AMI

السجون الموريتانية بين تأهيل الموقوفين وتخريج عتاة المجرمين

اعداد:سيدي ولد أب

تشابكت ظروف المؤسسات القضائية الموريتانية وتداخلت مشاكل ومعاناة نزلائها مع وضعية عامة لقطاع العدالة فى البلاد، راوحت مكانها لعقود طويلة وبصمت بطابعها السجون الموريتانية.
وساهمت خطوات الاصلاح الأخيرة التي طالت قطاع العدالة بتسليط الضوء على أوضاع السجون وظروف نزلائها، سعيا الى تغييرالصورة النمطية لمؤسسات عقابية لاتعبأ كثيرا بالجانب الإنساني للموقوفين فيها.
ورغم التحسينات التي عرفها قطاع العدالة بشكل عام والسجون بشكل خاص خلال السنتين الماضيتين، يرى القائمون على هذه المؤسسات(السجون)أن مشاكل من قبيل الأكتظاظ وعدم قدرةالمؤسسات العقابية على استيعاب الأعداد المتزايدة من الموقوفين وبطء الإجراءات القضائية وتعقيدها، مازالت تثقل كاهل مرافق السجون وتضعضع إسداءها الخدمة للنزلاء.
وقد التقى مندوب الوكالة الموريتانية للأنباء بالسيد بكار ولد الناه مديرالشؤون الجزائية والسجون بوزارة العدل حيث أكد أن حوالي 70% من نزلاء المؤسسات العقابية في موريتانيا، من أصحاب السوابق،مرجعا ذلك الى “كون السجن أصبح مدرسة لتعليم الانحراف والتدريب عليه”.
وأوضح أن موريتانيا لم تعرف منذ الاستقلال مؤسسة عقابية بالمعنى المتعارف عليه دوليا وان أغلب سجونها دور مؤجرة تفتقر لأبسط المقومات المتعارف عليها،”مما خلق ظروفا ملائمة لاحتكاك عتاة المجرمين ببقية النزلاء والتأثير عليهم” .
وأضاف أن الوزارة أنشأت سجنا مركزيا جديدا يستجيب للحد الأدنى من المعايير المطلوبة، ينتظرأن ينقل إليه نزلاء السجن المركزي في نواكشوط، مضيفا أن هناك مشروعا لبناء سجن للنساء يناسب أوضاعهن وظروفهن وآخر خاص بالاطفال (القصر).
وقال إن المؤسسات العقابية في موريتانيا توفر للسجناء خدمات في مجالات التكوين ومحوالامية والتعليم الديني واللغات، تساعدهم بعد استعادة الحرية على ولوج الحياة الطبيعية فى المجتمع .
وأرجع مديرالشؤون الجزائية والسجون أغلب المشاكل التي تعاني منهاالسجون إلى بطء اجراءات محاكمة السجناء الاحتياطيين المحالين الى المحكمة واختلاطهم بمن يقضون فترة محكوميتهم وعدم محاكمة من يرتكب منهم جرما داخل السجن واقتصار عقابه على إجراء غير رادع تتخذه إدارة السجون بتحويله إلى سجن آخر.
وبدوره أكد مسيرالسجن المركزي بانواكشوط السيد الشيخ محمد محمود ولد لمهاه أن هذاالمرفق يضم 568 سجينا منهم 200 يقضون فترة محكوميتهم و368 سجينا إحتياطيا وأن 50 منهم مدانون بتهم تتصل بالقتل العمد أوالمشاركة فيه و50% بتهم تتعلق بالسرقة والبقية لقضايا تتصل باستعمال المخدرات وبيعها وحيازتها والسكر العلني والزنى،موضحا أن السجناء من فئات عمرية مختلفة وإن كان أغلبهم من شريحة الشباب غيرالمتعلم .
وأضاف أن السجن تم إعداده ليستوعب 250 نزيلا في حين أنه يضم الآن حوالي 568 سجينا وان ذلك خلق ضغطا لم تستطع تحمله مرافق السجن من صحة وتعليم وصرف صحي مع تبعات أمنية واحتكاكات بين السجناء .
وأشارإلى أن أكثر من 90% من نزلاء السجن المركزي من أصحاب السوابق وأن سبب عودتهم يرجع الى ظروف اقتصادية في أغلبها،مبرزا أن وزارة العدل-على مستوى التأهيل- متعاقدة مع أكثر من 30 استاذا في مجالات معرفية متعددة كالتهذيب النظري والأخلاق والتربية الدينية.
وعبرت منسقة مركز بيلا لتأهيل وإعادة تأهيل القصر الجانحين السيدة عيشة بنت الشيخ أحمدو عن حاجة هذاالمركز إلى ترميم وتأهيل تسمح بتوسيع مبناه ونشاطاته التربوية والتأهيلية للقصر الجانحين الذين يتولى رعايتهم .
وأضافت الى ذلك الحاجة الى تسوية مشكل الحالة المدنية لنزلاء المركز، مبرزة أن بعضهم يتجاوز سن 25 عاما والبعض الآخرمسجل لدى المركز في اعتقاله الأول بسن وبأخرى تقل عنها في الاعتقال الثاني .
وأوضحت أن أغلب نزلاء المركز يحالون إليه بتهم تتعلق بالسرقة واستعمال المخدرات والاغتصاب،عازية سبب انحراف أغلب الموقوفين الى عوامل أسرية .
ويحمل السجين س. م. د. عدم اطلاق سراحه الى ما وصفه ببطء الاجراءات القضائية بالرغم من مضي أكثر من سنة على اعتقاله بتهمة متصلة “بسرقة بسيطة ” معبرا عن اعتقاده أن اختلاط الموقوفين لتهم جنحية بسيطة بعتاة المجرمين في عنبر واحد يساهم في تحولهم الى مجرمين مهرة.
ويؤيد زميله ع. ل. ك. نفس الطرح،مؤكدا أن حبسه خمس سنوات بتهمة سرقة هاتف لاتتناسب مع الفعل الذي قام به وأن الاوضاع العامة للسجن تحسنت بالمقارنة مع الوضعية السابقة بالرغم من مشكل الاكتظاظ (20 سجينا في غرفة واحدة).
وأكد نائب وكيل الجمهورية أن سبب الإكتظاظ يرجع الى زيادة سكان المدينة ومعدلات الجريمة تبعا لذلك
وشكك نائب وكيل الجمهورية لدى محكمة انواكشوط القاضي أحمد ولد عبد الله في دقة الاحصاءات التي زود بهاالقائمون على السجن المركزي مندوب الوكالة الموريتانية للانباء، نتيجة لما قال انه عدم اطلاعهم على الاجراءات اللاحقة لاعتقال المتهم، مرجعا التضارب في المعلومات حول أعداد السجناء وعيناتهم الى ماوصفه بخلل في التنسيق بين إدارة السجون والمحاكم.
وطالب بأن تبلغ المحاكم التي تصدر الحكم، ادارة السجون بجميع الاجراءات المتخذة بحق نزلاء السجون.
وأرجع طول اجراءات بعض الملفات الى الاستئنافات المتلاحقة التي تقوم بهاأطراف المتهمين أوالمدعين،نافيا”أن يكون القصورالمادي سبببا لخلود بعض المتهمين في السجن حيث تتكفل الدولة بالمصاريف القضائية لهذا النوع من الحالات”.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد