على أعتاب مأمورية جديدة للرئيس محمد ولد عبد العزيز، وأخذا في الحسبان المكاسب التي تحققت خلال المأمورية المنصرمة، يقف الاقتصاد الموريتاني شامخا وقد اشتد عوده، ورست دعائمه على أسس أرضية صلبة من خلال سياسات اقتصادية رشيدة، أولويتها الاعتماد على الذات وشعارها “حفظ الموجود أولى من طلب المفقود”.
ما بين الانتقال من نسبة نمو سالبة في حدود 1.1 بالمائة سنة 2009، إلى نسبة ناهزت الـ7 بالمائة سنة 2013، يرسم الاقتصاد الموريتاني المنحى البياني التصاعدي لمستوى التقدم والتطور الذي تحقق خلال الخمس سنوات الماضية، والأفق الأرحب للتطور والتحديث الذي ينتظره في الفترة المقبلة.
وقبل أن تتواتر شهادات التزكية والإشادة بالقفزة النوعية التي حققها الاقتصاد الموريتاني، من طرف المنظمات والشركاء الدوليين، التي حملها زيارات الوفود، وعكستها المؤشرات، انعكست الثورة الاقتصادية الموريتانية على المواطن وواقع التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
مؤشرات التقدم السريع، والطفرة الاقتصادية التي شهدتها موريتانيا خلال الفترة الأخيرة، متعددة ومتنوعة ما بين المؤشرات الصادرة عن المنظمات الدولية، إلى تلك المؤشرات النقدية والمالية التي تظهرها أرقام البنك المركزي، وأرقام الميزانية العامة للدولة، حول الاحتياطي النقدي، ثم المؤشرات القطاعية على مستوى القطاعات الوزارية خصوصا ذات الصلة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وذات التأثير المباشرة على نسب النمو.
المكاسب التي حققها الاقتصاد الموريتاني خلال الفترة الأخيرة يدعهما كذلك ما تحقق من دعائم التنمية الاقتصادية، من بنية تحتية أساسية لدعم وتشجيع الاستثمار والإنتاج، وإقامة أقطاب تنموية ومنطقة اقتصادية حرة تعكس مستوى الاهتمام بتحديث وعصرنة النشاط الاقتصادي والانفتاح على رأس المال الخارجي.
سياسة نقدية محفزة
في مجال السياسات الاقتصادية والنقدية والمالية العمومية، ورغم الظروف الدولية الصعبة، فقد وضعت الحكومة خلال 2010 سياسة اقتصادية محفزة للنمو حصدت ثمارها في السنوات الموالية؛ ومكنت هذه السياسة من تحقيق معدل نمو للناتج الداخلي الخام في حدود 6,5% سنة 2010، بينما كان معدلا سالبا (-1,1%) سنة 2009، وتحسنت الوضعية الخارجية للبلد على المستوى المالي وتم تثبيت التضخم في حدود 5 في المائة.
وتم تعزيز النهضة الاقتصادية التي انطلقت في 2010 بتحقيق معدل نمو للناتج الداخلي الخام الحقيقي في حدود 4,8% سنة 2011، ومعدل تضخم سنوي في حدود 5,9%؛ وتجاوزت احتياطات الصرف 600 مليون دولار أمريكي في نهاية 2011؛ أي ما يمثل أربعة أشهر من الاستيراد.
وتواصل تزايد نمو الاقتصاد الوطني فبلغ 6,2% من الناتج الداخلي الخام سنة 2012، في ظل ظروف دولية طبعها استمرار الأزمة المالية، وارتفاع سعر السلع الأساسية، وظهور جفاف هو الأسوأ منذ عدة سنوات. وبلغ احتياطي البنك المركزي الموريتاني من العملات الأجنبية 942 مليون دولار أمريكي في سنة 2012، وهو ما يعادل سبعة أشهر من الاستيراد، وبلغ النمو الاقتصادي لسنة 2013 نسبة 6,7% وظل مستوى التضخم في حدود 5% واستقرت احتياطات البنك المركزي من الصرف الأجنبي في حدود المليار دولار أي ما يعادل سبعة أشهر من الاستيراد، بينما لم تكن تتجاوز في أغلب الأحوال شهرا واحدا ما قبل 2009.
