AMI

جائحة كورونا والدروس المستخلصة بعيون البرلمانيين

دفعت جائحة كورونا المجتمعات والدول إلى اتخاذ مجموعة من التدابير الوقائية طالت شتى مفاصل الحياة، وسنت قوانين طارئة وإجراءات غير تقليدية لاستباق الزمن ومحاصرة بؤر الفيروس في أضيق البقاع وبأقل الحالات.

وضعية أعادت ترتيب الأولويات المجتمعية وجعلت الدول تنكفئ على نفسها وتستأثر بمقدراتها وإمكاناتها لمحاربة الداء وتستنفر شعوبها لإلتزام أقصى معايير السلامة الصحية وإتباع الإجراءات الوقائية.

ولم تكن بلادنا غائبة عن هذا المنحى، حيث اعتمدت الحكومة الموريتانية إجراءات استعجاليه لمساعدة المواطنين، شملت من ضمن أمور أخرى إنشاء صندوق خاص للتضامن الاجتماعي ومكافحة فيروس كورونا، يهدف إلى تعبئة كافة الموارد المتاحة وتوجيهها نحو الأنشطة ذات الصلة بانعكاسات الوضعية الوبائية على المواطنين خصوصا الطبقات الهشة وذوي الدخل المحدود.

ورغم كل الإجراءات المقام بها للتعاطي مع تداعيات هذه الجائحة والتي أثبتت جدوائيتها في تخفيف الآثار السلبية للجائحة، فإن السؤال الذي يطرح نفسه أكثر من أي وقت مضى هو كيف نوظف الدروس المستخلصة من هذه الجائحة لنعزز قدرتنا على التعاطي مع مختلف الأزمات؟ خاصة في ظل عالم بدأ ينكمش على نفسه و تسخر فيه كل دولة مواردها ومصادرها لتحقيق أمنها الخاص دون أن تهتم بمعاناة الآخرين.

واستطلعت الوكالة الموريتانية للأنباء للإجابة على هذا السؤول آراء بعض البرلمانيين الذين أكدوا على ضرورة أخذ العبرة من هذه الجائحة وتوظيف الدروس المستخلصة لتعزيز قدرة البلاد على التعاطي بشكل إيجابي مع مختلف الأزمات أو الكوارث التي يمكن أن تتعرض لها بلادنا لا قدر الله في المستقبل.

وفي هذا السياق ثمن رئيس لجنة التوجيه الإسلامي والمصادر البشرية والشؤون الثقافية والاجتماعية، بالجمعية الوطنية، السيد موسى أبوه سيد أعمر، الجهود المعتبرة التي اتخذتها الحكومة الموريتانية لتخفيف تداعيات آثار جائحة كورونا على المواطنين وخاصة الطبقات الهشة من المجتمع.

وقال إن هذه الجائحة أثرت بشكل كبير على اقتصاديات مختلف دول العالم وجعلت كل دولة تغلق حدودها وتسخر إمكانياتها الذاتية لخدمة أمنها الخاص، مما يتطلب منا كموريتانيين استخلاص الدروس من هذا الامتحان القاسي لقياس قدرة مختلف القطاعات الخدمية على حد تعبيره.

وأضاف أن هذه الوضعية تتطلب منا وضع إستراتيجية فعالة تمكننا من تحقيق اكتفاء ذاتي في مختلف المواد الأساسية خصوصا مع توفرنا على الإمكانيات لتحقيق ذلك من حيث وجود الأراضي الصالحة للزراعة و توفر المياه، كما تتطلب تعزيز منظومتنا الصحية ووضع آلية لتسيير الأزمات تعتمد مقاربة مبنية على ثنائية التوقع المبكر للكوارث وسرعة التدخل.

وبدوره أوضح النائب العيد محمدن أمبارك، أن هذه الجائحة ورغم تأثيرها المؤلم مكنت من إظهار مكامن الخلل في تسيير المرافق الخدمية العمومية التي ظهر أنها ليست قادرة على تلبية احتياجات المواطنين في ظل هذه الجائحة، مشيرا إلى أن هذا بحد ذاته يشكل درسا مهما ينبغي استخلاصه للعمل على تعزيز أداء هذه المرافق وجعلها قادرة على التعاطي بشكل إيجابي مع مختلف التحديات التي يمكن أن يواجهها البلد.

وأشار إلى أن الدروس المستخلصة من هذه الجائحة تحتم علينا كموريتانيين أن نعمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال السلع الاستراتيجية التي تشكل أهمية كبيرة بالنسبة لحياة المواطنين، مؤكدا أنه لا يوجد أي مبرر في عدم تحقيق هذا الهدف مع توفر الأراضي الزراعية والمياه.

