على الفضاء الرقمي.
من جهتها، أكدت الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة في مصر، أهمية العلاقات الوطيدة والروئ والأهداف المشتركة بين كافة الأعضاء ومصر، مشيرة إلى أن تونس قد استضافت الدورة العشرين لمؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي في ديسمبر 2016، وصدر عنها إعلان تونس ضد الإرهاب ومن أجل التسامح والتضامن بين الشعوب والثقافات والأديان.
وبدوره، قال معالي الدكتور محمد ولد أعمر، المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو): إن “الألكسو” منذ أن عكفت على مراجعة الخطة الشاملة للثقافة العربية وتحديثها شرعت في الاستجابة لمتطلبات أخرى تلبية لأولويات الدول العربية واحتياجاتها طبقاً لما أقره المؤتمر العام للمنظمة وما تضمنته ميزانيتها للدورة المالية 2020-2021 من برامج وأنشطة، وسعت إلى مواصلة الحوارِ والتنسيق مع الهيئات الدولية والمنظّمات العربية المعنية بتطوير المعرفة وخدمة اللّغة العربية وتنمية الثقافة مثل اليونسكـو والإيسيسكو ومكتب التربية العربي لدول الخليج ضمن إطارِ عملٍ وتعاونٍ وشراكةٍ مستدامةٍ من أجل ضمان الحقوقِ الثقافيةِ للجميع.
وأوضح أنه وبمبادرةٍ رائدةٍ من المملكةِ العربيةِ السعوديةِ ومساعدةٍ نوعيةٍ من الدولِ العربيةِ، أشرفت المنظمة على إعداد ملف فنونِ الخطِ العربي الذي تمَّ تسجيله يوم 14 ديسمبر 2021، على القائمةِ التمثيليةِ للتراثِ الثقافي غير المادي للبشريةِ لمنظمةِ اليونسكو ونجحت مع الدولِ العربيةِ في اعتماد الأسبوع العالمي للرّواية من قبل المؤتمرِ العامِ لليونسكو.