وقد تميزت هذه العهدة الرئاسية بجهود معتبرة في مجال تحسين الظروف المعيشية للمواطنين، والعناية بالفئات الفقيرة والهشة، وتشييد البنية التحتية، ومحاربة الفساد وترشيد الموارد العمومية، مما مكن من رفع الميزانية العامة للدولة بصفة عامة والميزانية الموجهة للاستثمار بصفة خاصة، حيث وصلت إلى 236 مليار سنة 2013 مقارنة ب 52 مليار سنة 2008، وهي حالة منفردة في شبه المنطقة، لأن ميزانية الاستثمار تضاعفت خمس مرات في غضون أربع سنوات، وهو ما سمح بتمويل بعض المشاريع الكبيرة التي يتم تنفيذها حاليا.
تحسن كبير في النفاذ إلى والخدمات
في مجال النفاذ إلى الخدمات الأساسية، تم تسجيل تحسن ملحوظ على مستوى الطاقة والمياه والطرق بصفة خاصة.
فبالنسبة للطاقة، وصلت نسبة تغطية الحاجيات 45% في نهاية 2012. وتجدر الإشارة إلى المجهود الاستثماري العمومي الكبير الذي وصل 246 مليار أوقية خلال الفترة 2010-2013.
وباكتمال إنجاز المشاريع قيد التنفيذ في أفق 2015، ستتمكن موريتانيا من تلبية 90% من حاجياتنا في مجال الكهرباء. وقد وصلت قدرات إنتاج الكهرباء بالمحطات المشيدة 169 ميكاوات مقارنة ب 44 ميكاوات 2009؛ وسترتفع الطاقة الإنتاجية إلى أكثر من 350 ميكاوات في أكتوبر سنة 2014 بعد تسلم المحطة قيد التنفيذ، وتضاعف عدد المشتركين خلال السنوات الخمس الماضية عدة مرات، وسيبدأ الربط الكهربائي قريبا بين نواكشوط وانواذيبو، وسيتعزز بين موريتانيا والسنغال.
وفي ما يخص المياه، توجد ثلاثة مشاريع كبرى قيد الإنجاز تشمل آفطوط الساحلي، وآفطوط الشرقي، واظهر بالحوض الشرقي، بتكلفة تصل إلى 135 مليار أوقية. وسيستفيد من هذه المشاريع تجمعات ذات كثافة سكانية كبيرة ومعظم المناطق الأكثر فقرا، وباكتمال هذه المشاريع خلال السنة الجارية، سنغطي 85% من حاجيات سكان هذه المناطق بالماء الصالح للشرب، في حين كانت هذه النسبة لا تتجاوز 27% سنة 2009.
وفي ما يتعلق بالطرق، اكتمل جزء هام من برنامج فك العزلة عن المناطق الآهلة ومناطق الإنتاج، والربط بين المدن وشبكات طرق حضرية، حيث تم إنجاز 1177 كلم من الطرق المعبدة، ويتواصل الآن تشييد 1400 كلم، بغلاف مالي قدره 360 مليار أوقية، تم إنجاز 297 كلم منها خلال سنة 2013 وحدها.
وتتواصل الأشغال المتعلقة بتوسعة ميناء نواكشوط المستقل المعروف بميناء الصداقة ومطار نواكشوط الدولي الجديد، وتأهيل مطارات سيلبابي وازويرات.
وكنتيجة مباشرة لهذه السياسات الناجحة تمكنت الحكومة من خلق 104758 فرصة عمل في مختلف القطاعات.
ويشكل تشييد وتطوير وتعميم بنية تحتية عصرية داعمة للتنمية، خيارا استراتيجيا اعتمدته الدولة مع بداية العهدة الرئاسية الحالية. وستواصل الحكومة تنظيم وتنمية قطاع التجهيز والنقل، خصوصا الطرق التي تلعب دورا كبيرا في تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلد؛ وتتبلور هذه الخطة في الأهداف المرسومة في السياسة القطاعية للنقل للفترة 2011-2025.
وسيستمر برنامج فك العزلة عن عواصم المقاطعات، وتكثيف شبكة الطرق الحضرية سبيلا إلى تسهيل النقل الجماعي في المدن. وستستمر الجهود لتشييد المقاطع المتبقية من المحور الشمالي الجنوبي الذي يربط ما بين الحدود الجزائرية والحدود المالية والسنغال.