وأضاف أن تحقيق الاكتفاء الذاتي يتطلب إعطاء الأراضي للمزارعين الحقيقيين ومساعدتهم بتقديم القروض ودعمهم و مرافقتهم بالدعم المالي والفني.

وأكد على ضرورة تفعيل أداء القطاع الصحي ليكون قادرا على توفير مختلف الاحتياجات الطبية للمواطنين، مشيرا إلى ظهور اختلالات كبيرة في إطار تعاطي هذا القطاع مع هذه الجائحة.

وقال إن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لتخفيف آثار هذه الجائحة كانت إجراءات مهمة إلا أنها كانت محدودة، كما أن الآليات المعتمدة في عمليات التوزيع لم تطبعها الشفافية بشكل كامل، معتبرا أن هذا الواقع جعل هذه الإجراءات غير مكتملة و لم يستفد منها عدد كبير من المواطنين على حد تعبيره.

وبدوره اعتبر النائب البرلماني محمد الخامس سيدي عبد الله، أن الحكومة اتخذت جملة من الإجراءات القيمة و الضرورية لمواجهة جائحة كورونا، مشيرا إلى أن هذه الخطوات التي شملت إجراءات وقائية وتدخلات عبر توزيعات لمواد غذائية ومبالغ نقدية للحد من تأثير الجائحة جاءت في الوقت المناسب.

وذكر بأن خطر هذه الجائحة ما زال قائما مما يحتم على كافة المواطنين التقيد الصارم بمختلف الإجراءات الاحترازية المقررة في إطار جهود محاربة انتشار الفيروس، مشيرا إلى أهمية عمليات التوعية والتحسيس لنشر الوعي الصحي بخطورة هذا المرض ولاطلاع المواطنين على طرق الوقاية منه.

وأشار إلى ضرورة وأهمية أن تكون مختلف المرافق الخدمية على استعداد للتعاطي الإيجابي مع مختلف التحديات التي يمكن أن تواجه بلادنا، مبينا أن محاربة هذه الجائحة ليست مسؤولية الحكومة لوحدها بل يجب على الجميع من هيئات مجتمع مدني ومواطنين عاديين المساهمة كل من جانبه في عمليات توعية و تحسيس المواطنين.

من جانبه اعتبر النائب البرلماني الصوفي ولد الشيباني أن جائحة كورونا فاجأت الجميع وكانت تداعياتها فوق إمكانيات وقدرات مختلف دول العالم بما في ذلك الدول المتقدمة.

وأشار إلى أن الحكومة اعتمدت جملة من الإجراءات لتخفيف آثار الجائحة إلا أنها وإن كانت دون المستوى تبقى جهودا مقدرة، مشيرا إلى استفادة عدد معتبر من الأسر من هذا الدعم المتواضع مقارنة مع احتياجات الأسر في ظل جائحة كهذه.

وأشاد بالجهود التي تقوم بها الأطقم الصحية عموما لمواجهة هذا الفيروس وبتجاوب القطاع الصحي مع تداعيات الأزمة الذي شهد تحسنا مع الوقت رغم وجود بعض النواقص الملحوظة.

وأوضح أن من أهم الدروس التي يجب أن نستخلصها من هذه الجائحة هو إعطاء الأولوية لإقامة منشآت صحية حقيقية غير ممركزة على مستوى العاصمة فقط بل موزعة في عموم أرجاء البلاد مما يمكن المواطنين في أي مكان من أرجاء الوطن من الولوج إليها بالسرعة المطلوبة.

وأضاف أن علينا أيضا أن نهتم بتطوير القطاعين الزراعي والرعوي لتحقيق الاكتفاء الذاتي من المواد الأساسية خصوصا وأن هذه الجائحة أظهرت أن أي دولة لا تنتج أغلب احتياجاتها من السلع الأساسية هي دولة لا تتوفر على مقومات أمنها الغذائي.

وأكد في هذا الإطار على ضرورة المبادرة إلى تطوير قطاعنا الزراعي وتنمية ثروتنا الحيوانية وإنشاء مصانع متخصصة في هاذين المجالين مما يمكننا من الاستفادة من مختلف مشتقات ثروتنا الحيوانية والزراعية و خلق قيمة مضافة، و تحقيق اكتفاء ذاتي في هاذين القطاعيين الحيويين.

تقرير: هواري ولد محمد محمود

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد