انتهت فجر اليوم الأربعاء فترة الراحة البيولوجية الخاصة بالصيد التقليدي لرأس القدميات بعد شهر كامل وذلك على امتداد المياه البحرية الخاضعة للسلطة الموريتانية كما ينص على ذلك مرسوم صادر من وزارة الصيد والاقتصاد البحري.
ويشكل قطاع الصيد شريانا رئيسيا للاقتصاد الوطني، تعززت مكانته نتيجة الإصلاحات الجذرية التي عرفها خلال السنوات الأخيرة حيث تم دمجه في الاقتصاد الوطني وتذليل عوائق ظلت تحول دون تطوره.
ويعتبر الشق التقليدي من الصيد أحد أهم رافعات هذا القطاع نظرا للدور المحوري الذي يلعبه خصوصا في مدينة انواذيبو، بسبب الفرص التي يوفرها، حيث يمثل ابرز روافد تنمية هذه المدينة الساحلية، وأكبر مشغل للعمالة.
وتظهر بعض الإحصائيات أن هذا القطاع يوفر أزيد من 40 ألف فرصة عمل بشكل مباشر وغير مباشر وذلك من خلال الأنشطة المرتبطة به.
وقد حظي الصيد التقليدي في السنوات الأخيرة بعناية كبيرة من طرف السلطات العليا في البلاد، تجسدت بشكل خاص في القرار التاريخي لرئيس الجمهورية بمنع الأساطيل الأجنبية من اصطياد الأخطبوط وتخصيصه للأسطول الوطني.
وقد خلف هذا القرار الأول من نوعه، ارتياحا واسعا في أوساط الصيادين التقليديين وساهم بشكل كبير في تثمين المنتوج السمكي، كما أدخات إصلاحات جوهرية لتهيئة الظروف الملائمة لتعزيز انعكاسات القطاع على التنمية الاقتصادية وتعميم منافعها.
ومن أبرز الإصلاحات التي عرفها القطاع تلك المتعلقة بالاستراتيجية الجديدة للصيد، حيث عرف هذا القطاع منعطفا حاسما مع بدء سريان مفعول الترتيبات الجديدة التي تضمنتها استراتيجية التسيير المسؤول من أجل تنمية مستدامة للصيد والاقتصاد البحري 2015- 2019.
وتسعى هذه الإستراتيجية الجديدة إلى استحداث نمط تسيير جديد غايته تقنين استغلال الثروة وضمان استدامتها، وتهيئة الظروف والأرضية الملائمة لتعظيم انعكاساتها على التنمية الاقتصادية وتعميم منافعها وعدالة توزيع المتاح منها
كما تتضمن الإستراتيجية الجديدة تحديد أماكن الاستغلال المستديم لأصناف غير مستغلة تجاريا حيث سيساهم ذلك في تنويع نشاطات الصيد وترقية مجالات التخصص فيه، خاصة إذا علمنا أن المنطقة الاقتصادية الحالية تزخر بثروة وفيرة ومتنوعة إذ تتوفر فيها ما يربو على 700 صنف من الأحياء البحرية، منها مائتان 200 ذات قيمة تجارية مؤكدة جلها غير مستغل بسبب الجهل وسوء التقدير.
وشهدت سنة 2015 المصادقة على إستراتيجية وطنية للتسيير المسؤول من أجل تنمية مستديمة لقطاع الصيد والاقتصاد البحري للفترة ما بين 2015-2019.
وتسعي السلطات العليا في البلد من هذه الإستراتيجية إلي حماية الثروة البحرية وتنويع الإنتاج وتعظيم العائدات وتنويع نشاطات الصيد وترقية مجالات التخصص فيه.
ورغم تلك الانجازات، إلا أن قطاع الصيد التقليدي مازال يعاني من بعض المشاكل تتركز أساسا حول التمويل والتسويق والتصنيف حسب بعض الفاعلين في هذا القطاع.