المؤشرات القطاعية
إن الإستراتيجية الجديدة لتنمية القطاع الريفي تُعطي الأولوية للإنتاج الحيواني وتعزيز القدرات والبحث، وتهدف إلى تحسين تسيير الكوارث الطبيعية للحد من آثارها، وتحسين ولوج المواطنين إلى الغذاء المناسب كما وكيفا، وقلب وضعية الميزان التجاري الغذائي من خلال تطوير إنتاج وطني منافس، وتحسين وُلوج المُنتجين إلى الأسواق اعتماداً على دعامتين أساسيتين هما الاستثمار والتضامن.
وفي إطار جهود الحكومة لأحداث نقلة نوعية في مجال الزراعة المروية، بتهيئة أراضي زراعية جديدة، تجري الأشغال منذ مارس الماضي في شق قناة بطول 50 كيلومترا شمالا انطلاقا من النه،. إلى جانب العمل على استصلاح آلاف الهكتارات الزراعية.. والهدف هو تحقيق اكتفاء ذاتي من الأرز والحبوب التقليدية وتكثيف زراعة القمح لتغطية حوالي 40% من الحاجيات الاستهلاكية للمواطنين على المدى المتوسط؛ وزيادة الإنتاج الوطني من الخضروات لتغطية 65% من الحاجيات من الخضروات على المدى القصير؛ وإدخال وتطوير الصناعات الزراعية (السكر والزيوت) بهدف تعويض 67% من الواردات من مادة السكر بإنتاج محلي.
وتسعى موريتانيا بصفة خاصة إلى ترقية التنمية الحيوانية برفع نسبة تغطية الإنتاج الوطني من الألبان ومشتقاتها إلى 60% من حاجيات السوق المحلي؛ وتثمين الإنتاج الوطني من اللحوم الحمراء واتخاذ الإجراءات المناسبة لتصديرها إلى بلدان شبه المنطقة؛ وتحقيق الاكتفاء الذاتي من لحوم الدواجن والبيض، وتحسين الإنتاج من الجلود المصنعة.
وستستمر الحكومة في حماية وترقية الوحدات الصناعية الوطنية؛ وستضع في هذا الصدد استراتيجية نشطة تمكن المستثمرين الوطنيين والأجانب من تشييد مزيد من الوحدات الصناعية، وستسهل الإجراءات الإدارية في هذا المجال. وستمكن المشاريع الكبيرة التي تقوم بها الحكومة لتوفير الكهرباء والماء واليد العاملة المتخصصة والطرق والموانئ، من خلق ظروف تفضيلية مواتية لجلب المزيد من الاستثمارات في مجال الإنتاج الصناعي.
ومع استمرار تأمين الحدود سنتمكن من إعادة الوجهة السياحية الموريتانية إلى مستوى يعطي للقطاع دفعا جديدا بعد التوقف الذي عرفه في السنوات الأخيرة.
وستتواصل الجهود الجبارة لتوفير الكهرباء بكميات قادرة على دفع عجلة الإنتاج، وجعلها في متناول كل المواطنين، واليوم وصلت الأشغال في المحطة المزدوجة 180 ميكاوات، التي تعمل بالمازوت والغاز مراحل متقدمة، على أن يتم تسليمها في نهاية السنة الجارية. وتشكل هذه المحطة، بالإضافة لأخرى مستقبلية بطاقة 120 ميكاوات تعمل بالغاز، المرحلة الأولى من المشروع الكبير لإنتاج 700 ميكاوات من الكهرباء عن طريق الغاز. وفي نفس الإطار تعمل الحكومة على مد خطوط نقل الكهرباء بين نواكشوط ـ وانواذيبو وبين نواكشوط ـ و”توبين” في السنغال، بغرض تصدير الفائض إلى فضاء منظمة استثمار نهر السنغال.
وقد وصلت الطاقات المتجددة اليوم إلى نسبة 25% من إجمالي إنتاج الطاقة في البلد باستغلال محطة الشيخ زايد للطاقة الشمسية مع بداية 2013، بطاقة 15 ميكاوات، والمحطة الكهرومائية ب “فلو” على النهر بقدرة 20 ميكاوات؛ على أن تصل نسبتها 30% قبل سنة 2015 مع انتهاء العمل في المحطة الهوائية جنوب نواكشوط بقدرة 31,5 ميكاوات في نهاية السنة الجارية.
