بادرت الأحزاب الممثلة في البرلمان أغلبية ومعارضة فور إعلان الدولة في مارس الماضي، التعبئة الشاملة لمواجهة فيروس كورونا المستجد، إلى إعلان دعمها الكامل للإجراءات الحكومية ووضع مقدراتها البشرية والمعنوية تحت تصرف الحكومة، سعيا لسد أي نقص طارئ وإحداث التكامل بين كل الجهود الوطنية في مواجهة هذا الخطر الداهم.
وأعلنت هذه الأحزاب، التي انضوت في منسقية انطلاقا من أن الوضعية لا تتحمل أيّ تجاذب سياسي، استجابتها على الفور للدعوة التي وجهها فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، ولمبادرة حزب الاتحاد من أجل الجمهورية التي تمخضت عن تلك الدعوة.
وانبثق الاجتماع الأول للأحزاب عن دعوة مشتركة إلى التعامل مع هذه الجائحة بنظرة وطنية تتعالى على الحسابات الحزبية الضيقة، وتستشعر خطورة هذه الجائحة التي أرهقت جميع دول العالم بما فيها تلك المتقدمة وأظهرت عجز أنظمتها الصحية المتطورة عن التعاطي الإيجابي مع متطلبات الجائحة.
وفي إطار متابعتها الميدانية لمسار التعاطي مع الجائحة هنأت المنسقية الشعب الموريتاني على نجاح الخطوات والتدابير التي اتخذتها الحكومة لمواجهة الوباء، مقدمة جملة من التوصيات خلال كل مرحلة من مراحل الوباء، والتي ساهمت في إنارة مسار جهود التدخل.
وأشارت في هذا الإطار إلى ضرورة اتخاذ جملة من الإجراءات لمساعدة المواطنين على مواجهة التأثيرات السلبية للجائحة، من خلال زيادة عدد الأسر المستفيدة من توزيعات المواد الأساسية، والتحكم في الأسعار بصورة عامة وأسعار المواد الأساسية بصورة خاصة، والشروع في إعداد التدابير الاجتماعية والاقتصادية اللّازمة لمواجهة مرحلة ما بعد كورونا.
ومازالت هذه المنسقية تجتمع بشكل دوري في مقرات أحزاب الأغلبية والمعارضة بالتناوب لتدارس ومتابعة الوضع وتحليل طبيعة التدخلات الحكومية ومستوى تطور الجائحة لتنير الرأي العام بكل جديد حول هذا الوباء الفتاك.
ومن جهة أخرى أبرزت هذه الجائحة الحاجة الملحة إلى دور المجتمع المدني في مواجهة انتشار الفيروس والحد من تداعياته الخطيرة، حيث بادرت جمعيات ومنظمات غير حكومية موريتانية إلى إطلاق حملات توعوية وتقديم الخدمات والقيام بالأنشطة التضامنية لصالح مختلف الشرائح الاجتماعية والفئات العمرية التي كانت عرضة أكثر من غيرها، سواء للفيروس أو لانعكاساته الاقتصادية والاجتماعية.
فبالتزامن مع الجهود التي بذلها العاملون في الجهاز الصحي في بلادنا، بدا جليا أن للمجتمع المدني وللمبادرات الخاصة، خارج الجمعيات والمنظمات، معارف ومهارات وموارد وكفاءات وشبكات مرنة للتواصل والفعل، يمكن أن تساهم بفاعلية في الجهود الرسمية الهادفة للتصدي للجائحة والتخفيف من آثارها.
وقد ساهم المجتمع المدني مبكرا في إطلاق حملات التوعية في مبادرات سعت إلى تعميم المعلومات حول كيفية الوقاية من الفيروس، لتتكثف هذه المبادرات وتتنوع لاحقا.