ولمعرفة أهمية الراحة البيولوجية للصيد التقليدي والصيد الشاطئي والمشاكل المطروحة لهذا القطاع، التقت الوكالة الموريتانية للأنباء برئيس قسم الصيد التقليدي في انواذيبو السيد سيد احمد ولد عبيد، الذي أكد أهمية هذه الراحة بالنسبة للثروة البحرية بصفة عامة والأخطبوط بصفة خاصة، حيث تأتي هذه الراحة في فترة خاصة من السنة تتميز عادة عن باقي الفترات بتكاثر الأسماك الأمر الذي يتطلب توقيف جميع عمليات الاصطياد للحفاظ علي الثروة السمكية من الاستنزاف.
وأشار رئيس قسم الصيادين التقليديين إلى أن الراحة البيولوجية تشكل أيضا فرصة للبحارة لأخذ قسط من الراحة وإصلاح سفنهم والتحضير لعمليات إبحار جديدة.
وأبرز العناية التي توليها السلطات العليا في البلاد للصيادين التقليديين، حيث اعتبر أن ال15 يوما الممنوحة للصيد التقليدي دون الصناعي والتي تأتي عقب انتهاء كل راحة ابيولوجية، تحظى بعناية كبيرة من طرف الصيادين التقليديين لوفرة الأسماك خلال الفترة التي تأتي مباشرة بعد كل توقيف، إضافة لكونها تتيح فرصة للصيادين لنشر معداتهم وزوارقهم في المنطقة المخصصة للصيد التقليدي.
وأشار رئيس قسم الصيد التقليدي في انواذيبو إلى أن الإستراتجية الجديدة للصيد، مكنت من زيادة نسبة المساحة المخصصة للصيد التقليدي بمقدار 12 ميلا، كما ضمنت حصة ثابتة مخصصة للصيادين التقليدين تبلغ نسبة 63 في المائة من حجم الاصطياد، أي ما يقدر بحوالي 12 ألف طن سنويا من الأخطبوط.
وتطرق السيد سيد احمد ولد عبيد لبعض المشاكل التي يواجهها الصياد التقليدي والمتعلقة أساسا بالتسويق والتمويل وغياب مؤسسات لتمويل الصيد التقليدي مطالبا بضرورة إحصاء شامل لليد العاملة في هذا القطاع وتفعيل صندوق الضمان الاجتماعي للصيادين التقليديين والحمالة.
من جهته قال السيد احمد ولد مولود وهو بحار، إن من أهم المشاكل التي يعاني منها الصياد التقليدي مع بداية كل موسم جديد، المشاكل المتعلقة بالتمويل والتسويق. ففي ما يتعلق بمشكلة التمويل فإن غياب وسيلة واضحة لتمويل نشاطات الصيد التقليدي تعتبر من أهم المعوقات أمام تطور هذا القطاع خاصة في ضوء عزوف بعض مؤسسات الصيد عن توفير المعدات الضرورية التي يتم استخدامها في الصيد وهو ما يتطلب وجود آلية لتمويل الصياد خاصة في ما يتعلق بالمعدات التي يستخدمها في عملية الاصطياد.
وأضاف أنه في ما يتعلق بالتسويق، فهو مشكل مزمن خاصة في ضوء المضاربات التي تحدث على الشاطئ والتي ساهمت في انخفاض كبير في سعر المنتوج السمكي.
وتحدث بحار آخر يدعى عبد اللطيف، عن التصنيف باعتباره من المشاكل التي يواجهها الصياد التقليدي، فعلى أساسه يتم شراء المنتوج السمكي من الصياد، مبرزا غياب ضوابط حقيقية تضمن حقوق الصياد أثناء هذه العملية.
وطالب باتخاذ إجراءات تضمن نزاهة هذه العملية والمحافظة على مصلحة الصياد التقليدي من خلال إشراف فنيين مختصين من وزارة الصيد والاقتصاد البحري للمحافظة علي مصلحة الصياد التقليدي.