وفي إطار مشروع كهربة الحوض الشرقي، سيتم إنشاء محطتين هجينتين واحدة في النعمة وأخرى في عدل بكرو بطاقة 6 و4 ميكاوات على التوالي، لتأمين ضخ المياه من حقلي “النبيكة” شمالا و”بقله” جنوبا. وسيتم نقل الكهرباء عبر خطين في منطقة الحوضين، الأول خط النعمة – أشميم بطول 126 كلم؛ والثاني خط النعمة – امورج – عدل بكرو بطول 135 كلم، وهو ما سيمكن من ربط جميع القرى الواقعة على هذه الخطوط وتزويدها بالكهرباء. وستبدأ الأشغال قريبا في محطة كيفة الهجينة بقدرة 5 ميكاوات وربط الشبكة بين كيفة وسيلبابي. وفي افطوط الشرقي يجرى الإعداد لمشروع هجين لإنتاج الكهرباء بفم لكليتة.
وفي مجال استغلال المناجم ورقابتها، تم إنشاء فرق جهوية من شرطة المعادن، واستمرت مهمات التفتيش والرقابة الدائمة على صادرات تازيازت و(أم سى أم)، وإعداد مخطط تفصيلي للرقابة والتفتيش المستمر للرخص المعدنية والمقالع ميدانيا.
وستواصل الحكومة تطوير العمل على احترام المنظومة البيئية في مجال الاستغلال ومرتنة الوظائف وزيادة العائدات من المناجم.
وسيستمر برنامج التنقيب عن البترول والحفر على اليابسة وفي البحر.
لقد تمكنت الحكومة خلال العهدة الرئاسية الجارية من إعطاء دفع قوي للتضامن الاجتماعي، والاهتمام بالظروف المعيشية للمواطنين، وتعزيز قدرتهم الشرائية، وتجسد ذلك من خلال عمليات رمضان 2008، 2009، 2010، ثم من خلال عمليات أكبر حجما وشمولية كبرنامج التضامن 2011 وبرنامج أمل 2012. ونذكر في هذا الصدد بأن عملية التضامن 2011 أعدت لمواجهة الآثار السلبية للارتفاع العالمي لأسعار المواد الأساسية الضرورية؛ وقد استفاد منها 30% من المواطنين وخلقت 500 موطن للشغل.
وقد أعد برنامج أمل 2012 من أجل مواجهة أثر العجز في الأمطار الذي سجل في خريف 2011 على المزارعين والمنمين؛ ومكن هذا البرنامج الطموح وغير المسبوق في تاريخ البلد بشكل جوهري من دعم 54,49% من استهلاكنا الوطني من القمح و%21,4 من الأرز و%48,57 من السكر و50,8% من الزيت و90,4% من علف الحيوان المصنع المعروف محليا “بركل”.
وتم تمديد هذا البرنامج التضامني لصالح مواطنينا من خلال برنامج أمل لسنة 2013؛ واستفاد منه 1.243.000 مواطن، أي ما يمثل %30 من الشعب الموريتاني؛ وقد أعطى رئيس الجمهورية التعليمات بتمديده لسنة 2014. وقد مكنت العملية من دعم أسعار 472 ألف طن من مختلف المواد الغذائية وعلف الحيوان، وخلق ما يقارب 2300 فرصة شغل. ورصدت الدولة ما يناهز 62 مليار أوقية للدعم المباشر لهذه المواد الأساسية دون تكاليف النقل على مدى ثلاث سنوات.
الصيد والثورة السمكية
وفي ما يخص الحفاظ على الثروات الوطنية وتمكين أكبر عدد من المواطنين من الاستفادة المباشرة منها، فإن مراجعة اتفاق الصيد مع الاتحاد الأوروبي مكنت من إدخال تحسينات جوهرية على عدة مستويات فنية واقتصادية؛ ستؤدي إلى دمج أكبر لنشاط الأسطول الأوروبي في الاقتصاد الوطني وزيادة نسبة العمالة الموريتانية، التي سترتفع من 35% إلى 60%، وتخصيص 4% من الكميات المصطادة لصالح الفقراء الموريتانيين. ووفقا لسياسة دعم الصيادين الموريتانيين، تم حظر صيد الرخويات على البواخر الأجنبية.