وتوزعت جهود المجتمع المدني على مجالين كبيرين، حيث ضمت داخلها مقاربات وأشكالا مختلفة من التضامن والتآزر والتعاطف مع المؤسسات الاستشفائية والإطار (الكادر) الطبي من جهة، ومع الشرائح الاجتماعية الأكثر تضررا ممن لم تستطع التكيف مع الحجر الصحي من جهة أخرى.
لقد أمن مئات المتطوعين تنظيم الطوابير أمام المؤسسات العمومية، ووزعت الجمعيات الموائد الغذائية وغيرها من المساعدات على الشرائح الاجتماعية الفقيرة والمحتاجة، وابتكر بعض الشباب، فرادى أو ضمن جمعيات، تطبيقات ونظم تقنيات وآلات يسرت على العاملين في المؤسسات الاستشفائية معالجة المرضى والتعامل مع الوافدين عليهم، وحفز مناخ الحرية وانفتاح الفضاء العام تلك المبادرات.
ولاستطلاع آراء المعنيين حول هذا الموضوع أدلى الدكتور عبد السلام ولد حرمه، رئيس حزب الصواب وعضو منسقية أحزاب الأغلبية والمعارضة للوكالة الموريتانية للأنباء بتصريح أوضح فيه أن منسقية الأحزاب الممثلة في البرلمان سعت منذ قيامها إلى مواكبة الجهود الرسمية التي اعتمدت في وقت مبكر من طرف الدولة لمواجهة تفشي الفيروس التاجي، خصوصا من خلال التشدد في مراقبة صرامة التدابير الاستباقية لمواجهة منع وصول الوباء أو تلك التي اعتمدت لاحقا في العزل والكشف عن حاملي الفيروس.
وأضاف أن المنسقية عملت على متابعة مختلف التدخلات التي اعتمدتها الدولة للتخفيف من آثار العزل ومنع التجول، وانعكاسها على قطاعات إنتاجية واسعة.
وقال إن لدى هذه الأحزاب رغبة قوية في تجذير الممارسات التشاركية مع الجهاز التنفيذي وقوى المجتمع المدني عامة، مشيرا إلى أن هذه الأحزاب طالبت بأن يكون تسيير صندوق التضامن الوطني لمحافحة كورونا، تشاركيا في جميع مراحله، بدل أن تقوم السلطة باقتصار دور هذه الأحزاب على الاستماع إلى تقرير في نهاية كل فترة دون المشاركة في المراحل الهامة السابقة على ذلك.
وبخصوص دور المجتمع المدني في مواجهة منع انتشار جائحة كوفيد 19، أوضح السيد باباه الحافظ، الأمين العام لمنظمة العمل الخيري في الوسط الهش أن جمعيات ومنظمات غير حكومية ومبادرات وطنية عديدة في موريتانيا بادرت إلى إطلاق حملات توعوية وتقديم الخدمات والقيام بأنشطة تضامنية مع مختلف الشرائح الاجتماعية والفئات العمرية التي كانت عرضة أكثر من غيرها، سواء للفيروس أو لانعكاساته الاقتصادية والاجتماعية.
وأضاف أنه بالتزامن مع الجهود التي بذلها العاملون في الجهاز الصحي، بدا جليا أن للمجتمع المدني وللمبادرات الخاصة، خارج الجمعيات والمنظمات، معارف ومهارات وموارد وكفاءات وشبكات مرنة للتواصل والفعل، مكنت من دعم الجهود التي اتخذتها السلطات العليا في البلد للتصدّي للجائحة.
وقال إن منظمته كان لها دور مهم في هذه الفعاليات، حيث شاركت في عدة أنشطة للتوعية والتحسيس في عدة مقاطعات في نواكشوط وفي الداخل، وقامت بالدفع بعدد من الشباب للتحسيس بخطورة هذه الجائحة، وأهمية التباعد الاجتماعي واستخدام الكمامات وغسل اليدين بالماء والصابون وبذل أقصى حد من الجهد لتفادي إصابة كبار السن والمصابين بأمراض مزمنة بهذا الفيروس الخطير.
تقرير: محمد فال ولد باباه