ووفر الاتفاق الجديد ولمدة سنتين، مبلغا قدره 113 مليون يورو سنويا، في الوقت الذي كانت الإيرادات بموجب الاتفاقيات السابقة، ولمدة ثلاث سنوات، تبلغ 5,84 مليون يورو في إطار رخص للصيد كانت تشمل الرخويات. ووفقا لهذه الاتفاقية تم تفريغ البواخر في ميناء نواذيبو، مما خلق قيمة مضافة وفرصا للشغل؛ والمحافظة بشكل أكبر على الثروة السمكية.
وبما أن تطوير وعصرنة قطاع الصيد وزيادة مردوديته على الاقتصاد الوطني هدفا رئيسيا ثابتا لعمل الحكومة، سيظل الرفع من مستوى استفادة المواطنين منه ومساهمته في سياسة محاربة الفقر محورا أساسيا كذلك.
وفي هذا السياق، تعمل الدولة على تطوير وسائل التبريد والتخزين حتى يتمكن المواطنون في كل أرجاء البلاد من الحصول على الأسماك وإدخالها في عاداتهم الغذائية.
ودعما لهذه السياسة، تم وضع الحجر الأساس لتشييد ميناء للصيد التقليدي بتانيت، وتواصل شركة صنع البواخر عملها في نواذيبو، وأنشئت الشركة الوطنية لتوزيع الأسماك التي ستضع خطة لتخزين وتوزيع السمك على كافة التراب الوطني وجعله في متناول المواطنين وخاصة الأكثر فقرا. وسيتم، وفقا لذلك، بناء وحدات تخزين كبيرة بطاقة استيعاب تقدر بـ 500 طن في نواذيبو و200 طن في نواكشوط و200 طن في كيفه؛ ووحدات تخزين متوسطة في جميع عواصم المقاطعات. وستستمر عمليات توزيع السمك أو بيعه بثمن رمزي (50 أوقية للكيلوغرام) في إطار “برنامج أمل”.
وسيتواصل بناء وتشييد وترميم المرافق والبنية التحتية الخاصة بالصيد البحري والقاري، وتعزيز خدمات الصيد التقليدي، وزيادة إنتاجه مع إنشاء مرسى للصيد الشاطئي في جنوب نواكشوط عند الكيلومتر 144 على طريق روصو وتطوير وتنمية الصيد في المياه العذبة خصوصا في محيط بحيرة فم لكليتة.
وستعمل الحكومة على إعداد اتفاقية جديدة للصيد مع الاتحاد الأوروبي تحافظ على مكاسب الاتفاقية الحالية وتعطي أهمية أكبر لضمان زيادة القيمة المضافة للقطاع بالرفع من مستوى التفريغ في الموانئ الوطنية.
وتعكف الحكومة على إنجاز مشروع لحماية نواكشوط من المد البحري، وارتفاع مستوى البحيرة الجوفية الناجمة عن ركود وتراكم مياه الصرف ومياه الأمطار. وسيبدأ المشروع هذه السنة بإعداد دراسة ستتقرر بموجبها نوعية الحماية والمجالات التي تدخل فيها. ومن جهة أخرى، فإن الدولة جعلت من حماية البيئة والتنمية المستديمة إحدى دعائم سياستها التنموية وذلك بدمجها في كل السياسات القطاعية.
منطقة انواذيبو الحرة:
دفعة قوية لسياسة جذب الاستثمارات الخارجية
شكل إنشاء منطقة انوذايبو الحرة في الـ21 يونيو2013 دعما قويا للسياسيات العمومية في مجال تشجيع الاستثمارات الخارجية والداخلية، من خلال استغلال الموقع الاستراتيجي لمنطقة نواذيبو، ومقدراتها مواردها الاقتصادية الفريدة من نوعها في شبه المنطقة، من أجل تحويلها إلى قطب تنموي ووجهة لرأس المال الباحث عن الربح والنمو.
وحقق إنشاء هذه المنطقة بعد مرور أكثر من سنة على إطلاقها بعض النتائج الإيجابية التي تعكس نجاح التجربة، وجدوائية المشروع، حيث تشير الإحصائيات والأرقام إلى وجود ما يناهز 235 مشروع ومؤسسة استثمارية بدأت نشاطها في المنطقة الحرة. كما تبين هذه المعطيات حجم التقدم الذي تحقق في ميدان ترقية البنى التحتية والخدمات التي تؤهل مدينة انواذيبو لأن تلعب دورها كمركز نشاط هذه المنطقة مثل إنجاز وتوسعة موانئ الصيد والنقل والتفريغ البحري، وإنجاز مطار عصري، بالإضافة إلى مشروع ترقية النشاط السياحي في هذه المدينة الساحلية.
كما تشير المعطيات إلى حجم التجاوب من طرف الفاعلين الاقتصاديين الوطنيين والأجانب على مستوى منطقة انواذيبو الحرة، في هذه الفترة الزمنية، وبين النتائج التي حققتها مناطق مماثلة على المستويين الإقليمي والدولي.
وكانت ملفات المؤسسات والشركات الراغبة في الاستثمار والاستفادة من مزايا هذه المنطقة قد بدأت في التوافد بشكل مبكر على الشباك الموحد لاستقبال المستثمرين ليصل رقم أعمالها إلى ما فوق الـ20 مليون دولار، مع توقعات ومؤشرات بأن يصل حجم الاستثمارات إلى مئات الملايين من الدولارات مع دخول الشركات والمؤسسات الاستثمارية الكبيرة الحجم، وذات الأنشطة الضخمة، مما سيغير من الواقع التنموي للمنطقة والبلد بشكل أفضل.
وشملت المكاسب التي تحققت أيضا حتى الآن على مستوى إعداد المنطقة الحرة للقيام بدورها التنموي الجانب المتعلق بتحديث وعصرنة البنى التحتية، من خلال مستويات عدة مثل تسريع العمل في بناء مطار وميناء جديدين خلال العام الحالي 2014، وإنشاء شبكة طرق حضرية وتهيئة المرافق الخدمية من مياه وصرف صحي، وإنارة عمومية بالإضافة إلى ضمان توفير الطاقة بجهد مناسب لحجم الأنشطة الصناعية والاقتصادية في المنطقة حاليا وتلك التي تنوي الاستثمار في المستقبل القريب.
إطار قانوني
قدم القانون رقم 001-2013 الصادر بتاريخ 02 يناير 2013، بإنشائه منطقة انواذيبو الحرة، تجديدا كبيرا في مفهوم المنطقة الحرة، فمدينة انواذيبو ليست مدينة معزولة عن محيطها المحلي، بل هي منطقة اقتصادية تحظى بالأولوية في الإطار الاجتماعي والاقتصادي والبيئي في المنطقة التي توجد بها، وبالتالي فهي مدعوة إلى العمل في تناغم مع واقعها الجديد.
في داخل المنطقة الحرة، سيتم إنشاء مناطق تنمية مخصصة حصريا لأنشطة ذات طبيعة صناعية، تجارية، خدمات، موانئ، مطارات، إضافة إلى وظائف داعمة (السكن، السياحة، التجارة، الترفيه، المكاتب).
تضم المنطقة الحرة كل مدينة انواذيبو وجزء من شبه جزيرة الخليج الذي يحمل الاسم نفسه، والمجال البحري المحاذي ومحيطه وكذلك مناطق التنمية، وكل الشريط الشاطئي والمياه الإقليمية حتى ميلين (2) بحريين من الشواطئ.
الهدف الاستراتيجي الكبير الذي ترمي إليه المنطقة الحرة هو أن تجعل من موريتانيا ومن انواذيبو خاصة قبلة مفضلة للمستثمرين الدوليين والفاعلين المحليين.
ومن هذا المنظور، فإن مهمة المنطقة الحرة هي العمل على إنجاز الأهداف التالية:
– جذب الاستثمار وتشجيع تنمية القطاع الخاص؛
– تنمية البنى التحتية في المنطقة؛
– ترقية تنمية انواذيبو لتجعل منها قطبا تنافسيا ومركزا تجاريا ضخما ذا بعد دولي في شبه المنطقة؛
– خلق مناصب شغل جديدة وتحسين الكفاءات المهنية للعمال الوطنيين؛
– إعطاء الدفع للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في موريتانيا عموما.